الأحد، 22 فبراير 2015

الأمم المتحدة واليوناميد.. محاولة الدخول من بوابة الخروج!

من الممكن ان يبدو مفهوماً ان إعادة إثارة المنظمة الدولية لمزاعم اغتصابات (تابت) لدى زيارة مساعد الرئيس السوداني البروفسير ابراهم غندور لنيويورك مؤخراً وإلتقائه بكبار المسئولين في الامم المتحدة، إنما يجرى لأغراض (تكتيكية) من الواضح ان الغرض منها محاولة عرقلة المباحثات الجارية حالياً بين الاطراف الثلاثة (السودان، والأمم المتحدة، والاتحاد الافريقي) لبحث ترتيبات استراتيجية خروج البعثة المشتركة المكلفة بحفظ السلام في اقليم دارفور والمعرفة بيوناميد، والتي سبق للسودان -وفاءاً لنص القرار الأممي 2173- ان تقدم بها، باعتبار ان مطلبه بوضع استراتيجية خروج البعثة يقع ضمن حقه كبلد مضيف.
المنظمة الدولية التي تتحاشى الإقرار بإخفاق البعثة في تأدية مهامها على الوجه المطلوب وتتحاشى ايضاً الاقرار بتحسن الاوضاع في الإقليم، من الطبيعي ألاّ تتعامل مع الطلب السوداني بالتسليم التام لصحة حجة السودان ولهذا فإن إعادة اثارة ملف (تابت) والإلحاح على ضرورة اجراء تحقيق آخر يمكن قراءته في سياق مناهضة الطلب السوداني.
غير أن هذا الموقف الأممي المستغرب اذا ما نظرنا اليه من الناحية المقابلة فإنه يبدو -للأسف الشديد- غير موضوعي بل وغير عملي وذلك لأسباب تتصل بأمرين: الامر الاول ان التحقيق المطلوب وكما هو معروف سبق وأن جرى في حينه ولم يسفر عن شيء.
الامر الثاني أن عنصر الزمن -ذلكم العنصر الحيوي الهام- اصبح دون شك عقبة كئود امام إمكانية قبول اية نتائج من تحقيق في مزاعم كهذه بعد مرور كل هذه الاشهر الطوال. إذن الحجة الاممية ليست واهية فحسب ولكنها -للمفارقة- هي البديل الساطع على أن المنظمة الدولية ليست لديها ادلة مضادة لحجة الحكومة السودانية القوية بشأن تحسن الاوضاع في الاقليم بصفة طبيعية وجراء جهود الحكومة من جهة، واخفاق البعثة -رغم ضخامة عددها- في القيام بمهامها بدليل أنها ما تزال تطلب الحماية من الحكومة السودانية في كل تحركاتها من جهة اخرى.
لو ان المنظمة الدولية لها حجج قوية (من واقع تقارير موثقة) ان البعثة تؤدي مهامها بهمة وإقتدار، أو ان الاوضاع لم تتحسن وان وتيرة العنف في الاقليم لم تخف وتتراجع لكان من الممكن القول ان حججها في مناهضة استراتيجية الخروج منطقية ولكننا الآن ما نزال حيال محض مزاعم وقضايا افتراضية. وربما يفوت على قادة المنظمة الدولية في هذا الصدد ان القانون الدولي القائم اساساً على الاعراف والتقاليد الدولية والسوابق التى تقع ربما متأثر بقواعده تأثراً بالغاً إذا كانت عمليات حفظ السلام التى تقوم بها المنظمة الدولية تبدو في جزء كبير منها مجرد اصرار فارغ المضمون على الابقاء على قوات دولية على ارض دولة من الدول دون ان يكون هنالك ما يدعو الى ذلك.
ومن المعروف ان تجربة عمليات حفظ السلام في المائة عام الماضية ما تزال مضطربة وفي كثير من الحالات المعروفة في التاريخ الحديث وكانت اضرارها اكبر بكثير من الفوائد التي اسهمت في حفظ السلم والأمن الدوليين. هذا بخلاف الاموال الهائلة التى تتكلفها هذه القوات بما يتسبب في الاخلال بموازين مواجهة الاشكالات والكوارث الدولية.
إن من غير المفهوم ان تنفرد المنظمة الدولية بمعزل عن الدولة المضيفة في تقدير أوجه ومبررات بقاء البعثة الدولية ولهذا فإن الامم المتحدة فى حاجة الى حجج منطقية قابلة للتصديق إزاء اصرارها على عدم وضع استراتيجية خروج محددة.
صحيح ان القيد الزمني في هذه الحالة ربما لا يتضمن خروجاً فورياً أو في غضون اسابيع أو اشهر ولكن من المؤكد ان مجرد وضع استراتيجية خروج بجداول زمنية محددة يتيح للكافة الاطراف التعامل مع الملف بمسئولية، كما أنه دون أدنى شك يعطي قوة دفع ذاتية للأزمة نفسها لكي تعمل على حل نفسها ولو على المدى البعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق