الأحد، 15 فبراير 2015

مخاطر تقنية الاتصال الحديثة.. الشائعة والجريمة المستمرة!

لا شك ان الشائعة –اية شائعة– هي عدو الجميع ذلك ان من اطلقت فى مواجهته ستلحق به أضرار أقلها التشويش والوساس وتوسيع الشكوك والشبهات، ومن أطلقها لن يستفيد شيئاً ذي بال وفي الوقت ذاته سوف يكتشف الجميع عاجلاً أم آجلاً ان الشائعة غير صحيحة ومن ثم يفقد مصداقيته تماماَ!
الاضرار إذن متبادلة ولا نقول متماثلة ولذا فإن قطع دابر هذا الداء الاعلامي المدمر هو في الواقع واجب انساني عام ينبغي ان يحظى باهتمام الجميع واذا كانت وسائل التقنية الحديثة ضمن ثورة الاتصالات التي اجتاحت العالم في غضون العقدين الماضيين، بحيث تشكل فضاء افتراضي تصعب السيطرة عليه اتاح للناس -كل الناس- التواصل ببعضهم عبر وساط الكترونية سهلة الاستخدام كانت بمثابة نقلة عالية نحو تمتين وسائل التواصل بين بني البشر ودون عوائق من اقصى الكرة الارضية الى أقصاها، فإن هذه التقنية ذات البعد الايجابي لم تخل بالمقابل من ابعاد سلبية قاتلة.
تلك هي مضار الاختراع البشري ذي الفائدة حينما يكتشف الانسان -بعد فوات الأوان- ان الاضرار قد فاقت الفوائد. ولا ينكر أحد ان الاسفير ووسائل التواصل الاجتماعي (فيس بوك  تويتر وأخيراَ واتساب) عبر الهواتف الذكية، تعرضت فى الاونة الاخيرة لاستخدام سيئ! فقد اصبحت الشائعات والأحاديث المرسلة غير الموثوق منها تجد طريقها بسهولة ويسر فى هذه الوسائل.
في السابق كان ما ينشر فى اجهزة الاذاعة والتلفاز والصحف الورقية يخضع للإستيثاق والتأكد والتمحيص والمراجعة، كما كان بالإمكان مقاضاة الجهة الناشرة وتكذيب المعلومة. هذه الميزة لم تعد متوفرة كما هو معروف فى هذه الوسائل الاعلامية المستحدثة الواسعة الانتشار، إذ بإمكان أي شخص ان ينشر على صفحته في أي من هذه الوسائل اخطر المعلومات وفي بعض الاحيان مصحوبة بالصورة لتعم كافة ارجاء العالم فى اقل من ثواني!
وقد ادي هذا الواقع الى ان تصبح هذه الوسائل الحديثة (قائدة) للرأي العام إذ ان القنوات الفضائية والصحف جميعها تلجأ الى هذه الوسائل لأخذ الاخبار والمعلومات ولم تعد تجد حرجاً فى الاشارة الى هذه الوسائل باعتبارها مصادر لأخبارها.
لقد اضطرت هيئة حماية المستهلك فى السودان لإطلاق حملة مضادة للشائعات التي تكاثرت مؤخراً بشأن العديد من السلع والخدمات التى تمس صميم اهتمامات الناس اليومية. ولكي ندرك مدى خطورة جرائم وسائل التواصل الاجتماعي فيكفي فقط ان ندرك ان الجرائم الالكترونية قد بدأت فى التصاعد بشدة فى الآونة الاخيرة، ففي حين ان جملة بلاغات الجرائم الالكترونية للأعوام الثلاثة الماضي كانت قد بلغت 240 بلاغاً فإن العام 2014 وحده استأثر بعدد 200 بلاغ! وبذا يمكن اعتبار مثل هذه الجرائم مهددة بصورة مباشرة للأمن الاجتماعي في السودان.
وعلى الرغم من ان القانون السوداني وضع عقوبات رادعة وقوية لمثل هذه الجرائم، إلا اننا نجد بالمقابل انها جرائم صعبة الضبط والاثبات على الرغم من السهولة الكبيرة التى يتم بها ارتكاب هذه الجرائم وتشير نيابة جرائم المعلوماتية -من خلال احصاءات ومتابعات ميدانية واقعية- ان من أكثر الوسائل التى تساعد على انتشار الشائعات في السنوات الاخيرة هي الواتساب سواء لسهولة اطلاق الشائعة وتداولها أو لصعوبة ضبط مطلق الشائعة وصعوبة إثبات الجريمة.
وعلى ذلك فإن محاربة الشائعات فى ظل هذا الوضع التقني المعقد تكتسب أهميتها وضرورتها لما باتت تسببه من اضرار حقيقية في بنية المجتمع السوداني وفى المجال الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي إذ ليس بعيداً عن هذا الامر اطلاق شائعات الوفيات لمشاهير أو شائعة تخص جسر أو طريق او سلعة استهلاكية, فكل هذه امور باتت شائعة ومعروفة تمثل هاجس يومي للانسان السوداني ولهذا فإن من المؤمل ان تجد حملة جمعية حماية المستهلك السودانية التي أطلقتها فى هذا الصدد نجاحات منقطعة النظير بالرغم من صعوبة إحكام السيطرة على هذه الوسائل التقنية الحديثة التى تتحكم فى المشغل الخاص بها دولاً وجهات أجنبية لا يعنيها كثيراً ما قد يترتب على هذه التقنية من اضرار على بعض الدول طالما هي بقيت بمنجاة منها!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق