الأحد، 15 فبراير 2015

غندور في وشنطن ... أمريكا تراجع سياساتها تجاه السودان

لعل من ثابت القول أن اللقاءات المكثفة لتي يجريها مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني البروفيسور إبراهيم غندور بواشنطن هذه الأيام حول حزمة من القضايا والمشكلات العالقة وتبحث عدداً من الملفات علي رأسها دعم السلام في السودان، والديون والعلاقات الثنائية، لا تنطوي علي أي تنازلات.فزيارة البروفيسور غندور إلي الولايات المتحدة تمثل أول زيارة رسمية ومعلنة لمسؤول سوداني رفيع المستوي بدعوة من الإدارة الأمريكية بغرض أجراء حوار مع مسؤولين كبار هناك.
ومما يؤكد ذلك تصريحات المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماري هارف التي أكدت إن زيارة غندور تأتي لاستكمال المباحثات التي ابتدرها وزير الخارجية علي كرتي في سياق مناقشة عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين واشنطن والخرطوم، وقالت إن اللقاءات ستشهد حواراً صريحاً لمناقشة تلك القضايا.إذا فالزيارة وتوقيتها تحمل مؤشراً لمراجعة الإدارة الأمريكية لسياساتها تجاه السودان بتعزيز مبدأ الحوار وطرح المشكلات العالقة، فالحوار مع الإدارة الأمريكية كما تقول الشواهد لا ينطوي علي أي تنازلات عن الثوابت أو تأجيل للانتخابات ولكنه حوار يؤمن المصالح المشتركة.فالإدارة الأمريكية تعي دور السودان في قضايا الإقليم وأهميته في معالجة المنطقة التي وصفها بالملتهبة و السودان قدم النموذج بطرح الحوار لداخلي غير المشروط والالتزام بمخرجاته لمعالجة المشكلات الداخلية للدول و هذا الطرح جدير بأن ينظر إليه ويناقش.ومما لاشك فيه أن غندور ذهب للولايات المتحدة الأمريكية بقلب وعقل مفتوحين ليلتقي بالأجهزة هناك ويطرح وجهة نظر السودان ويستمع لوجهة النظر الأمريكية وهو لقاء يأتي في ضمن سلسلة الحوار بين الطرفين حتي يتم التوصل لمعالجات للقضايا دون أي تنازل عن الثوابت المعروفة.
وظلت علاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع السودان رهناً لطرف ثالث باستمرار يكون أحياناً المعارضة السودانية خاصة اليسار الجديد الذي يتعامل مع الرأسمالية الغربية بلا حدود ويتقدمه يساريو قطاع الشمال وخلاياهم داخل الأحزاب، وتارة أخرى يكون جماعات الضغط الصهيوني في الولايات المتحدة، لكن الجديد الذي يجب أخذه في الاعتبار أن العلاقة ستمضي فيما بعد بناء على معطيات مباشرة لا يكون للطرف الثالث فيها يد، وهي أن الخطة البديلة للأمريكان هي التعامل مع الإسلاميين إذا استطاعوا الفوز في الانتخابات بعد النجاح في تنظيمها وقيادة الحوار نحو ضرب من الوفاق الوطني، لأنها ترمي إلى التعاون مع الإسلاميين ومن ثم تفكيكهم من الداخل، إذن يمكن القول إن محاولات عرمان وغيره من تيارات المعارضة في التشويش على زيارة غندور إلى واشنطن غر مجدية لأنها تحاك هذه المرة بعيداً عن أي طرف ثالث.
و يثير تطورات في ملف العلاقات الثنائية بين الخرطوم وواشنطن قلق بعض الدوائر السودانية المعارضة لدرجة أن ياسر عرمان الأمين العام لقطاع الشمال تحول إلى ناشط ومدون يخطب ويناشد حشود المدونين للمصادقة على حملة لمنع غندور من الزيارة والتي مضت على النحو المعلوم.لكن الإدارة الأمريكية لم تأبه كثيراً بهياج نشطاء المعارضة حدث هذا مع زيارة الوزير كرتي وفي هذا إشارة إلى أن هناك مصلحة لـ(واشنطن ترغب في انجازها، وبالتالي فإنها غير مقيدة بقبول عطاءات أولئك الناشطين فتجاهلت صخبهم ولم تلتف إليهم حتى بمجرد توضيحات. عموما فإن النجاح أو الفشل لن يقاس سريعاً في هذا النشاط بين السودان وأمريكا، لكن ما يرشح بعد ذلك سيحدد التوجهات الجديدة ولو على مراحل وقفزات، والى أن يتضح ذاك فمن المؤكد أن جزءاً من تفسير ما يجري سيعتمد على قدرة الحكومة السودانية على التعامل مع التصورات الأمريكية والتي لن تكون قطعاً كلها شراً ولن تكون أيضاً كلها خيراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق