الاثنين، 30 نوفمبر 2015

الآلية الأفريقية غير مؤهلة لإدارة مفاوضات السلام

مضت حتى الآن أربع سنوات على مفاوضات السلام بأديس أبابا، وما زالت (محلَّك سر)، حيث ظل الفشل حليفاً لها طيلة هذه الفترة نتيجة لتعنت ومماطلة حركات التمرد التي لا ترغب في تحقيق السلام ولا تملك إرادة سياسية لذلك. حركات التمرد في كل جولات التفاوض السابقة تأتي لطاولة المفاوضات بنية نسف المفاوضات من الجلسة الأولى عن طريق أجندة التفاوض وجدول الأعمال الذي أصبح يشكل أزمة للمفاوضات في كل جولة جديدة. درجت حركات التمرد على تراجعها عن ما اتفقت عليه في الجولة السابقة بنقض غزلها السابق حتى تبدأ جولة المفاوضات الجديدة من الصفر وهذا مؤشر على عدم جديتها. إستراتيجية حركات التمرد لإفشال المفاوضات أصبحت معروفة ومكشوفة لأي مراقب سياسي بعد أن أصبحت هذه الحركات تتعامل مع المفاوضات كآلية لكسب عامل الزمن حتى تنتهي المدة المقررة لهذه المفاوضات. المعارضة المسلحة تسعى بسلوكها هذا إلى تدويل القضية، ولهذا فإنه لا جدوى من مفاوضات عبثية لا طائل يرجى من ورائها. الوساطة الأفريقية لعبت دوراً أساسياً في الفشل المتكرر لجولات التفاوض حيث إنها لم تتمكن من إحداث أي اختراق في المفاوضات. فشلت الوساطة الأفريقية في وضع أجندة للتفاوض وإلزام طرفي التفاوض بها، كما أنها فشلت في تقديم أي حلول أو مقترحات توفيقية تساعد في كسر جمود المفاوضات. مفاوضات المنطقتين منبرها أديس أبابا ومفاوضات دارفور منبرها الدوحة، وهذا يعني أن المفاوضات تسير في مسارين مختلفين نتيجة لاختلاف القضايا ومع ذلك قامت الوساطة في الجولة الأخيرة بجمع طرفي التفاوض في منبر أديس أبابا، وهذا الأسلوب غير موفق حتى وإن كان القصد من ذلك الاتفاق على وقف العدائيات الذي يقود لوقف إطلاق النار. درجت الوساطة على تعليق المفاوضات بعد فشلها بدون الإشارة إلى الطرف الذي تسبب في عرقلة وفشل المفاوضات حتى يكون هذا الطرف معروفاً للمجتمع الدولي لتمارس عليه الضغوط من أجل الوصول لاتفاق حفاظاً على الأمن الإقليمي والدولي. عدم جدية المعارضة المسلحة في المفاوضات لم تقابلها الوساطة الأفريقية بالحسم اللازم. الأسباب التي ذُكرت لفشل المفاوضات من طرفي التفاوض تتعلق بموضوعات إجرائية كان يمكن للوساطة تجاوزها بكل سهولة لو كانت الوساطة مؤهلة وكفؤة لإدارة المفاوضات وراغبة في تحقيق السلام. الحكومة هي الأخرى تُسأل عن الفشل المتكرر للمفاوضات بقبولها للجلوس للتفاوض مع معارضة تنفذ أجندة أجنبية. الحكومة قبلت بالجلوس للتفاوض مع ياسر عرمان عدو السلام، وهي تعلم بأنه ليس من أبناء المنطقتين ولا يملك تفويضاً للتحدث نيابة عن أهل المنطقتين، هذا بالإضافة لأنه مطلوب للعدالة في قضية جنائية. ياسر عرمان يفاوض باسم القوى الخارجية التي جندته لتنفيذ مشروع السودان الجديد، ذلك السودان المقسم والمجزأ لدويلات صغيرة الذي نفذ قرنق مرحلته الأولى بانفصال الجنوب وبعد وفاة قرنق أصبح أولاد قرنق وعلى رأسهم ياسر عرمان يقومون بتنفيذ بقية المراحل اللاحقة. دعوة الوساطة الأفريقية للمؤتمر التحضيري في يوم 7 ديسمبر القادم مؤشر على عدم كفاءة هذه الآلية وأهليتها للقيام بدور الوسيط. كيف يمكن للمؤتمر التحضيري أن يُعقد قبل تكملة مفاوضات المنطقتين ودارفور؟ وهل يعني ذلك أن الوساطة الأفريقية تسعى لنقل هذه المفاوضات إلى مؤتمر الحوار الوطني لإفشاله؟ الوساطة الأفريقية بسلوكها هذا تسعى لإفشال المؤتمر التحضيري ومؤتمر الحوار الوطني حتى يتسنى لها نقل ملف السودان إلى مجلس الأمن الدولي كما هو مرسوم لها. وقف إطلاق النار فرضته القوات المسلحة بهزيمتها لحركات التمرد وأعلنه رئيس الجمهورية لتهيئة الأجواء للحوار الوطني وقبلت به حركات التمرد وليس هنالك أي مبرر ليكون من ضمن أجندة التفاوض بعد أن أصبح وقف إطلاق النار ماثلاً على الأرض، حيث لا توجد أي أعمال عسكرية منظمة. مناداة المعارضة بوقف العدائيات من أجل توصيل المساعدات الإنسانية يعكس عدم جديتها ورغبتها في السلام لأنها تسعى هنا للاستفادة من وقف العدائيات للتشوين استعداداً للعمليات التي تخطط لها. لا لدخول المساعدات الإنسانية عبر دول الجوار خاصة دولة الجنوب، وعلى الحكومة أن تتمسك بشروطها التي وضعتها لدخول المساعدات حتى لا تُستغل في إمداد حركات التمرد بمواد القتال. لا يمكن لمفاوضات السلام أن تنجح إلا إذا تم تجاوز أزمة أجندة التفاوض وجدول أعمال المفاوضات وإبعاد ياسر عرمان عدو السلام من المشاركة في المفاوضات. خلاصة القول: المؤتمر التحضيري ليس مؤتمراً تحاورياً وإنما هو مؤتمر إجرائي يتم بين حركات التمرد والصادق المهدي وآلية (7+7) ليمهد الطريق لمشاركة حركات التمرد في مؤتمر الحوار الوطني. المؤتمر التحضيري لم يحن الوقت لانعقاده بعد وإذا عُقد في التاريخ الذي حددته الوساطة فإنه سيفشل حتى يستمر مسلسل الفشل الذي تمارسه الوساطة الأفريقية العشوائية. حركات التمرد بدارفور وقطاع الشمال موقفهما رافض لمؤتمر الحوار الوطني ويطالبان بحوار جديد ولا تستطيع الوساطة الأفريقية إجبارهما على تغيير موقفهما من الحوار الوطني. ختاماً: إدارة أزمة مفاوضات السلام تتطلب اتباع الوسائل الإقناعية والوسائل الضاغطة الإكراهية معاً في وقت واحد حتى يتحقق السلام المنشود.

الناقمون والجدد

السؤال والتحقيق والتحري والمحاسبة ينبغي أن تشمل كلا من يثير إتهامات حول الأداء في موقع كان يشغله ووقعت الوقائع التي تحدث عنها أو مثلها في عهده ثم لم يتخذ القرارات والإجراءات التي توقف الأخطاء والجرائم سواء أكانت نهباً للمال العام أو مجاملة أو خوفاً من صاحب موقع كبير وسلطان وسطوة.
وما ورد عن وزير المالية السابق جدير بأن يبين وتتم فيه محاسبة سواء أكانت في عهده ولم يوقفها أو في عهد آخر .. الخطأ والجرم في حق الدولة والمال العام لا يسقط بالتقادم، وشهادة من كان يتولي وزارة مهمة مثل وزارة المالية هي من أهم الشهادات وهي خيط قوى للوصول إلى تعد أو جريمة أو تثبت أن الأخ الوزير السابق ينزع عن نقمة بعد أن فارق الموقع.
نكران الموقع والانقلاب عليه وإخراج المعلومات وسوق الإتهامات بعد الإبعاد ظاهرة تكررت وهي تصل حداً من القبح لا يبقي معه جائزاً إلا أن تنظف مواقع الدولة وخاصة الكبيرة منها من مثل هذه الممارسة، إنها ممارسة تقدح في صدق من يقع فيها.
اليوم يقوم على الوزارة والمواقع الكبيرة عدد كبير من المسؤولين من أطياف سياسية شتي وبقاع مختلفة من السودان.
وأضحت المحاصصة السياسية والقبلية وأمراً واقعاً تقتضيه ممارسات موجودة حديثه وقديمة.
وهذه التعيينات مهما كان الحرص على أن تأتي سليمة وموفرة للكوادر المؤهلة ولكنها حتماً لن تبلغ المدى المنشود.
وإذا أضفنا إليها الناقمين إليها الناقمين الذين إذا صح هذا الوصف عليهم وتأكد القول منهم فإنها تزيد من عدد الذين يفتقرون إلى توافر الصفات المطلوبة لشغل الوظائف العامة وعلى رأسها الصدق والتجرد والصدع بالحق والحفاظ على المال العام.
من ينكر أمراً كان أمامه ليغيره ولم يفعل أو من يقول قولاً بسبب النقمة على مفارقة الموقع فإنه قد يؤشر بهذا إلى حاجة لمزيد تمحيص وتدقيق فيمن يتولي المنصب العام.
هذه الاتهامات تضع من يقول بها إن كانت كاذبة في خانة من إذا أعطي رضي وإذا منع سخط وهذا نوع من البشر والمسؤولين تحتاج معهم الدولة لتحرص أن تبدلهم وألا تعين إلا من يتحمل المسؤولية بحقها ولا ينكص ولا يهرب إذا أعفي .. وكبارهم وأهل لشكر والجزاء من قالوا إنهم شركاء في المسؤولية ولم يتنكروا ولم يعفوا أنفسهم.

مهددات الوجود الأجنبي

حديث مفوض العون الطوعي والأنساني بولاية الخرطوم محمد مصطفي السناري في البرلمان حول المهددات الأمنية لولاية الخرطوم من وجود مواطني دولة الجنوب والذين بلغ تعدادهم أكثر من 36 ألف نازح، في حين تشير تقارير الشرطة إلى وصول أعدادهم لأكثر من 104 ألف نازح، فيما كشف السناري عن مشاركة أعداد منهم في أحدث سبتمبر، فيما نشرت الصحف قبل أيام قليلة خبر محاكمة أجنبي يقوم بتدريس منهج الأمن لعدد من رعايا دولة الجنوب، وهذا ما حذر منه منبر السلام العادل قبل أعوام مضت من مخاطر الوجود الأجنبي لرعايا دولة الجنوب، وبعد حديث مفوض العون الإنساني عن التهديدات الأمنية التي يمكن أن يشكلها رعايا دولة الجنوب على امن الخرطوم يدلل على صوابية رؤية منبر السلام العادل خاصة في القضايا الإستراتيجية التي تضر بمصالح الوطن، وقد نبه مراراً وتكراراً من اتفاقية الحريات الأربع مع دولة الجنوب لما تمثله من خطورة على أمننا القومي بدخول عناصر الحركة الشعبية والمجموعات المخربة التي تم تدريبها في إسرائيل وكوبا على العمل ألاستخباراتي وحرب المدن والاغتيالات، وأشار المنبر إلى المخاطر الاجتماعية التي يمكن أن تنجم في حال إنفاذ هذه الاتفاقية والمتمثلة في صناعة الخمور وتفشي ظاهرة اللبس الخليع والعادات التي تتعارض مع قيم وموروثات أهل السودان الإسلامية، والآن كل شخص يمكن له ملاحظة الكميات المهولة للخمور البلدية في مضابط الشرطة لدرجة أنها أصبحت تتصدر خطب الجمعة في المساجد الكبيرة بولاية الخرطوم.
* هذا غير المهددات الأمنية التي يمكن إن يشكلها هؤلاء على العاصمة واستغلالهم من قبل أي تنظيمات مناوئة للنظام كما أن التيارات العلمانية واليسارية ستستقوي بهؤلاء الجنوبيين، وقد تستقطب الدعم من حكومة الجنوب بحجة الدفاع عن قضايا الجنوبيين، مما يملأ أرض السودان بالعملاء والخونة.
ويحمد لولاية الخرطوم الانتباه لظاهرة الوجود الأجنبي بالبلاد، وقد دعا والي الخرطوم الفريق أول مهندس ركن عبد الرحيم محمد حسين المشاركين في مؤتمر القضايا المؤثرة على الوضع الجنائي والأمني بولاية الخرطوم إلى تقديم رؤية واضحة لمعالجة قضايا الوجود الأجنبي وتهريب البشر والسكن العشوائي والإعلام السالب، وقال الوالي لدي مخاطبته المؤتمر المنعقد بدار الشرطة ببري والذي نظمته شرطة الولاية بناءً على توصيات لجنة أمن الولاية قال إن الخرطوم آمنة لكننا نريد أن نحافظ على هذا الأمان ولدينا شعور أن هناك بعض القضايا التي يمكن أن تهدد أمن الولاية إذا لم يتم تداركها من مراحلها الأولي وإذا تطورت تصبح معالجتها صعبة وواقع لا يمكن تجاوزه ومضي الوالي يقول على رأس هذه القضايا هي ضبط الوجود الأجنبي (صحيح نحن شعب يكرم الأجنبي لكن على الأجنبي أن يحترم قيمنا وتقالدينا) وقد وجدت خطوة ولاية الخرطوم تجاه التعامل مع الوجود الأجنبي ارتياحاً واسعاً وسط المواطنين الذين اشتكوا كثيراً وعبر المناشدات التي تنشر في الصحف اليومية من المظاهر السالبة التي تحدث من الأجانب في الولاية خاصة في ترويج وبيع الخمور وتأثير ذلك على أبنائهم.
على السلطات القيام بواجبها تجاه هذه الظاهرة مثل ما تفعل السلطات في الدول الأخرى تجاه التعامل مع الأجانب والتخلي عن سياسة التسامح الضار بمصالح شعبها.

النائب الأول: السودان خالٍ من أي سجين صحفي

أعلن النائب الأول للرئيس السوداني الفريق بكري حسن صالح يوم الأحد، خلو السجلات من أي سجين ينتمي للصحافة، وجدد توجيهاته بتخفيض الضرائب على مدخلات الإنتاج الصحفي، مبشراً بمزيد من البشريات ستشهدها الصحافة في مقبل الأيام دون الخوض في تفاصيل.
وخاطب صالح الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الأمانة العامة والمكتب الدائم لاتحاد الصحفيين العرب بحضور وزير الإعلام د. أحمد بلال، ووزير العدل عوض الحسن النور، ورئيس القضاء أ.د. حيدر أحمد دفع الله، ووزير الدولة بالإعلام ياسر يوسف.
وقال صالح إن لديه قناعة راسخة بأن الصحافة تبقى "كالرائد الذي لا يكذب أهله"، وإنها ستنير الطريق وتستدرك الأخطاء وتلفت الأنظار إلى ما توارى عن الاعتبار.
وقال إن الصحافة تقوم على رأسمال القطاع الخاص، مؤكداً أن الحكومة لا تملك منها سوى "الإذاعة والتلفزيون القوميين".
وأشار إلى عدم مصادرة حق أحد في التعبير عن قناعاته، لافتاً إلى وجود أقلام معارضة للحزب الحاكم نالت جوائز في الصحافة العالمية.
وأوضح أن الدولة أقرت مشروع إسكان الصحفيين ودعمته بإمكانات مقدرة مساندة وتعزيزاً للشراكة الوطنية.
وشدد على أهمية التزام الصحافة السودانية باستكشاف مواطن الالتقاء  بين مكونات الوطن الكبير، وتجنب مثيرات الفتن والضغائن.
من جهته، دعا رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين الصادق الرزيقي، إلى وضع أسس وضوابط جديدة للصحافة العربية والإعلام العربي، بجانب فتح النوافذ.
وقال إن الصحافة العربية تجاوزت قضية البحث عن الحرية وكسر القيود، معتبراً أن الهم الأول لديها هو الظروف المفجعة التي يمر بها العالم العربي حالياً، فضلاً عن الانقسام والشتات.
من جهته، قال الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب حاتم زكريا، إن اتحاد الصحفيين العرب مطالب ببذل الجهد لتقديم مفاهيم تدفع باتجاه ترابط البلاد العربية.
وأشار إلى أنهم يعملون على تحسين أدائهم من خلال تطوير عمل الاتحاد، وأن اجتماعاتهم بالخرطوم تهتم بوضع خطة عمل العام القادم.

السودان ما بين التفاوض والتحاور

المراقب للشأن السوداني عن كثب يتبدي له جلباً ما يرمي له هذا المقال، والمحلل السياسي أكثر إمساكاً بهذه التلابيب عن سواه، فهل أحصينا عدد المفاوضات  التي خضناها منذ الاستقلال؟ وإلي أي مدي حققت  النجاح المأمول الذي انتظره الشارع السوداني الذي شكا لطوب الأرض من الفقر والعوز والحاجة وعدم الاستقرار؟ وهو إلي ذلك في صر يحسد عليه.
فكم من المرات كتبنا عن تحاور وتفاوض أهل السودان إما لإحلال السلام بأرض السودان التي عانت من الحرب من قبل الاستقلال بعام حسب تمرد "الأنانية الأولي" وتمرد 1983 وما بين هذه وتلك العديد من الاتفاقات التي لم تثمر استقراراً إن قدر لها النجاح أو ضده.
قراءة الواقع السياسي السوداني تحتاج لانتباهه خاصة وبحث وسيلة تراضي مختلفة عن ما سبق، ليتفرع من ذلك أن الولاء للحزب والتنظيم "المعين" ومرتكزاته تجاه اتفاقاتنا باعد بيننا والوصول لصيغة يتراضي عليها أهل السودان باختلافاتهم الفكرية والسياسية شئنا أو أبينا، وارتماء بعضنا في أحضان أصحاب المصالح من خارج بلادنا سبب في تمدد وتجدد أزماتنا، ومباعدة بيننا والوصول إلي توافق اختلافاتنا الفكرية ومنطلقاتنا بدلاً من أن تكون داعمة لوحدتنا وتماسكنا كانت سبباً في اختلافنا الذي يدركه من ألقي السمع وهو شهيد، وبما أن الحكومة السودانية تباشر هذه الأيام تفاوضاً مع الحركات المسلحة الدارفورية حول استكمال سلام دارفور ووثيقة الدوحة من جهة، والحركة الشعبية  قطاع الشمال من جهة ثانية والجبهة الثورية التي تتوزع بين المشهدين من ناحية ثالثة، والحوار الوطني الذي ابتدر في العاشر من أكتوبر بالخرطوم وشارك فيه من شارك وقاطع كله يتوزع ما بين الحوار والتفاوض، والمؤتمر التحضيري الذي نادت به القوي المعارضة غير المحاورة وبعض الحركات المسلحة وورقة "ضمانات" راهن عليها البعض بغرض الضغط واكتساب الضغط آلية السياسي.
وأثيوبيا ماثلة في المشهد التحاوري علي اعتبار أنها واسطة عقد ليت حبات عقدها كما نأمل تكون نضيدة، ودعوة البعض لحكومة انتقالية مقابل رفض كتلة المؤتمر الوطني لذلك وتسليم رئيس الجمهورية بمخرجات الحوار، لنقول إن سياسة السودان ركزت علي تفاوضها وتحاورها أكثر من التفاتها للتنمية ومشروعات البناء والأعمار بحسبان القراءة السياسية الدقيقة التي تبني علي مؤشرات تحليلنا لستين عاماً مرت من عمر بلادنا وهي مستقلة، وأن تداخلت عوامل خارج ما نحلل كالحصار المضروب علي السودان منذ عام 1997م ولعبة الجزرة والعصا لتي تلعبها واشنطن مع الخرطوم، ولنجنب القارئ الشرود بين متاهات لا حصر لها في معترك السياسة نعد إن مد الله في الآجال أن نفرد مساحة خاصة للحرب الخفية والواضحة لأمريكا والغرب علي السودان نتيجة انحيازه لمشروعه الإسلامي الذي تبنته الإنقاذ.
لنختم بأن المفاوضات التي وصلت للرقم حول المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق والتي بدأت عام 2011م والتي إن تقدمت عرقلت مسارها مطبات المصالح التي ترتفع أسقفها مع التفاوض، والأسباب في ذلك متفاوتة.. ليخبو الأمل نتيجة تبعات تعنت كل طرف يري ترجيح كفته، لكننا لن ننقل للرأي العام سوي دعوة لتقريب وجهات النظر من أجل هذا الشعب المغلوب علي أمره في ظل ندرة الغاز بالعاصمة هذه الأيام، والغلاء الطاحن والعطالة، وحوجة مشروع الجزيرة لانفراجه لتصله تقنية الزراعة وميكنتها الحديثة ليسد حاجة السودان، ويجلب لخزينة الدولة العملة الصعبة التي يعود ريعها منفعة عامة لأهل السودان، والنهضة في الكباري والطرق المعبدة، وعودة النازحين لقراهم بغرب بلادنا، والنهضة بالصناعة فهلا استبانت هذه المشاهد أمام المفاوضين لنملس انفراجه حقيقة تحاوراً أو تفاوضاً.

لماذا علقت مفاوضات المنطقتين؟

قلت من قبل في مقالات سابقة إننا نتحفظ في استخدام مصطلح «المنطقتين» لأن لهذا المصطلح دلالة ومعنى سياسياً يراد له أن يمرر ويرسخ في عقلية أبناء الولايتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهي مرحلة تمهد لتمديد مصطلحات أخرى مثل مصطلح «مقاطعة» وحاكم، وهذا المصطلحات الآن يروج لها وتستخدم برؤية سياسية في بعض مناطق جنوب كردفان التي
تزعم الحركة الشعبية أنها تحت سيطرتها، فيقال فلان حاكم المقاطعة «الفلانية» وهكذا. من هنا جاءت فكرة مصطلح المنطقتين بدلاً عن الولايتين، ولذلك تحفظ هذا المصطلح كما قلت من قبل هنا وهناك، لأن الأماكن التي يدور فيها الآن الصراع المسلح معروفة ومعّرفة في ديوان الحكم الاتحادي بأنها ولايات كاملة الأركان من حيث شروط التأسيس ومعايير الحكم الفدرالي في التقسيم الإداري والسياسي، ومنها الطبيعة الديموغرافية والمساحة وعدد السكان والموارد، وهي ليست مجرد مناطق بهذا المعنى الفضفاض «الملغم» «المفخخ» ومن جهة أخرى نعود بذاكرة القارئ الكريم إلى ما ظللنا نقوله ونؤكده مرة تلو الأخرى، أن هنك خطأً استراتيجيّاً وقعت فيه الدولة، وهو مسألة الاعتراف بقطاع الشمال وهو ليس حزباً سياسياً بل جماعة إرهابية ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهي جرائم موثقة ومعروفة الأمر الذي وضع الإدارة الأمريكية في حرج شديد ـ وهي أكبر الداعمين لقطاع الشمال ليقتل الناس الأبرياء والمدنيين العزل في الولايتين ـ لذلك الإدارة الأمريكية اضطرت أن تصدر بياناً رسمياً عبر سفارتها في الخرطوم اعتبرت واعترفت أن ما وقع في مناطق «الليري وتلودي ومناطق أخرى مثل الرحمانية و«الدندور» هي جرائم ضد الإنسانية ارتكبها قطاع الشمال، وفي مناطق التعدين الأهلي ضد المعدنين المدنيين العزل، وهذا الاعتراف من الإدارة الأمريكية عبر سفارتها في الخرطوم نحن نذكره دائماً ونكرره لأهميته القانونية في مواجهة قطاع الشمال في منابر حقوق الإنسان الإقليمية والدولية، خاصة وأننا كنا قد قدمنا طعناً دستورياً ضد قطاع الشمال حين نوى تسجيل نفسه حزباً سياسياً لأنه لا يزال يحمل رؤية مشروع السودان الجديد التي ذهبت بانفصال جنوب السودان، وظل يحارب بالوكالة لصالح دولة جنوب السودان التي هي الأخرى لا تزال تسانده وترعاه.
لكن الخطأ الاستراتيجي الأكبر وقع فيه بعض أبناء ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق الذين لا يزالون يمشون خلف «المقاول والسمسار والتاجر» الكبير المدعو ياسر عرمان، الذي ظل يتاجر بجماجم ودماء أهلهم لا يشغله عن هذه التجارة عويل وصراخ أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم وبناتهم اللائي تنتهك أعراضهن صباحاً ومساء، والبؤس والشقاء والضياع لدى الأطفال الذين حرموا من التعليم والصحة والرعاية والتطعيم ضد الأمراض الفتاكة وجندوا في الجيش الأحمر من قبل عبدالعزيز الحلو، كل هذا وذاك لا يشغل ياسر عرمان، لأن أهله وعماته وخالاته وأخواته وإخوانه آمنين ومستقرين في الجزيرة وصراصر والدروشاب لم يصبهم أذى، بينما الذي يهمه من هذه التجارة الرابحة «تجارة الدماء والأشلاء البشرية» هو إكمال «أسطوله» الجوي من الطائرات وتطوير شركة الذهب وإتمام مبانيه وعماراته، ونحن نكرر هذا الكلام دائماً لأهميته حتى يعي بعض أبناء الولايتين هذه الحقائق وأخص منهم الأخوين «جقود وعزت»وأقول لهما أهلكما في «الدندور وأم سردبة وديار المورو وغرب الدلنج» يعيشون في أسوأ حال يعيشه إنسان على وجه الأرض.. الدمار القتل الجوع المرض اليأس فلا تنتظرا ياسر عرمان أو الحلو أن ينظرا إليهما بعين رحمة.. فهل يعي الأخوين عزت وجقود مضمون هذه الرسالة الثالثة ويتخذا موقفاً جديداً صارماً نظل ننتظر منهما ذلك؟ وهذه الرسالة الثالثة موجهة أيضاً إلى الجنود والمقاتلين من أبناء الولايتين في صفوف الحركة الشعبية بدون رؤية سياسية واضحة. وعلقت المفاوضات في الجولة العاشرة التي أكدنا أنها سوف تكون فاشلة قبل أن تبدأ بالنظر إلى رؤية قطاع الشمال التي لا تريد طرق باب السّلام وإيقاف الحرب، وأي حديث من قطاع الشمال حول إيقاف العدائيات من أجل العمل الإنساني مسرحية غير مضحكة لأنه لا جديد فيها، الهدف منه هو شحن الأسلحة والذخائر والدعم اللوجستي عبر طائرات الأمم المتحدة إلى مناطق النزاع والقتال لإنقاذ الحال المتردي جداً لقواتهم هناك، أقولها نعم عبر طائرات الأمم المتحدة التي تدعي حفظ السلام والأمن والوقوف إلى جانب الإنسان، لكنها دعاية استهلاكية!! ولو علمنا من الذي يسير أمور الأمم المتحدة لبطل العجب.
إن الذي ينبغي أن تأخذ به الحكومة في هذا الوضع الراهن، هو اعتماد مبادرة الآلية التمهيدية لأهل الشأن بالولايتين، هذه المبادرة التي ظلت منذ سنة ونصف السنة تشهد كل يومٍ تطورا جديدا من حيث جديتها وفاعليتها ودرجة الإقناع الذي سجلته في صفوف أبناء الولايتين ومواقف التأييد والانتماء والدعم اليومي الذي تشهدها يمكنها من أن تلعب دوراً مهماً في هذه الأزمة الشائكة، لأن أي حديث أو حوار أو تفاوض لا يستجيب لرؤية أهل المصلحة الحقيقيين يعتبر حراثة فوق أمواج البحر، نحن نقدر دور الدولة والحكومة وعزمها على عملية السلام، لكن الدولة الآن تواجه مشروع قراصنة دوليين من خلال عملة رديئة اسمها قطاع الشمال. وعلقت المفاوضات لأن الدولة تريد أن تضع سيادتها الكاملة على ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ويريد قطاع الشمال ممارسة الوصاية على مواطني الولايتين «الوصاية الجبرية القاهرة» بدعم دولي، وهذا اللغز لا يحله إلاّ صاحب الحق. وهم أهل الشأن، وهذا الحل لا يحرم الدولة سيادتها على الولايتين، ولا يظلم قطاع الشمال إن فعلاً له حق الوصاية على مواطني الولايتين، وعلى أهل الحق البحث عن حقوقهم بأنفسهم.

عرمان و الدروس الغائبة..!

كل أهل السياسة وأحزابها معنيون الآن بإعادة النظر في البناء و التجاري نتيجة المتغيرات التي طالت كل شيء تقريباً.  و من هؤلاء الحركة الإسلامية التي سيكون لها بعد أيام (مؤتمر تنشيطي) يمهد لمؤتمرها العام (التاسع) بعد عامين و الحزب الشيوعي السوداني الذي سيكون له مؤتمره العام السادس بعد قليل وكذلك حزب الأمة القومي..  والقائمة تطول.
الحركة الشعبية –قطاع الشمال التي تبدو أجدر من يقوم بتلك المهام لا يبدو أنها معنية بالحراك داخلها من حولها  وهي التي تطرح نفسها بديلاً للحركة الشعبية لتحرير السودان بإنفرادها بجمهورية الجنوب وفي جمهورية السودان. عبر وسائل غير ديمقراطية أو قانونية وذلك في الوقت الذي اختلفت فيه و تبدلت شعارات الحركة الشعبية (الأم)  بعد الانفصال في عام 2011. ذلك أنها أي الحركة الشعبية معينة الآن بوحدتها و استقرارها بعد النزاعات والصراعات التي نشأـ ثم تحسين و تمتين علاقاتها مع دول الجوار ومنها جمهورية السودان..
السيد عرمان وهو يطرح و يتبنى أطروحة (قطاع الشمال) نسي أن وجوده في جمهورية الجنوب عبء عليها وعامل إضعاف في ظل ما ذكرنا.. وكان يتوجب عليه تسوية أحواله وفق ما استجد وهو الذي يحمل ملف التفاوض حول المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) منذ سنوات، و لا جديد في استقرار ووقف إطلاق النار والسلام.. بل أكثر من ذلك صار هو نفسه غير متفق عليه في القيادة والريادة كما حدث بعد ظهور (إعلان باريس) مؤخراً.
أن الوضع في قطاع الشمال كجسم سياسي وآلية لمواجهة وعمل بالسلاح بات يحتاج إلى مراجعة أسوة بالآخرين فما استجد يقول بذلك، حيث انه وفي جمهورية السودان حدثت متغيرات تعتبر خصماً على الحركة الشعبية قطاع الشمال، فالنظام الحاكم اليوم صارت له قادرات وإمكانات أمنية ودفاعية مؤثرة وفاعلة فتحت الطريق لاستقرار وبسط الوسائل الديمقراطية و التشريعية والتنموية.
فجنوب كردفان و النيل الأزرق تتمتعان بقدر كبير من الاستقرار والأمن ولهما مجالسهما التشريعية و الولائية وحكوماتهما وإداراتهما، وهذا يقول بأن التمرد و قطاع الشمال لم يعودا مسيطران على المنطقتين كما كان الحال في السابق، فقد تتوجب عودة اللاجئين و استقرارهم بالكامل مع السيطرة على الحدود مع دول الجوار.
ومما كان يعتمد عليه السيد عرمان ورفاقه في تضييق الفرص والحصار على النظام هو اللعب عل ورقة العلاقات الخارجية والاقتصاد و دعاوي الإرهاب و الاعتداء على حقوقه الآن. إلا انه في ظل هذا كله يبدو الآن ثمة انفراج فالعلاقات الخارجية اليوم أفضل منها بالأمس وقد انفتح السودان آسيوياً و أفريقيا و عربياً و اسلامياً، كما يبدو وجد اعترافاً من منظمات دولية و اقتصادية يبدو أن الشيء ذاته قد حدث وقد انفتح باب الاستثمار على مصراعيه تقريباً، و الإشارة هنا الى ما بادرت به المملكة العربية السعودية و دول أخرى. و جراء فشل جولة المفاوضات الأخيرة في العاصمة الإثيوبية أديس تقول إن السيد عرمان ورفاقه لم تعد لهيم أوراق كثيرة للضغط واللعب عليها خارجياً و لا داخلياً بالنتيجة:
- برنامج الحوار الوطني والمجتمعي الذي بدأ منذ أربعين يوماً -تقريباً- شارك به أكثر من مائة حزب وجماعة زائداً فوق الثلاثين من الجماعات حاملة السلاح.  هذا تطور كبير في حرية الرأي والقرار، و قد أشاد به الكثيرون من الداخل والخارج.. ويكفي هنا أن السيد سفير المملكة صرح في اليومين الماضيين إن دولته ستعمل على ضم الحركات المسلحة للحوار.
فلو كان للسيد عرمان -وهو السياسي الذي له خبرته- يلعب سياسة حقاً لأدرك ذلك كله وأعاد ترتيب أوراقه فى ظله. لكن رب قائل إن عرمان يعلم أن قطاع الشمال كجسم سياسي معبر عن الحركة الشعبية لتحرير السودان  ولم يعد له وجود في الداخل وهو الذي لاذ بالخارج منذ الانفصال وقيام جمهورية جنوب السودان. و الشاهد على ذكلم أن السيد عرمان عندما خاض الانتخابات الرئاسية قبل الأخيرة لم يحصل على أكثر من مليوني صوت -تقريبياً- وجلها كانت من جنوب السودان.
وعليه الآن أسوة بغيره وفي ظل المتغيرات أن يعي درس تنشيط وترتيب الشأن السياسي وغيره والحال اليوم غيره بالأمس.

نجاحات مضطردة لمشروع الحوار الوطني!

من المتوقع أن تكون الناشطة السياسية المعروفة (تراجي مصطفي) قد انضمت إلى الحوار الوطني وبمعيتها (6) من الناشطين قادمين من كندا وأستراليا وبريطانيا. تراجي كانت قد أعلنت قبل أيام عن تلقيها دعوة رسمية من الرئيس السوداني للمشاركة في الحوار وأنها قبلت الدعوة وشرعت في ترتيبات مشاركتها فعلياً.
وبالنظر إلى أن تراجي ورفاقها المنضمين حديثاً إلى الحوار ظلوا طوال سنوات يعملون خارج السودان عملاً سياسياً معارضاً للحكومة  السودانية ومسانداً للحركات المسلحة فإن من المؤكد أن قبولهم الدعوة للمشاركة ومشاركتهم فعلياً في عملية الحوار يمكن اعتباره إضافة جدية لمشروع الحوار الوطني، إذ أن التعويل هنا ليس على الأشخاص والصفات -مهما كانت- ولكن التعويل بطبيعة الحال على نجاح مشروع الحوار الوطني في إجتذاب الناشطين وحضورهم إلى السودان للتفاكر والنقاش وإيصال الرأي بموضوعية وهدوء.
ولذلك يمكن القول إن مشروع الحوار الوطني حتى الآن استطاع أن يحقق انجازات تاريخية عديدة على أصعدة مختلفة: أولاً، إعادة ترسيخ عملية الثقة، إحدى أهم عناصر التواصل وتبادل الرأي بين كل الفرقاء السودانيين، فالذين حضروا حتى الآن وشاركوا في الحوار تعززت ثقتهم بدرجة كبيرة وممتازة بمخالفهم في الرأي وهذا في حد ذاته انجاز لا يدانيه انجاز.
ثانياً، ثبت بما لا يدع مجالاً لشك أن الأزمة الحقيقية بين الفرقاء السودانيين سواء في السابق أو الراهن الماثل لا تتجاوز إنعدام اللغة السياسية والتواصل فيما بينهم، بعيداً عن الوسطاء والأطراف الخارجية. بل لا نغالي إن قلنا إن الكثيرين ممن ينشطون سياسياً في الخارج هم أسرى لمفاهيم وتصورات ملتبسة وخاطئة بشأن طبيعة الأوضاع في بلادهم، لأن الصورة في الخارج عادة ما تصل إليهم وهي ليست واضحة!
إن الحكومة السودانية -ومهما قيل عنها من قبل المعارضين وبعض القوى الدولية المعادية لها- تتيح هامشاً مقبولاً من الحريات والممارسة الديمقراطية لا ينكره إلا مكابر، على الرغم من أنها تواجه حرباً وعملاً مسلحاً منذ سنوات، إذ من النادر أن تنجح حكومة ما، في مثل ظروف السودان الحالية في حمل السلاح للدفاع عن البلاد، وفى الوقت نفسه إتاحة أقصى قدر ممكن من الممارسة الديمقراطية!
هذه النقطة تحديداً أسرّ لنا بها أحد غلاة الناشطين ضد الحكومة ممن التحق حديثاً بمشروع الحوار الوطني مبدياً دهشته الشديدة من قيام الحكومة بهذا الدور الذي وصفه بأنه صعب. وعلى كل فإن مؤشرات نجاح عملية الحوار الوطني تبدو واضحة في الأفق لكل صاحب عينين ونظر، فالقضايا الآن تطرح وتناقش عبر لجان الحوار بصفة راتبة، والمشروع حالياً في شهره الثاني، ومن الممكن -بحسب أمين أمانة الحوار- أن يمتد لثلاثة أشهر أخرى إذا ما دعت الحاجة لذلك.

(7+7) ترفض لقاء الأحزاب في الاجتماع التحضيري بأديس

أعلنت لجنة الاتصال الخارجي بآلية الحوار، أنها لم تتلق أي دعوة من الاتحاد الأفريقي بشأن الاجتماع التحضيري المزمع انعقاده بأديس، في وقت جدّدت فيه تأكيدها على رفضها القاطع لمقابلة أي قوى سياسية بخلاف الحركات المسلحة خلال اللقاء.
وأوضح رئيس اللجنة، كمال عمر، عضو آلية الحوار، أنهم جاهزون للذهاب لأديس للقاء الحركات المسلحة حال قُدمت لهم الدعوة من الجهة المعنية، لمناقشة الإجراءات التي تضمن سلامة مشاركتهم في الحوار الداخلي ومسائل أخرى تتعلق بمحكوميهم، بعيداً عن مناقشة القضايا الأخرى.
وقطع عمر بعدم قبول اللجنة لقاء أي حزب سياسي معارض لديه الحرية الكاملة لمناقشة قضاياه بالداخل، مؤكداً أن منابر الحوار الخارجية أثبتت ضعفها في حل قضايا البلاد.
وأضاف أن فشل مفاوضات المنطقتين ودارفور، كانت وراءه جهات أجنبية سعت بكل ما أوتيت من قوة لنسف مجهودات السلام.

الحكومة السودانية:(2016م) ستكون نهاية التمرد سلماً أو حرباً

اتهم مساعد الرئيس السوداني، رئيس وفد الحكومة لمفاوضات المنطقتين، إبراهيم محمود، مفاوضي الحركة الشعبية شمال، بانتهاج سياسة المراوغة لكسب الوقت لتوفيق أوضاع الحركة بعد "تصدعها"، بينما قال والي جنوب كردفان، بأن سنة 2016 ستكون نهاية التمرد سلماً أو حرباً.
وقال محمود، لدى مخاطبته لقاءً تنويرياً لوفد الحكومة المفاوض بمدينة الدلنج يوم الأحد، إن البلاد تتعرض إلى مؤامرات عدة تهدف إلى زعزعتها وعدم استقرارها.
وأضاف أن وفد المتمردين لا يريد التوصل إلى سلام حقيقي من أجل مواطني المنطقتين، بل يراوغ لكسب الوقت لترتيب أوضاعه الداخلية بعد التصدعات التي حدثت فيه.
وذكر أن ما ظل يقدمه وفد الحركة الشعبية من مطالب ليست لها علاقة بمواطني النيل الأزرق وجنوب كردفان، عكس ما اتخذوه سبباً لاندلاع الحرب.
وأشار إلى وجود أيادي وجهات خارجية معلومة تسيطر على مسار المفاوضات لتحقيق أجندة دولية تتآمر على البلاد، وطالب مواطني الولاية بلعب دور أكبر مع أبنائهم من حملة السلاح، وإقناعهم بعدم جدوى الحرب والآثار التي ترتبت عليها منذ أكثر من 30 عاماً.
من جهته، قطع والي جنوب كردفان، عيسى آدم أبكر، الوعد بأن 2016 سيكون العام النهائي للتمرد سلماً أو حرباً، في حال مواصلة المتمردين رفضهم لخيارات الحوار والمفاوضات.
وجدّد التزام حكومة الولاية بالمضي قدماً بمشروعات التنمية من أجل السلام والاستقرار.

البرلمان السوداني: "سيبرين" الروسية ليست شركة وهمية

جدّد البرلمان السوداني، نفيه ما تردد عن شركة "سيبرين" للتعدين، بأنها شركة وهمية، مؤكداً بأنها شركة روسية يملكها فلادمير زوكولف، وأضاف "الشركة بعد وصولها مرحلة الإنتاج اتخذت اسماً جديداً وهو "سيبرين" كما هو الحال في كل الشركات".
وقال رئيس شعبة المعادن بلجنة الطاقة بالبرلمان، صبري خليفة الطيب ,في تصريح صحفي له,إن لجنته ظلت تتابع الأمر منذ توقيع الاتفاق لحظة بلحظة، مبيناً أن الشركة ووفقاً لإعلان وزارة المعادن ستصل مرحلة الإنتاج قريباً.
وأشار إلى أن رئيس البرلمان، إبراهيم أحمد عمر، قد سجل زيارة إلى مقر الشركة خلال رحلته الأخيرة إلى روسيا، واطمأن على أن الشركة هي شركة "قولدن سطون"  تعمل في تعدين الذهب وليست وهمية كما تردد في الوسائط الإعلامية .
وأضاف قائلاً "الشركة بعد وصولها مرحلة الإنتاج اتخذت اسماً جديداً وهو"سيبرين" كما هو الحال في كل الشركات".
وأعلن الطيب، أن عدد الشركات الموقعة على العمل في قطاع التعدين بالبلاد يفوق الــ400 شركة، موزعة على مختلف المربعات التعدينية.
وحول تعثر التحويلات المالية للشركة، أرجع، رئيس شعبة المعادن بالبرلمان، الأسباب إلى الحصار الاقتصادي، ورأى أن التحويلات الكبيرة سيكون التعثر مصيرها بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على الخرطوم، خاصة المتعلقة بالقطاعات الإنتاجية التي تعود بالفائدة على السودان.

الجيش السوداني يكشف عن خروقات لحركات التمرد

كشف وزير الدفاع السوداني، الفريق أول عوض بن عوف، عن خروقات وصفها بـ"الكثيرة"  تقوم بها حركات التمرد دون أن يحدد في أي منطقة، وقال إن القوات المسلحة تمارس سياسة ضبط النفس إزاء تلك الخروقات.
وجدّد ابن عوف لدى لقائه في مكتبه بالوزارة، سفير بريطانيا لدى السودان، مايكل أرون، يوم الأحد، جدّد التزام القوات المسلحة بوقف إطلاق النار، الذي أعلنته الحكومة من طرف واحد، مؤكداً حرص الحكومة على تحقيق سلام مستدام.
من جهته كشف السفير البريطاني، عن جهود تقوم بها بلاده لإقناع حركات مسلحة بالجلوس إلى طاولة الحوار مع الحكومة السودانية، وصولاً إلى تسوية سلمية تُنهي الصراع المسلح بين الطرفين.
وجدّد أرون، دعم بريطانيا للحوار بين الفرقاء السودانيين، وأشار إلى حرصها على تحقيق الاستقرار والسلام بالسودان، بالإضافة إلى استعدادها لتقديم أي جهد ممكن لتحقيق الاستقرار والسلام بكل مناطق البلاد.
وكان اللقاء قد بحث كيفية تطوير أوجه التعاون المشترك بين البلدين،  بجانب زيادة فرص التدريب التي تقدمها وزارة الدفاع البريطانية في مجال رفع القدرات.

الأحد، 29 نوفمبر 2015

(قال جنيف قال)

حذر مناوي الحكومة من مغبة تنفيذ حكم الإعدام على عناصره الذين تحاكموا بمحكمة جرائم دارفور بالإعدام شنقاً بعد إدانتهم في قتل وسلب مواطنين وحرق قري في معركة (دونكي البعاشيم) واعتبر في حديث تناقلته وكالات الأخبار بأن القضية سياسية وأن المحاكمين أسرى حرب وتشملهم اتفاقية جنيف وحديث أطلع عليه  القراء في الصحف أمس وهو أمر طبيعي أن يقول مناوي هذا الحديث في حين أن جزءاً من الاتهامات التي تحاكم بها المدانين بلاغات دونها المواطنين في مواجهة عناصر حركة تحرير السودان الذين شاركوا في المعركة بمعني إن القضية طرفها مواطن قال بأنه كان نائم علي سريره هانئاً مطمئناً وجاء على حين غرة مجموعة مسلحة تعتلي عربات الدفع الرباعي أطلقت عليهم القذائف لقتلهم وتحرق منازلهم وتخرب ديارهم وبين ليلة وضحاها أصبحوا من سكان (معسكرات النازحين) فإذا كانت اتفاقية جنيف تحمي مثل ذلك السلوك الإجرامي والإرهابي فيبقي على القانون السلام وليس مناوي وحده الذي يقول ذلك الكلام فهناك محامين وناشطين سيقولون الشيء نفسه وسيلجأون للمحاكم والمنظمات بذلك الادعاء ولن يفيد ولن يستطيع رئيس الجمهورية نفسه العفو عن تلك المجموعة لان قضاياهم فيها حق خاص هو حق مواطن دارفور الذي يدعي المحاكمين بأنهم حملوا السلاح من أجله هو نفسه المواطن الذي أدانهم في المحكمة وأثبت بالمستندات والشهود أنهم حرقوا منزله وقتلوا عائلته وهي الحقيقة التي يتدثرون بإدعاءات عالمية وهي القناعة التي توصل إليها كل من رضخ للسلام وعاد واخذ يحاجج من أجل الحصول على حقوق أهله فيعيدها إليهم في شكل خدمات وتنمية لو أجلسنا (أبو قردة والسيسي ودبجو) وكل القيادات التي انضمت للسلام على كرسي الاعترافات وسألناهم .. هل ما قدمتوه لاهليكم كان إبان التمرد أم بعد السلام؟
ولا أظنهم سيقولون زمن الحرب لان ماقدموه ذكره المعتدين عليهم في (دونكي البعاشيم) أما في السلام فيتحدث السيسي عن مدارس وقرى تموذجية ومستشفيات ومراكز صحية وطرق مسفلتة .. فإذا كان التمرد من أجل مواطني دارفور فالأولي أن (تقلعوا) حقهم من المركز لا تقتلوهم وتحرقوا منازلهم .. (قال جنيف قال).

انشقاق قيادات عسكرية عن حركة مناوي

أعلنت مجموعة من القيادات السياسية والعسكرية بحركة جيش تحرير السودان جناح مناوي انشقاقها عن الحركة، وتبني مسار آخر لمواصلة المشوار لم يكشفوا عن تفاصيله، وضمت المجموعة المكونة من (14) قيادياً القائد" فيصل عبد الرحمن السحيني، الداو محمد شلباية مادبو، عبد الحميد حسن جبريل، وادم يعقوب عبد الشافع، محمد أحمد جبريل، محمد إبراهيم تورين، وكشفت المجموعة في بيان أمس أنها رفعت مذكرة لمجلس التحرير الثوري بالحركة لتصحيح الأوضاع وإجراء إصلاحات جوهرية وضرورية عاجلة، وأضافت" عندما لم يأتينا الرد تم اتخاذ قرار الانشقاق" وأكدت أن مشكلة الحركة تكمن في سوء الإدارة وإبعاد معظم الكفاءات السياسية والميدانية من أبناء القبائل الأخرى لأسباب عنصرية بحتة، وعدم إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في جولات التفاوض والورش الخارجية والاستعانة بالمقربين وأبناء العشيرة والأسرة فقط، ووضع كل السلطات في يد الرئيس، مما أدي إلى غياب الشفافية وانتشار الفساد والاستبداد والمحسوبية على نطاق واسع.

الخرطوم: الحوار مع واشنطن انتقل لتعزيز العلاقات الثنائية

قال وزير التعاون الدولي السوداني، كمال حسن علي، القيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، إن الحوار مع الولايات المتحدة انتقل من تناول قضايا السودان الداخلية إلى تعزيز العلاقات الثنائية، لتقوم على المصالح المشتركة وتبادل الاحترام.
وأكد في تصريح للمركز السوداني للخدمات الصحفية، أن السودان يقود حواراً استراتيجياً مع أمريكا بهدف رفع الحصار الاقتصادي، بجانب تفعيل دور المنظمات الشعبية واعتماد الدبلوماسية الشعبية لتقريب وجهات النظر بين الخرطوم وواشنطن.
وأوضح علي، أن السودان يتطلع إلى حوار منتج وشفاف مع أمريكا لبناء شراكات استراتيجية، مبيناً أن سياسة السودان الخارجية تقوم على تعزيز العلاقات واستمرار الحوار بصورة مكثفة مع الولايات المتحدة، رغم وجود صعوبات لتطبيع العلاقات بين البلدين.
وقال إن الحكومة السودانية تتطلع لأن يتخذ المجتمع الدولي مواقف تدعم البلاد، وتسهم في جلب الاستثمارات الأجنبية واستجلاب الدعم لقطاعات المعادن والنفط والزراعة والخدمات التي يستفيد منها المواطن.

السودان يرفض دخول المساعدات دون التنسيق معه

أعلنت الحكومة السودانية، رفضها دخول أية مساعدات للبلاد دون التنسيق معها، مؤكدة التزامها بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2046 الخاص بتوصيل المساعدات الإنسانية، وطالبت بالسماح لفرق التطعيم بالوصول للأطفال بالمناطق التي يسيطر عليها متمردو الحركة الشعبية بالمنطقتين.
وقال مفوض عام العون الإنساني السوداني، أحمد آدم في تصريج صحفي له عقب اجتماعه بمسؤولي المنظمات الأممية والدولية العاملة بجنوب كردفان، إن الحكومة أبدت مرونة كبيرة لإنقاذ الأطفال المحتجزين طرف المتمردين، وإيصال المساعدات الغذائية والدوائية وفق اتفاقية الآلية الثلاثية "الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية"، التي تم التوقيع عليها قبل عامين وتراجعت عنها الحركة الشعبية.
وأعلن رفض الحكومة، دخول أية مساعدات إلى أراضي السودان دون التنسيق معها، داعياً المتمردين للاهتمام بقضايا الأطفال والسماح لفرق التطعيم بالوصول للمستهدفين منهم، بالتعاون مع المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال.
من جهتها أكدت وزيرة الدولة بوزارة الصحة، سمية إدريس أُكد، توقف عمليات التطعيم بالمناطق التي يسيطر عليها متمردو الحركة الشعبية منذ العام 2012. معلنة التزام الوزارة بتوفير كل مطلوبات عمليات التطعيم وكل ما يليها في الجوانب الإنسانية والصحية، بالتعاون مع المنظمات الأممية للأطفال بالمناطق التي يسيطر عليها التمرد.
وقالت في تصريح صحفي لها إن منع وصول حملات التطعيم للأطفال، يعتبر مخالفاً للقوانين الدولية وميثاق حقوق الطفل ووثيقة الحقوق في دستور السودان للعام 2005 الذي أقرته الحركة الشعبية وقتها.

(60) ورقة حول الهوية بمؤتمر الحوار الوطني

كشف رئيس لجنة الهوية بمؤتمر الحوار الوطني، أ.د علي عثمان صالح، عن توافق جميع الأوراق المقدمة من الأحزاب والقوى السياسية حول مفهوم الهوية السودانية، مبيناً أنهم ناقشوا أكثر من 60 ورقة قدمها المشاركون خلال الفترة السابقة.
وقال للمركز السوداني للخدمات الصحفية، إن قضايا الهوية شائكة وتحتاج لصبر لمناقشتها خلال جلسات الحوار، موضحاً أن اللجنة ستستعين بعدد من الخبراء للاستفادة منهم في مناقشة قضايا الهوية والثقافة والدين والتنوع، مشيراً إلى أنهم توصلوا إلى شبه إجماع حول خيارات الهوية الوطنية.
وأوضح صالح أن اجتماع اللجنة المقبل سيتم خلاله طرح عدد في المرتكزات الرئيسة للهوية، مبيناً أن مشاركة الشخصيات القومية لعبت الدور المكمل لأطروحات القوى السياسية والحركات المسلحة الموقعة على السلام مع الحكومة، موضحاً أن اللجنة شهدت جدلاً ونقاشاً مثمراً سيقود إلى فهم مشترك حول الهوية السودانية.

أخطاء بنيوية في طريقة إدارة الآلية الإفريقية للمفاوضات!

المفاوضات التي جرت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين الفرقاء السودانيين وبوساطة الآلية الإفريقية رفيعة المستوى. ربما جرت هذه المرة في طقس ومناخ مواتي وأفضل. وذلك لعدة اعتبارات: أولاً، السودان تسوده هذه الأيام – بالتزامن مع هذه المفاوضات– روح حوارية وفاقية جدية للغاية حيث يدخل مشروع الحوار الوطني في الخرطوم شهره الثاني. معطيات عملية كهذه من الضروري أن تفضي لأجواء مواتية لإجراء مفاوضات جادة.
ثانياً، القوى السياسية السودانية قاطبة -حاكمة ومعارضة- باتت تعول تعويلاً كبيرا على مبدأ التحاور والتفاوض باعتباره الحل الأمثل للوصول إلى حلول لمشاكل السودان ومن ثم فإن هذه الروح كفيلة بإعطاء العملية السلمية دفعاً قوياً.
ثالثاً، من المهم جدا –في ظل معطيات الحوار والروح السائدة فيه– العمل على وقف الحرب وتمرير الإغاثة والاعتناء بالنواحي الإنسانية المطلوبة، فطالما أن هناك حوار وسعي لحل سلمي فإن من الضروري وقف الحرب والعمل على معالجة أوضاع النازحين لتهيئة الوضع لمرحلة جديدة تمهيداً للحل السلمي الشامل.
هذه الاعتبارات الثلاثة المهمة هي التي تنظر من خلالها للمناخ المواتي لنجاح مفاوضات أديس، سواء على صعيد المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) أو على صعيد إقليم دارفور. وعلى ذلك فإن أية محاولة لإفشال هذه المفاوضات أو إطالة أمدها أو العبث بها تصب في النهاية في إنهيار العمل السلمي في السودان.
ومن الضروري هاهنا أن نشير إلى بعض الملاحظات الجديرة بالإشارة فيها يختص بدور الآلية الإفريقية  التي تتولى مهمة الوساطة بين الأطراف المتنازعة. إذ يلاحظ أن الآلية الإفريقية:
أولاً، تنظر إلى الأمور بمنظار عام لا يأخذ في الاعتبار تفاصيل المسارات التي تجري على أساسها المفاوضات إذ أن مسار  المنطقتين يختلف تماما -في سياقه العام وفي وقائعه- عن مسار أزمة دارفور. فأزمة دارفور لها منبر معروف ومعترف به دولياً وهو نبر الدوحة والذي قتل قضايا دارفور بحثاً ووضع لها إطار شامل. ومن شأن الخلط ما بين المنبرين أن يربك المشهد برمته .
ثانياً، الآلية افريقية لا تبدو منتبهة إلى أمرين مهمين وخطيرين: الأمر الأول، أن هناك حاجة إلى وقف العدائيات في المنطقتين وإقليم دارفور -كل على حدا- بغض النظر عن أجندات التفاوض المراد التفاوض حولها. الأمر الثاني، أن التفاوض لا علاقة له -على الأقل في هذه المرحلة- بالحوار الوطني ولا علاقة له بما يسمى بالجبهة الثورية.
إن خطورة النظر إلى المفاوضات باعتبارها مفاوضات مع الجبهة الثورية أو ما يسمى بقوى نداء السودان أنها تجرف عملية التفاوض إلى جرف هارٍ تهوي بالجميع في جهنم لا قرار لها. وإن عدم إنتباه الآلية الأفريقية لهذه الناحية الدقيقة هو الذي يجعل من المفاوضات محلاً للشد والجذب، إذ ليس المطلوب طرح (كافة قضايا السودان) في مفاوضات أديس أبابا والتوغل بها في قضايا الفترة الانتقالية والأوضاع الانتقالية دون أدنى مراعاة لما يجري حالياً من حوار وطني داخلي تشارك فيه قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني مهمة ومؤثرة!
ثالثاً، الآلية الإفريقية تبدو قصيرة النفس حيال كيفية إدارة عملية التفاوض فهي –بذات الأساليب السابقة– تدفع بأوراق للأطراف، ثم تحاول الحصول على موافقة كل طرف ومن ثم تدخل في سلسلة من التعقيدات وعقد الجلسات وإنفضاضها، ثم ما يلبث أن يقرر طرف رفع الجلسة للتشاور! أسلوب الآلية في طرح الأوراق التوفيقية لم يعد مجدياً ولا صائباً. فقد أثبتت الأحداث أن الآلية حتى حين تطرح في ورقتها مطالب طرف من الأطراف لا تحصل على رضاؤه، كما لا تحصل على موافقة الطرف الآخر!
رابعاً، نظرة الآلية الإفريقية إلى العملية التفاوضية باعتبارها هي التي سوف تضع الحل الشامل للأزمة، هي نظرة ليست واقعية، فالأمر يحتاج إلى وقت والضغوط وحدها ليست كافية، كما أن ممالأة طرف ضد آخر ولو من باب المجاملة والتكتيك، كل هذه أمور غير موضوعية وغير مجدية!

الخميس، 26 نوفمبر 2015

الحوار الوطني.. زيارات ومقترحات مثيرة للإهتمام

الحوار الوطني، هو الوسيلة الانجع لحل كل الازمات التي تمر بها البلاد حاليا، هذا ما يقوله الحضور الذين يجلسون داخل قاعة الصداقة التي تنعقد فيها جلسات اللجان الست  الخاصة بمؤتمر الحوار الوطني، حراك بدأ منذ العاشر من شهر اكتوبر الماضي خلال الدعوة التي قدمها رئيس الجمهورية في يناير 2014، لتبدأ عجلة البحث في تفاصيل القضايا الست المهمة وفق ما جاء في دعوة الرئيس، على أمل الوصول إلى معالجات لحل ازمة السودان.
وفي الأثناء استمرت جلسات الحوار الوطني أمس بانتظام جلستي السلام والوحدة، والهوية، وشهد مقر الحوار بقاعة الصداقة امس، زيارة إبراهيم محمد إبراهيم رئيس حزب الأمة الاصلاح والتنمية، فيما حضر القنصل الروسي بالخرطوم للوقوف على عملية الحوار والتقى بالأمين العام للحوار الوطني الذي أطلعه على مجريات الحوار الوطني، فيما يزور السفير البريطاني اليوم الحوار الوطني، وستشهد الايام المقبلة عدداً من الزيارات الدبلوماسية بجانب قيادات الاحزاب المشاركة في الحوار.
في غضون ذلك، واصلت اللجنتان أعمالهما حسب الخارطة الجديدة، ولاسيما المشاركة الفعالة للاعضاء داخل لجانهم، وفيما زاولت لجنة الهوية أعمالها بعدد من الاوراق والنقاش حول ماهية السودان، تحدث محمد حسن هواري ممثل حزب الحركة الشعبية الديمقراطية بلجنة الهوية، حول تفاصيل أمس احتوت على زيارة برنامج (في الواجهة) ومقدمه احمد البلال الطيب. وقدمت ورقة بالجلسة وتم نقاشها مع الاعضاء، واضاف لـ(الرأي العام) ان الاعضاء اتفقوا على ان تكون هوية سودانوية. فيما قال محمد هاشم الزاكي من حزب التحرير والعدالة، ان اللجنة ناقشت (52) ورقة حالياً وهناك تباين كبير خلال الاوراق التي قدمت عن الهوية السودانوية، وايضا اتفقت اللجنة على ان يكون السودان اسم الدولة ومراجعة قانون الخدمة المدنية ومراجعة قانون القوات المسلحة بجانب قانون الجنسية السودانية وحذف القبيلة من المستندات الرسمية للدولة والموجود في استمارة المستشفيات وكشوفات التعيين بكل المجالات وغيرها من الاوراق الرسمية.
وأضاف الزاكي لـ(الرأي العام) امس “اتفقت اللجنة على وضع دستور دائم للبلاد”، ورأى ان الاوراق المقدمة للجنة اثبتت اشكالات يجب مراعاتها ومن ضمها الفقر ومسبباته بجانب العنصرية ووضع حل لكل المشاكل خلال الهوية، وعن ادارة اللجنة، اعتبر ان ادارة اللجنة “جيدة” ولكن وجود (دبرسة) من بعض الاعضاء لكون مشاركتهم ضعيفة وارجع الزاكي ذلك الى العدد الكبير من اعضاء اللجنة لذلك فإن زمن الفرص غالباً يكون محدوداً. وقال ان ابرز ما جاء في الاوراق السابقة، ان هناك ورقة طالبت بتغيير اسم السودان وورقة اخرى بان تكون الهوية (أفريقية) فقط بجانب ورقة تنادي بنظام الحكم بالسودان يكون على اساس اثني وقبلي.
وعن الاوراق التي قدمها حزبه، قال إنها نادت بدولة المواطنة وتحقق فيها العدالة الاجتماعية، واضاف ان الهوية التي يطرحها هوية (سودانوية) تحتوي على كل المكونات الثقافية والمعتقدات الكريمة دون أقصاء لأحد بالسودان.
ومواصلة لما بدأ من اعضاء لجنة الهوية، قالت رباب عبد الرحمن من حزب الحركة الشعبية اصحاب القضية الحقيقية، ان اللجنة ناقشت أمس ورقة واحدة بمداخلات من برنامج (في الواجهة) وان اللجنة تسير بالصورة المطلوبة دون اقصاء لعضو، واضافت ان حزبها سيقدم ورقته للجنة في الفترة المقبلة، وتطرح الورقة الهوية (السودانوية) وتؤكد الورقة على  ان السودان لازنجي ولاعربي، وتحدثت الورقة عن معالجة المناهج التعليمية التي تدرس في المدارس وكيفية تطويرها والدفع بمادتي الثقافة السودانية وايضا التربية الوطنية. وحول سير العمل داخل أروقة اللجنة، قالت رباب لـ(الرأي العام) امس ان اعضاء اللجنة طالبوا بضبط الحدود وتوحيد القوات المسلحة وتوزيعها في كل اطراف البلاد لازالة الاحتقانات الحدودية، وأكد الاعضاء ضرورة ألا تكون الوظائف حكراً على جهة واحدة بجانب اعتمادها على الكفاءة والمواطنة، واشارت رباب انه لابد ان تلعب الثقافة دورا كبيرا في مسألة ابراز الهوية، بالاضافة إلى ان الاعلام له دور كبير في توحيد هوية السودان حتى لا يكون حكراً على جهة دون أخرى.
وفي المقابل زاولت لجنة السلام والوحدة، اعمالها حيث قال محمد عبد السلام متحدثا باسم اللجنة، ان امس قدمت ثماني  اوراق للجنة، واقتصر النقاش في خمس اوراق فقط، وقدمها الحزب القومي السوداني المتحد وحركة التحرير السودان وحركة العدل والمساواة القيادة التصحيحية بجانب الحزب الاتحادي الديمقراطي وورقة الاخوان المسلمين، واضاف عبد السلام ان الاوراق اتفقت على شفافية وجدية الحوار، واشار الى ان هذه اللجنة وفقا لمحتواها ستقوم باحلال السلام اذا تم تنفيذ مخرجاتها، وتعرض خلال حديثه في المنبر الاعلامي بقاعة الصداقة الى العقوبات المفروضة على السودان، وأكد ان هذه العقوبات ظالمة وباطلة  ولابد من رفع تلك العقوبات، و رأى ان اللجنة سوف تعمل على  تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية وهذه الفترة صعبة جداً في تاريخ السودان، واعتبر ان الورقة التي قدمها زكريا اتيم  للجنة مهمة لاعتبار تخصصه في منطقة ابيي واثبتت ان ابيي سودانية، وقال عبد السلام ان اللجنة تسير بالصورة المطلوبة والاعضاء يطرحون اوراقهم دون ازمة من خلال تقديم الاوراق.
وكانت هناك زيارات سابقة في فترات مختلفة لقادة في العمل السياسي والثقافي للطواف والوقوف على لجان الحوار الوطني ومن ابرز القيادات التي زارت لجان الحوار الوطني ومعرضه المصاحب بقاعة الصداقة مساعد رئيس الجمهورية عبد الرحمن الصادق المهدي، وبأمس سجل رئيس حزب الامة الاصلاح والتنمية ابراهيم آدم ابراهيم زيارة ، وتابع مجريات الحوار الوطني وجلس مع الامين العام للحوار الوطني هاشم محمد سالم،  حيث ختم لقاءه بالمنبر الصحفي الخاصة بتصريحات اللجنة، وقال ان زيارته جاءت تأكيدا على الحوار الوطني، واكد ان الحوار هو الوسيلة الامثل لاحلال السلام بالبلاد، واضاف : “اي قوى ترفض الحوار ستجعل الحوار ناقصا وشائكا”  واعتبر الحوار هو الوسيلة الانجع للوصول الى وثيقة تاريخية تجمع أهل السودان ، وتساءل ابراهيم   عن كيفية الوصول الى حل يرضي كل الاطرف؟ بجانب ان هناك معاناة للاطفال في اماكن النزاعات، واعتبر ان الحوار الوطني في طاولته قضايا اساسية ورئيسية ونعتبرها القضايا الجوهرية بالبلاد، ورأى ان لابد  للقوى السياسية ان تتحلى بالصبر وهناك فرصة للذين لم يشاركوا في الحوار الوطني ان يلتحقوا بالحوار في قاعة الصداقة، وقال ابراهيم : “ اي حزب سيخرج من الحوار الوطني سيجعل الحوار ناقصاً”، وطالب خلال المنبر الاعلامي امس ان تكون هناك  عزيمة وارادة للوصول الى  حل بين اطراف التفاوض في اشارة الى الحكومة والجبهة الثورية بتفاوض الاخيرة في اديس ابابا، واضاف ان حزبه لا يمانع في مواصلة التفاوض خارج السودان بجانب ان الجولة الحادية عشرة نتمنى ان تكلل بالنجاح، واشار الى وجود اطراف خفية تلعب بكروت الضغط بالحركة الشعبية قطاع الشمال.
ومن جانبه، اكد اللواء محمد حسبو عباس نائب رئيس حركة العدل والمساواة القيادة التصحيحية، ان الحركات المسلحة لايوجد لديها شئ غير السلام، وقال ان الحركة قامت بزيارة ميدانية الى دارفور للجلوس مع قوات الحركة من أجل النقاش حول الحوار وتنويرهم بما جاء فيه خلال القضايا المطروحة، وعن الحوار الوطني الجاري حاليا، اعتبر عباس ان الحركة داعمة لعملية الحوار الوطني.

حقيقة قالها كمال عمر

نتفق مائة بالمائة مع الأستاذ كمال عمر المحامي في أن (المعارضة لا تتفق إلا على كراهية المؤتمر الوطني) وليس اتفاقنا مع كمال عمر القيادي في المؤتمر الشعبي في هذا الرأي من باب تشجيع الأزمة القائمة بينه وبين قوى التحالف ولا من باب تبني مواقفه لخدمة أجندات الحكومة أو أي طرف..
بل لأن الرجل قال الحقيقة، والتي لو منحت قيادات المعارضة نفسها فرصة للتفكر فيها ومراجعتها بروح إيجابية فستجد أنها فعلا ً الحقيقة، بل ستكتشف أن تلك المقولة تلخص أزمة كبيرة قائمة ومنتظرة في نفس الوقت داخل هذه الكيانات والتيارات الناشطة التي تكرس الآن كل جهدها ونشاطها لتحقيق رغبة إسقاط النظام وإذلال قيادات المؤتمر الوطني سياسياً في يوم من الأيام.
طاقة الكراهية السياسية للنظام الحاكم وللإسلاميين تحرم الكثير من المعارضين من تقديم أفكار وحلول هادئة ومقنعة لقضايا البلد وتصادر كل علامات الموضوعية وشواهد الأهلية في مواقف الكثير من الذين يتبنون برنامج المعارضة المتطرفة التي لديها استعداد للتحالف مع (الجن الأحمر) لو كان هذا التحالف يحقق لها رغبتها تلك.. طاقة غريبة تجعل صاحبها أمام الرأي العام شخصاً كارهاً فقط، وليس شخصاً مقنعاً وحاملا ًلتصورات متكاملة عن ما بعد تحقيق هذه الرغبة التي تسيطر على تفكيره .
هذه أزمة حقيقية عند قوى المعارضة، وحملة السلاح، وهي بالتأكيد ظلت تمثل باستمرار حاجزاً بينهم وبين الجماهير التي لو كانت بعض نخبها ترجو تصحيح أو تغيير النظام أملا ً في مجيء نظام أفضل فإنها حين ترى هذا الشرر الذي يتطاير من عيون الكارهين تتخوف تلك النخب من أن تتهور يوماً وتمنح هؤلاء - ذات غضبة - شرعية ثورية تكون نتيجتها تفتيتا وحريقا شاملا وزوالا كاملا لهذا البلد .
مقولة كمال عمر يمكن أن تقرأها المعارضة الواعية بعين المراجعة والإنصاف لنفسها أولا ً وإنصاف للكثير من برامجها وتصوراتها التي قد تكون إيجابية لكن لا سبيل للثقة فيها في ظل سيطرة هذه الكراهية وهذا الشرر الذي يعد بالهلاك .
إذا كانت قيادات الجبهة الثورية نفسها لا تثق في بعضها البعض، الآن وقبل أن تحكم أو تجلس في مقعد السلطة فكيف تثق فيها قوى سياسية تقليدية معارضة هي في تصنيفها عند هؤلاء موجودة أصلا ًداخل دائرة السودان القديم الذي يريدون إزالته؟ .
المشكلة أنهم يريدون إزالة دار قديمة ولا يملكون حتى ثمن مواد بناء الدار البديلة عنها ولا خارطة هندسية ولا مال ولا هم يحزنون، بل من فرط سيطرة حالة الكره الأعمى عليهم لا يمنحون أنفسهم حتى فرصة التفكير في مصير أهل هذه الدار التي ليس لديهم أية إمكانيات لإعادة بنائها لهم .
الديمقراطية.. وبسط الحريات وإقامة الدولة المدنية، دولة العدالة والقانون.. كلها شعارات سهلة ومتوفرة نظريا ولمعانٍ ناضرة لكنها تحتاج لضمانات كبيرة لحمايتها والالتزام بتطبيقها.. تحتاج لعقول وطنية حكيمة وراسية ولمواثيق وعهود ومؤسسات وفكر ناضج لتطبيقها.

التفاوض الثنائي والطريق المسدود

إلى متى يستمر مسلسل المباحثات الثنائية مع الحركات المسلحة (بأديس أبابا) والبلاد كلها تتحدث عن حوار وطني شامل يعالج كافة القضايا العالقة بما في ذلك الحروب الطرفية في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق؟، وما هي الجدوى من التفاوض الثنائي لمعالجة جزء من الأزمة السودانية؟
إذا كان هناك منبر جديد يحتوى على ستة محاور تضع حداً نهائياً لكل الإشكالات المتعلقة بوقف الحرب وإحلال السلام والحريات والاقتصاد والسياسة الخارجية والهوية والحكم وذلك بدعوة مفتوحة من رئيس الجمهورية لكافة القوى السياسية والحركات المسلحة بدون تمييز أو استثناء لأحد وبالتالي لا أري جدوى لتلك المفاوضات الثنائية التي لم تراوح مكانها في الجولة الأخيرة، وكل الجولات السابقة وإن كان الأمر يتعلق بترتيبات أمنية ووقف لإطلاق النار، فما الذي يمنع أن تشارك في ذلك كل القوى السياسية في وجود الحكومة والحركات المسلحة باعتبار أن مشكلة دارفور هي مشكلة دارفور هي مشكلة كل أهل السودان في دارفور، وكذلك النيل الأزرق وجنوب كردفان، فالمتضرر من تلك الحرب الأهلية الشعب السوداني بأسره الذي يهمه كثيراً أن يتحقق السلام هناك رأفة بأشقائه الذين يعيشون في تلك المناطق التي ابتلاها الله بالصراعات المسلحة التي أصبحت شأناً دولياً في وجود الوساطات الأفريقية بتوجيه من الأمم المتحدة ومراقبة لصيقة من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي، ولكن من الواضح أن الحركات المسلحة التي ترفض المشاركة في الحوار الوطني الشامل في الخرطوم برغم التطمينات وإلغاء الكثير من القوانين المقيدة للحريات، إلا أنها تسعي لصناعة منبر آخر للحوار الوطني في الخارج وانتقاء مجموعات معينة للمشاركة فيه بجانب الحكومة وهي ترفض أغلبية الأحزاب التي انخرطت في الحوار الوطني بقاعة الصداقة، وعموماً يجب إغلاق كافة ملفات التفاوض الثنائي طالما هناك تفاوض شامل لكل القضايا ومفتوح للجميع وفي الإمكان إبلاغ الآلية الأفريقية بتلك الخطوة وكذلك الأمم المتحدة طالما الحوار الذي نحن بصدده سيفضي إلى حلول ومعالجات للأزمات مجتمعة مع التوزيع العادل للسلطة والثروة والاهتمام بتنمية المناطق الأقل نمواً خاصة التي تضررت من الحروب الأهلية والصراعات القبلية، كما أن مخرجات الحوار الذي يدور في قاعة الصداقة الآن هو المفتاح الحقيقي لمشاركة كل الممانعين والرافضين للمشاركة إذا توحدت رؤيتنا حول قيام الدولة السودانية الديمقراطية الحديثة وعالجنا الملفات الستة بما يتوافق بالمواثيق الدولية التي صادق عليها السودان في كل الأزمات الماضية، ففشل التفاوض الثنائي مع الحركات المسلحة لا يعطل مسيرة الحوار الداخلي الذي من ضمن بنوده الأساسية وقف الحرب وإحلال السلام، ثم بعد ذلك تقوم بتقديم تلك المخرجات الإيجابية للشعب السوداني والمجتمع الدولي مما يجعل لحاق الحركات بالمشاركة أمراً لابد منه في ظل قناعات العالم وعلى وجه الخصوص الأمم المتحدة التي ستبارك المخرجات وتدعمها بالضغط على المعارضين للمشاركة وإلا ستتجاوزهم المرحلة وأيضاً المجتمع الدولي.

اسم "السودان" جدير بإدراجه في الحوار

بعد أن تمسك الجنوبيون بالانفصال كانت المفاجأة أن يختاروا لدولتهم أسم جنوب السودان، وليس السودان الجنوبي كما جرى العرف في العالم (كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، مثلاً)، هنا بدا لي الأمر وكأن وراء ذلك ما وراءه.. وقد كتبت عقب الانفصال مقالاً في هذا الشأن وقلت إن تغيير الاسم يؤمن مستقبل الأجيال ويخلصها مما عانته الأجيال السابقة .. وبمناسبة مؤتمر الحوار الذي يفترض أن يرسم خريطة المستقبل نعيد ما كتبناه آنذاك.
فكرة تغير أسم السودان ليست جديدة. ولكن الجديد أنها أصبحت ترتبط بمستقبل البلاد خاصة بعد اختيار الجنوب لذات الاسم! فتجربة بلادنا مع الجنوب (منذ الاستقلال وحتى الآن) تحتم علينا النظر للمستقبل بعيون مفتوحة حتى لا نستبين النصح إلا ضحي الغد!
نعتقد أن من أخطر الأمور المتشابكة مع الدولة الجديدة في الجنوب هو (الاسم)، فأمر البترول والحدود وأبيي وغيرها من السهل الوصول لحلول لها عاجلاً كان أم أجلاً .. أما التشابك في الاسم – الذي تكمن وراء اختياره علامات استفهام كثيرة – فسيظل مشكلة دائمة.
تمسك الجنوب باسم السودان لدولته الوليدة لا يعبر إلا عن المخططات الأجنبية التي تعمل ضدنا بحسابات تأتي نتائجها على المديين القريب والبعيد .. معلوم أن هذا الاسم لم يكن وارداً في حسابات القائمين على أمر الجنوب.
بل على العكس فكل ما يبدر منهم يعبر عن حرصهم على قطع العلاقات اسمياً وفعلياً مع الشمال .. أدلة ذلك كثيرة نختصرها هنا في قول باقان أموم أن ولاءه لكوبا أكبر من ولائه للسودان.
أقترح الجنوبيون أسماء عديدة لدولتهم منها النيل ومنها الأماتونج، وكانوا يفكرون في غيرها من الأسماء، وفجأة أتفقوا على اسم جنوب السودان بلاد تردد مما يدل على أن وراء ذلك ما وراءه.
وأنه من كيد (خبرائهم) وليس من صميم أفكارهم!
وإذا كان العض اعتبر أن اختيار اسم السودان للدولة الجديدة يحمل تفاؤلاً لعودة الوحدة من جديد فإننا نرى عكس ذلك تماماً.
فهو سيجعل الشمال مكبلاً في ذات الفلك الذي ظل يدور فيه منذ الاستقلال.
علاوة على ما فيه من مؤامرة خطيرة تنسج خيوطها على نار هادئة على أيدي قوى عالمية خبيثة.
نقول: إذا أردنا استشراف المستقبل من واقع تجربة الماضي فعلينا الإسراع بفك هذه "الشربكة" وقطع الطريق أمام المؤامرة باختيار اسم جديد لبلادنا، ونترك لهم اسم السودان.
قد يستهجن البعض هذه الفكرة، ويسارع برفضها لأسباب تاريخية ووجدانية..
ولكننا لا نشك بأنها أصبحت جديرة بالتناول.
فلها دواع كثيرة وفوائد عظيمة:
* إن قيام دولتين بنفس الاسم سيغذي الحالات الانفعالية (التي تنقلب غالباً لعدائية) والتي أصبحت سمة لعلاقة الجزأين.
ولن تحل هذه المشكلة إلا بقيام فواصل تامة تجعل كل جزء ينكفئ على نفسه.
* اختيار اسم جديد كفيل بقفل الباب أمام المؤامرات التي تتم بين الحركة الشعبية ودوائر خارجية لإضعاف الشمال.
ومما يؤكد ذلك قول باقان أموم – بعد اختيار اسم السودان لدولتهم: "الحركة الشعبية ستعمل في الدولتين على تنفيذ برنامج مؤسس على رؤية السودان الجديد" ذلك على الرغم من إعلانه عدم الولاء للسودان كما ذكرنا أنفا.
* اختيار الاسم الجديد لا يأتي بالطبع إلا بعد استفتاء شعبي وعليه ستكون هناك فرصة كبرى لتعزيز مفهوم الأمة الواحدة والدولة المنسجمة، وهو الأمر الذي ظل مفقوداً مع بقاء الجنوب جزءاً من الدولة.
* اختيار اسم جديد يساعد في خلق واقع جديد وبث مفاهيم جديدة ويرفع من الهمم لتجاوز كثير من السلبيات الموروثة.
وعلاوة على هذه الفوائد أو ما نراه نحن (ضرورات) لتأمين مستقبل بلادنا.
فإن اسم "السودان" يشجع على إعادة النظر فيه .. فهو اسم عام أطلق على منطقة كبيرة في إفريقيا ولم يكن يخص دولة بعينها.
أعتقد أن قضية تشابك الاسم من القضايا التي تستحق أن ينظر فيها مؤتمر الحوار بعمق وجرأة وحسم خاصة وأن رئيس إحدى اللجان الأستاذ ألحواتي من دعاة فكرة إعادة النظر في اسم السودان.

دارفور سلام

نشر في صحف الأمس مانشيت لوزير الدفاع يؤكد فيه أن القوات المسلحة السودانية ستعزز انتشاها في حدود البلاد الشمالية والجنوبية والشرقية؛ وأقول  تعزز لأن الجيش الوطني حكماً وعرفاً ينتشر في كل أرجاء البلاد ولا يعيد انتشاره  عليها كما نشر البعض.
وجاء في قول الجنرال الكبير أنه سمي كل المواقع والجهات شرقاً وشمالاً وجنوباً ولم يقل غرباً حيث دارفور، وهذا يعني ببساطة أن المساحات الساخنة في خارطة المواقع لم تشمل هذا الطرف، وفي ذلك إشارة لهدوء الأحوال وراحة البال واتساع امتدادات السلام في دارفور.
تصريح وزير الدفاع يساند ويتضامن مع تصريحات الدكتور "أمسن حسن عمر" رئيس الوفد الحكومي المفاوض لوقف العدائيات بدارفور ولذي أعلن في مفتتح الجولة الماضية التي انتهت أمس أو علقت بتعبير أدق والذي قال، إن الحكومة أتت لمفوضات وقف العدائيات رغم عملها أن لا وجود عسكري أصلاً للمتمردين بدارفور.
وأصر  مرة أخري علي إثبات هذا الاسم في ذاكرة التداول لأني لحظت أن كثيراً من الوسائط تقدمهم بمسمي حملة السلاح، وهذا  لا يجوز لأن حامل السلاح بالقانون والدستور هو منسوب الجيش والشرطة والأمن وأي مكلفين يحملونه وفق قانون تلك المؤسسات.
دارفور لا يوجد  بها تمرد الآن ولله الحمد وحتي التفلتات التي تقع فهي أنشطة جنائية من عناصر وأفراد أو مجاميع قبلية تطلب الثارات، ولأن واقع الحال هناك تغير فمن اللازم قراءة تصريحات الفريق "أبنعوف" وتحليل بعدها الايجابي حول دارفور ودلالاته.
الأمر الآخر في تلك التصريحات المهمة ولاية الجيش علي كامل الحدود السودانية في أي اتجاه وصقع ومنفذ، ويشمل ذلك المواقع والمناطق التي تدعي  جماعات متمردة أنها خالصة لها وتحت سيطرتها، وبالتالي فهي في حل تلك الولاية حال التوافق  علي أي ترتيبات أمنية بمسمي وقف العدائيات أو وقف دائم لإطلاق النار، وهذا استهبال وتحايل  لا يمكن التسليم به لأن الجيش مؤسسة سيادية التكاليف والصلاحيات، ولذا فإن وجوده يطال عين الشمس فوق سماء السودان ناهيك عن دغل حدودي مع إثيوبيا يسيطر عليه "مالك عقار" أو منفذ مع الجنوب يعسكر فيه المتمرد "جقود".
هذه المفاهيم يجب الوضوح بشأنها والصرامة فيها ويكفي أن القوات المسلحة تنازلت وقبلت بالجلوس إلي متمردين، من شاكلة كل من هب ودب وحمل بندقية وخلع علي نفسه رتبة ووضع علي رأسه (بوريه) وتاج! وبعد تجاوز هذا الهراء لا يمكن القبول إطلاقاً بحدود سودانية غير محروسة بمصابيح الأرض الحرام وأسود الشرف الوطني الرفيع.
عاشت القوةات المسلحة غصة في حلوق الأعداء لا تزول وجمراً يحرق مواطئ المتسللين من كل مدخل؛ ولا يصح إلا الصحيح وإن احتج البعض وتضجر من (الأهالي) في حركات التمرد البائدة.

لجنة السلام والوحدة بمقر الحوار الوطني تؤكد تبعية أبيي للسودان

أكدت لجنة السلام والوحدة علي سودانية منطقة ابيي حسب حدود 1956وقال عضو لجنة السلام والوحدة الفريق شرطة الطيب عبد الرحمن مختار للمركز الاعلامي لمؤتمر الحوار إن اللجنة استمعت لثماني أوراق من بينها الورقة التي تناولت قضية ابيي ، واضاف ان الموضوعات المطروحة للتداول امام اللجنة شملت العقوبات القسرية المفروضة علي السودان وقضية التنمية والعدالة الاجتماعية وتمكين الادارة الاهلية حتي تضطلع بالدور المناط بها في استدامة الامن والسلم الاجتماعي الي جانب توفير الامن في مناطق التوتر والتشديد علي نزع السلاح من ايدي المواطنين والمتفلتين .
وأكد أن الباب لايزال مفتوحا لكل الراغبين من القوي السياسية والحركات المسلحة في اللحاق بركب الحوار الوطني .
الي ذلك قال رئيس حزب الامة الاصلاح والتنمية ابراهيم ادم ابراهيم الذي زار مقر الامانة العامة وطاف علي لجان الحوار أن الهدف من المشاركة في الحوار الوطني الوصول الي عقد اجتماعي ووثيقة تحدد الرؤية الكلية التي سيحكم بها السودان .

البشير يطّلع على نتائج جولة مفاوضات دارفور والمنطقتين

اطلع الرئيس السوداني، عمر البشير، على نتائج جولة المفاوضات، التي جرت بالعاصمة الأثيوبية مؤخراً بدعوة من الآلية الأفريقية التي يترأسها الرئيس ثابو امبيكي، لوقف العدائيات بدارفور والمنطقتين عبر فريقين منفصلين بجانب سير عملية الحوار الوطني.
وقال مساعد الرئيس، إبراهيم محمود في تصريحات صحفية عقب إطلاعه البشير على نتائج التفاوض الأخير، قال إن التركيز كان ينصب على وقف العدائيات لكونه جزء من السلام الشامل .
وأكد أنه جرى الاتفاق خلال الجولات السابقة على 90% من مسودة الآلية الأفريقية، وأضاف" إلا أن الحركة الشعبية لم تكن حريصة على إكمال المسودة وتريد فقط وقف العدائيات بدعوى الشأن الإنساني".
وجدّد محمود التزام الحكومة بالاتفاقية الثلاثية والتي وقع عليها وفد الحكومة والحركة الشعبية في العام 2012م، وتم اعتمادها من مجلس الأمن عبر القرار 2046، مبيناً أن الآلية طلبت نقل الاتفاق حول الشأن الإنساني إلى الاتفاق الجديد، ووافق وفد الحكومة إلا أن الحركة رفضته بدعوى أنه نص على احترام سيادة الدولة السودانية.
وأكد مسؤولية الحكومة عن حماية حدودها وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع دول الجوار خاصة دولة جنوب السودان، محملاً الحركة الشعبية مسؤولية أي معاناة يتعرض لها مواطنو المنطقتين لأنها هي التي أشعلت الحرب، وترفض توصيل المساعدات الإنسانية.

الخرطوم: اتفاقية الدوحة أساس سلام دارفور

جددت الحكومة السودانية التزامها باتفاقية الدوحة كمرجعية أساسية لاستكمال العملية السلمية في دارفور وأكد الدكتور أمين حسن عمر، رئيس الوفد الحكومي "لوقف العدائيات بدارفور"، أن هذه الاتفاقية هي أساس أي جهود لاستكمال عملية السلام في الإقليم باعتبار أنها معتمدة من قبل مجلس الأمن، وأصحاب المصلحة من أهل دارفور. وقال في مؤتمر صحفي عقده بالخرطوم أمس إن "الحركات المسلحة في دارفور لا تريد تحديد مواقع قواتها وتريد وقف إطلاق النار، وهذا لا يستقيم منطقيا".
. مضيفا "إن تلك الحركات تريد جعل اتفاق وقف العدائيات فرصة لإعادة انتشار قواتها، والحكومة تعلم أن بعض هذه الحركات موجود في ليبيا والبعض الآخر في الجنوب ولن نسمح بإعادة انتشارهم من جديد".
وأوضح الدكتور عمر "أن الحركات المسلحة لا ترغب في إيصال المساعدات الإنسانية من داخل السودان بل تريدها من الخارج حتى تستخدمها في تمويل أنشطتها العدائية ضد البلاد". إلى ذلك أعلنت الحكومة السودانية أمس، رفضها القاطع لإدخال المساعدات الإنسانية لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق عبر الحدود مع دولة جنوب السودان.
واعتبرت الطلب الذي تقدمت به الحركة الشعبية "قطاع الشمال"، محاولة منها لتمويل أنشطتها العدائية ضد السودان. وقال مساعد رئيس الجمهورية، ورئيس وفد الحكومة لمفاوضات المنطقتين بأديس أبابا، إبراهيم محمود حامد، في مؤتمر صحفي عقده بالخرطوم، أمس، إن الحركة الشعبية منذ تأسيسها في 1983 لم تكن قضية إيقاف الحرب ضمن أجندتها.
وأضاف "الحركة ظلت تشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، متهماً الحركة الشعبية بالسعي للتوقيع على وقف العدائيات من أجل دخول المساعدات الإنسانية للمنطقتين عبر الحدود مع الجنوب. وأشار حامد، إلى توقيع الحكومة للاتفاقية الثلاثية بشأن العمل الإنساني في عام 2012، وقال إن الحركة لم تلتزم بتنفيذها، وحملها مسؤولية استمرار معاناة المواطنين وتجدد القتال وإشعال الحرب في المنطقتين.
وأوضح أن الحركة تهدف من خلال المطالبة بإيصال المساعدات عبر الجنوب لغرض سياسي وليس إنسانياً، مؤكداً جاهزية الحكومة لتنفيذ الاتفاقية الثلاثية الموقعة مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية بشأن إيصال المساعدات للمتضررين.

عرمان وتأملاته الباريسية!

عشية انفضاض اجتماعات نداء السودان بالعاصمة الفرنسية باريس كان ياسر عرمان بصفة خاصة الاكثر تعاسة على الاطلاق. ملامح وجهه الجامدة بعدما غطى الحدث الارهابي الكبير في باريس على مخرجات الاجتماع كانت تنبئ بشيء يعتمل تعاسة وألماً في صدره. فالاجتماع الذي أريد له أن يهز مجريات الحوار الوطني الجاري في الخرطوم حدثت له هزة إرتدادية معاكسة، فقد نجح الحوار الوطني الجاري في الخرطوم في هز اجتماع باريس.
الجبهة الثورية التي لطالما تباهى بها عرمان وهو يمني نفسه بحركة شعبية أقوى من تلك التي أسسها قائده السابق جون قرنق وسودانه الجديد المنتظر تحطمت على نحو مفاجئ وتفرقت في مفترق طرق تاريخي بالغ الحساسية، للدرجة التي لم يعد بإمكان قادتها التفوه بإسمها قط!
المفاوضات السياسية التي تم تفصيلها خصيصاً على مقاس الحركة الشعبية قطاع الشمال في أديس أبابا وبرع عرمان في عرقلتها والتلاعب بها وإفشالها اصبحت الآن (بعبعاً) مخيفاً له ولرفاقه، بعدما أضحى قطاع الشمال جذراً بل أرخبيلاً من الجذر المتناثرة، وبعدما بات عرمان يخشى من ان ينحصر الامر في (المنطقتين) وحدهما وتصبح أزمته مضاعفة حين يتعين عليه –كقيادي– الاختيار ما بين الانتماء إلى جنوب كردفان أو جنوب النيل الازرق!
ليس ذلك فحسب، فقد كانت الانباء التي ترد إلى عرمان -بصفة روتينية وراتبة- من الخرطوم تشير إلى ان وقائع مؤتمر الحوار الوطني تحقق نجاحات مضطردة وأن حرية التداول وطرح الآراء تجري على قدم وساق، بحيث من الممكن ان يحقق المؤتمر نتائجاً سياسية مؤثرة وهو ورفاقه هناك في المنافي بعيدون عنها!
كل تلك الخواطر المؤلمة كانت تعتمل قوة في ذهن عرمان وهو يقف على بهو الفندق الباريسي الانيق. ولهذا لم يكن من بد من أن حاول عرمان توجيه دفة الامور إلى وجهة أخرى مغايرة. وجهة سياسية تصبح مدار أحاديث الصحافة.
ولأن الرجل يعاني (حالة نفسية) شديدة الوطأة لم يجد سوى محاولة الاستهانة والتقليل من الاتفاقيات الاقتصادية الاستراتيجية التي عقدت مؤخراً بين السودان والمملكة العربية السعودية. لقد بدا واضحاً ان عرمان بدأ بالفعل يخاف وبدأ القلق يأكل قلبه المكدود، فهو يدرك ان مثل هذا التطور الاستراتيجي الكبير بين الخرطوم والرياض يقضي وإلى الابد على مشروع السودان الجديد الذي ظل يحلم به.
ثم إن ذهنية عرمان التآمرية تفتقت عن محاولة اجراء عملية ربط فاشلة وفاضحة ما بين الحادث الارهابي المريع بوسط باريس، وما يجري في السودان، ومن المؤكد ان عرمان أدرك في خاتمة أطياف خواطره الباريسية الموحشة تلك أنه كان قد ترك لعنان لعقله الباطن ليهزأ ويتداعى كيف يشاء!

الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

عودة لقضية مناهضة السدود

والواقع أن معظم أو جميع الرسائل الغاضبة على ما كتبته كانت منطلقاتها قبلية من الذين يتحدثون باسم أهلنا النوبيين، وليست منطلقات المصلحة العامة والحسابات القومية في معادلة السدود .
ماذا قلنا حتى تغضبوا لهذا الحد؟، ناقشنا فقط فكرة مناهضة بناء السدود مبدءاً حيث أنه وبحكم وجود ثلاث حملات ناشطة الآن بخصوص السدود الثلاثة التي حركت أنباء الاتفاقيات السودانية السعودية ملفها (كجبار، والشريك، ودال) يتجلى يقيناً أن هناك حرباً شاملة ضد السدود تقودها مجموعات من المنتسبين لتلك المناطق التي قد تتضرر نسبياً من بناء تلك السدود وتستفيد كلياً بعد إنشائها في نهاية الأمر.
التحليل الأهم لهذه التعليقات أنها تؤكد عدم وجود تعاطف قومي ومؤازرة شعبية من بقية السودانيين مع حملات المناهضة إلا في نطاق المناطق والقرى المتأثرة ببنائها، وماذا قلنا نحن حتى يفتح هؤلاء نيرانهم علينا؟ تحدثنا عن التمسك بحقوقهم وتعويضاتهم العادلة عما يفقدونه من مساحات ضئيلة، بدلاً عن محاربة التنمية.
وقلنا إنه لا تغيير يمكن أن يتم بالإبقاء على الأوضاع القديمة كما هي.. وهذه قاعدة بدهية، إن أي تطوير يعني التغيير والتغيير يشرح معناه بنفسه.. وفي حالة مناهضة السدود فإن ذلك يعني بالتأكيد مناهضة التطوير بشكل عام.. تطوير تلك المناطق وتطوير البلد بأكملها.
لم تحركني لكتابة هذا المقال والطرق على هذا الموضوع مرة أخرى تلك التعليقات الفاقدة للياقة فنحن تعودنا وصارت جلودنا (تخينة) كما يقولون خاصة وأنها تعليقات تشهد لفكرة المقال بصحة التوجه القومي ومفهومه الأوسع من التيبسات القبلية والمناطقية والجهوية. لأن بلادنا أكثر ما تحتاج له اليوم هو ذلك التوجه القومي الذي يقدم المصلحة العامة على ما دونها من مصالح أضيق وأصغر.
من يناهضون قيام السدود منعاً للتهجير من مناطقهم وقراهم لو افترضنا أنهم نجحوا في إيقاف ووأد تلك المشروعات ومحاربتها وتعطيلها من جديد فإن نجاحهم في هذا لا يعني أو يضمن لهم البقاء في تلك القرى الطاردة.. سيهجرونها ويهاجرون عنها يوماً بلا تعويض.. سيهاجرون تحت ضغط الواقع الطارد وليس تحت إمرة القانون أو القرار الحكومي.. سيهجرونها حتماً، بل وبالفعل ظلت مناطق الشمال النيلي أكثر المناطق التي شهدت نزوحاً نحو الوسط ..
وكلنا أبناء نازحين من الشمال.. لا يفكر الكثير منهم حتى في زيارة تلك المناطق.. بعضهم انفصلوا عنها واختاروا حياتهم حيث قسم الله لهم الرزق ويسر عليهم سبيل الحياة في الخرطوم أو غيرها .
ببساطة نقول إن الهجرة قادمة أو ستظل مستمرة في تلك المناطق بلا سدود ولا تهجير لو كان الخيار هو مناهضة السدود ومحاربة التنمية.

الحركة الشعبية قطاع الشمال لا تمثل مواطني المنطقتين

الحرب يدفع ثمنها المواطن البسيط الذي لا يريد سوى الأمر والاستقرار والعيش الكريم في ظل نظام يستطيع أن يشارك فيه في الحكم من خلال الانتخاب الذي يريد ون أي تأثيرات أو أملاءات من بعض النخب السياسية التي تسعي إلى الاستوزار والسلطة مستغلة بساطة المواطن.
فالتشريد والتقتيل وتدمير البنية التحتية ووقف التنمية بسبب الحرب يدفع أهلنا في المنطقتين الثمن غالياً (بينما تنعم النخب بالراحة والسفر من دولة إلى دولة في العواصم الغربية وفنادقها)، من ناحية آخري نجد أن هنالك كثيراً من الشباب عاطلين عن العمل تتراوح أعمار معظمهم بين العشرين والثلاثين عاماً ولم يتلقوا حظاً وافراً من التعليم، فهؤلاء الشباب أصبحوا لقمة سائغة في أفواه من يريدون تحقيق مكاسب سياسية وشخصية وسرعان ما يتم استغلال هؤلاء الشباب وإعدادهم نفسياً ومعنوياً باسم العنصرية والقبلية البغيضة والتهميش ويزج بهم في الحروبات، وهنالك أطفال أيضاً تم استغلالهم في هذه الحرب، وشهد شاهد من أهلها بذلك، ولذلك أصبحت عملية السلام ووقف الاقتتال ضرورة حتمية.
وفي إطار حديثنا عن المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال لابد أن نلقي الضوء على المفاوضات السابقة وأسباب تباعد وجهات النظر التي غالباً ما تعصف بالمفاوضات وتقدير حجم الفجوة بين طرفي المفاوضات.
فيما يتعلق بالاتفاق الإطاري بين مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني د. نافع علي نافع ووالي ولاية النيل الأزرق آنذاك ورئيس الحركة الشعبية في شمال السودان مالك عقار في منتصف العام 2011م ويعتبر مكملاً لاتفاق وقف العدائيات في جنوب كردفان ويفتتح الطريق للتوصل إلى تدابير أمنية شاملة في المنطقتين، إضافة إلى ترتيبات سياسية على مستوى المنطقتين وعلى المستوى القومي.
فنجد أن الاتفاق الإطاري تناول جانب إعادة الدمج ونزع السلاح والتسريح وان جيش جمهورية السودان جيش قومي واحد، يبدو أن هنا كانت خميرة العكننة ولان الحركة الشعبية شمال ترفض نزع السلاح وإعادة الدمج وتريد أن تكون حركة مسلحة أو حزباً مسلحاً على حد قول مالك عقار، فهذا يعني أن هنالك جيشين في دولة واحدة مما يتعارض مع مبدأ قومية ووحدة جيش السودان، هذا فضلاً عن فك الارتباط بين الحركة الشعبية شمال والحركة الشعبية في دولة الجنوب، فكان هذا من أبرز محاور الخلاف.
أما جولة المفاوضات التي بين الحكومة والحركة الشعبية شمال على خلفية قرار مجلس الأمن رقم (2046) وبرعاية الوسيط الأفريقي لإنهاء النزاع في المنطقتين فأكدت الحكومة حرصها على السالم كما أكد عرمان أن إستراتيجية الحركة ترتكز على ثلاثة مسارات رئيسية وهي ((وقف العدائيات وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية والاتفاق على إطار قومي وأجندة وطنية تحقق المواطنة دون تمييز في إطار عملية دستورية بمشاركة كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني)).
ولكن سرعان ما تباعدت المواقف بين الأجندة وطالبت الحركة ابتدرا المفاوضات بالعمل الإنساني بينما طالبت الحكومة بمناقشة الوضع الأمني.
فإذا نظرنا إلى أسباب تباعد الأجندة والمواقف بين الطرفين نستشعر سعة الفجوة بين طرفي المفاوضات، يبدو إن للحركة الشعبية شمال أهدافاً أخرى وهذه الأهداف غالباً تتعلق بطرف ثالث و هذا الطرف الخفي اعتقد وراء ذلك التوتر والوضع الذي تمر به البلاد كما يبدو أن أجندة التفاوض تؤثر على صياغة أهداف المفاوضات فهناك نوع من المفاوضات يكون الهدف منها إرضاء طرف ثالث خفي غير ظاهر.
إما هذه المرة فابتدرت الحكومة حواراً جاداً من ملامحه وقف العدائيات وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية والاتفاق على إطار قومي وأجندة وطنية تحقق المواطنة دون تمييز في إطار عملية دستورية بمشاركة كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وهذا ما كانت تطالب به الحركة الشعبية شمال، فإذن ليس هناك ما يدعوه إلى استمرار الحرب ومقاطعة الحوار وعدم المشاركة فيه إلا إذا كان هنالك شيء في نفس يعقوب وأجندة لا نعلمها تظهر من خلال تكتيكات تفاوضية وقفز فوق المتفق عليه ومحاولة كسب الوقت.
هذه اللمحة أنفة الذكر عن الوضع في المنطقين الهدف منها هو تحديد من الذي يمثل المنطقتين للخروج من هذه الأزمة المفتعلة بعد أن تباعدت وجهات النظر وكادت أن تطفح الأجندة الخفية على السطح، التي توضح أن من يحسبون أنفسهم ممثلين للمنطقتين لا يسعون إلى سلام واستقرار بل يسعون لكسب الوقت واستمرار الحرب.
الحركة الشعبية شمال لا تمثل مواطني المنطقتين وليست وصية عليهم بل تمثل رأياً آخر من بين آراء مختلفة.
فكل مكونات المجتمع في المنطقتين والإدارات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني وبقية القوى السياسية الأخرى كلها مجتمع يمكن أن تمثل مواطني المنطقتين.
من ناحية أخرى على مستوى ممثلي قطاع الشمال نجد أن ياسر عرمان لا يمثل إلا جزءاً من توجه سياسي معين يعيدنا إلى الصراع القديم بين الإسلاميين والعلمانيين، هذا الصراع الذي اتسمت به السياسة السودانية وحولت الشعب السوداني لميدان لتصفية حساباتها السياسية وتمرير أجندتها.
فهذه المرحلة مرحلة جديدة في تاريخ السودان وتتطلب الخروج من عمق الصراع القديم بين اليسار واليمين والاتفاق حول مصلحة الوطن والمواطن.
فيما يتعلق بجبال النوبة فالحركة الشعبية شمال لا تمثل أهلنا في جبال النوبة بالإضافة إلى وجود معظم قيادات ومثقفي وأكاديمي ومواطني جبال النوبة خارج هذه المنظومة (الحركة الشعبية شمال) بالإضافة إلى وجود الحركة الشعبية قطاع السلام التي هي جزء مؤثر وفاعل في عملية الحوار الوطني، هذا فضلاً عن الإدارات الأهلية والقطاعات النشطة (الشباب، المرأة.الطلاب)
ومنظمات المجتمع المدني وبقية القوى السياسية والتي كلها مجتمعة يمكن أن تمثل مواطني جبال النوبة.

الحكومة السودانية: ملتزمون بإيصال المساعدات الإنسانية للمنطقتين

قالت الحكومة السودانية، يوم الثلاثاء، إنها لا تزال ملتزمة بإيصال كافة المساعدات الإنسانية لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وفقاً للاتفاقية الثلاثية، متهمة مفاوضي الحركة الشعبية شمال، بعرقلة خطة إيصال المساعدات.
وأعلن رئيس آلية الوساطة الأفريقية لمفاوضات دارفور والمنطقتين بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، الإثنين، عن تعليق جولتي التفاوض في المسارين بعد طلب المتفاوضين إجراء مشاورات حول القضايا العالقة.
واتهم مفوض العون الإنساني، أحمد محمد آدم، الحركة الشعبية قطاع الشمال، بعرقلة الخطة الشاملة التي تم وضعها لتوصيل المساعدات للمنطقتين.
وقال آدم إن قطاع الشمال طالب بإدخال المساعدات من خارج السودان عبر دولتي أثيوبيا وجنوب السودان، مبيناً أن دولة الجنوب لا تملك مساعدات وأن أثيوبيا ليس لها ميناء، داعياً الأطراف بأن يكون العون الإنساني خارج العمل السياسي.
من جهتها، قالت وزيرة الدولة بوزارة الصحة، سمية إدريس، إن وزارتها تعمل بكل جهد ومهنية عالية لإيصال الخدمات الصحية لكل المواطنين في جميع ولايات السودان.
وذكرت أن وزارة الصحة لم تتمكن من تطعيم الأطفال بالمنطقتين منذ 2012م، وأن هذه المناطق معرّضة لخطر شلل الأطفال، مبينة أن الحركة رفضت كل المبادرات التي قامت بها الحكومة لإيصال الفرق الصحية للمنطقتين.
وأضافت أن وزارتها تستهدف (164) ألف طفل في المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة الشعبية، وشدّدت على أن حق إيصال الخدمات الصحية للسكان حق أصيل لجميع المواطنين، وأن تطعيم الأطفال مسؤولية دينية وأخلاقية.

الداخلية: (900) مروج وتاجر ومتعاطي مخدرات بقبضة الشرطة يومياً

كشفت وزارة الداخلية السودانية، عن تحريك 300 حملة يومياً بهدف منع الجريمة، وقالت إن قوات الشرطة تقوم بضبط 900 من المروجين والمتعاطين وتجار المخدرات بشكل يومي، عبر حملات التفتيش من قبل شرطة أمن المجتمع.
وأشار المتحدث الرسمي باسم الشرطة، الفريق السر أحمد عمر، في منتدى حول "المخدرات تزهق الأعمال والأموال والأرواح" نظمه المركز السوداني للخدمات الصحفية بجامعة النيلين الثلاثاء، إلى متابعة الشرطة لحاوية المخدرات العابرة للقارات التي ضبطت مؤخراً بميناء بورتسودان، منذ تحركها من دول المنشأ.
وأكد المتحدث، بأن جميع المتهمين المتورطين في عملية تهريب وإدخال الحاوية المثيرة للجدل من خارج السودان، مشيراً إلى وجود تنسيق مع الشرطة الدولية "الانتربول"  في كافة الجرائم الدولية.
وشدّد السر، على حرص الشرطة على محاربة الجريمة قبل وقوعها، مؤكداً أن  كافة الجرائم يمكن إسقاط  العقوبة فيها عن المتهمين ماعدا جريمة الاتجار وتعاطي المخدرات كاشفاً عن افتتاح مختبر فحص المخدرات الشهر المقبل.
وأهاب بكافة قطاعات الطلاب والشباب والمجتمع، بتضافر الجهود لأجل مكافحة المخدرات متعهداً برعاية أنشطة الطلاب الاجتماعية والثقافية والاجتماعية.
من جهته، قال عميد كلية القانون السابق بجامعة النيلين، عز الدين الطيب، إن المخدرات تشكل مهدداً خطيراً لحياة 230 مليون شخص بجانب 200 ألف فقدوا أرواحهم، مشيراً إلى زراعة المخدرات في ملايين الهكتارات في عدد من دول العالم.
إلى ذلك، قال مدير معهد الأدلة الجنائية، اللواء عوض أحمد الجمل، إن الشرطة تقوم برفع الوعي بالمهددات الناجمة عن تعاطي المخدرات، مشيراً إلى أن 81 تركيبة كيميائية من مشتقات مادة "الكافينول" تدخل في  صناعة حبوب الهلوسة.
في السياق، قال ممثل وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي، عبد الله حسن أحمد، إن تعاطي المخدرات يعتبر من مؤشرات الإدمان داعياً إلى تضافر الجهود بالتنسيق مع قوات الشرطة لمنع وقوع الجرائم التي تحدث بسبب الإدمان وتعاطي المخدرات.

لا سلام بدون حوار

كل معالجة الأزمات السياسية بين الدول بالحروب والاقتتال أثبتت فشلها مهما كانت قوة إحدى الدولتين المتنازعتين والأمثلة على ذلك كثيرة في العراق وسوريا وليبيا وأيضاً كوريا الشمالية.
فالولايات المتحدة الأمريكية فشلت بجلالة قدرها وقوتها العسكرية الضاربة في أن تحسم معاركها في العراق بل منيت بهزائم وخسائر في الأرواح ما زالت جراح أهل الضحايا تنزف دماً حسرة على الأبناء الذين راحوا ضحية قرار الحرب الذي اتخذه الرئيس (جورج دبيلو بوش) منفرداً دون الانصياع لصوت العقل ومعالجة الأزمة مع (صدام حسين) بالتفاوض والحلول السلمية وكذا ليبيا حينما واجه (القذافي) نيران قوات حلف الأطلسي في حين أن الحلول السلمية كانت متاحة فقد ذهب القذافي لتشتعل الحرب الأهلية بين أهل البلد الواحد.
وقتل (صدام) لتشهد العراق من بعده دماراً وقتالاً داخلياً لا يعرف مدي نهايته إلا الله وكل ذلك لغياب الحكمة في معالجة الخلافات بين الدول بالتفاوض والحوار الذي يفضي إلى سلام وقد نتج عن تلك الصراعات والتدخلات العسكرية الخارجية في تلك الدول دون البحث في إمكانية حل الأزمات بالحوار والتفاوض والضغوط السياسية والاقتصادية وأيضاً نجد أن الحروب الأهلية والحركات المسلحة التي تحارب في داخل دولها بدعم وسند خارجي لا نهاية لها إلا بالتفاوض والحوار وخير شاهد على ذلك التمرد في جنوب السودان الذي اندلعت شرارته الأولي في أغسطس عام 1954م ولم تنطفئ إلا بعد ستين عاماً عبر الحوار والتفاوض في (نيفاشا) عام 2005م وكلما طال أمد تلك الحروب الأهلية أو التدخلات العسكرية الخارجية في شأن الدول الصغيرة تزداد الخسائر وقد تنشأ بسبب ذلك إشكالات جديدة يصعب حلها ومعالجتها كقيام تلك التنظيمات الإرهابية المتطرفة التي أصبحت تستهدف مصالح الدول الكبرى في كثير من العالم وعلى الصعيد المحلي في السودان نجد أن هناك آمالاً كثيرة في إحلال السلام بعد وقف الحروب الأهلية في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق عبر الحوار والتفاوض الذي أصبح منهجاً وحيداً تتبناه كل الدول بعد تجارب العراق وأفغانستان وسوريا وليبيا وتجربة السودان مع التمرد في الجنوب.
فالحركات الدارفورية وقطاع الشمال لا يملكون خيارات مقبولة غير التفاوض خاصة أنهم جزء من كل بعد أن أصبحت الدعوة للحوار الوطني وإصلاح الدولة السودانية حق مشاع لا يستثني أحداً ومهما طالت تلك الحروب الأهلية الطرفية لابد من الحوار والتفاوض وصولاً إلى سلام وكلما طال أمد الحرب ازدادت الخسائر هنا وهناك.
فالحركات وحدها ليست بديلاً لحكم السودان كما أن حزب المؤتمر الوطني صاحب الدعوة للحوار الوطني الشامل يكون قد أعلن بذلك عدم أحقيته بحكم البلاد منفرداً إلا عبر صناديق الاقتراع بعد معالجة كافة أشكال القصور في الدولة السودانية وإيجاد الحلول الجماعية لكافة الإشكالات العالقة والاتفاق مع كل القوى السياسية بما في ذلك الحركات المسلحة في الكيفية التي يمكن أن يحكم بها السودان بعد وقف الحرب وإحلال السلام والتراضي حول الدستور الدائم.

الحوار الوطني.. حراك كثيف حول الدستور والحكم

واصلت لجنتا (الحريات والحقوق الأساسية وقضايا الحكم وإنفاذ مخرجات الحوار) العملة في مشروع الحوار الوطني، بأن ورعت أعمال اللجان الست في الحوار علي مدار الأسبوع، من اجل الوصول إلي حل يفضي لا حلال السلام في كل ربوع البلاد، وفي غضون ذلك تجري الكثير من التطورات الداخلية والخارجية في سبيل دعم مسيرة هذا الحوار، إلي جانب الاتصالات المستمرة مع الممانعين، كما أن الأنظار كانت متجهة إلي العاصمة الأثيوبية أديس أبابا التي جرت فيها جولة التفاوض بين الحكومة والحركات المسلحة في دارفور والمنطقتين، وينتظر أن يعقد رئيساً وفدي الحكومة للتفاوض مؤتمراً صحفياً اليوم بقاعة الصداقة حول تفاصيل الجولة المنفضة.
وكذلك سجل وفد من شباب الأحزاب الأفريقية زيارة للجان مؤتمر الحوار الوطني ووقف علي سير المداولات والتقي بالأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني البروفيسور هاشم علي سالم الذي رحب بالوفد وقدم له رشحاً بمجريات الحوار الوطني.
قانون الحكم المحلي
وشهدت لجنة لحريات والحقوق الأساسية حضوراًَ ممثلاً من إدارة الحكم المحلي للنقاش حول قانون الحكم المحلي وقدم إفادات في ذات الشأن، حيث قال أبو بكر حمد رئيس لجنة الحريات والحقوق الأساسية المكلف، أن هناك تغييراً حدث في اللجنة بقبول اعتذار عمر عبد العاطي الرئيس الأول للجنة لأسباب صحية ومن بعد جاء رئيس القضايا السابق عبيد حاج علي كرئيس جديد للجنة، وعن أبرز ما جاء أمس أوضح حمد لـ"الرأي العام)، أن هناك خمس أوراق قدمت لجنة، ثلاث منها قدمتها أحزاب واثنتان حركات مسلحة وناقشها الأعضاء خلال المداولات بالإضافة إلي أن اللجنة ناقشت موضوع الحكم المحلي وعلاقته بالخدمات، بجانب تفعيل الحريات والحقوق الأساسية علي مستوي الحكم المحلي ليتناول الموضوع الذي يخص الحكم المحلي ومن خلاله الإجابة علي استفسارات  الأعضاء، وأوضح أن اللجنة تقدمت بطلب لإدارة السدود والسجون لإقامة ورشة حول علاقتهم بالحريات والحقوق الأساسية، وقال حمد أن الأوراق تطرفت إلي حديث عن الحواكير ووجود الأجانب بالسودان، جانب حقوق الطفل والمرأة.
ومن ذات اللجنة، قالت مها طارق الطيب ممثل حزب الحركة الشعبية جناح السلام باللجنة، إن الأعضاء استمروا في تقديم الأوراق إلي اللجنة ولا سيما أوراق قدمتها الحركات المسلحة  تناولت الحقوق الأساسية التي تمس المواطنين، بجانب النقاش حول قانون الحكم المحلي والحريات الموجودة فيه، وقالت إن حزبها حث إطراف التفاوض علي الوصول لحل من أجل إيصال المساعدات الإنسانية في مناطق الحرب والنازحين، وأضافت لـ(الرأي العام) أمس، أن هناك حوالي (160) ألف طفل يحتاجون لأمصال الشلل والحصبة، وأشارت ألي أنه لابد من تخفيف معاناة الأطفال، واعتبرت هذا حقاً من حقوقهم في الحياة ولا تخضع لمزايدات سياسية من الطرفين (الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال)، وحول اللجنة، أوضحت إن الأعضاء تحدثوا عن الحواكير وأنه لابد من تكوين لجنة من أعضاء اللجنة يقتصر دورها في الحديث عن الحواكير والمشاكل لتي تصاحبها علي مستوي السوداني وخصوصاً دارفور.
الحرية أساس
وفي ذات الاتجاه، قال عبيد حاج علي رئيس لجنة الحريات والحقوق الأساسية في أول ظهور له بالجلسة أمس، إن اللجنة مهتمة بقضايا الحريات والحقوق وتنفي المخرجات، واعتبر إن الحرية من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في دساتير العالم ولابد من ممارسة هذا الحق، وطالب حاج علي في المنبر الإعلامي بقاعة الصداقة أمس، الشعب السوداني بعدم التنازل في حقه إذا تم انتهاكه، بجانب أن هناك وجوداً للقضاء يلجأ إليه لاسترجاع حقوقه المنتهكة، بالإضافة إلي أنه لابد إن ننتزع الحقوق ولا ننتظر من الحكومة تفعيلها، وأشار إلي أن هناك حديثاً قوياً باللجنة فيما يخص الحريات والحقوق الأساسية، وأكد أن اللجنة مع الشعب السوداني في تنفيذ تك الحقوق بالقانون.
أوراق الحركات
وقال د. إبراهيم دقش مقرر لجنة الحريات والحقوق الأساسية، أن الأحزاب والحركات التي تقدمت بأوراق للجنة أمس (حركة  جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة وحزب العدالة الاجتماعية)، وأبان أن اللجنة ناقشت تلك الأوراق التي تقدمت للجنة، وكشف دقش عن الأحزاب والحركات التي قدمت أوراقاً باللجنة للحديث حول ابرز ما جاء حول أوراقهم، وقال ياسر محمد خير – حركة العدل والمساواة جناح الوحدة الوطنية – إن الورقة تناولت قضايا النازحين وحقوق المرأة والطفل لان الحروب أفرزت الكثير من المشاكل للنازحين والأطفال، وأشار خلال الورقة إلي أنه لابد من عملية التسريح والدمج للحركات المسلحة لوقف الحرب وإقامة الآمن والسلام للوطن، وطالبت الورقة بوجود هيكلة إدارية لمن أراد أن يحكم السودان بتسهيل الأوضاع الإدارية أمامه لأحداث التنمية، وأكد أنه لابد من تنفيذ كل ما جاء بالأوراق التي قدمت لكل اللجان، وختم محمد خير حديثه بأن آدم بحر رئيس الحركة هو الذي أعد هذه الورقة.
ومن خلال اللجنة، تحدثت ثريا إدريس مضوي من حزب التقدم والعدالة، وقدمت ورقة للجنة، وقالت إن الورقة وضعت توصيات أهمها أن المواطنين عليهم أن يحترموا الدستور ومعرفة حقوقهم وواجباتهم تجاه أنفسهم، وناشدت ثريا اللجنة لوضع رقابة علي تنفيذ مخرجات اللجنة.
وأيضاً تحدث محمد الفاضل ممثل حزب الأمة الوطني، العضو بلجنة الحريات والحقوق  الأساسية، عن الورقة، وأوضح أن الورقة تناولت الحديث عي حرية القضاء والحق في التعليم والرعاية الصحية، وفصلت كل محور علي وحدة، وأشار إلي أن الورقة تناولت حق الإنسان السوداني في الوظيفة العامة علي أن يكون حسب الكفاءة وأيضاً حرية التفكير وحرية الصحافة من أجل أثراء الساحة السياسية بالرأي والرأي الآخر، وعلي أن يكون جهاز الأمن محايداً، وأضاف الفاضل بأن  الورقة تطرقت لحقوق الدولة تجاه المواطنين، فيما أوصت الورقة بأن السودان مكان للجميع لا حجر علي احد والحكومات أدوات تنفيذ لا غير.

لجان الحوار تدفع بتوصية للرئاسة لإرجاء إستفتاء دارفور

دعت لجنة السلام والوحدة بالحوار الوطني إرجاء استفتاء دارفور إلى ما بعد مخرجات الحوار الوطني مبينة أنها ناقشت أكثر من (40) ورقة من الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في الحوار، مؤكدة أنها قطعت شوطاً كبيراً للوصول لرؤى موحدة للسلام والأمن بالبلاد.
وقال محمد الأمين خليفة رئيس اللجنةإن لجنة السلام دفعت بتوصية تسلمتها رئاسة الجمهورية لتأجيل استفتاء دارفور، مبيناً أن الوقت لا يسمح بإجراء الاستفتاء، منوهاً أن الإتجاه العام في النقاش هو قضية السلام والوحدة وتحقيق الوفاق الوطني الشامل.
وأوضح خليفة أن تلخيصاً للرؤى والأفكار التي قدمت سيتم إعداده من أجل بلورة توصيات ختامية يدفع بها للأمانة العامة الحوار الوطني، مشيراً إلى أن هنالك رؤى وأفكار تشكلت بشأن قضايا السلام والوحدة، مبيناً أن النقاش كان شفافاً وواضحاً شارك فيه جميع أعضاء اللجنة دون استثناء لأحد، مؤكداً أن باب الحوار والسلام مفتوح للانضمام لجلسات اللجان الست.

بيان قديم بمداد جديد!

مجموعة ما يسمى بـ(نداء باريس) لم تفعل في بيانها الاخير عقب اجتماعها بالعاصمة الفرنسية باريس أكثر من كونها (اخترعت العجلة)! وهو مثل محلي معروف يضرب في حق من يستخدم جهوداً جديدة للوصول إلى نتائج قديمة.
المجموعة الباريسية التي تكفل الحدث الجلل الذي شهدته فرنسا عشية انفضاض اجتماعها بالتعمية على بيانها ووضعه في أبعد نقطة اهتمام وركن قصيّ مظلم، كانت -من الأساس- خاوية الوفاض من أي شيء.
أولاً، كانت تعاني بشدة من ألم ما جرى داخل قيادة ما يسمى بالجبهة الثورية ولذا كان واضحاً ان المجتمعين حاولوا قدر الامكان تحاشي مسمى الجبهة الثورية، وإبداله بمجموعة (نداء السودان)! المفارقة الواضحة هنا أن البيان البالغ الضعف حمل ذات مكابدات الألم والشعور بالفراغ.
ثانياً، حديث البيان عن خيارين بأن يقبل النظام التفاوض وتلبية رغبة القوى المعارضة، أو اللجوء الى انتفاضة شعبية، حديث مثير للسخرية ولا نقصد هنا الاستهزاء، وإنما نعني السخرية السياسية المحضة، لأن كلا الخيارين ظلا متاحين منذ أكثر من 25 عاماً أمام ذات هذه القوى المعارضة التي لا تنسى وفي الوقت نفسه لا تفعل.
إن مكمن السخرية هنا إنما يتركز بصفة اساسية في ان تحدث خصمك بحديث الانتفاضة ضده من اكثر من 25 عاماً!
هل من الممكن ان نتصور ان يظل (التحضير لانتفاضة) مدى زمني قدره 25 عاماً؟ وحتى بعد انقضاء كل هذه المدة المهولة لا تعرف قوى المعارضة على وجه اليقين ما اذا كانت قادرة على الانتفاضة أم لا ؟
ثالثاً، إن كانت هنالك من حسنة أو ميزة سياسية للبيان الباريسي، إنما تتمثل في الحديث عن (المعارضة السلمية)، ربما كانت هذه هي المرة الأولى الذي تبدي فيه القوى المعارضة هذا القدر الاستثنائي من (النعومة) الزائدة! وهو أمر ينبئ عن الكثير ويفضح عن حقائق واقعية مذهلة تعيشها القوى المعارضة بشقيها السياسي والمسلح.
رابعاً، تغافل البيان -عن قصد واضح- عن الاشارة الى مرجعيات الحوار الوطني الجاري حالياً بقاعة الصداقة بالخرطوم وتشارك فيه قوى سياسية ذات وزن معروف؛ تغافل البيان عن هذا الحوار الجاري يمكن القول إنه -بالمقابل- يؤسس لحالة (نفور) سياسي فيما بينها –كقوى معارضة. فالذين إرتضوا الحوار الوطني بعضهم كان وإلى عهد قريب جزء من تركيبة المعارضة عموماً، وهؤلاء -من جانبهم- يعملون في ذات الإطار ولذات الغايات، فحين تبخس بضاعة هؤلاء وتعتبرها بضاعة مزجاة، فإنك دون شك تخسر!
خامساً، شعور القادة الذين اخرجوا البيان ان الحوار الجاري حالياً في الخرطوم قطع شوطاً مقدراً وأن أمهات القضايا قد قتلت بحثاً، وفضلاً عن أنه أصابهم بقدر واضح من الغيرة السياسية والخوف من سحب البساط من تحت أقدامهم دفعهم إلى محاولة استمالة الحكومة، بالتظاهر بأنهم يميلون إلى الحلول السلمية؛ وكان واضحاً ان هذا التظاهر بالسلمية يقف خلفه السيد الصادق المهدي، الأكثر إدراكاً لفداحة موقفه من جهة، وموقف حلفائه المزري من جهة أخرى.

(7+7): لم نتلق دعوة الوساطة للاجتماع التحضيري

أعلنت الآلية التنسيقية العليا للحوار الوطني، المعروفة إعلامياً بـ(7+7)، أعلنت عدم تلقيها أي دعوة من الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى، والتي يترأسها الرئيس ثابو امبيكي، من أجل حضور الاجتماع التحضيري المقرر عقده بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا .
وقال عضو "7+7"، بشارة جمعة في تصريح صحفي، يوم الثلاثاء، إن الآلية لن تشارك في أي منبر سوى الاجتماع التحضيري، في إشارة لرفض المؤتمر الدستوري الذي ظلت تنادي به بعض الأطراف المعارضة.
وأكد استعدادهم للمشاركة في اللقاء التحضيري، الذي يسمح فقط بمناقشة الإجراءات التي تُمكن الحركات المسلحة في الدخول بأجواء الحوار الوطني الذي انطلق في 10 أكتوبر الماضي.
وفي السياق دعا عضو لجنة "7+7"، الأحزاب والحركات المسلحة المشاركة بالحوار، لضرورة معالجة خلافاتها الداخلية بشأن المشاركة في جلسات لجان الحوار داخل الأطر التنظيمية.
وقال إن المرجعية الأساسية للآلية للمشاركة في الحوار، هي المشاركة في اجتماع الجمعية العمومية للحوار ومجلس شؤون الأحزاب، وأضاف "الآلية ليست لها علاقة بالقضايا الخلافية داخل الأحزاب والحركات".
وقد ظهرت أكثر من 16 نقطة خلاف وسط بعض الأحزاب والحركات المشاركة، عقب انطلاق الحوار، وهي خلافات حول ممثليها داخل اللجان  الفرعية.

الشرطة: مليونا أثيوبي مُخالف لشروط الإقامة بالخرطوم

قال مسؤول رفيع بشرطة الخرطوم، إن عدد الأجانب الذين يقيمون بطرق مخالفة للقانون بالولاية، يصل نحو ثلاثة ملايين نسمة، منهم (2) مليون من دولة أثيوبيا، و(200) ألف من إريتريا، فيما يصل عدد الأجانب من جنسيات أخرى المقيمين بطريقة شرعية (52,650).
وقال والي الخرطوم، عبدالرحيم محمد حسين، خلال مخاطبته مؤتمر القضايا المؤثرة على الوضع الأمني والجنائي بالخرطوم، الذي نظمته شرطة الولاية بناءً على توصيات لجنة الأمن يوم الثلاثاء، قال إن قضايا الوجود الأجنبي وتهريب البشر والسكن العشوائي من الملفات التي تُقلق حكومته.
وأشار إلى أن الأجانب الوافدين من دول غرب أفريقيا سحناتهم تشبه ملامح السودانيين، ما يصعب عملية التعرّف عليهم لأجل إجلائهم إلى بلدانهم.
وأضاف "الوجود الأجنبي أفرز مشكلات أمنية وثقافية تشمل تجارة المخدرات وتهريب البشر وصناعة الخمور وتزوير العُملات".
وأكد حسين على أن السودان يعتبر دولة عبور، وليس مسرحاً لتجارة البشر التي شاعت خلال السنوات الأخيرة.
من جهته أشار العقيد شرطة، ماهر عبدالله شلكي، خلال تقديمه لورقة ضبط الوجود الأجنبي وتهريب البشر، أشار إلى أن عدد الأجانب بالخرطوم يقارب الـ(3) ملايين نسمة، مبيناً أن مليونين منهم رعايا لدولة أثيوبيا، بينما نجد (200) ألف من دولة إريتريا، و(150)ألف من دولة نيجيريا، وحوالي (140) ألف صومالي، فيما يصل عدد التشاديين إلى (150) ألف نسمة، والجنسيات الأخرى إلى (150) ألف نسمة.
وأشار إلى أن الوجود الأجنبي الشرعي يتمثل في قوات "اليوناميد" الموجودة باتفاق مع الحكومة، حيث يبلغ عددهم (18,704)، مشيراً إلى أن القوات الأثيوبية يبلغ عددها (4200)، وأكد أن عدد الحاصلين على إقامات سارية المفعول يبلغون (52,650)، يقيمون بصورة شرعية في الخرطوم.
وقال العقيد شلكي، إن رعايا دولة جنوب السودان الذين يقيمون وفقاً لتوجيهات الرئيس البشير بالخرطوم والنيل الأبيض يبلغ عددهم (165,525)، وتوقع بأن يصل عددهم في كل ولايات السودان إلى نصف مليون جنوب سوداني.
وأكد أن الوجود الأجنبي بالخرطوم، أدى إلى تزايد حالات الإصابة بأمراض الكبد الوبائي والسل والأيذر، فضلاً عن انتشار الجريمة وسط مناطقهم، لافتاً إلى تأثيره السلبي على قطاع الاقتصاد من خلال تحويل العُملات بطرق غير مفيدة للاقتصاد السوداني.
وفي السياق أكد مدير شرطة الخرطوم، الفريق شرطة محمد أحمد علي، وجود حوالي 3 ملايين نسمة يقيمون بطريقة غير شرعية بالولاية، وشدّد على أن الملفات المتعلقة بالأوضاع الأمنية والتي يركز عليها المؤتمر، تُعتبر من الموضوعات ذات الحساسية على مستوى التعامل الأمني والجنائي بالعاصمة.
ونادى الفريق،علي، بإيجاد ضوابط وحلول لتلك المشكلات المرتبطة بالأمن والسلامة في الخرطوم، ومضى قائلاً "الخرطوم أضحت ملاذاً لكل شخص من أي دولة بالجوار"، وقال إن تزايد الوجود الأجنبي يسهم في اتساع رقعة السكن العشوائي، الأمر الذي شتت جهود سلطات الخرطوم.
وأوضح  بأن السكن العشوائي أفرز وبصورة واضحة انتشاراً للمخدرات والخمور ومختلف أنواع الجرائم، خاصة الوافدة والمستحدثة والمتعلقة بتزييف العملات، منتقداً تناول وسائل الإعلام خاصة الصحافة لأخبار الجريمة مقابل افتقار التوعية والإرشاد للحد من تزايد الجرائم وسط المجتمع السوداني.
وكان والي الخرطوم، قد قال إن معظم الأجانب يعملون في المطاعم والتي تُسمى بـ"الجنبات"، قاطعاً بأن الوجود الأجنبي بات يشكل هاجساً أمنياً لحكومته، فضلاً عن تأثيره البالغ على سلوكيات المجتمع السوداني خاصة مواطني الولاية.

شباب مجلس الأحزاب السياسية الأفريقية يزور مقر الحوار الوطني

زار وفد جناح الشباب بمجلس الأحزاب السياسية الأفريقية مقر الحوار الوطني السوداني بقاعة الصداقة بالخرطوم، وطاف الوفد باللجان المنعقدة  متفقداً سير المداولات.
وخاطب نائب رئيس جناح الشباب بمجلس الأحزاب السياسية الأفريقية أبراهيم جبو  لجنة قضايا الحكم قائلاً ( لقد أتينا في الوقت المناسب لنري بأنفسنا السودانيين وهم يصنعون تاريخاً جديداً لبلادهم، وأنا علي ثقة تامه بأن السودان سيجتاز هذه المرجلة المفصلية بكل إقتدار، وأناشد كل أعضاء الوفد الذين قدموا معي بأن ينقلوا ما رأوه من طرحٍ جادٍ ونقاشٍ بناءَ الي بلدانهم لعكس صورة إيجابية عن ما يجري في السودان).

الحواتي : لاسقف للحوار السوداني

شدد بروفيسور بركات موسي الحواتي رئيس لجنة قضايا الحكم وتنفيذ مخرجات الحوار علي أن لا حدود للحوار الذي يجري في السودان ، جاء ذلك خلال مداولات خمسة أوراق حول التداول السلمي للسلطة قدمتها أحزاب: السودان الجديد، السودان أنا، الرباط القومي، الحقيقة الفدرالي،  مؤتمر البجا، وحزب العدالة.
حملت الأوراق المقدمة من الأحزاب المشاركة تشابهاً كبيراً في وجهات النظر حول التداول السلمي للسلطة، إتفقت في مجملها علي ضرورة صياغة دستور دائم للسودان ، وأن يكون نظام الحكم اللا مركزي هو النظام المعتمد للحكم وفق ثلاثة مستويات رئاسي، إقليمي، ولائي.


الأوراق وجدت تفاعلاً كبيراً من الجميع وحظيت بقدر وافر من النقاش الجاد والبناء وعلي وجه الخصوص ورقة حزب الرباط القومي التي قدمها رئيس الحزب الأستاذ محمد حقار والذي رفع شعار ( دعو الديمقراطية تنمو) في إشارة الي نبذ ثقافة الإنقلابات.

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

الوساطة الأفريقية ترفع جولة المفاوضات العاشرة

أعلنت الوساطة الأفريقية لمفاوضات دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان العاشرة، عن رفع الجولة بين الحكومة والمتمردين في المسارين، بعد طلب المتفاوضين إجراء مشاورات حول القضايا العالقة، ووجهت الدعوة للأطراف للملتقى التحضيري في السابع من ديسمبر المقبل.
وقال عضو الوفد الحكومي المفاوض د.محمد مختار في تصريحات فجر الثلاثاء، إن الوساطة الأفريقية قررت أن تكون الأطراف في تواصل معها لتحديد تاريخ جديد لاستئناف التفاوض من حيث انتهى الطرفان.
وأوضح أن الوساطة قدمت ورقة توافقية كانت الأطراف أقرب ماتكون على توقيع اتفاق لوقف العدائيات لولا إصرار الطرف الآخر على مرجعية غير التي على أساسها قدمت الدعوة للطرفين للتفاوض.
واتهم حركات دارفور بأنها كانت تصر على بداية جديدة خلافاً للمرجعيات السابقة.
وقال مختار إن إحدى نقاط الخلاف كانت حول مدة ومناطق ومرجعيات وقف العدائيات، وكانت هذه النقاط أقرب للوصول لاتفاق حولها لولا إصرار الطرف الآخر على نسف المرجعيات الأساسية.
من جانبه، قال رئيس الوساطة الأفريقية ثابو أمبيكي في مؤتمر صحفي عقده في ليل الإثنين، بمقر المفاوضات بأديس أبابا، أن المتفاوضين في مساري دارفور والمنطقتين، أحرزوا تقدماً ملموساً في العديد من القضايا محل النقاش.
وأضاف "لقد تمكنوا من تحديد نقاط الخلاف والتوافق، بما ييسر البداية في المرة المقبلة من حيث توقفوا حالياً بذات النقاط المحددة".
وأوضح أن المتفاوضين من الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور، تمكنوا من حصر الخلافات في قضايا محددة، مشيراً إلى أن الجولة الحالية حققت العديد من النواحي الإيجابية.
الملتقى التحضيري
وأعلن الوسيط الأفريقي، اعتزامهم عقد الملتقى التحضيري للحوار في أديس أبابا ودعوة الأطراف السودانية ولجنة 7+7 للمشاركة فيه بحلول السابع من ديسمبر المقبل.
وقال "في هذه الأثناء سيكون هناك تواصل مع كل الأطراف ليتم بعدها تحديد موعد جديد لبداية مفاوضات المسارين".
وفي السياق، أشار عضو الوفد الحكومي المفاوض د. حسين حمدى إلى أن الآلية الأفريقية رفيعة المستوى استطاعت تسهيل كثيراً من نقاط الخلاف، لكن الاختلاف فى بعض النقاط الجوهرية حال دون وصول الطرفين لاتفاق.
وأوضح حمدي أن النقاط الجوهرية تمثلت فى المساعدات الإنسانية وطرق إيصالها، مشيراً إلى أن الحكومة ترى أنه لا بد من احترام سيادة الدولة وأن تكون العمليات الإغاثية من داخل السودان لكل المناطق.
وأكد حمدي استعداد الحكومة للتعاون التام في إطار المساعدات الإنسانية للمتضررين.
ولفت إلى أن الحركة الشعبية قطاع الشمال كانت تصر على أن تأتِ الإغاثة عبر دول الجوار وأن تكون هذه الممرات من داخل دول الجوار دون قيد أو شرط بدون اعتبار للنهج القانوني الذي يحترم سيادة الدولة على أراضيها.
وقال إن النقطة الثانية الجوهرية كانت تتعلق بالاتفاق حول مفهوم وقف العدائيات والتوقيت والمدد الزمنية والإشراف على تمثيل وقف إطلاق النار ومراقبته والإشراف عليه.
وأفاد أن النقطة الثالثة تمثلت في موضوع الحوار الوطنى، قائلاً إن الحكومة ترى أن يكون هنالك وقف للعدائيات يعقبه وقف لإطلاق النار تترتب عليه إجراءات سياسية بما يؤدي لحوار جامع، بينما كانت الحركة تصر على ما أسمته مؤتمراً دستورياً.

لعبة التفاوض

> البيان الصحافي الصادر عن وفد الحكومة لجولة المفاوضات العاشرة حول المنطقتين بجنوب كردفان والنيل الأزرق، وضع النقاط فوق الحروف حول ما يجري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وأبان.. لماذا ذهبت الحكومة إلى هناك؟ وكيف تفاوض؟ ولماذا؟وما هي مواقفها من النقاط المختلف حولها مع الطرف الآخر؟.. ولا تحتاج الحكومة لأكثر من هذه التوضيحات في الرد على أباطيل كذب الحركة الشعبية قطاع الشمال ومماطلتها وعدم جديتها في التوصل إلى سلام يوقف الحرب ويعيد الاستقرار إلى هاتين المنطقتين.
> والحكومة في سبيل صناعة السلام وتثبيته كهدف استراتيجي، والتزاماً بالتعهدات السابقة وتوافقاً مع القرارات الدولية والإقليمية لإنهاء حالة الصراع والتنازع في السودان، رضيت بالطريقة العقيمة للآلية الإفريقية رفيعة المستوى التي يقودها الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثامبو أمبيكي، وهي طريقة توسط بآلية غير مجدية تستخدم أساليب لا تنتج شيئاً ولا يمكنها أن تحقق حلاً بسهولة وسرعة في قضية معقدة كالتي بين يديها.
> ومنذ أول جولة، لم تتقدم المفاوضات قيد أنملة، والسبب أن أجندة التفاوض غير متفق حولها. فالنقاط الرئيسة التي تنتظر توافق الطرفين عليها للبدء العملي في الترتيبات المتعلقة بالاتفاق النهائي، تتباعد حولها المواقف بصورة حادة للغاية، حتى صارت الأجندة والنقاط هذه هي الأصل وليس النزاع نفسه وأسبابه وكيفية حسمه وما يترتب على الاتفاق إن تم التوصل إليه وتوقيعه.
> وسبب كل هذا، هو الحركة الشعبية قطاع الشمال التي لا ترغب في السلام ولا تريد الاتفاق، فرئيس وفد الحركة للمفاوضات ياسر عرمان يتلاعب على حبال الوقت وتطويل ومط الزمن، لأنه لا يريد أية اتفاقية في الوقت الراهن، فهو ليس من أبناء المنطقتين ولا يحس برغبة مواطنيها أصحاب المصلحة الحقيقية في الاستقرار وإبعاد أنفسهم عن دائرة الحرب والمواجهة الدماء، ولأنه ليس من أبناء جبال النوبة ولا النيل الأزرق، فلن يشعر ولا يُلقي بالاً لدموع اليتامى والأرامل والثكالى، ولا لأشلاء الضحايا، ولا يأبه للحريق ورماد القرى وبؤسها وما صنعته هذه الحرب المجنونة التي شردت السكان من قراهم ومناطقهم ومنعت الزراع من ممارسة مهنتهم وجعلت الكثير منهم ينتظر الإغاثات وما تنقله منظمات العون الإنساني لهم.
> فالحركة الشعبية قطاع الشمال، لا تمثل اليوم مقاتليها من أبناء المنطقتين، فهؤلاء لا حول لهم ولا قوة، بل تمثل شهوات ورغبات المجموعة السياسية المستفيدة من الصراع ومن العلاقات مع الدوائر الغربية التي توفر التمويل والدعم، وقد استطاع (كارتل) الحروب ومجموعات الناشطين في الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا، نسج خيوطهم بدقة حول هذه المجموعة السياسية الصغيرة من قيادات قطاع الشمال، وفي مقدمتها رئيس وفد الحركة المفاوض، لخدمة مصالحها وهي استمرار الحرب والنزاع المسلح في السودان، خدمة لمصالح استراتيجية غربية وصهيونية معلومة لا تحتاج إلى تفسير. فهؤلاء جميعاً سدنة لدوائر غربية مشبوهة، هم بيادق رقعة الشطرنج يقومون بمهام محددة لإطالة أمد الحروب وإضعاف السودان وإنهاكه بالصراعات الدامية، فلا أمل في التوصل معهم لاتفاق في ظل الظروف الراهنة والمعطيات البائنة التي تكشف ما يقومون به ويسعون إليه..
> لكن الحكومة لن تغيب مهما كان عن طاولة المفاوضات، فعليها إذن.. السعي مع جهات دولية وإقليمية عديدة لجعل المفاوضات وسيلة فعالة وجادة للوصول إلى سلام في بلدنا، وأولها تنبيه الآلية الإفريقية إلى أن أسلوبها في إدارة العملية التفاوضية لا يقود إلى المبتغى والمرتقب لكل سوداني، وفيه مضيعة للوقت والجهد، وتفوح منه رائحة مؤامرة كريهة على بلدنا ظهرت في تساهل الوساطة وضعفها وهزالها وقلة حيلتها في التعامل بحسم وقوة مع قضايا التفاوض. وينبغي على الحكومة وهي في موقف سليم وقوي خلال هذه الجولة التعامل بحزم أكبر مع مسألة التفاوض ووضع الأمور في نصابها، خاصة أن قضية مرور الإغاثة الإنسانية ووقف العدائيات ومناقشة القضايا الوطنية، قد حُسم بعضها من قبل بالتوصل إلى تفاهمات حولها بعضها موقع كالاتفاق الثلاثي لمرور الإغاثة.
> حان الوقت أن توضع كل الأمور في نصابها، وليس هناك الكثير من الوقت ليُضاع في ما لا طائل منه، نحن الآن في مرحلة تحتاج إلى وضع حد لكل ذلك التسويف والمماطلة واللعب على الذقون، الذي تمارسه الحركة وتوابعها من حركات دارفور.

السودان يؤكد حرصه على التعاون مع تركيا

أكد النائب الأول للرئيس السوداني، بكري حسن صالح، حرص حكومة بلاده على تعزيز ودفع العلاقات مع تركيا خاصة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وامتدح العلاقات الثنائية بين الخرطوم وأنقرة في المجالات كافة.
والتقى صالح يوم الإثنين في مكتبه بالقصر الرئاسي بالخرطوم، رئيس المجلس القومي للتعليم العالي بتركيا، محمد علي يكتا سراج، الذي يزور السودان هذه الأيام على رأس وفد تركي رفيع المستوى.
وقال سراج في تصريحات صحفية، إن زيارتهم للسودان هدفت إلى تقوية العلاقات بين البلدين وتعزيزها في مجال التعليم العالي، لافتاً إلى أنه تم التوقيع على مذكرة للتعاون بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والمجلس القومي للتعليم العالي في تركيا .
وأوضح أن المذكرة شملت التعاون المشترك في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي، وأضاف قائلاً " توقيع مذكرة التفاهم بين الجانبين يعد بداية قوية للتعاون بين البلدين في قطاع التعليم".