الأحد، 22 فبراير 2015

الانتخابات العامة في السودان وآراء السودانيين فيها!

تبدأ أواخر هذا الاسبوع الحملة الانتخابية التى تمهد لعمليات الاقتراع المقرر لها ان تبدأ -وفق مفوضية الانتخابات العامة في السودان- في 13 ابريل 2015م وتستمر حتى الخامس عشر منه على ان يبدأ فرز وعدّ الاصوات في 16 ابريل لتعلن النتيجة تباعاً بعد ذلك.
الدكتور مختار الاصم، رئيس المفوضية قال للصحفيين الاسبوع الماضي ان المفوضية فرغت من اعداد حوالي (ألف و133 مركزاً) للاقتراع على مستوى الجمهورية بجانب (11 ألف لجنة) للقيام بمهام العملية ومراقبتها. وبلا شك ان العملية الانتخابية في السودان بهذا الصدد قد بدأت بالفعل في الدخول الى مراحلها النهائية والهامة، وهو امر من المتوقع ان يثير حماس الناخبين السودانيين الذين يتوقون الى المشاركة في هذه العملية الديمقراطية بما يحقق لبلادهم ولأوضاعهم حياة معيشية أفضل، إذ ليس صحيحاً على الاطلاق ان هناك (برود سياسي) من قبل المواطنين حيال هذه العملية، فقد قامت (سودان سفاري) بجولة ميدانية لهذه المراكز  المتوقع الاعلان عنها تفصيلاً للكافة عبر وسائل الاعلام، واستطلعت عدداً مقدراً من المواطنين القريبين من هذه المراكز وكانت خلاصة الجولة ان حوالي (65%) تقريباً من المستطلَعين من مختلف الاعمار والمستويات الاجتماعية أكدوا أنهم وعلى الرغم من ملاحظاتهم وتحفظاتهم على مجمل العملية الانتخابية كونها في الواقع لم تأت شاملة لكافة فئات المجتمع السياسي وتنظيماته إلا أنهم يرون ان هذه في الواقع هي (الوسيلة الوحيدة) لعملية التداول السلمي للسلطة التى تكفل استقرار البلاد.
ويضيف البعض انهم اذا ما خُيِّروا ما بين الفوضى وتعويم الاوضاع وما بين حرصهم على المشاركة في العملية الانتخابية فإنهم بلا شك ودون ادنى تردد يفضلوا ممارسة حقهم الديمقراطي في اختيار من يحكمهم. هناك 15% على وجه التقريب قالوا انهم كانوا يفضلون اجراء تسوية سياسية شاملة وتأجيل الانتخابات لأشهر قليلة حتى تحتدم المنافسة وحتى يشارك فيها عدد من القوى السياسية لكي تنتهي عملية الاحتراب والقتال الجاري على الأطراف، أما بقية الـ20% فقد قالوا إنهم لم يقرروا حتى الآن ما اذا كان يتعين عليهم المشاركة أم الاحجام على اعتبار ان هناك حوار جاري بين عدد من القوى السياسية ولا يعرف ما هي طبيعة النتائج التى من الممكن ان يخرج بها هذا الحوار، ولهذا فإنهم في انتظار نتائج عملية الحوار ليقرروا بعدها موقفهم النهائي.
وعلى كل حال فإن الذي يجري حالياً في الملعب السياسي يمكن اعتباره في حد ذاته ممارسة ديمقراطية معقولة اذ أن البعض يود ممارسة حقه الديمقراطي في الاختيار وبعض آخر -وهذا حقه- يحجم عن هذه الممارسة والبعض الآخر وفي ظل وجود فسحة من الوقت وحوار جاري يود الانتظار لحين رؤية ما سوف يسفر عنه الحوار وما إذا كانت هناك (مفاجآت) في الطريق ومن ثم -كعادة السودانيين الذين عادة ما يحسمون امورهم في اللحظات الأخيرة- يحسمون موقفهم.
ومن المؤكد ان هذا الموقف ايضاَ يصب في صالح الممارسة الديمقراطية في مجملها في بلد كالسودان ظل مثخناً بالجراح وتشتعل النيران على اطرافه، وهذا ما يحدونا في الواقع للاعتقاد ان السودانيين بكافة مستوياتهم ورؤاهم السياسية قادرون على معالجة مشاكلهم في أي لحظة إذ ان الذي يجمع بين كل هؤلاء -كما رأينا- حرصهم الشديد على الاستقرار وعدم انزلاق البلاد في أتون نزاع اهلي داخلي واسع لنطاق تغيب معه هيبة الدولة وتختفي السلطة الرسمية كما حدث في بلدان افريقية مجاورة وما يزال  يحدث حتى الآن.
هذا الشعور المتمسك بالعقل والاتزان يمكن اعتباره بمثابة دافع داعم للعمود الفقري السياسي في السودان، كما يمكن ان نفهم من خلال عناصر هذا الواقع ان القوى السياسية التي قررت مقاطعة العملية الانتخابية -على اختلاف مبرراتها- انما اتخذت هذا الموقف سعياً منها للبحث عن افضل مناخ مواتي لها هي لخوض عملية ديمقراطية لا ترغب في خسرانها! فالمشكلة التى ما تزال تمسك بخناق العديد من القوى السياسية السودانية قديمها وجديدها انها لا تخطط للمستقبل بقدر ما تعمل على كسب الحاضر فقط وأنها تعتقد ان عليها ان تنجح في أي انتخابات عامة نجاحاً مذهلاً وإلا فلا تخوض العملية، وهذا بالطبع امر مستحيل، فالعملية الانتخابية هي عملية طويلة متتالية، مقياس النجاح فيها بالتخطيط والاستعداد الجدي والبرامج الواقعية الممكنة التحقق. الامر ليس فقط هو اكتساح الصناديق لإقصاء الخصوم، فالمعارضة السياسية العاقلة هي جزء اصيل من معادلة الحكم المطلوبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق