الخميس، 30 يوليو 2015

السودان خارج القائمة الأمريكية السوداء لـ"المتاجرين بالبشر"

أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية تقريرها السنوي بعام 2015، ولم يتم إدراج السودان في التقرير ضمن القائمة السوداء في مجال الاتجار بالبشر، وضم التقرير قائمة دول غالبيتها تعيش حروباً أهلية مثل سوريا واليمن وأفريقيا الوسطي ودوله الجنوب وليبيا، أو دول البيضاء وكوريا الشمالية، وشدد التقرير علي عدم الخلط بين الاتجار وتهريب البشر.
وتنبع أهمية التقرير الأمريكي، حسب منظمة العفو الدولية، من الموقع الذي تحتله أحدي الدول فيه، يمكن أن يحدد طبيعة وحجم معاملاتها الاقتصادية والتجارية مع الولايات المتحدة، حيث يمكن أن يؤدي خفض التصنيف بعض الشركات متعددة الجنسيات لإعادة النظر في الاستثمار في صناعات توجه لها اتهامات باستخدام عمالة تجلب من خلال الاتجار في البشر.

لجنة برلمانية تتبني زيادة مرتبات منسوبي القوات المسلحة

تعهدت لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان بالعمل علي تحسين مخصصات منسوبي القوات المسلحة من خلال تشريعات اجعل القوات المسلحة حقلاً جاذباً للتجنيد، وأكدت استلام القوات المسلحة لزمام المبادرة في كل مسارح العمليات ولفتت للدور الكبير الذي يلعبه الجيش في بسط هيبة الدولة في مناطق النزاع القبلي، ونفت أن تكون الدولة ترعي مليشيات وتمولها أكثر من الجيش كما قال أحد أعضاء البرلمان في وقت سابق.
وأن لجنة الأمن والدفاع نفذت أمس زيارة للقيادة العامة للقوات المسلحة، وقفت من خلالها علي انتشار القوات وامتلاكها لزمام المبادرة وانتشارها في مناطق البلاد المختلفة، فضلاً عن وقوفها علي تجربة القوات المشتركة بين السودان وتشاد والسودان وأثيوبيا والسودان وأفريقيا الوسطي والنقاط المشتركة بين القوات المسلحة السودانية ورصيفتها المصرية علي الحدود.
وقال نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع التوم الفاضل في تصريحات صحفية عقب الزيارة، إنهم وعدوا القيادة بالوقوف علي كل إشكالات القوات المسلحة والمساهمة في حلها عبر إحكام التشريع وزيادة مرتبات الجنود، لافتاً إلي أن مرتبات الجنود أًبحت أحسن حالاً من الماضي لكنها لا تكفي حاجتهم باعتبار أن منسوبي القوات المسلحة يضحون بأرواحهم من أجل سلامة البلاد.
لافتاً إلي أن تحسين الوضع المادي للجندي سيكون محفزاً للدخول إلي العسكرية، مشيراً إلي أن ضعف المرتبات في وجود بدائل أخري مثل التعدين الأهلي دفع الشباب للعزوف عن الجندية خلال الموازنة المقبلة.
وقال الفضل إن الاجتماع ناقش انتشار القوات المسلحة في كل الاتجاهات، لافتاً إلي أن الاجتماع ناقش سيطرة الأوضاع علي جبل عامر، معتبراً أن المعلومات التي تم تداولها لم تكن صحيحة بالكامل.

المهدي تحت وصاية فشله!

على الرغم من كل المواقف التي أتخذها وما يزال يتخذها زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي من منفاه الاختياري خارج السودان ضد بلاده والتي توّجها مؤخراً بموقفه (المؤسف) من محكمة الجنايات الدولية ومطالبته المدهشة بوضع السودان تحت الوصاية الدولية، على الرغم من كل هذه المواقف التي أقل ما توصف به أنها (غير وطنية بالمرة) إلاّ أن مساعد الرئيس السوداني، نائب رئيس المؤتمر الوطني، المهندس إبراهيم محمود قال إن الحكومة السودانية ترحب بعودة المهدي إلى وطنه!
وبالطبع نحن هنا لسنا بصدد أن نستكثر على المهدي العودة إلى بلاده أو التجاوز عن سقطاته هذه، فالطبيعة الإنسانية المعروفة عن السودانيين في العفو والتسامح والتسامي على الجراح، هي الغالبة، وهي السمة التي ما من أحد قادر على نزعها من نفوسهم مهما كانت الخصومات، ومهما كانت درجات الثأرات والإحن!
غير أن المهدي ربما كان لا يدرك كم هو حجم الخسائر الفادحة وهي فادحة بحق التي ألحقها بحزبه وبتاريخه الشخصي جراء ممارسته للعمل السياسي خارج سياج حدود بلاده دون أي داعٍ لذلك! المهدي في الأشهر القليلة الماضية التي قضاها في عواصم خارجية زاعماً أنها بمثابة (مهمة سياسية حزبية) كلفه بها حزبه، خسر ما لم يخسره في تاريخه السياسي الطويل، على الرغم من أن التاريخ السياسي للمهدي نفسه ليس بهذا القدر من الايجابية.
ولا شك أن هذه الخسائر السياسية عصية على التعويض حتى ولو منح المهدي مقدار عمره الزمني الحالي بعد الآن. من جانب أول فإن المهدي بدا لحوارييه ومريديه في حزبه وكأنه رجل لا يحتمل المشاق ويفضل الجلوس في الظل البارد. وهذه في الواقع أسوأ وأخطر صفة يمكن أن تلحق بقائد سياسي. فقد اختار المهدي البقاء في الخارج لتجنيب شخصه ويلات المواجهات السياسية مع السلطة.
كان الأمر الطبيعي إذا كان الرجل متسق مع مبادئه وصفات القيادة أن يبقى داخل بلاده منافحاً عن هذه المبادئ. وحتى ولو تحجج الرجل بأن حزبه هو الذي أجبره وفرض عليه، الهروب، فإن هذه المحاججة لا تصمد أمام أمرين منطقييّن جداً، أولهما:
أنّ الرجل كان بوسعه وبصفته زعيماً للحزب أن يرفض هذه (المهمة السياسية السالبة) ويصرّ على البقاء بالداخل ولسنا هنا في حاجة لإيراد مئات الأمثلة التي رفض فيها المهدي مئات القرارات الحزبية في قضايا وشئون أقل أهمية ويكفي فقط أن الحزب الآن يعيش حالة تمزق بفعل رفض المهدي المستغرب للممارسة الديمقراطية الحقيقية داخل أجهزة الحزب.
وثانيهما: أن المهدي نفسه وباعتباره زعيم الحزب ليس في موضع الزعيم الذي يتلقى الأوامر وتكليفات من قيادات الحزب. المهدي هو الحزب وهو القيادة وليس أدل على ذلك من أن الرجل ترك الحزب مجمداً ومتجمداً لا يسمع له صوت لأن زعيمه بالخارج!
ومن جانب ثانٍ، فإن المهدي وهو في هذه السن ويرقد على كل تلك التجربة الطويلة ويدعي وصلاً بالديمقراطية، لم يجد من بين قادة حزبه من يقوم بهذه (المهمة السياسية الخارجية) المزعومة سوى شخصه الكريم. الدلالة هنا واضحة على أن الرجل هو الحزب والحزب هو الرجل وهذه خسارة سياسية فادحة أدركها حتى البسطاء غير المتعلمين ممن تبقوا في حزبه!
ومن جانب ثالث، فإن الرجل (أخجل) الجميع من سدنة الممارسة الديمقراطية في أوربا وغيرها من الدول الغربية، فالرجل ناهز الثمانين من العمر وما يزال يتزعم حزبه! كما أنه ومع كل ذلك لم يستطع أن يعيد تحديث وإصلاح حزبه، بل إن الرجل فاجأهم بأنه جاء إلى الخارج ليمارس ما عجز عن أن يمارسه بالدخل!
وعلى ذلك فإن السيد الصادق المهدي بهذه الخسائر الفادحة يمكن اعتباره صاحب الرقم القياسي غير المسبوق في السودان في إعادة إنتاج الفشل وتسويقه وإعادة استخدام عائد هذا الفشل في إعادة أنتاج فشل جديد، وهكذا في سلسلة حلزونية لا تنتهي.

الشعبي: وحدة الأحزاب السودانية مدخل للاستقرار

دعا حزب "المؤتمر الشعبي" المعارض في السودان، الأحزاب السياسية إلى العمل على توحيد صفوفها ضمن كيانات كبرى تعيد للحياة السياسية ألقها وتكون مدخلاً لحكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تعترض السودان.

وأكد عضو المكتب التنفيذي في حزب "المؤتمر الشعبي" إبراهيم السنوسي في تصريحات، أن استمرار الحوار بمشاركة 83 حزباً منقسمة على نفسها لا يساعد كثيراً على إنجاح الحوار وحل مشاكل السودان، واضاف "نحن نعتقد أن السودان لا يمكن أن يحكم بـ83 حزباً، ولذلك دعونا إلى وحدة هذه الأحزاب، أي أن يتوحد حزب الأمة وكذلك الحزب الاتحادي والإسلاميون واليساريون، فيشكلون كتلاً سياسية كبرى تكون نواة لحياة سياسية أكثر فاعلية وقدرة على معالجة القضايا التي تواجه السودان".
وأشار السنوسي إلى أن "المؤتمر الشعبي" يطرح الآن فكرة توحيد الوطنيين السودانيين في جبهة سياسية كبرى لحل مشاكل السودان، لأنه لا يمكن –برأيه- لحزب واحد أن يحكم السودان ويحل مشاكله المعقدة والمتداخلة.
وأكد السنوسي أن الدعوة إلى الوحدة الوطنية لا تعني قناعة بفشل الآيديولوجيا، وقال "الدعوة إلى الوحدة هي بنظرنا، نحن أصحاب المشروع الإسلامي، هدف رباني نسعى إليه، وهي أيضاً مصلحة سياسية تحقق مصالح السودان.

السودان يستدعي دبلوماسياً أوروبياً بسبب معلومات مغلوطة

استدعت وزارة الخارجية السودانية دبلوماسياً أوروبياً احتجاجاً على ما عدَّتهُ معلومات مغلوطة، وردت في بيان صدر عن الاتحاد، تحدث عن زيادة في أعداد النازحين في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان إضافة إلى إقليم دارفور.

وكان الاتحاد الأوروبي أعلن - في وقت سابق - أنه زاد مساعداته الإنسانية بمبلغ أربعة ملايين دولار نسبة لزيادة الحاجة في مناطق النزعات بالسودان بسبب زيادة أعداد النازحين والمتأثرين من الحرب.
ونقل مدير إدارة السلام والشؤون الإنسانية بالخارجية السودانية السفير علي الصادق للقائم بأعمال مكتب الاتحاد الأوروبي في العاصمة الخرطوم، احتجاج السودان على البيان، وما تضمنه من معلومات مغلوطة عن زيادة أعداد اللاجئين والنازحين، وعن الوضع الإنساني عامة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
وأعلن الصادق رفض الوزارة القاطع للمعلومات التي وصفها بالمضللة والمغلوطة التي تضمنها الإعلان.

وأكد الدبلوماسي السوداني هدوء الأوضاع الإنسانية والأمنية في دارفور والمنطقتين، إضافة إلى استقرار الوضع الإنساني الآن على مدى عدة شهور، وأشار إلى الجهود التي تبذلها الحكومة السودانية مع برنامج الغذاء العالمي ومع حكومة جنوب السودان من أجل استقبال وإيواء اللاجئين ورعايتهم، خاصة وأن برنامج الغذاء العالمي وظَّف الحصة المخصصة للسودان للمحتاجين بجنوب السودان.
وعن الأوضاع في المنطقتين، أكّد السفير الصادق لممثل الاتحاد موقف السودان الواضح من المبادرة الثلاثية القائمة بين الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي لإيصال المساعدات الإنسانية إلى هناك، مشيراً إلى رفض متمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال للمبادرة.
وعاتب السفير الصادق الدبلوماسي الأوروبي على عدم إيراد ذلك في الإعلان، وعدَّد بالإحصاءات والأرقام تأشيرات الدخول والأذونات التي أصدرتها الوزارة لمنسوبي منظمات الأمم المتحدة الإنسانية والتنموية خلال النصف الأوّل من العام الجاري، والتي ناهزت أكثر من 500 طلب تمت الاستجابة لها بنسبة 95%، وشدّد على ضرورة البُعد عن نشر المعلومات المغلوطة والاعتماد على إحصائيات غير تلك التي توفرها الجهات المختصة، وأبدى استعداد السودان للتعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجالات العمل الإنساني المختلفة.

الخرطوم تؤكد حرص الدولة على استقرار شرق السودان

أكد مساعد الرئيس السوداني، نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون الحزبية،  إبراهيم محمود، حرص الحكومة السودانية على حفظ أمن واستقرار وتنمية شرق السودان،مشيراً الي  أن ذلك سينعكس إيجابياً على أمن واقتصاد الوطن، مجدداً الاستمرار في برنامج إصلاح الحزب والدولة.

والتقى محمود، وفد قيادات ولاية البحر الأحمر السياسية والدينية والاجتماعية، الذي أتى مهنئاً ومباركاً الثقة التي أولاها الرئيس السوداني بتعيين "محمود" مساعداً له ونائباً لرئيس المؤتمر الوطني، وجدّد الاستمرار في مسيرة إصلاح الحزب والدولة، واضاف " هذا هو المخرج الوحيد بعد تأكيد الولاء لله لتحقيق المرامي وتوحيد أهل السودان"، داعياً قيادات الشرق للوقوف مع الدولة والحزب لأجل العمل لمصلحة أهل السودان والشرق وإرساء قيم الفضل والإحسان.
وقال محمود إن ولاية البحر الأحمر، ولاية ذات خصوصية وتمثل ثغر السودان، وزاد " نريدها أن تكون مستقرة في خدماتها واقتصادها وأمنها"، ورأى أن الأمر سيصب في مصلحة الوحدة بين أهل السودان، التي يسعى لها الحزب والدولة من خلال إنجاح الحوار الوطني.
ودعا القيادي بالمؤتمر الوطني، مجذوب أبوعلي مجذوب، قيادات ولاية البحر الأحمر، لفتح صفحة جديدة للعمل بيد واحدة من أجل مصلحة الولاية، وقال" إبراهيم محمود، خير من يمثّل الشرق في قمة رئاسة الجمهورية بما حباه الله من مواهب وأخلاق"، وأشار إلى أن حضور قيادات البحر الأحمر بهذا الكم والنوع والمستوى الكبير، احتفالاً بالاختيار يأتي تأكيداً على أن الاختيار يمثّل كل أهل الشرق، ويثبت كذلك أن أهل الشرق بخير وأنهم على قلب رجل واحد.
وطالب أبوعلي، جميع قيادات الشرق للعمل من أجل تقوية الحزب، الذي أشار إلى أنه بدونه لا تكون الدولة قوية، وزاد" لابد للوطني أن يكون فاعلاً في كل المجالات

الاثنين، 13 يوليو 2015

تنظيم «الدولة» يستهدف جامعة سودانية لتجنيد 25 طبيبا

ماذا حدث لتسعة طلاب طب بريطانيين من أصل سوداني دخلوا قبل أربعة أشهر مناطق تنظيم الدولة الإسلامية؟ هل هم في مأمن هناك ويريدون العودة إلى بريطانيا؟
قصة خمس طالبات وأربعة طلاب طب اختفوا من مدارسهم الطبية وكشفت صحيفة «أوبزيرفر» في الربيع عن سفرهم إلى المناطق الخاضعة للتنظيم لم تنته فمصيرهم غير واضح، ولهذا السبب قامت الصحيفة بجمع شهادات من عائلاتهم وأصدقائهم وزملائهم الذي تحدثوا ولأول مرة عن المجموعة.
وتكشف الشهادات أن محاولات تمت لإقناعهم بالعودة وإنقاذهم وأنهم لا يزالون على اتصال مع عائلاتهم وأن عدد الأطباء الذين سافروا من بريطانيا للعمل بمؤسسات ما تطلق على نفسها «الخلافة» أعلى ويعتقد أنهم وصلوا لمناطق تنظيم الدولة عبر السودان.
وكشف التحقيق أن الطلاب تعرضوا لغسيل دماغ في السنة الأخيرة من دراستهم في الجامعة السودانية الخاصة – جامعة الخرطوم للعلوم الطبية والتكنولوجية وأنهم كانوا على علاقة مع جمعية إسلامية استخدمها التنظيم لتجنيد أطباء للعمل في مؤسسات «الدولة».
ويقول شهود إن الكثير من الأطباء الشباب ممن تعرضوا لغسل دماغ من قبل الجهاديين لا يزالون ينتظرون في العاصمة السودانية الخرطوم الأمر بالسفر.
وقبل أسبوعين، تقول الصحيفة إن فريقا مكونا من 12 طالبا من الجامعة ومنهم سبعة بريطانيين وصلوا إلى تركيا وحاولوا العبور إلى سوريا. وحتى الآن فقد اعترض شقيقان من مدينة ليستر في طريقهم للحدود السورية وأعيدوا إلى الخرطوم.
وأكدت وزارة الخارجية البريطانية أنها تعمل مع السلطات التركية لمنع الخمسة البريطانيين الباقين من الوصول إلى سوريا.
ويعتقد أن هناك 17 طبيبا بريطانيا حاولوا دخول مناطق تنظيم الدولة. وتنقل الصحيفة عن شقيق أحد الأطباء التسعة الذي وصلوا إلى سوريا قوله «ما يثير القلق هو أن الطلاب الذين ذهبوا ليسوا وحدهم الذين سافروا وهناك تقارير تقول أن طلابا يدرسون وتعرضوا لتعبئة ولم يطلب منهم بعد السفر».
وتتساءل الصحيفة عن السبب الذي يدعو الشبان التسعة لترك عائلاتهم وقطع مسافة 1.200 ميل شمالا والانضمام لنظام أصبح اسمه مرتبطا بالوحشية؟
الحياة الجامعية
ولعل هذا مرتبط بالحياة الجامعية بالنسبة للطلاب الأجانب فهي متقشفة ولا توجد نشاطات خارج النشاطات الدراسية إلا تلك التي تنظمها الجمعية الثقافية الإسلامية التي انشئت عام 2006 لمساعدة الطلاب الأجانب على فهم دينهم.
وتعلق الصحيفة أن الجمعية التي تبدو بريئة في نشاطاتها وأهدافها متهمة من البعض بأنها وسيلة قام تنظيم الدولة من خلالها بتجنيد 25 طبيبا. ويتهم أحد أشقاء الأطباء التسعة الجمعية الطلابية بأنها «أصبحت الواجهة لعملية التجنيد التي تركز على التجنيد للدولة الإسلامية». ويقول عارفون في نشاطاتها إنها أصبحت متشددة عندما أصبح محمد فخري القادم من تيسايد- بريطانيا رئيسا لها.
ويصف أحد الطلاب السابقين كيف أصبح أعضاء الجمعية بعد انتمائهم للتنظيم بعيدين عن زملائهم، ولم تتعد العلاقة بينهم سوى سلام «لم تعد تسمع منهم سوى التحيات المقتضبة وعن بعد».
ومن الأساليب التي اتبعت هي عزل العناصر الجديدة بحيث يتبعدون عن عائلاتهم وأصدقائهم ويصبحون أكثر قربا من «الحلقة الضيقة».
وتحولت نشاطات الجمعية الترفيهية لمناسبات دينية متشددة. ويتحدث الزملاء كيف نظمت الجمعية حفلا ليليا فصل فيه الطلاب عن الطالبات ومنع التصفيق، وعندما قرئ الشعر كان يرفق بهتاف الله أكبر.
وتضيف أن زملاء الطلاب عبروا عن قلقهم من وجود عناصر داخل الجمعية الثقافية والتي كانت تقوم بدعم التطرف والترويج له.
وقالت صديقة للينا مأمون عبد القادر (19 عاما) من نورفولك والتي انضمت لتنظيم الدولة «من بين النقاشات الساخنة داخل الحلقة المغلقة كان كيف قتل العصاة ممن ارتدوا أو فعل الفاحشة، ولم يكن حول ما إذا وجب قتلهم ولكن كيفية قتلهم».
ويقول أشقاء طلاب الطب إن المعجبين بصفحة فيسبوك للجمعية وعددهم 1.202 أصبحوا هدفا لتنظيم الدولة الذي كان يبحث عن طرق لتجنيد شابات مبرزات في مجال الطب. ويقول زملاء الطلاب إن المنقبان كن يلتقين يوم الأربعاء من كل أسبوع خارج قاعة عبد الكريم في الجامعة. وقالوا إن فخري كان عادة ما يحضر اللقاء ما قاد البعض للتكهن بأنه لعب دورا في دفع الفتيات نحو التشدد.
ويقول والده إنه لا يعرف شيئا عن هذه المزاعم ورفض الرد فيما إذا كان ابنه أول من زار سوريا عام 2014 .
وكانت محكمة بريطانية قد أدانت طالبا آخر من جامعة الخرطوم لتورطه في مؤامرة إرهابية مع أن قضيته غير مرتبطة بالتسعة.
ويعتقد بعض العائلات أن تنظيم الدولة استهدف ابناءهم قبل أن يصبح تنظيما «فالفكرة أن هناك دولة إسلامية خالصة في طريقة للتشكل في المستقبل وستعطى لهم الإشارة للذهاب إليها في الوقت المناسب».
وفي العام الماضي، عندما بدأ التنظيم يدعو الحرفيين والمهنيين والمتخصصين للهجرة إلى مناطقه التي سيطر عليها، بدت الجمعية الثقافية الإسلامية تتبنى أفكار الشيخ الأمريكي – الفلسطيني أحمد موسى جبريل الذي يرى خبراء في الحركات الجهادية أنه من أهم الرموز التي تقوم بإقناع الشباب في الغرب لدعم قضية جهاديي تنظيم الدولة.
فخلال رمضان العام الماضي نشرت الجمعية أشرطة فيديو لجبريل حذفتها الآن كرد على مطالب الجامعة التي تقدم نفسها كمؤسسة علمانية تقدمية. وتقوم السفارة البريطانية في الخرطوم باتصالات مع الجامعة للتباحث في هذه القضايا.
الرحلة
قطع طلاب الطب الحدود التركية مع سوريا في 18 آذار/مارس وبحسب أبو إبراهيم الرقاوي من حملة «الرقة تذبح بصمت» فقد نقل التسعة إلى معسكر للشريعة حيث يتلقى كل القادمين الجدد دروسا حول مبادئ التنظيم والشريعة بشكل عام قبل أن ينقلوا إلى كلية للطب مرفقة مع مستشفى الرقة الوطني.
وكان تنظيم الدولة قد فتح الكلية في كانون الثاني/يناير كجزء من وزارة الصحة، حيث تم تجنيد عدد من الطلاب لها قبل وصول البريطانيين التسعة. ويقول طبيب في المستشفى ان طلاب الطب البريطانيين انضموا إلى عدد كبير من الأطباء الأجانب: سعوديين وعراقيين وليبيين وروس، وبسبب تدفق عدد كبير من الطلاب الأفارقة للمستشفى لم يمكن التعرف على الأطباء البريطانيين التسعة.
وفي نيسان/أبريل تم توزيع الأطباء إلى مناطق «الدولة» حيث بقي ثلاثة منهم في الرقة ووزع الباقون على الباب ومنبج قرب الحدود التركية ودير الزور وصور أحمد سامي خضر أحد الأطباء التسعة شريط فيديو يدعو فيه المسلمين في إنكلترا للرحيل والهجرة «هنا قضية عظيمة للدفاع عنها، القافلة انطلقت».
ولا يعرف أين ذهب كل واحد من التسعة لكن محمد أسامة بدري (24 عاما) وهو أكبرهم سنا ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي في الشهر الماضي بصورة مع علم «الدولة» على خلفية صحراوية ما يقترح أنها في شمال سوريا.
وتشير الصحيفة إلى أن تفاصيل حول الأطباء بدأت تظهر ومن بينهم عثمان مصطفى الفجيري (23 عاما) الذي تصف رسائله الإلكترونية كيف كان يسير في شوارع الرقة.
ويقول زملاؤه إنه انضم للجهاديين السودانيين الذين شاركوا في مالي عام 2013. وزار سويس كوتيج- لندن العام الماضي وقضى فيها 10 أيام قبل أن يعود للسودان. ولا يعرف سبب الزيارة ومن قابل في العاصمة.
وتشير لشخصية محمد فخري الذي يعتقد أنه من أصول فلسطينية وزار سوريا عام 2014 وإن صحت الرواية فقد يكون أول طبيب من السودان انضم لتنظيم الدولة.
ورفض والده الذي يدير مسجد أبو بكر في مدينة ميدلزبرة التعليق أو تقديم معلومات عن مكان وجود ابنه.
تلاشي الآمال
وتقول الصحيفة إن تفاؤل العائلات بعودة أبنائها وأن الرحلة إلى «الدولة» قصيرة بدأ يتلاشى فقد انتقلت إلى الحدود التركية مع سوريا من أجل الحصول على معلومات عن أبنائها من المسؤولين البريطانيين هناك والمخابرات التركية. ويقول معارف الدكتور مأمون عبدالقادر، جراح العظام إنه ترك عمله في بلدة أشويكن في نورفولك وانتقل بشكل دائم للإقامة في مدينة غازي عينتاب جنوب تركيا، بانتظار معلومات عن مصير ابنته لينا.
ويقول البعض أن هذه اللفتات غير عملية لأن الحياة يجب أن تمضي ويجب مواصلة العمل، خاصة أن هناك أبناء آخرين ومواصلة البحث عن الذين ذهبوا إلى هناك.
وتملك العائلات بصيصا من الأمل، ذلك أنها لا تزال في تواصل مع أبنائها في سوريا حيث تتلقى رسائل أسبوعية أو مرتين في الأسبوع ولكنها تفتقد التفاصيل.
ويقول أحد الآباء «يكتبون سطرا أو سطرين يقولون فيها إنهم في حالة جيدة ويعملون في المستشفيات ولكن بدون تفاصيل». وقال آخر «يرسلون سطرا أو سطرين ويقولون نحن «أوكي» ولست متأكدا إن كانت لديهم الحرية للكتابة أو أحدا كتب الرسالة نيابة عنهم ولا يقدمون تفاصيل عن مكان إقامتهم». وتلقت عائلات أخرى الرسائل نفسها، ما أثار شكوكهم من أن الرسائل مراقبة، خاصة أن طريقة تواصل أبنائهم العادية قبل سفرهم مختلفة.
ويجمع الآباء أن شريط خضر لم طوعيا. وأصيب بعض الحالات باليأس لدرجة أنها طلبت من أبنائها تأكيد هويتهم وإرسال رسائل صوتية.
وقام بعضهم بإرسالها عبر «واتساب» لتطمين آبائهم. وحتى الرسائل الصوتية لم تكن مطمئنة لأنهم يتصرفون بطريقة مختلفة كما يقول أحد الآباء.
وتوقف إحد الآباء عن التواصل مع ابنه فيما رأى آخر أن رفض الأبناء الحديث عن مكان وجودهم يعني ان «واتساب» مراقب. والنصيحة التي قدمت للآباء هي مواصلة التواصل مع أبنائهم بدون إغضاب تنظيم الدولة لأن انقطاع التواصل لا ينفع إلا الجهاديين.
عملية إنقاذ
وتقول عائلات إن عملية إنقاذ جريئة خططت لها الخدمات الأمنية البريطانية والتركية بعد تلقي معلومات عن وجود المجموعة في الرقة معا.
ولم تقدم معلومات عن الخطة. وأيا كان الحال فعملية خاصة داخل أراضي «الدولة» محفوفة بالمخاطر.
ويقول مصدر سمعنا عن مناقشات ولكن لم يتم تنفيذ الخطة. ولو قرر الأطباء الهروب بمفردهم فيمكنهم الاستعانة بمهربين لتهريبهم عبر المناطق السورية إلى تركيا. لكن القتال بين تنظيم الدولة ومقاتلي الحماية الشعبية يجعل من الهروب مخاطرة، وقد يصاب الأطباء بغارات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي كثف هجماته على مواقع التنظيم في سوريا.
والمشكلة الأخرى هي أن تنظيم الدولة سيلاحقهم ومن الصعب ترك مناطقه، خاصة أنها مليئة بنقاط التفتيش.
ولا يمكن للسكان المحليين المساعدة نظرا للعلاقة الباردة بين السكان والأجانب. والخيار المحتمل هو الانتظار حتى تنهار «الخلافة» من الداخل أو يصاب الأطباء بخيبة الأمل بعد اكتشافهم بربرية التنظيم.
وما على الأطباء القرار. والسؤال الباقي فيما أن تزوجت الطبيبات مثل بقية المتطوعات أم لا.
أميرة تتزوج
وفي الوقت الحالي فقد ذكرت صحيفة «ميل أون صنداي» أن أميرة عباسي (16 عاما) إحدى البنات الثلاث اللاتي هربن من بيثنال غرين ـ شرق لندن قد تزوجت من جهادي استرالي متشدد اسمه عبدالله الأمير والذي أرسل رسائل تثير الرعب يهدد فيها بهجمات ضد بريطانيا.
وكتب مفاخرا أن حملة التنظيم لن تتوقف حتى يرفع علم «الخلافة» فوق قصر باكنغهام.
وفتحت الشرطة البريطانية تحقيقا في الرسائل التي جاء فيها أن الجهاديين يحنون لتنفيذ الهجمات. ويلقب الأمير بـ»الجهادي الأشقر» بعد فراره من سيدني في العام الماضي وأصبح «ولد الملصق الإعلاني» لتنظيم الدولة.
وأخبر الأمير في مراسلة مع الصحيفة أنه تزوج عباسي التي كان عمرها 15 عاما عندما دخلت سوريا بالتوقف عن التواصل معها. وقال إن له علاقات في بريطانيا حيث يوجد «إخوة» يتطلعون للقيام بعمليات.
وأضاف «هذا تهديد مباشر». وقالت إن الأمير سخر من ضحايا هجوم سوسة في تونس قبل أسبوع «وبارك القاتل سيف الدين الرزقي».
وتواصلت الصحيفة مع الأمير عبر نظام مشفر «كيك» حيث كتب «وعن الهجوم التونسي أسأل الله ان يرحم الرجل الذي ذبح هؤلاء الكفار القذرين ويحله في أعلى مقام بالجنة». ودعا على الضحايا بأن «يذوقوا طعم جهنم مع عائلاتهم التي ستنضم إليهم».
وفي مقابلة مع عباسي الأسبوع الماضي رفضت أن تؤكد إن كانت قد تزوجت أم لا. لكن المراسلات الأخيرة مع الأمير الذي ينحدر من أب لبناني وأم استرالية تؤكد زواجها منه. وكان الأمير يعمل جزارا في سيدني قبل أن يختفي ويظهر في شريط فيديو للتنظيم. وقال «لن نتوقف حتى نرفع العلم فوق قصر باكنغهام والبيت الأبيض».
وتحدى أيضا القادة الغربيين لإرسال قواتهم البرية لمواجهة الجهاديين في سوريا والعراق. ووصف زملاء الأمير في مدرسته كوديل بارك الثانوية بالمؤدب وسهل المعاملة ولم يتوقعوا تحوله إلى التشدد فيما وصف قريبه له الأمير بـ»الأحمق».
ويقول مصدر قريب من عائلة عباسي أن أميرة تزوجت في آذار/مارس وتنحدر من عائلة من أثيوبيا، وكانت فتاة ذكية حيث نجحت في ثلاثة مساقات بمادة الرياضيات وهي في سن الرابعة عشرة، ولكنها اختفت مع شميما بيغوم وكديزة سلطانة من مدرستهن «أكاديمية بيثنال غرين» وكن موضوع حملة واسعة للبحث عنهن ومنعهن من الوصول إلى مناطق الدولة.

وها هي الولايات تخطو نحو القومية :

لقد ولدت تجربة الحكم الفدرالي في السودان التي تم تطبيقها في عهد الإنقاذ نقاشاً عميقاً حول ما أثبتته من إيجابيات، وما أفرزته من سلبيات، فمع أنها قلصت الظل الإداري ووسعت قاعدة المشاركة في الحكم وإدارة الشأن الذاتي، وزادت الوعي السياسي ومكنت المجتمعات المحلية من التعامل مع شأنها العام، وقدمت قيادات من أهل مكة الذين يدرون بشعابها في كل شأن. إلا أنها في المقابل أفرزت اصطفافاً قبلياً وفرزاً جهوياً، واستقطاباً مناطقياً، مما جعل الكثير من إفرازات التطبيق تتحول إلى مظان تهديد محتمل للوحدة الوطنية والتكامل الوطني والتماسك القومي، فكان لزاماً أن يعاد النظر فيها، وقد كان خطاب السيد رئيس الجمهورية الذي عرف بخطاب الوثبة الذي طرح فيه مبادرة الحوار والإصلاح، كان واضحاً في عرض تجربة الحكم الفدرالي وإخضاعها للنقاش والتقييم والتقويم والتطوير بغية إصلاحها كأساس لإصلاح الحكم. وقد مضت الحكومة أكثر من ذلك في اتجاه الإصلاح والتصحيح المباشر في التجربة عندما عدل الحزب في آليات اختيار مرشحيه لمنصب ولاة الولايات، بعد أن مضت كل مراحله لينقل المرشح الذي اختاره المركز إلى ولاية هي ليست ولايته التي نشأ وترعرع فيها، إنما ولاية أخرى من ولايات السودان بدافع الانتماء العريض لكل بقعة من بقاع الوطن، والسعي لخيرها ورعاية إنسانها وتطوير مواردها مثل ولايته الأولى تماماً، بعد أن طلب الرئيس البشير من البرلمان تعديلات دستورية وأخرى على قانون الانتخابات، تمكن الرئيس المنتخب من تعيين الولاة مثل سائر الوزراء بدلاً من انتخابهم، وقد شهدنا الارتياح الكبير الذي شهدته الولايات، ومظاهر البهجة التي عمت الكثير منها عندما صدرت المراسيم الجمهورية التي استبدلت ولاتهم الذين تقادموا أو تقاعسوا، ما يعني أن الولاة الجدد سيمضون في ظل إسناد جماهيري كبيرين وبعيداً عن أي تحيزات أو تكتلات من أي نوع كان لأنهم من خارج مجتمع الولاية وعلاقاتها الاجتماعية.
لقد شرع الحزب الحاكم الرئيسي في تشكيل حكومات الولايات بمتابعة وتشاور يشمل المركز والولايات، وأعمال لمعايير الإصلاح التي شملتها وثيقة الإصلاح والتطوير التي أخرجها الحزب في يوليو من العام 2013، فيستبعد كل من قضى في مستوى الحكم المعني دورتين تنظيميتين ، أي ما يقارب ثماني سنوات، كما تم إضافة بعد قومي آخر بأن يكون اثنان من الوزراء الثمانية من خارج الولاية في نفس الوقت الذي يكون فيه اثنان من أبناء الولاية ذاتها وزراء في ولايات أخرى، وتم تنزيل تجربة الولاة من خارج ولاياتهم، ليكون المعتمدون ايضا من خارج المحلية، وذلك لتبادل المعتمدين بين محليات الولاية الواحدة. إنها تجربة موجبة في طريقة استعادة البعد القومي في تجربة الحكم الفدرالي، نرجو لها المزيد من التطوير.

الحرية اللازمة لإنعاش الحوار السوداني

*كنت قد عزمت على أخذ قسط من الراحة الذهنية فيما تبقى من أيام شهر رمضان المبارك‘ وأن أخصصها للكلام الروحاني الذي نحتاجه لاستكمال هذه الرسالة المهنية التي أصبحت تجري في عروقنا ونسعد بادائها.
*إلا ان التصريحات المهمة التي أدلى بها رئيس إتحاد الصحافيين السودانيين الصادق الرزيقي عن قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية الذي من المقررإجازته في المجلس الوطني" البرلمان" إستوقفتني وشدت إنتباهي.
*إتهم رئيس الإتحاد العام للصحافيين في هذه التصريحات جهات حكومية لم يسمها بأنها تسعى لإدخال بنود على قانون الصحافة تهدف لفرض المزيد من القيود والتضييق على حرية الصحافة ـ وكأن الفيها ما مكفيها - وهو أمر يؤثر سلباً على مستقبل الصحافة والأداء التحريري.
*إننا نعلم الحساسية القديمة المتجددة وسط السلطات السياسية والتنفيذية حيال الصحافة والصحافيين‘ والإتهامات الجائرة في مواجتهم/ن بأنهم/ن يسهمون في تسبيب الإضرابات السياسية والأمنية‘ بدلاً من الإستفادة من محاولات الصحافيين والصحافيات إلقاء الأضواء على أسباب التوترات السياسية والأمنية في معالجتها.
*هذه التصريحات التي أدلى بها رئيس إتحاد الصحافيين عقب اللقاء الذي تم مع رئيس المجلس الوطني الدكتور ابراهيم احمد عمر قال فيها : إن إتحاد الصحافيين سبق ورفض تمرير هذه التعديلات التي عرضت على دورة المجلس السابقة ويخشى أن تتم إجازتها في هذه الدورة.
*الإشارة الأخطرفي تصريحات رئيس إتحاد الصحافيين جاءت في قوله : ليس هناك وعد نهائي بأن توقف إجراءات مصادرة وتوقيف الصحف .. وهذه ظاهرة سالبة وضارة ليس فقط على الصحف والصحافيين وإنما ضررها يهدد المساعي الهادفة لإحياء الحوار السوداني الذي يتطلب كفالة الحريات لاالتضييق عليها.
*إذا كانت هناك إرادة جادة في قيام مؤتمر الحوار كما أعلنت القيادة السياسية فإن كفالة الحريات خاصة حرية التعبير والنشر وحمايتها من الإجراءات الإستثنائية شرط لازم لمد جسور الثقة مع الاخرين المعارضين وإتاحة الفرص لهم لطرح رؤاهم في كل الشأن السوداني.

لن تقنعنا أمريكا

بعد عشرين عاماً من منع التأشيرة الى الولايات المتحدة الامريكية عبر سفارتها بالخرطوم، عادت واشنطون وسمحت باستئناف التأشيرات لتصبح الخطوة بمثابة انهيار جبل المقاطعة للسودان الذي وضعته أمريكا لأغراض سياسية تحت غطاء رعاية الإرهاب.. أمريكا تعلم والشعب السوداني أن حصارها بهذه الدعاوى ليس مقنعاً وأن المتضرر الأكبر من هذا الحصار هو الشعب السوداني الذي يعاني في النقل الجوي والبرى والتكنولوجيا الحديثة فضلاً عن النظام المصرفي، في وقت مازال فيه نظام الانقاذ الذي ادعت الولايات المتحدة محاربته بشتى السبل
باقياً الحكومة السودانية تعاونت مع الإدارات الأمريكية في ملف مكافحة الإرهاب الذي نوصم بأننا في السودان كبلد نرعاه، وتم في إطار هذا التعاون عمل كبير لن نذكره لأنه غير مسموح لنا بإيراده، وقد اعترف بهذا الأمر مدير الأمن والمخابرات السابق الفريق صلاح قوش في مواقع التواصل الاجتماعي من فيس بوك، وتويتر ، بجانب واتساب امتلأت بصور لطاقم السفارة الامريكية وهو يقيم إفطاراً رمضانياً على الطريقة السودانية في الشارع العام دون حراسات أمنية في البلد الذي جدد وضعه في قامة الدول الراعية للارهاب ليصبح الإفطار حجة ضد إدارة أوباما التي تصر على الوضع، وللعلم تدركون أنه إذا كان في السودان إرهاب أو أمر يهدد الأمن القومي الأمريكي لما أفطر رعاياها في شارع الخرطوم الشعب السوداني ليس ساذجاً حتى يقتنع بمبررات أمريكا للابقاء على بلاده في هذه القائمة في وقت توجد فيه دول معلومة تمارس القتل بأبشع صوره دون أن تجد حتى إدانة من واشنطون التي يتذكر الجميع وعدها للخرطوم برفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب إذا تم التوقيع على اتفاق السلام الشامل، وعد نكصت عنه أننا نستبشر خيراً بالخطوة واستئناف تأشيرات السفر لأمريكا من الخرطوم وهي تشير الى أن هنالك تفاهمات بين حكومتي البلدين وربما تأتي في إطار بناء الثقة، وتأكيد الجدية، ومن المتوقع أن تقدم حكومتنا على خطوة تكشف عن موافقتها على المطلوبات الامريكية التي غالباً ماتشمل التحول الديمقراطي واطلاق الحريات أن تتخذ الإدارة الأمريكية موقفاً ضد الحكومة القائمة أو الحزب الحاكم، فهذا أمر سياسي تراه هي، ويدخل في إطار فعل ساس يسوس ولكن أن تقدم على اجراءات لا تمس النظام وتضر بالمواطن في المقام الأول، فهذا أمر مرفوض ويتعارض مع حقوق الإنسان التي تنادي بها أوتدعي أنها تتبناها، لذا الواجب مراجعة كل العقوبات المفروضة على شعبنا تحت مظلة حصار حزب الحكومة لأن السودان أوسع من كل الأحزاب وخيره له ولجيرانه، كما أن أي ضرر يصيبه ستنعكس آثاره على دول الجوار.

جوهانسبرج وحتمية إلغاء قرارها القضائي المحلي!

قالت حكومة جنوب افريقيا انها شرعت فعلياً في التقدم بالتماس قضائي امام المحكمة العليا المختصة هناك لإلغاء قرار سابق لمحكمة محلية باحتجاز الرئيس السوداني المشير البشير إبان زيارته ومشاركته فى القمة الافريقية رقم 25 في ابريل الماضي تنفيذاً لقرار محكمة الجنايات الدولية.
ومع ان حكومة جنوب افريقيا لم تكشف عن طبيعة ونقاط الالتماس الذي تقدمت به والدفوعات التى استندت عليها لإلغاء القرار، باعتبار ان الامر في هذه الحالة يقع ضمن نطاق عمل قضائي داخلي إلا ان بالإمكان وبالنظر الى طبيعة الازمة التى خلفها قرار المحكمة تخمين بعض هذه الدفوعات بل والمراهنة على حتمية إلغاء القرار نظراً لخطورته والأبعاد الاكثر خطورة التي ربما أودى اليها والتي يتمثل اقلها فى ان تجد دولة جنوب افريقيا نفسها فى مأزق خطير بين نظيراتها من دول القارة.
وقبل ان نتعرض لجانب من هذه الدفوعات القانونية وما قد تفضي اليه من إلغاء للقرار فإن من المهم ان نشير بداية الى ان الملابسات التي أحاطت بتقديم الطلب الى المحكمة والظروف التي جرت فيها الاجراءات تنطوي على قدر من التساؤلات المريبة؛ فمن جهة أولى، فإن تقديم الطلب ودراسته عشية وصول الرئيس البشير الى جوهانسبرج ومع بداية جلسات القمة الافريقية بدا أمراً غير بريء ويفتقر الى الموضوعية والخصومة القضائية الشريفة إذ ليس من ما هو معهود في الاجراءات والتدابير القضائية هذا اللون من التآمر وإلباس الاجراءات لبوساً سرياً ذي صبغة تآمرية، لو أن الامر كان يستند على حق موضوعي بأيدي نظيفة لتقديم الطلب في أي وقت قبل عقد القمة، وهنا ربما يقول قائل إن السلطة القضائية فى جنوب أفريقيا تعاملت مع الطلب في التوقيت الذي قدم لها فيه، ولكن المحك هنا هو ما اذا كان التوقيت موضوعي وعادل ويتيح للأطراف ممارسة حقوقها القضائية في وضح النهار، أم ان الامر فيه ما فيه من الشكوك والتآمر!
ومن جهة ثانية فإن القضاء -أي قضاء- حين ينظر فى أمر استثنائي قليل السوابق ذي أبعاد خطيرة ينبغي ان ينظر فيها تحاشياً لأي شكوك حول نزاهته في مناخ افضل وليس مناخ محفل دولي مهم ربما يعود على الدولة بكاملها بوبال سياسي مهول.
من المستحيل هنا ان القضاء فى جنوب افريقيا لم يكن يدرك خطورة المساس بضيف زائر للدولة بوصفها دولة مقر وليست زيارة عادية في إطار علاقات ثنائية ومن المستحيل ان يجهل القضاء الجنوب افريقي ان للمقر حصانته قبل النظر فى حصانة الضيوف.
أما إذا ما نظرنا الى طبيعة دفوعات حكومة جنوب افريقيا فى سعيها لإلغاء القرار فهي لا تتجاوز أمرين هامين: الأول، ان الدولة كانت تمثل دولة مقر للاتحاد الافريقي ساعة انعقاد القمة وأنه -قانونياً- لا يجوز المساس بضيف في نطاق دولة المقر فضلاً عن المساس بحصانته الدبلوماسية مهما كانت الظروف.
الثاني، ان دولة جنوب افريقيا ملتزمة -بموجب اتفاقية افريقية صادرة بقرار من قادة الاتحاد الافريقي بعدم التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية وإذا تعارض هذا الامر مع التزامات الدولة حيال اتفاقية روما 1998 المنشأة للمحكمة الجنائية، فإن الاتفاق الافريقي –باعتباره إتفاقاً خاصاً- هو الذي يسود على ما سواه جرياً على القاعدة الذهبية القانونية (الخاص يقيد العام).
أما على صعيد الغاء القرار فإن حاجة دولة جنوب افريقيا لإلغاء قرار المحكمة تبدو اكبر من أي جهة أخرى وذلك لأن بقاء القرار سارياً يسبب حرجاً للدولة تجاه دول الاتحاد الافريقي ويزداد الحرج اذا ما تم عقد قمة اخرى في جوهانسبرج –مع سريان القرار– لأن الحكومة الجنوب افريقية لن تستطيع تنفيذ القرار للمرة الثانية الامر الذي يزيد من سوء موقفها.

الحكومة السودانية تلاحق متهمين بحرق قرية بشمال دارفور

كشف المدعي العام لجرائم دارفور، عن تدوين بلاغ في حادثة حرق قرية (عين الدس) شرقي محلية مليط بولاية شمال دارفور غربي السودان، على أيدي بعض المتفلتين نهاية الأسبوع الماضي. وتعهَّد بتقديم جميع المتورطين للعدالة.
وقُتل خمسة أشخاص وأصيب ثلاثة آخرون بجروح في هجوم نفذه مسلحون على قرية عين الدس بمحلية مليط الأسبوع الماضي. وقال شهود إن الهجوم أدى إلى حرق القرية بالكامل.
وقال مدعي جرائم دارفور، ياسر أحمد محمد، إن المجهودات لا تزال جارية للقبض على الجناة، مبيناً أن البلاغ الذي تم تدوينه تحت المواد 24/15 من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإرهاب والأسلحة والذخائر ، وأضاف أنه تم استجواب المبلغ والشهود في هذه الحادثة التي وقعت بعد الإجراءات الأمنية التي قامت بها حكومة الولاية لتعزيز الاستقرار الأمني بالمحليات.
وأكد عزمهم على تقديم جميع المتفلتين الذين يسعون لتعكير أمن واستقرار المواطنين للعدالة.

نائب الرئيس السوداني يوصي المعارضة بقبول الحوار الوطني

دعا نائب الرئيس السوداني ، حسبو محمد عبدالرحمن، القوى السياسية السودانية إلى المحافظة على السودان وصون استقلالها وأمنها وحماية ممسكات الوحدة الوطنية من أجل وطن يسع الجميع، وأوصى الأحزاب المعارضة بقبول الحوار الوطني باعتباره طريقاً نحو استقرار السودان.

وحث عبدالرحمن في كلمة له خلال إفطار حزب الأمة الإصلاح والتنمية، بأمدرمان يوم الأحد، الأحزاب السياسية على  ممارسة الشورى والديمقراطية داخل أحزابها، فيما أوصى الأحزاب المعارضة بضرورة قبول الحوار الوطني باعتباره طريقاً نحو استقرار السودان ، واستحسن المجهودات الوطنية الكبيرة التي تبذلها الأحزاب السياسية في البلاد، والتزامها بالانخراط في العملية السياسية في السودان، واتباعها الحوار وصناديق الانتخابات منهجاً وسبيلاً للتداول السلمي للسلطة.
ومن جهته جدّد رئيس حزب الأمة الإصلاح والتنمية، إبراهيم آدم إبراهيم، التزام حزبه بالحوار سبيلاً لاستقرار البلاد، وأكد مضي الحزب في خطه الوطني خدمة للوطن والمواطن، الذي ترشح من أجله في الانتخابات الماضية التي شهدتها البلاد.

الأحد، 12 يوليو 2015

التدخل الدولي في السودان.. ورطة بلا مخرج (2-2)

فقد احتشد قرار مجلس الأمن الأخير الذي جدّد ولاية البعثة بإيراد حيثيات تضع الكثير من علامات الاستفهام حول جدواها، حيث "كرر تأكيد قلقه العميق من استمرار العوائق التي تواجهها العملية المختلطة في تنفيذ ولايتها، بما في ذلك القيود المفروضة على حركتها ووصولها إلى بعض المناطق نتيجة لانعدام الأمن وأعمال الإجرام والقيود الشديدة التي تفرضها قوات الحكومة والحركات المسلحة والميليشيات على حركتها" حسبما ورد نصاً في إحدى بنود القرار 2228. ولم يجد إلا أن "يهيب بجميع الأطراف في دارفور أن تزيل كل ‏العقبات التي تحول دون تصريف العملية المختلطة لولايتها على النحو الكامل والسليم، بسبل منها كفالة أمن ‏العملية المختلطة وحرية تنقلها". فماذا بقي لها إذن لتفعل إذا كان مجلس الأمن يستجدي من أطراف النزاع السماح لها بالقيام بالدور المنوط بها.
وكشف بند آخر هوان البعثة "يدين بشدة جميع الهجمات التي تستهدف العملية المختلطة، ويؤكد أن أي هجوم على العملية المختلطة أو تهديد بمهاجمتها هو أمر غير مقبول، و‏يطالب بعدم ‏تكرار تلك الهجمات وبمحاسبة المسؤولين عن ارتكابها بعد إجراء تحقيق ‏سريع ووافٍ"، فإذا كانت أطراف النزاع المطلوب لجمها تعبث بقوات دولية مهمتها حفظ السلام تبحث عنه عند المتحاربين أنفسهم فما الداعي لوجودها؟.
بيد أن ما يدعو للتساؤل حول مدى جدية المجتمع الدولي في تحمّل مسؤوليته تلك الصورة القاتمة للأوضاع الأمنية في دارفور، وهو يعرب في ديباجة القرار "عن بالغ القلق إزاء التدهور الخطير الذي شهدته الحالة الأمنية في دارفور بصفة عامة حتى الوقت الراهن من عام 2015، والأثر السلبي البالغ لهذا على المدنيين، وبخاصة النساء والأطفال، ولا سيما من جراء التصعيد الملحوظ لأعمال القتال بين قوات الحكومة والجماعات المسلحة المتمردة، فضلا عن تصعيد النزاعات بين المجتمعات المحلية على الأراضي وسبل الوصول إلى الموارد وقضايا الهجرة والمنافسات القبلية، بما في ذلك النزاعات التي تشارك فيها وحدات شبه عسكرية وعناصر الميليشيات القبلية، والزيادة في أعمال الإجرام واللصوصية التي تستهدف السكان المحليين، وإذ يعرب كذلك عن بالغ القلق إزاء استمرار الخطر الذي يهدد المدنيين من جراء الحالة الأمنية المتدهورة"، ومع ذلك يكتفي بأن يطلب من "جميع أطراف النزاع في دارفور وضع حد فوري لأعمال العنف، بما في ذلك الهجمات التي تستهدف المدنيين وأفراد حفظ السلام والعاملين في المساعدة الإنسانية".
ويورد مجلس الأمن الدولي في قراره إحصاءات مثيرة للانزعاج عن حجم الأضرار الإنسانية جراء تدهور الأوضاع الأمنية في دارفور، قائلاً إنه ترتب على ذلك "زيادة كبيرة في حالات تشريد السكان في عام 2014 وحتى الوقت الراهن من عام 2015 وما ترتب على ذلك من زيادة في الاحتياجات من المساعدة الإنسانية والحماية، حيث سجل 000 430 مشرد جديد في عام 2014، منهم حوالي 000 300 شخص لا يمكنهم العودة إلى ديارهم، وبلغ العدد الكلي للمشردين داخليا لفترات طويلة 2.5 مليون شخص والعدد الكلي للأشخاص المحتاجين إلى المساعدة الإنسانية 4.4 ملايين دولار".
والسؤال إذا كان الوضع الإنساني بهذه القتامة فعلاً، وما دام مجلس الأمن يقر بعجز وضعف دور يوناميد في مواجهة أطراف النزاع، وأن هذا التدهور المريع حدث إبان وجود هذه القوات الدولية على الأرض في دارفور على مدار ثماني سنوات دون أن تحقق ليس تطوراً إلى الأفضل أو على الأقل تحافظ على الوضع، بل يحدث في وجودها تراجع كبير، فما الذي يتوقع المجتمع الدولي حدوثه وهو يصّر على استمرار عملية معطوبة وفاشلة بامتياز.
تكشف هذه المفارقة بالطبع عن طبيعة الأجندة السياسية لعواصم صناعة القرار الدولي الحريصة على استمرار وجود هذه القوات الدولية بغض النظر عن جدواها وقدرتها على تحقيق المهام المرجوة منها، كما تبيّن أن حماية المدنيين في دارفور المرفوعة شعاراً وستاراً لهذه الأجندة تأتي في مرتبة متأخرة في أولوياتها، إذ لا يُعقل أن يكون حصاد هذه العملية بعد كل هذه السنوات المزيد من المعاناة والتهديد والتشرد للمواطنين البسطاء.
ومن الواضح أن الحكومة السودانية تعاني عزلة عميقة سواء في محيط جوارها الإفريقي الأقرب أو على المستوى الدولي، وتقف وحيدة بلا نصير، فدعوتها للاتفاق على "استراتيجية خروج" للقوات الدولية في دارفور لم تجد آذاناً صاغية لا في مجلس السلم والأمن الإفريقي، ولا في مجلس الأمن الدولي، كما أن الصورة القاتمة للأوضاع في دارفور التي تناقض التقديرات الحكومية في الخرطوم القائلة باستباب الأمن والاستقرار والسلام في الإقليم إلا من جيوب معزولة، تزيد من الضغوط المفروضة عليها، خاصة أن قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بتمديد ولاية العملية الهجين دون اعتبار لمطالب الخرطوم صدر بالإجماع، وصوّتت لصالحه حتى بكين وموسكو ممن تظن أنهما حليفاها.
والحال هذه فإن كان وجود القوات الأجنبية في السودان فيما سبق، برضا الحكومة السودانية وإن كان على مضض، فإن وجودها الآن أصبح مفروضاً بقرار دولي لا تملك حياله خياراً، ولعل الخيار الوحيد المتاح أمامها الآن العودة للرهان على الأجندة الوطنية بعد استنفادها فرص المناورات الخارجية المحدودة والمكلّفة، وهو ما يعني أن التسوية السياسية الشاملة للأزمة الوطنية السودانية لم تعد اختياراً، بل واجباً وحلاً وحيداً لا مناص منه.

فرصة أخرى

>  من المنتظر أن يلتقي السيد رئيس الجمهورية يوم غدٍ الإثنين برؤساء الأحزاب السياسية، لتمهيد الطريق لانطلاق الحوار الوطني بمشاركة الأحزاب التي تمثل الجمعية العمومية له، مع أمل لا يبدو ضئيلاً في إمكانية الحصول على موافقة الممانعين في المشاركة أو قبول ما سيخرج به مؤتمر الحوار الوطني المقرر له ثلاثة أشهر من انطلاقته، ويتوقع أن يبدأ وينتهي قبل نهاية العام الحالي.. وتنشط آلية «7+7» وأطراف أخرى هذه الأيام لوضع موضوعات اللقاء مع الرئيس والحوار، مع تقديم مقترحات عملية حول مواقيت بدء المؤتمر وكيفية تهيئة المناخ السياسي لنجاحه.
>  ويمثل الحوار الوطني تحدياً كبيراً للرئيس نفسه، لأنه كان ركيزة أساسية من البرنامج الانتخابي الذي قدمه للشعب، والتزاماً سياسياً وعد باستنجازه في موعده والوفاء به حتى تخرج البلاد إلى باحة أخرى من ساحات التعاضد الوطني والتبادل السلمي للسلطة وإحلال السلام ووقف الحروبات التي زادتنا إنهاكاً على إنهاك.
> وليس من خيار آخر غير الحوار في هذا البلد كما قال الدكتور الترابي أخيراً «إما الحوار أو الحرب»، فالبديل للحوار والتوافق الوطني أو قل الخيار الوحيد استمرار الاقتتال وسفك الدماء وخراب الديار حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وليس أمام الحكومة التي تقف على شرعية جديدة بعد الانتخابات الأخيرة، غير أن تبذل كل ما في وسعها وتستفرغه في الاجتهاد، لصنع المناخ الملائم لانطلاق الحوار وجمع كلمة السودانيين وجعل الصعب سهلاً والمستحيل ممكناً.
>  وليس ذاك المبتغى ببعيد ولا هو قصي وناءٍ، فالحكومة هي التي بيدها ترتيب الأمور وقيادة المبادرات ومد يدها بيضاء من غير سوء للآخرين وكسب ثقتهم، فالعامل الحاسم في نجاح الحوار الوطني وما يترتب عليه بيد الحكومة وليس بأيدي غيرها.. لا عمرو ولا زيد!! فبمقدار ما تقدمه من خطوات بناءة وفاعلة في اتجاه التصالح الشامل ومعالجة المشكلات الشائكة في قضايا الحرب والسلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية والاهتمام بالقوى الاجتماعية وإصلاح الحكم وهياكله وتحسين العلاقات الخارجية، تكون الأجواء مواتية والقلوب قد غسلت من الغل والاحتقان السياسي.
> فالمهم ليس فقط لقاء الرئيس بالأحزاب المشاركة في عملية الحوار الوطني، وهو لقاء مطلوب وضروري، لكن يجب أن تكون نتائجه ورسائله ذات مضامين جيدة تخاطب الآخرين في قوى الممانعة والرافضين للحوار لينخرطوا فيه بدون شروط مسبقة وبثقة كاملة، فكل شيء بيد الرئيس وحكومته وحزبه الحاكم، إن أرادوا حواراً جاداً وحاسماً ومثمراً، فعليهم بتوفير ما يسلتزمه الحوار من استحقاقات وشروط وجوب وشروط صحة، وإعطاء الآخرين الأمل في لم شعث السودانيين وجمع صفوفهم وكلمتهم من أجل الاستقرار والسلام والطمأنينة حتى تغادر البلاد محطات المحن والإحن التي غاصت فيها أقدامها ولم تخرج من وحولها بعد.
>  ينبغي أن يكون لقاء الرئيس بالأحزاب هذه المرة فرصة ثمينة وغالية يتم فيها التحديد بشكل قاطع لموعد الحوار الوطني زماناً ومكاناً وموضوعات وجدول أعمال وضمانات واقعية، فمن الممكن بالفعل مشاركة الجميع فقط لو تحلى كل طرف في الحكم أو المعارضة بالمسؤولية الوطنية والإرادة القوية في انتشال البلاد من واقعها الراهن، وليس من المقبول على الإطلاق أن يكون لقاء الإثنين في حال التئامه، مثل اللقاءات السابقة بلا نتيجة ملموسة، لا نريد خطباً منبرية وسوق كلام من الأحزاب وقادتها، حيث يقال كل شيء ولا يتم التقدم عملياً بشيء!!
>  لو أفلح لقاء الإثنين في التحليق عالياً بحلم الحوار ورفرفت أجنحة الأمل في سماء بلادنا وفتحت الأبواب للجميع فإن بلدنا موعود بالخير العميم، فما من دولة لها مثل ما لدي السودان لو أصلحناها وغمرناها بالمحبة والثقة، وقدمنا برنامجاً وطنياً يسع الجميع يتساوون فيه بالمسؤولية والواجب ولا يتنازعون فيه بالمغنم والمكاسب، فإن هذا الوطن سيكون واحةً للنهضة وقوياً بالوحدة وملاذاً للسلام.

سوزان رايس وباقان والخطر القادم

لم ندهش من الأنباء التي تسربت حول الدور الذي لعبته سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي وأكبر أعداء السودان في الإدارة الأمريكية في عودة باقان للحركة الشعبية لتحرير السودان في منصب الأمين العام بعد أن طرد وزج به في السجن عند اندﻻع الصراع بين الرئيس سلفاكير ونائبه السابق رياك مشار في منتصف ديسمبر 2012 والذي نتج عنه مقتل عشرات الآﻻف في حرب أهلية أهلكت الحرث والنسل وأطاحت أوﻻد قرنق جميعا بمن فيهم كبيرهم باقان عراب مشروع السودان الجديد .
الخبر أشار إلى أن رايس وقيادات غربية قد ضغطت على سلفاكير من أجل عودة باقان وألور وغيرهما من أوﻻد قرنق بعد أن وجدت أن مشروع الحركة (في السودان وإفربقيا) قد انحسر بعد خروج باقان من منظومة الحكم.
أود أن أذكر القراء الكرام بأني كنت قد رجحت أن تكون عودة باقان قد تمت بضغط من الرئيس اليوغندي يوري موسيفبني نظرا ﻻرتباط الرجل بمشروع السودان الجديد وإعادة هيكلة وتشكيل السودان بحيث تحسم هويته بما يجعله دولة إفريقية مع نزعه من أي انتماء إسلاي أو عربي.
ﻻ أزال أعتقد أن موسيفيني كان جزءا من أدوات الضغط مع رايس وصقور الإدارة الأمريكية لإعادة باقان إلى الواجهة من جديد سيما وأن موسيفيني صاحب مصلحة في مشروع زعزعة الاستقرار في السودان الذي تخصص فيه باقان باعتباره أعدى أعداء السودان.
لربما صادفت عودة باقان هوى في نفس سلفاكير سيما وأن الرجل يريد أن يمارس ضغطا على السودان من أجل الحصول على تنازﻻت في الملفات محل التداول والخلاف بين الدولتين بالنظر إلى أن الحرب الأهلية المشتعلة في الدولة الجديدة أضعفتها وجعلتها منطقة ضغط منخفض في مواجهة السودان.
فقد دمرت كثير من البنى التحتية المتهالكة أصلاً في دولة جنوب السودان وتردت الخدمات وقتل أبناء الجنوب بما لم يحدث طوال فترات الحرب بين الشمال والجنوب ونزح مئات الألوف إلى السودان ودول الجوار وقلّت كميات البترول المنتجة في مناطق الحرب وبالتالي الإيرادات وعانى الجنوب من المجاعة التي تفتك به حتى الآن.
إذن فإن باقان قد عاد إلى موقعه أميناً عاماً للحركة الشعبية ووجد الجنوب منطقة ضغط منخفض تعاني من الجوع والفقر والإنهاك والحرب الأهلية ومهمته أن يعيد مشروع السودان الجديد إلى الحياة بعد اللطمة التي تلقاها جراء الصراع الذي احتدم بين سلفاكير ومشار وما أن تقلد منصبه حتى قفز فوق الواقع البائس والمستنقع المنتن الذي تتمرغ فيه دولته وأطلق تصريحه باعتزامه زيارة السودان لمناقشة تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين الدولتين ظاناً أنه سيعيد الأوضاع الى ما كانت عليه يوم مغادرته موقعه في تجاهل تام لشلالات المياه التي تدفقت تحت الجسر طوال تلك الفترة العصيبة في تاريخ الدولة الجديدة.
لم أدهش لتصريح وزير خارجية السودان إبراهيم غندور الذي أعلن أن السودان ﻻ علم له بزيارة باقان وأتبع ذلك بمطالبة جوبا وقف دعم متمردي الجبهة الثورية ودارفور بالسلاح بل إنه حين زار جوبا قبل يومين للمشاركة في احتفاﻻتهم بذكرى الانفصال لم يقابل باقان إنما التقى نظيره في حكومة الجنوب وناقش معه العلاقات الثنائية وما كان ينبغي لباقان أن يتحدث باسم حكومة الجنوب وما كان للمؤتمر الوطني أن يناقش نظيره باقان في أمر يخص السودان، ذلك أن الوطني ﻻ يمثل الوطن بكل مكوناته.
الآن وقد انكشف الدور المرتجى لباقان من سوزان رايس وداعمي باقان فإن على الحكومة أن تعلم حقيقة ما ينطوي عليه الرجل الذي لم يشهد السودان في كل مراحل تعامله معه غير الكيد والتآمر من رجل أبغض السودان كما لم يبغض شيئا آخر في حياته.
أود أن أذكر بشيء واحد هو أن باقان لم ولن يتخلى عن حلم حياته المتمثل في مشروع السودان الجديد أو قل مشروع إعادة هيكلة الدولة السودانية وتغيير هويتها حرباً أو سلماً، وحدة أو انفصاﻻً فقد صرح لجريدة الشرق الأوسط اللندنية بعد قرار الجنوبيين بما يشبه الإجماع الانفصال عن السودان ..صرح بأن مشروع السودان لم يمت وأنه باق سواء عن طريق الوحدة أو بعد الانفصال ولذلك يعود باقان الآن لكي يعين أتباعه من قطاع الشمال الذين ﻻ يخفون حتى ولو حياء وخجلاً تبعيتهم للحركة الشعبية لتحرير السودان التي تقاد من جوبا منذ أن أنشأها قرنق عام 1983 وهو يشعل حربه التي شارك فيها عرمان ويوسف كوة وعبدالعزيز الحلو وبقية الشيوعيين الذين انخرطوا في الحركة بهدف امتطائها لإقامة مشروع السودان الجديد.
الآن التأم شمل قطاع الشمال (عرمان) مع الأصل بقيادة باقان ليعيدوا محاولة إنتاج مشروعهم فهل نعي الدرس هذه المرة أم نقتل أي محاولة لباقان يحاول من خلالها تعكير الأجواء وإلحاق الأذى بالسودان؟

تجربة العمل المعارض المسلح في السودان، بين النجاح والفشل!

أثبتت الاحداث ان تجربة العمل المسلح السياسي في السودان تجربة غير منتجة وغير مفيدة لأي طرف يعتقد ان حمل السلاح من الممكن ان يفيده فى الوصول الى أهدافه. لا حاجة لنا هنا للتعرض لنموذج الجبهة الوطنية يوليو 1976 أو حتى تجربة الحركة الشعبية بقيادة د. جون قرنق 1983 على الرغم من أنها في خاتمة المطاف افضت الى انفصال الاقليم الجنوبي في يوليو 2011 ولا حتى تجربة خليل ابراهيم في العاشر من مايو 2008 وقس على ذلك التجارب المتماثلة المتكررة في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق.
في كل هذه التجارب كانت النواة الوطنية الصلبة سرعان ما تقف بقوة وحزم في مواجهة الطرف الذي يحمل السلاح ويسعى لاختراق الدولة الوطنية السودانية وهو يحمل دعماً وعتاداً من الخارج.
وفي كل هذه التجارب ما مضى منها وما هو قائم فإن الشعور الجمعي للسودانيين يقف بقوة ضد أي عبث بالعمود الفقري الرئيسي للدولة  السودانية، وهذا فيه تأكيد على ان حمل السلاح ليس محض خطأ فحسب في حسابات حامليه, لكنه يمكن ان يصل الى مستوى الخطيئة الكبرى، باعتباره محض تدمير وعبث بأموال وطنية تخص الجميع بلا جدوى سياسية ولا نتائج وطنية ملموسة.
بل إن الذين راق لهم نموذج الحركة الشعبية وكيف تمكنت من الحصول على دولة مستقبلة لا ينظرون الى بعض الجوانب المهمة فى الموضوع؛ فمن جانب اول فإن نموذج الحركة الشعبية –وبمصادفة تاريخية نادرة– استفاد من إتفاق كل النخب والقوى السياسية على ان الجنوب السوداني يستحق إعطاؤه حق تقرير مصيره وإقامة دولته سواء لأسباب تاريخية أو لأسباب تتصل بالهوية أو حتى لمجرد ممارسة ديمقراطية حقوقية فحواها عدم اجبار أي طرف لا يرغب فى البقاء داخل مكونات الدولة السودانية على البقاء بداخليها.
إذن مصادفة اقرار حق تقرير المصير في ظل حرب كانت تقودها الحركة الشعبية ،افرز قيام دولة الجنوب، ولهذا فإن أحداً لا يمكنه الجزم بأن السلاح الذي حملته الحركة الشعبية في العام 1983 هو الذي قاده مباشرة الى قيام الدولة الجنوبية فى 2011م وحتى ولو قلنا جدلاً أن الحركة الشعبية حصلت على الجنوب عبر الحرب والسلاح فإن أحداً لا يمكنه ان يتفاءل بالنظر الى ما آلت اليه الاوضاع الآن هناك بتجربة كهذه، فقد تمزقت الدولة الجنوبية تمزقاً تاريخياً لا يمكن لأحد أن يتصوره، كما أنها قابلة للتمزق وفقاً للمعطيات الماثلة.
ومن جانب ثاني فإن عموم السودانيون أدركوا ولو مؤخراً ان فتح المجال لحملة السلاح لكي يفرضوا إرادتهم على البقية بأي دوافع أو دواع كانت من شأنه ان ينهي الوحدة القوية والوطنية للدولة السودانية وهذا ما يفسر وقوف غالب الشعب السوداني وبقوة مع السلطة المركزية الحاكمة ضد أي حركة مسلحة مهما كانت مظالمها وأطروحاتها.
ومن جانب ثالث، فإن العمل المسلح في وعي السودانيين جميعاً عمل خارجي في حقيقته لأنه يستلزم الحصول على اموال خارجية وسلاح وعتاد حربي كله من قوى خارجية سوف تعمل على استعادة الفاتورة مستقبلاً كما أنها تجعل البلاد عرضة لعبث المنظمات والأجهزة الاستخبارية .
لكل هذا فإن تجربة العمل المسلح يمكن بحال من الاحوال اعتباره عملاً ذا جدوى في بلد كالسودان خاصة وان الكل بدأ يدرك ان الحكومة الحالية تعمل على ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر آلية الانتخابات العامة والتى بدورها سوف تفضي الى استقرار سياسي على المديين، القريب والمتوسط، وأن القوى المسلحة هذه لا عذر لها فى حمل السلاح طالما أن بإمكانها خوض الانتخابات العامة والوصول الى السلطة عبر مثابرتها وجهدها.

الحوار الوطني ضرورة قائمة أم مناسبة سياسية إنتهت؟

بالطبع وإلى ان يتم التوافق على كل مخرجاته وعبر توافق وتراضي وطني كبير فسوف يظل الحوار الوطني ضرورة وطنية بالغة الأهمية، ذلك ان اطروحة الحوار الوطني حين تم طرحها بواسطة الحزب الحاكم في يناير 2014 كانت وما تزال قضية استراتيجية لإيجاد حل وطني داخلي حقيقي لقضايا السودان، وقضايا السودان المطروحة التى في حاجة إلى حلول وهي قضايا السلام والحرب والهوية والقضية الاقتصادية وكيفية وإدارة التنوع المهول الذي يتمتع به السودان.
وعلى ذلك فإن احياء الحوار والتركيز عليه بواسطة الحزب الحاكم وآلية 7+7 عن طريق التحضير لانعقاد الحوار يمكن اعتباره من أهم قضايا الراهن. صحيح ان بعض قوى المعارضة فهمت الاطروحة على انها إقرار من الحزب الحاكم بفشله في الحكم ولهذا سارعت بقبوله عسى ولعل ان يتسنى لها بلوغ السلطة عن طريق سهل وميسور وصحيح أن بعض قوى الخارج -القوى الدولية الكبرى في العالم- فهمت اطروحة الحوار على أنها إيجاد حلول صعبة لحروب الهامش وإشراك حملة السلاح جميعهم في إدارة الدولة على ذات النسق الذي يجري فى نيفاشا 2005م.
ولكن تظل رغم كل ذلك قضية الحوار الوطني هي القضية المركزية في السودان غض النظر عن تطورات الاوضاع في هذا البلد، ولهذا فإن المرحلة المقبلة تستلزم النظر الى قضية الحوار الوطني من قبل كل القوى السياسية السودانية حاكمة ومعارضة سلمية ومسلحة وعلى النحو التالي:
أولاً، ضرورة المشاركة من قبل الجميع مهما كانت مواقفهم ورؤاهم ومهما كانت مشاعرهم الخاصة في طاولة الحوار، ذلك ان طريق الحوار يمكن اعتباره أقصر الطرق للحل الشامل. ربما يحس البعض بإفتقارهم للثقة حيال المخرجات وربما يخاف البعض أيضاً من ان يمر الامر مرور الكرام، ولكن المهم في الامر -من الوجهة الجوهرية- ألا بديل للحوار إطلاقاً فهو على الاقل يوفر (مادة سياسية وطنية جيدة) لصناعة أرضية وطنية مشتركة يتم البناء عليها مستقبلاً إذ ليس من الضروري –لأغراض الحوار- ان يشارك الجميع في سلطة انتقالية وان تعقب ذلك انتخابات عامة، ولكن الامر الضروري والمهم هو ان يجري التفاهم حول قضايا السودان الكبرى بين الجميع حتى ولو على سبيل تحديد نقاط النزاع بين الاطراف ومعرفة على ماذا يتفق الجميع وعلى ماذا يختلفون.
مثل هذا التحديد الشامل يضع النقاط على الحروف بالنسبة للمستقبل ويتيح للكل معرفة الاوضاع بوضوح دون الحاجة الى اتفاقيات ثنائية وتفاهمات في المستقبل.
ثانياً: الكف عن الحروب مهما كانت درجة الغيط والخصومات، فقد ثبت ان الحروب لا تفيد، هي فقط تأكل أخضر ويابس السودان، تخصم من رصيد الحاضر والمستقبل ودون مقابل، والكل لا محالة خاسر، خاصة وأن الحروب لا تحقق لطرف أهدافه مهما كانت قوته لأنها لو فعلت فمعنى هذا انها قضت على البنية التحتية لدولة.
ثالثاً، عدم إيلاء ادنى اهمية للماضي فالبعض مولع باستدعاء الماضي وآلامه وغبائنه، وهي امور عفى عليها الزمن ولا يمكن استعادتها. هناك قوى سياسية وقوى مسلحة فقدت وزنها السياسي وهي تخاصم السلطة الحاكمة. هناك قوى مسلحة خسرت عتادها وأموالها المستجلبة من الخارج وهي مدينة للخارج ولا تملك ما تسدد به دينها!
مخرج هؤلاء جميعاً في الجلوس الى الحوار هنا في الداخل والعمل على ايجاد حلول سودانية خالصة بلا فواتير خارجية وبلا أطراف خارجية بلا محاولة لوضع عراقيل دولية. هذه المعطيات المهمة جميعها من الممكن ان تصبح ملفاً وطنياً جيد لصناعة سودان قوى وطني لا عناصر دخيلة فيه ومن ثم يصبح الحوار الوطني هو الجائزة الوطنية الكبرى التى من الممكن ان يصبح السودان بواسطتها اقوى وأكبر دولة في المنطقة.
إذا تم فهم الحوار الوطني فى ذات هذا السياق فإن المشكلة تكون قد انتهت أما إذا كان البعض ما يزال يراهن على قدراته وقدرات الخارج فإن هؤلاء سوف يظلون خارج مظلة التاريخ!

إجراءات احترازية لمنع دخول "الكوليرا” لأبيي

كشف الأمين العام لنظارة دينكا نقوك، كوال مليك شول، ، عن حزمة من الإجراءات الاحترازية اتخذتها السلطات المحلية في منطقة أبيي، للحد من دخول مرض الكوليرا القاتل المنتشر في دولة جنوب السودان إلى المنطقة.
وكشف شول في تصريحات صحفية، عن إصابة ووفاة أكثر من "60" مواطناً من دينكا نقوك بالمرض بجنوب السودان ، وكشف عن اتفاق بين زعماء منطقتي أنيت واقوك بجنوب بحر العرب، وببعض المناطق الأخرى لمنع تحرك المواطنين نحو دولة جنوب السودان، بجانب حظر الدخول إلى مناطق أبيي إلى حين السيطرة على  الوباء ومحاصرة انتشاره.
وأشار شول إلى تفشي المرض بجنوب السودان، في ظل صعوبة إمكانية  توفير العلاج للمصابين، بسبب نقص الكوادر الطبية والأدوية نتيجة للظروف المأساوية التي يمر بها سكان الدولة الوليدة حالياً.

لجنة برئاسة الطيب مصطفى للاتصال برافضي الحوار

كشفت قوى سودانية سياسية معارضة مشاركة في الحوار الوطني، عن تشكيل لجنة برئاسة رئيس منبر السلام العادل الطيب مصطفى، ورئيسة حزب منبر الشرق الديمقراطي آمال إبراهيم، للاتصال بالأحزاب الممانعة والرافضة للحوار.
وأعلن رئيس منبر السلام العادل، عن اجتماع بين الأحزاب المعارضة المشاركة في الحوار، وأحزاب الحكومة السودانية في إطار المساعي الرامية لتحريك جمود الحوار على أن تبتدر لقاءاتها بزعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي.
وقال مصطفي، أن اللجنة المفوضة بالاتصال بالقوى المتحفظة على الحوار بدأت في الاتصال بعدد من الأطراف للانضمام للحوار الوطني الشامل ، وأكد حصولهم على موافقة بعض هذه القوى بلقاء اللجنة، حيث أبدوا ترحيباً بالمبادرة التي أطلقتها الأحزاب المعارضة المشاركة في الحوار الوطني.
وأشار مصطفي إلى تفويض كل من "منبر السلام العادل" و"منبر الشرق الديمقراطي"، بمهام الاتصال بالتنظيمات والأحزاب في الداخل والخارج لدفع عجلة الحوار للأمام بمشاركة الجميع.
وأوضح مصطفى أن اللجنة ستتصل أولاً بأحزاب الحكومة لمعرفة مدى استعدادها لمواصلة الحوار، والتفاكر حول الجهود التي بذلت في السابق وعلى رأسها اتفاق خارطة الطريق واتفاق أديس الموقع بين آلية "7+7" والحركات المسلحة.
من جانبها طالبت حركة الإصلاح الآن، الحكومة والمؤتمر الوطني، بتقديم تنازلات حقيقية وتهيئة المناخ لإجراء حوار منتج وشفاف يشارك فيه الجميع دون إقصاء لأحد، مؤكدة أن مستقبل  الحوار بيد الحكومة.
وقال نائب رئيس الحركة، حسن عثمان رزق، في تصريح صحفي، إن الحكومة السودانية إذا التزمت بما تعهدت به من اتفاق خارطة الطريق وأديس أبابا، لا مانع لدى حركته من خوض الحوار في أي وقت وزاد قائلاً "بل سندعو الآخرين للانضمام إليه".
وأوضح رزق أن دعوتهم لإسناد إدارة الحوار لآلية محايدة، يقصد بها أن تكون جهة سودانية وطنية متفق عليها، كما تمثل شخصيات موثوقة ومقبولة من كل الأطراف ، وجدّد التزامهم بالحوار الهادف البنّاء الذي يؤدي لحلول لأزمات اسودان ، مشيراً الي أن الحوار الذي يجري بصورته الحالية الآن لا يعكس رغبة الشعب السوداني.

شمال دارفور تعزز إجراءات حماية المدن

أعلن والي ولاية شمال دارفور، عبد الواحد يوسف، عن خطة شاملة لفتح الطرق التي تربط مناطق الولاية مع بعضها البعض، بجانب اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين المدن الأخرى وإظهار المظاهر الأمنية الإيجابية، واعداً بالمزيد من الإجراءات لحفظ الأمن.
وكشف الوالي خلال لقاء مع اللجان الشعبية في أحياء مدينة الفاشر حاضرة الولاية، أن حكومته بدأت في عقد سلسلة من اللقاءات مع كل شرائح المجتمع والمؤثرين في العملية الأمنية، الذين يمكن أن يكون لهم دور إيجابي في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار.
وكانت حكومة الولاية، قد فرضت نهاية الشهر الماضي، إجراءات أمنية مشدّدة منعت بموجبها تحصيل أية رسوم وبأية وسيلة في جميع بوابات الولاية، وأزالت جميع نقاط التفتيش، مع منع حمل السلاح لغير النظاميين وارتداء "الكدمول".
وقال يوسف إن القرارات الأخيرة تعتبر إجراءات أولية فقط، وستعقبها المزيد من القرارات التي من شأنها حفظ الأمن والاستقرار حتى تعود دارفور إلى سيرتها الأولى ، وأكد على مضي حكومته قدماً في تنفيذ الإجراءات الأمنية دون تراجع، قائلاً إنها  ليست مؤقتة بل هي إجراءات لاستدامة العملية الأمنية في المستقبل.
واشار الوالي يوسف إلى وجود غرفة مشتركة تجتمع لمناقشة الإيجابيات وتفادي السلبيات للحملة ، وأضاف "أن الإجراءات التي اتخذتها حكومته ليس القصد منها استهداف أية جهة ولا إثنية ولا إنسان ولا أية مجموعة سكانية دون المجموعات الأخرى، بل استهدفت المجرم أينما وجد نظراً لأن المجرم ليست لديه قبيلة ولا لون ولا جنس.
ودعا الوالي الجميع إلى ضرورة التبليغ الفوري عن المجرمين وعدم التستر عليهم، دون تخوف طالما أن النية سليمة لتوفير الأمن والسلام والاستقرار للأجيال القادمة ، وقال إن السلطة من أولى مسؤولياتها الأساسية تأمين المواطن وتحقيق الاستقرار، نظراً لأن قضية الأمن هي قضية أساسية.
ونوّه إلى أن تأمين الموسم الزراعي يعد من أولويات حكومة الولاية، باعتباره نشاطاً إنتاجياً مهماً لحياة المواطنين وللاقتصاد الكلي للسودان ، وأشار إلى الدور الكبير الذي ظل يلعبه المزارع والراعي، في توفير الأمن الغذائي.
وشدّد على ضرورة توفير البيئة المناسبة للمزارعين والرعاة وحسم كافة أشكال الفوضى، التي يمكن أن تعيق هذه الحركة الاقتصادية المهمة للسودان كلها ، وجدّد  حرص الحكومة على تحقيق الأمن والاستقرار، باعتباره المفتاح الأساسي لتحقيق التنمية وتنفيذ كافة البرامج.
وتعهّد والي شمال دارفور ببسط العدل بين الناس، لأنه المبدأ الأساسي للحكم والحاكم.
من جهته أكد معتمد محلية الفاشر المكلف، التجاني عبد الله صالح، استقرار الأوضاع الأمنية بالمدينة ، وعزا ذلك للجهود المبذولة من قبل الأجهزة الأمنية المختلفة، واللجان الشعبية بالأحياء.

الاحزاب السودانية تشيد بمنح تأشيرة أمريكا من سفارتها بالخرطوم

اعتبر مجلس أحزاب حكومة الوحدة الوطنية في السودان ، الخطوات التي بدأتها الإدارة الأمريكية القاضية بمنح تأشيرات الدخول للسودانيين لأراضيها من سفارتها بالخرطوم، اعتبارا من يوليو الجاري، إشارة من واشنطن لخطوات قادمة، مطالباً بتسريع هذه الخطوات وارتكازها على أساس ثابت.
وقال الأمين العام للمجلس عبود جابر في لقاء صحفي ، إن منح التأشيرات إشارة من واشنطن لخطوات قادمة، وطالب بتسريع هذه الخطوات وارتكازها على أساس ثابت يقوم على المواثيق الدولية والاتفاقيات الثنائية بين واشنطن والخرطوم لاستفادة الدولتين من بعضهما.
وأشاد جابر بالخطوات، وقال نتطلع كسودانيين أن ترتقي علاقاتنا مع أمريكا إلى درجة تعزز العلاقات الدبلوماسية والشعبية لمصلحة البلدين.

الحكومة السودانية تطالب قطاع الشمال بطرح مطالب واقعية

حمّلت الحكومة السودانية الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال)، مسؤولية تعذّر الوصول لاتفاق بشأن القضايا العالقة على مائدة الحوار حول المنطقتين، واتهمتها بطرح مطالب غير واقعية، وشدّدت على عدم وجود مخرج لأزمة السودان إلا عبر مشروع الحوار الوطني.
وقال وزير الخارجية السوداني ، البروفسير إبراهيم غندور ، إنه يأسف لتعنت قطاع الشمال في مفاوضات المنطقتين، وطرحه مطالب غير واقعية "يصل بعضها لحد الأمنيات وتجاوز الشركاء الآخرين داخل السودان، الأمر الذي جعل من فرص الوصول لاتفاق غير ممكن".
واعرب غندور  عن امله في أن تكون الفترة الماضية قدمت دروساً مفيدة للطرف الآخر، وأكدت على أن السلاح مهما بلغت قوته والدعم الخارجي مهما بلغت ذروته لن يؤدي إلى تحقيق "أحلام سياسية" للبعض أو آمال وطموحات للآخرين، وقطع بأن الطريق الوحيد هو الحوار، وتابع "هذا لن يحدث إلا إذا انفصل البعض عن الأجندات الخارجية".
وفشلت نحو ثمان جولات تفاوضية بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية ـ شمال، بعد تعذّر التفاهم بين الطرفين على قضايا ذات صلة بالترتيبات الأمنية والإنسانية والسياسية، وعُلقت المفاوضات منذ أواخر فبراير الماضي.
وقالغندور   حديث المتمردين عن التهميش والمهمشين مردود، وأوضح أن من يتحدثون عن ذلك هم الذين يعرقلون التنمية ويدمرون المشروعات والبنيات التحتية من مياه وكهرباء وغيرها ، وأضاف "كما أنهم أنفسهم من يقتلون النفس التي حرّم الله بدم بارد، ولعل آخر ما تم في جنوب كردفان من قتل للمصلين أثناء صلاة الصبح في المسجد جريمة ضد الإنسانية ويجب أن تدان من كل العالم. لا زلنا نتطلع إلى أن يرجع البعض إلى صوت العقل".
وشدّد غندور على أن الحوار يمثل الطريق لتحقيق السلام والاتفاق مع كل الأطراف، مؤكداً أن دعوتهم للحوار الوطني ستظل السبيل الوحيد للوصول إلى تفاهمات حول كيفية مضي البلاد في إطار الممارسة السياسية الراشدة وخدمة قضايا الناس.

دعوات للممانعين تحمل ضمانات المشاركة في الحوار السوداني

كشفت آلية الحوار الوطني السوداني العزم على إصدار دعوات للممانعين عن المشاركة في الحوار الوطني قريباً، تحمل ضمانات واضحة تجعل الطريق سالكاً أمام مشاركة الجميع في مؤتمر الحوار، وقالت إن مشاركة المعارضة خطوة وطنية يستفيد منها السودان.

وقال رئيس لجنة تهيئة المناخ بالآلية عبود جابر لــ"وكالة الأنباء السودانية الرسمية"، يوم الجمعة، إن مخرجات الحوار الوطني واحدة من المهام التي ينتظرها الشعب السوداني والتي تعتبر ملزمة للجميع تنفذ وجوباً وأكد أن الشعب السوداني ينتظر مشاركة رافضي الحوار في الخارج بأعجل ما يكون وذلك في أعقاب التحضيرات الجارية لانطلاق الحوار في الأسابيع القادمة، وتوقع جابر أن ينتهي مؤتمر الحوار إلى توافق جامع قبل نهاية العام الحالي.
وقال جابر ، إن توافق أحزاب الجمعية العمومية للحوار الوطني وما بذل من جهود في الداخل والخارج بواسطة آلية (7+7) وما صدر من توجيهات صارمة من رئاسة الجمهورية بشأن انطلاق فعاليات الحوار الوطني، تمهد الطريق أمام مشاركة الآخرين في الخارج ، وأضاف "بحسب خارطة الطريق التي حددت مدة مؤتمر الحوار بثلاثة أشهر، نرجو أن يصل السودانيون إلى اتفاق قبل انقضاء العام الجاري".
وشدد جابر على بذل جهود إضافية من قبل آلية الحوار والجهات ذات الصلة لإنجاح الحوار والإصرار على مشاركة الآخرين فيه ، وأكد أن الحوار ليس له علاقة بأي ضغوطات خارجية، مرحباً في نفس الوقت بالاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والآلية الأفريقية رفيعة المستوى وآخرين كمراقبين لفعاليات الحوار الوطني في السودان.

أنقذو الاطفال منظمة استخبارية أمريكية من الدرجة الأولى!

تدور الآن حرب استخبارية بالغة الشراسة بين وكالة المخابرات المركزية الامريكية والمخابرات الباكستانية. والحرب فى ظاهرها وما رشح على السطح ربما تبدو للكثير من المراقبين حرباً عادية تجري على نحو يومي روتيني بين العديد من الدول سواء بسبب المصالح او لأية حسابات وتقديرات اخرى ولكن الخلفية الخطيرة التى تجري على أساسها هذه الحرب الشرسة من الممكن ان تقشعر لها الابدان.
القصة باختصار كما وقفنا عليها -عن طريق المصادفة- ان الحكومة الباكستانية وعلى نحو مفاجئ قررت في العاشر من يونيو الماضي 2015 إغلاق كافة مكاتب المنظمة غير الحكومية الشهيرة (أنقذو الاطفال) بالشمع الاحمر.
نبرة الغضب الباكستاني المتصاعدة كانت من الوضوح بحيث لم تستثن أي مكتب للمنظمة في اسلام أباد وكافة المدن الباكستانية وأمتد الامر حتى لمناطق مجاورة فى افغانستان! وليت الامر وقف هنا فقط ولكن وزارة الداخلية الباكستانية قررت وضع يدها على كافة وثائق المنظمة بما يشير الى ان اسلام اباد -وبكل فورة الغضب هذه- كانت مدفوعة بشعور متعاظم ان هذه المنظمة تعمل في مضمار استخباري خطير وأخضعتها قبل اتخاذها القرار لمراقبة شديدة إمتدت لـ6 أشهر مضت. وصعقت المخابرات الباكستانية حين تبين لها ان ميزانية المنظمة فى باكستان وحدها -دون الـ120 دولة التى تعمل فيها المنظمة- بلغت حوالي 250 مليون دولار!
ثم ما لبثت المخابرات الباكستانية ان اكتشفت ان المنظمة هي التى فتحت الطريق امام وكالة المخابرات المركزية (سي آي أيه) للوصول -وعلى نحو آمن ومباشر- لمقر اقامة اسامة بن لادن! وذلك عن طريق الطبيب الباكستاني (شكيل أفريدي) الذي نجح في أداء المهمة نجاحاً منقطع النظير قاد الى اغتيال اسامة بن لادن فى مايو 2011 وبالطبع الازمة هنا تبدو متطاولة ليس فقط لتدبير عملية اغتيال بن لادن أو خلافها ولكن ايضاً لأن المنظمة غير الحكومية المعنية بالأطفال على نطاق العالم وتنتشر عبر 120 دولة حول العالم ولها مقرين رئيسيين فى كل من بريطانيا والولايات المتحدة، ما هي في الواقع سوى واجهة استخبارية بالغة الشراسة والخطورة!
وتظل المعضلة هنا ليس فى الحقيقة الصادمة جراء هذا الاكتشاف المذهل والمتأخر جداً، بقدر ما هي فى الحقيقة المؤملة التى استخدمتها وكالة المخابرات الامريكية في تحقيق اهدافها من خلال منظمة غير حكومية تنشط في مجال خاص بالأطفال ويصعب تطرق الشك الى انشطتها.
غير ان استمرار هذه الحرب الاستخبارية بين الدولتين من عدمه فى هذا التطور الحرج والكبير ليس مهماً بقدر ما ان المهم هو أن يدرك العالم ان المنظمات ذات الطابع الانساني وذات الميزانيات المهولة التي تنشط في مثل هذه المجالات ليست في الواقع سوى واجهات استخبارية مسمومة تدس سمها فى كل محفل تعمل فيه ولا تتردد في اختراق أي مجال حيوي تصادفه ولهذا فإن السودان حين ظل يتهم مثل هذه المنظمات التى كانت تعمل في دارفور وجنوب كردفان ومناطق مختلفة منه بأنها واجهات استخبارية لم يكن يطلق القول على عواهنه، السودان اكتشف هذه الحقائق منذ سنوات وظل يرفض وجود هذه المنظمات على أرضه كما ان كل الاتهامات التى ساقتها وما تزال تسوقها محكمة الجنايات الدولية إنما اعتمدت بصفة مطلقة على تقارير هذه المنظمات الاستخبارية المتدثرة بثياب امريكية ناعمة.

الخميس، 9 يوليو 2015

في كادقلي!..

من حر الخرطوم اللافح، هربنا إلى مدينة كادقلي بجوها الماطر وغماماتها القريبة، وكان يوم أمس كعُرس بهيج في حاضرة جنوب كردفان التي ترفُل في ثوب أخضر قشيب، طرَّزه الخريف. الخضرة تكسو الجبال والسهول والماء على جسد الوديان والخيران يجري كما الأحداث المتلاحقة التي مرت بها جبال النوبة خلال السنوات الماضية.. وصناعة السلام تبدو عسيرة وشاقة، لكنها ليست مستحيلة. تتطلب إرادة قوية ووحدة متماسكة للمجتمع المحلي، وهو يرتب خياراته وتطلعاته ونظرته للمستقبل، والأيام القادمات. وبدت الأرض القريبة من كادقلي من نافذة الطائرة كأنها تتهيأ لواقع جديد، فالقردود الممتد شمالي شرق المدينة ظهرت عليه لمسات المزارعين وقد فلحوا الأرض وجهزوها والمستطيلات المحروثة بين المروج الخضراء تعطي الإشارة بألا شيء  يمنع الإنسان من تحدي الظروف القاهرة وهزيمة الحرب وانبثاق فجر السلام والطمأنينة.
> انزلقت بنا عجلات الطائرة بيسر على مدرج مطار كادقلي في أول رحلة لشركة تاركو للطيران، وهي تدشِّن خطاً لسفريات الركاب إلى ولاية جنوب كردفان، بعد غياب الرحلات الجوية المدنية من سنوات طويلة، وتدشين الخط هو أولى استهلالات الوالي الجديد اللواء الدكتور عيسى آدم أبكر، الذي وجد أن الصلة الوحيدة بين الولاية وأجزاء السودان والأخرى وعاصمة البلاد، هي الطريق البري ويحتاج المسافر إلى اثنتي عشرة ساعة حتى يصل من الخرطوم الى كادقلي مروراً بعدة ولايات حتي يصل، كما أن تكلفة السفر بالحافلات والبصات تقارب سعر التذكرة من الخرطوم إلى كادُقلي بالطائرة التي كان افتتاح خطها السفري أمس.
> الاحتفال الرمزي بافتتاح الخط، يعني الكثير لولاية تعاني من الحرب والنقص في الخدمات والتخلُّف التنموي وظروف أخرى أثرت في الاستقرار والنشاط الاقتصادي والتجاري، وتأذى منها المجتمع.
> ولا يخفى على أحد، إن السنوات الطويلة القاسية التي عاشتها جنوب كردفان، عانى منها إنسانها من ضعف مريع في الخدمات، فتراجع التعليم الى معدلات صفرية في بعض المحليات، وانهارت المؤسسات الصحية، وزحفت أعداد كبيرة من النازحين الى المدن والحواضر الصغيرة.
> وتعاني الولاية في رئاسات المحليات والقرى من نقص في خدمات المياه ولا توجد كهرباء إلا في مدينتين أو ثلاث، كما أن السلام ظل بعيد المنال..
> التفكير في مواصلة تطبيع الحياة المدنية وتسهيل التواصل والانتقال للمواطنين وجعل الحياة تتطور في اتجاه كونها حياة عادية وطبيعية، هو المدخل السليم لتغيير الواقع في جنوب كردفان وتذليل حياة مواطن أفقرته الحرب وأفقدته خصائص وسمات كثيرة تتعلق بنمط الحياة المدنية الحديثة.
> لم تحمل طائرة شركة تاركو الأمل فقط لمدينة كادقلي، بل أنعشت -كما قال رئيس الغرفة التجارية بالمدينة في الاحتفال أمس- آمالاً كثيرة لدى التجار والقطاع الخاص والمصارف ومؤسسات عديدة، للعمل على ترقية جهودها وأعمالها من جديد، وقال والي جنوب كردفان في الاحتفال، إن الحياة ستتغير وسيكون التنقل السهل للمواطنين مدعوماً من حكومة الولاية. فسعر التذكرة لا يزيد عن خمسمائة جنيه وهي تكلفة تزيد قليلاً عن كلفة السفر البري. ووعد بمزيد من العمل لصالح المواطنين حتى تتهيأ كل الظروف الملائمة لعودة جنوب كردفان الى سابق عهدها، وقد نبذت الحرب وحققت السلام المنشود.
> ومن ملامح التحولات الكبيرة التي تجري في هذه الولاية، أن معنا في الطائرة وفداً كبيراً من رئاسة بنك الخرطوم بقيادة السيد فادي المدير العام، ولأول مرة تستقبل كادقلي زواراً من البنك في وفد بهذا الحجم، وكانت الدهشة على وجوهم عندما استقبلتهم المدينة بجمالها وفرقها الشعبية ورقصاتها المتنوعة، وانخرط الوفد في اجتماعات طويلة مع الوالي، كانت ثمارها تمويل البنك لمشروعات تنموية كبيرة أهمها تمويل الخط الناقل للكهرباء من مدينة  الدبيبات الى كادقلي بطول 160 كيلو متراً وهو الحل النهائي لمشكلة الطاقة في الدلنج وكادقلي ويمكن أن تزدهر الحياة والصناعة والزراعة والإنتاج الحيواني والخدمات بدخول هذه المدن الى الشبكة القومية بعد شهور، ووعد وفد البنك بمشروعات اخرى سيكون لها أثرها المباشر على الأوضاع في الولاية.
>  ما شهدناه أمس في كادقلي دليل عافية وتحتاج جنوب كردفان الى سند ومساعدة أكبر، حتى تستعيد ماضيها وتودع أزمنة القحط والحرب والخراب.. وهناك أمل لا يزال..

خروج "يوناميد" .. الخيار الآحادي

التداعيات المتعلقة بخروج بعثة يوناميد من دارفور التي تري الحكومة السودانية إن مبررات بقائها وفق التفويض الممنوح للبعثة لم تعد موجودة، ما زالت تتوالي خاصة في أعقاب قرار مجلس الأمم الدولي الذي صدر مؤخراً بتمديد بقاء البعثة لعام وسبقه بذات قرار التمديد لعام مجلس السلم والأمن الأفريقي وأشار مجلس السلم والأمن الأفريقي في قرار تمديده إلى إن إستراتيجية خروج يوناميد التي وضعتها الآلية الثلاثية (الحكومة السودانية، الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة) ثم وضعها قيد النظر.
أمس الأول لوحت الحكومة السودانية عن خيار جديد ربما تضطر لتطبيقه حال تكشف لها إن هناك جهات تسعي لعرقلة خروج قوات اليوناميد حيث أعلن وزير الخارجية بروفيسور إبراهيم غندور إن حكومة السودان قد تلجأ للخيار الآحادي حال معارضة أي جهة لإستراتيجية خروج البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (اليوناميد) من إقليم دارفور وفقاً للتصريح الصادر عنه لراديو سوا.
وطبقاً لمختصين فان دخول قوات اليوناميد للسودان تم بموافقة حكومة السودان لجهة إن موافقتها تعد شرطاً أساسياً، ولم يستبعد مصدر دبلوماسي إن تكون الحكومة السودانية وعبر مكونها الوطني المشارك في آلية وضع إستراتيجية تسعي لوضع إستراتيجية متكاملة لخروج قوات يوناميد وفقاً لمعطيات الواقع الراهن الذي تقف عليه الحكومة السودانية والتي يؤكد إن ضرورة بقائها قد انتفت وتشير ذات الحكومة إلى إن الحكومة ربما تمضي وعبر تحرك مدروس لإقناع الأطراف ذات الصلة بالخطة يمثل ملف خروج يوناميد من دارفور أحد أهم الملفات ذات التحدي الكبير الذي يواجه بعثة السودان في نيويورك خلال الفترة المقبلة وبعثة السودان بأديس أبابا.
ونقلت مصادر دبلوماسية إن بعثة السودان بالاتحاد الأفريقي بدأت بالفعل تحركات وسط الأوساط الأفريقية تهدف لقبول الرؤية السودانية المطالبة بخروج يوناميد.
ويري مختصون إن التجديد لقوات يوناميد لعام يمثل عملاً روتينياً باعتبار إن وجود البعثة يتطلب تصديقات متطلبات مالية محددة لمجابهة استحقاقات ومنصرفات العاملين بالبعثة لحين الاتفاق على معايير محددة ومنطقية لخروج البعثة، ومعروف إن فريقا ثلاثياً مشتركاً مكوناً من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والحكومة السودانية بدأ منذ مارس برئاسة السفير جمال الشيخ وبموافقة الآلية في اجتماعات متصلة منذ مارس في العام الماضي بغرض التوصل لإستراتجية خروج محددة استمرت فترة طويلة، وقامت بجولة طافت عبرها كل ولايات دارفور والتقت بكل المسئولين وتوصلت في ختام اجتماعاتها إلى اتفاق محدد وافق عليه كل الأعضاء الـ 60 الذين يشكلون قوام الآلية الثلاثية، بيد ان الآلية تفاجأت في اليوم المحدد للتوقيع على الاتفاق برفض ممثل الأمين العام للأمم المتحدة على التوقيع برغم انه كان يحمل تفويضاً كاملاً من الأمين العام للأمم المتحدة طوال جلسات التفاوض، بحجة تلقيه توجيهات من نيويورك تطالب بفرض صيغة معينة للاتفاق، لم يكن أمام الحكومة السودانية إلا مجابهتها بالرفض لجهة إن أي تدخل بالإضافة أو الحذف على الاتفاق الذي تواضع عليه الآلية بحجة عدم ملكية أي طرف من الأطراف الثلاثة هذا الحق بالتدخل في عمل الفريق قانونياً أو إجرائياً خلال هذه المرحلة، وتري الحكومة إن أي إضافات أو ملاحظات على الاتفاق الذي توصل إليه الآلية يمكن لأي من أطراف الآلية طرحها عقب التوقيع على الاتفاق ورفعه للأطراف الثلاثة، الحكومة السودانية، الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة .. وطبقاً لتصريحات سابقة للسفير عمر دهب مندوب السودان الدائم للأمم المتحدة بنيويورك فان وضع إستراتيجية خروج لبعثة يوناميد يمثل رغبة مشتركة وان ما توصلت إليه الآلية يشكل حجة قوية للحكومة السودانية في مناقشتها لهذا الملف سواء داخل أروقة الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي، وذلك من خلال التحركات الثنائية مع الدول الصديقة والتجمعات الإقليمية والدولية المساندة للسودان خاصة انه لا توجد بعثة سلام تمكث بأيه دولة في العالم للأبد.
وتعتبر الحكومة السودانية إن أجندة سياسية مواقف محددة لبعض موظفي الأمم المتحدة هدفت لتعويق مسار العملية التي كانت تمضي حتى محطاتها الأخيرة في سلاسة وتناغم كامل بين الفريق، وفقاً لتصريح رئيس الجانب السوداني السفير جمال الشيخ، وترى الحكومة إن بعض موظفي الأمم المتحدة لديهم أطماع وأجندة خاصة قاموا بإقحامها في تقاريرهم التي ترفع للأمين العام هي التي دفعت في نهاية المطاف لإحجام ممثل بان كي مون عن التوقيع على مسودة الاتفاق الابتدائية بموجب توجيهات عاجلة تلقاها من رئاسة الأمم المتحدة بنيويورك في ذات الحين تؤكد الحكومة إن الأوضاع الأمنية بدارفور أصبحت مستتبة ومستقرة لحد كبير.
مستدلاً على ذلك بانتظام العملية الانتخابية لأول مرة في كل ولايات دارفور وان الحكومات الولائية قادرة على احتوائها.
هناك تحركات حثيثة تقودها بعثة السودان بنيويورك ومثلها تحركها بعثة السودان بأديس أبابا، تعضدها تحركات الدبلوماسية عبر المسئولين بوزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية بهدف إقناع المجتمع الدولي بأنه أن الأوان للاتفاق على إستراتيجية محددة تضمن خروجاً مرناً لقوات يوناميد بعد إن انتفت المبررات التي دفعت الحكومة للقبول بدخول القوات ذات المكون الأفريقي، وما بين التحرك بالإقناع، ترتب الحكمة كذلك لوضع بديل آخر يتمثل في خطة آحادية تتضمن فيها رؤيتها لخروج يوناميد حال فشل الحوار عبر الآلية الثلاثية خاصة وان دخول القوات تم بناءً على موافقة الحكومة وبالمقابل فان بقاءها لن يكون بأي حال من الأحوال دون موافقتها.

قفص الكراكيب... والأحزاب السياسية

نقرأ ونقرأ ونغرق في علم النفس، ونجتهد ألا نتشرب لوثة الإلحاد وأن نخرج – في ذات الوقت – بالحكمة التي "نستنظفها" من بين اللا شئ واللا دين واللا أخلاق!
وسيجموند فرويد يعزو كل شئ إلى "قفص الكراكيب" والعقد النفسية في مراحل التكوين الجنسي، حيث تجتمع في الحوش "الوراني" والمرض النفسي هو مجرد ثعبان يخرج من الكراكيب..ويقيم النفس البشرية إلى (الهو والأنا والأنا العليا).. الهو هي النفس الغريزية التي تريد أن تأكل وتشرب وتمارس الجنس وهي التي تخاف على البقاء وتبخل وتشح بأشيائها لذاتها..والأنا العليا هي الضمير والقيم المكتسبة والموروثة!
والأنا أو الأنا الوسطى هي الوسيط الواقعي..ولكن في كتاب الله "الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم".
القسمة مختلفة: فالجنس إما أن يكون زواجاً وهو أجر وعافية وإما أن يكون فاحشة بأمر الشيطان.. والفقر أو الخوف من الفقر والأمر بالشح والبخل من الشيطان ايضا.. والأنا العليا هي أوارم الله!
ولكن في الحديث.. اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا..وهذا يثبت "في إطار عام" وجود الهو ولا يلغي وسوسة الشيطان بالفحشاء التي تصادف رغبات شريرة في النفس البشرية..لكن فرويد لا يراها شريرة، فالشر والخير قضية نسبية متغيرة، مثل موديلات السيارات، وما يمكن أن يكون شراً في زمان يمكن أن يكون خيراً في زمان أو مكان آخر!
أغلقنا كتاب فرويد أعدناه إلى "كراكيب المكتبة".. ورفعنا المصحف الشريف "الرف الأعلى".. وغرقنا في التفكير مجدداً في علم النفس الجماعي والاجتماعي.. وفيه أن المجموعة البشرية، أية مجموعة قبيلة، حزب، وزارة، شركة، جماعة دينية، فريق كرة ومعه مجلس الإدارة، عصابة، مليشيا، كل مجموعة لديها "نفسيات جماعية خاصة بها".. ويمكن أن تمرض "مرضاً نفسياً جماعياً أو تتخذ موقفاً لأسباب نفسية.. ويكن أن تقرر سقوط حاكم أو إعلان حزب على مجموعة أخرى..ويشرح غوستاف لوبون "الديناميكية النفسية للثورات" وسايكلوجيا الجماهير" ويسرد بعض المؤشرات ولكنه يتوقف!
وبعده يواصل شخصي الضعيف في إسقاط نظرية فرويد على مبادئ غوستاف في علم النفس الجماعي.. بهذه الفرضيات: طالما القرار على مستوى الفرد يقوده ويحضره هذا الثلاثي ايضا داخل الجماعة ولكن وفق هذا التعديل.. الموضوع ليس عمومات تحوم فوق الجماعة، هنالك فرد أو "ثلة" داخل الجماعة تمثل الهو ومعها "قفص الكراكيب"... وفرد أو ثلة يمثل "الأنا العليا" وفرد أو ثلة يمثل "الأنا"!
في القبيلة مثلاً هنالك من يمثل "الهو" بتقديم القبيلة على الدين والخلق والوطن وكل شئ.. بالإصرار، القبيلة لن تعيش إلا اذا سفكت وقتلت القبائل الأخرى.. بل وتتخصص الهو في تصدير الاتهامات المستمرة بوجود خونة وجواسيس للقبيلة الفلانية والعلانية وتجمع أدلة لذلك.. وإن لم تجد زورت واختلقت وهو سلوك ينسجم مع تكوينها السيكوباتي، وبالرغم من أن ما تقوله هو خارج إطار المنطق والوعي إلا أنه يمثل "ضرورة البقاء" وهو هدف جماعي متفق عليه!
وجود الهو... لا يمكن تفاديه.. ولكن يجب ألا تستولى على موقع اتخاذ القرار (الأنا الوسطى)، يجب أن نظل في قفص الكراكيب مع الحيات والأفاعي و"الضبوب".. لا يمكن أن تكون في "البترينة".. وإلا شوهت المنظر!
ونواصل في القراءة والسهر..والتقاط الثمر والمعرفة!

انهيار قوى الاجماع آخر مراحل إدمان الفشل

التحالف الذي انهار تماماً قبل اشهر قلائل والذي كان يضم عددا من القوى السياسية المعارضة تحت لافتة قوى الإجماع، تفرقت بمكوناته السبل على نحو فريد. ومع ان انهيار تحالف سياسي معارض كان يضم في جوفه اقصى اليمين وأقصى اليسار وكانت لديه في وقت من الاوقات معطيات جيدة وكان بإمكانه ان يحرز الكثير بالعمل السياسي المثابر أمر مثير للدهشة حقاً؛ ولكن الأمر الاكثر اثارة للدهشة ان هذا الانهيار ألحق اضرار ببعض هذه القوى وأفاد قوى أخرى داخل التحالف وهناك مجموعة ثالثة زادها الانهيار انهياراً على إنهيارها.
فعلى سبيل المثال فإن انهيار التحالف أضر ضرراً بليغاً وغير مسبوق بحزب الامة القومي بزعامة المهدي لأن هذا الحزب -رغم كل إعتلالاته الصحية التي ظلت ملازمة له- يعتبر الجسم الاكبر والأبرز فى التحالف المنهار فلا نجح الحزب في قيادته للتحالف بالطريقة التي تحفظ للحزب مكانته التاريخية وأطروحاته ووزنه السياسي، ولا نجح فى المحافظة على علاقاته السياسية المهمة مع المكونات الحاكمة، خاصة فيما يتصل بقضية الحوار الوطني.
الآن حزب الامة القومي بحاجة الى (معجزة) لكي يضمن له مقعداً مريحاً في قاعة الحوار الوطني لأنه لا يمتلك تحالف يناور به، كما لا يملك علاقة قوية مع الحزب الحاكم تجعل الاخير يحسب له حساباً.
حزب الامة سوف يضطر في مرحلة لاحقة الى طرق باب الحوار طرقاً خافتاً طالباً السماح بالدخول. وفي مثل هذه المواقف فإن السماح بالدخول سوف يكون ضمن إطار محدد ومحدود ومن الصعب ان يكون بذات المعطيات السابقة بحال من الاحوال. أزمة المهدي المفجعة انه قفز خارجاً من مضمار الحوار لأكثر من 9 أشهر بلا دراسة جدوى ودون استراتيجية واضحة ومفيدة ودون افق سياسي سليم.
أما المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي فيمكن اعتباره الافضل بين الجميع. صحيح انه لم يتخذ موقفاً واضحاً، ولكن دون شك اتخذ استراتيجية بعيدة المدى وضع فيها سلامة الوطن وصحته السياسية فوق كل اعتبار. الشعبي افاد بلاده بإيلائه اهتمام كبير بقضية الحوار من منظور الاستراتيجي كبير ولهذا فإن خروجه من التحالف قبل او بعد الانهيار لم يؤثر عليه كثيراً.
قوى اليسار عموماً (البعث والمؤتمر السوداني والشيوعي) إزدادت انهياراً جراء سقوط التحالف وانهياره لأنها وكعادتها لا تجيد التحالف فيما بينها نظراً للونية السياسية التى ما فتئت تضعها فى نفق ضيق. هذه القوى الصغيرة المغلوبة على أمرها ستظل هكذا على هامش الملعب السياسي الى ان تنتبه الى الواقع والمتغيرات. وعلى ذلك فإن انهيار تحالف الاجماع يمكن اعتباره نهاية للمشهد السياسي المعارض في صورته القديمة؛ تلك الصورة التى سئمها الشارع السياسي السوداني والتى تتراوح عادة ما بين قوى صغيرة عالية الصوت قليلة الجماهير ليس لها اثر فى الفعل السياسي الحقيقي الملبي لأحلام المواطنين. قوى تحسن فقط الاحتجاج والتشويش وتتكئ على معالم الماضي.
إنهيار تحالف الاجماع في الواقع انعكاس لحالة الفشل السياسي المدمر التى تعيشها القوى السياسية هذه التى فشلت في القيام بواجبها الوطني كمعارضة سياسية وطنية نظيفة اليد، مدركة لطبيعة المرحلة الماثلة حالياً في السودان.

استئناف التأشيرات بالسفارة الأمريكية بالخرطوم

أعلنت السفارة الأمريكية في الخرطوم، يوم الأربعاء، عن استئناف تأشيرة الهجرة من مبانيها داخل السودان للمرة الأولى منذ نحو 20 عاما،وأكدت أنه ابتداءً من الشهر الجاري سيكون بإمكان جميع المستوفين أن يكملوا مقابلاتهم وإجراءات تأشيراتهم بالخرطوم.
وتضع الولايات المتحدة السودان في قائمتها الخاصة بالدول الراعية للإرهاب، كما تفرض عليه عقوبات اقتصادية منذ العام 1997م.
وأفادت السفارة الأمريكية في تعميم، صحفي أنه ابتداءً من يوليو الحالي، سيكون باستطاعة كافة المتقدمين لجميع فئات تأشيرات الهجرة، بما في ذلك الأقرباء المباشرين، وتأشيرات "اللوتري"، أن يكملوا مقابلاتهم وإجراءات تأشيراتهم بالخرطوم".
يشار إلى أن إجراءات الهجرة للرعايا السودانيين، كانت تلزمهم سابقاً بالتوجه إلى السفارة الأمريكية في القاهرة، لتكملة إجراءات التأشيرات الخاصة بالمهاجرين، ما يتطلب السفر إلى مصر، وبذل قدر كبير من الوقت والجهد والنفقات.

جنوب دارفور توعد بحسم المتفلتين

توعَّد والي ولاية جنوب دارفور، آدم الفكي، المتفلّتين والذين يتسترون عليهم من القبائل، بإجراءات حاسمة تطبق لأول مرة، ودعا المواطنين إلى التصدي للصوص، وقال إنه لا مكان بعد اليوم للمساومة مع أي مجرم.
 وقطع والي جنوب دارفور خلال مخاطبته نفرة النصرة للشرطة الشعبية بحاضرة الولاية نيالا، بأن الإجراءات الحاسمة ستطال كل من يحمي عصابات التفلّت والنهّابين ومن أسماهم بالطابور الخامس ، وقال إن حكومته وضعت من التدابير ما يكفل للمواطن الاستقرار الأمني الكامل، مطالباً فعاليات المجتمع والمكونات القبلية بعزل المجرم والتبليغ عنه، وأضاف" لا مكان بعد اليوم للمساومة مع أي مجرم بجنوب دارفور" .
وأعلن الفكي أن ولايته خالية تماماً من التمرد، ما دفعه إلى بذل كافة جهوده في مدينة نيالا للقضاء على الانفلات الأمني ، وطالب المواطنين بضرورة مد الأجهزة الأمنية بالمعلومات الكافية، عن تحركات المتفلتين وأوكارهم، وقال إنه في سبيل إعادة الأمن بمدينة نيالا تمت المصادقة على تجنيد 50 شاباً وتسليحهم في كل حي من أحياء المدينة للمساهمة في عملية بسط الأمن.
واشار الوالي الفكي الي ان الأحياء ستكون مغلقة بسياج أمني من أبنائها للحيلولة دون فرار الجناة، كاشفاً الشروع في حفر خندق حول مدينة نيالا وتحديد 7 مداخل ومخارج فقط للمدينة، بهدف السيطرة على عمليات الانفلات الأمني ومنع اختطاف السيارات.
وأعلن الفكي نشر 60 كاميرا للمراقبة ومتابعة حركة المتفلتين، مؤكداً عدم الإفراط في مسألة ضبط الأمن وضبط الأوضاع الأمنية بالمدينة، قاطعاً بأنه سيعمل على تحقيق الأمن والاستقرار بأية صورة كانت.
وأوضح الفكي أن حكومته وضعت خطة محكمة لطي صفحة الانفلات الأمني، الذي سبب قلقاً عميقاً في أرجاء مدينة نيالا ، وتعهّد بتنفيذ عمليات تفتيش مباغتة بمحاصرة الأحياء التي يشتبه في وجود أوكار جريمة بها، منوهاً إلى أن أي فرد من القوات النظامية يتم ضبطه متلبساً بجريمة سيحاكم بدون أي مجاملة.
وشدّد على أن كل متفلت يتم القبض عليه سيتم ترحيله فوراً إلى سجون بورتسودان لتتم محاكمته هناك، مؤكداً أنه سيعمل على تطبيق قانون الطوارئ بصورة واضحة.
من جهته أعلن مدير شرطة ولاية جنوب دارفور، اللواء أحمد عثمان محمد خير، عن توقيف 19 من مرتادي الإجرام من جملة قائمة تضم 40 مجرماً تم فتح بلاغات في مواجهتهم وما زال البحث جارياً للقبض على البقية.
وأبان أن الأجهزة الشرطية رصدت قائمة بأسماء معتادي الإجرام لمتابعة تحركاتهم، مطالباً المواطنين بضرورة مساعدة الشرطة بالمعلومات لضبط الجناة، مشيراً إلى أن الأمن مسؤولية الجميع.

الثلاثاء، 7 يوليو 2015

"سوار الذهب" يُشيد بمشاريع "عيد الخيرية" في السودان

استقبل علي بن عبدالله السويدي، المدير العام لمؤسسة عيد الخيرية الرئيس السوداني السابق عبدالرحمن سوار الذهب، ووالي ولاية شمال كردفان مولانا أحمد هارون اللذين أشادا بمشروعات عيد الخيرية وجهودها في السودان خاصة في إقليم دارفور وعدد من الولايات والمحافظات التي كان للبعد التنموي أثر كبير في استقرارها وتخفيف معاناة السكان فيها.
كما تضمن الوفد الزائر الحاج ماجد سوار وزير شؤون المغتربين، والسفير بالخارجية السودانية سراج الدين حامد.
من جهته رحّب مدير عام عيد الخيرية بالرئيس السوداني السابق ووالي كردفان والوفد المرافق، مُبدياً سعادته بهذه الزيارة، ومُثمّناً تعاون الحكومة السودانية في تذليل العمل الخيري.
وقال السويدي: إن عيد الخيرية نفّذت في السودان آلاف المشاريع الخيرية الإغاثية والإنشائية والصحية والتعليمية والاجتماعية والتنموية والموسمية ومشاريع المياه وإدارة المخيمات والدعم المتعدد للسكان المحليين، فضلاً عن البرامج التعليمية والدعوية والتثقيفية بلغت قيمتها 226 مليون ريال من 2007 وحتى الآن.
وأوضح أن المشاريع الإنشائية تصدّرت هذه المشاريع ثم تأتي المشاريع الإغاثية والتنموية والطبية في المرتبة الثانية، ثم مشاريع الأيتام والأسر وبعدها المشاريع التعليمية والموسمية.
وأشار والي ولاية شمال كردفان مولانا أحمد هارون إلى أن هناك توجها للحكومة السودانية في إجراء مزيد من التسهيلات الاستثنائية للعمل الخيري والإنساني في السودان، وطرح بدائل أكثر يسراً، وكذا تسهيل دخول المعدات والسيارات والآليات المتصلة بالعمل الخيري.
وتركز الحديث بين الطرفين حول مشكلة كردفان، فبيّن "هارون" أن أولويات العمل في كردفان تتمثل في أربع ركائز: الأولى والأهم: حل مشكلة المياه عن طريق حفر الآبار الارتوازية وتوفير المضخات والآلات اللازمة والثانية التعليم، والثالثة الصحة والرابعة التنمية الكبرى الشاملة.
وأشار إلى أن مشكلة المياه هي سبب النزاعات في ولاية شمال كردفان، حيث إن المجتمع هناك، إما رعوي وإما زراعي، ووقت سقوط المطر لا تكون هناك مشاكل، أما في موسم الجفاف وقلة المياه، فإن السكان إذا لم يجدوا الماء تنشأ بينهم نزاعات قد تصل إلى الاقتتال، فمن الممكن أن يقتل الإنسان بسبب سقاء جمل أو شاة.
وعن التنمية الكبرى أشار والي شمال كردفان إلى أن هذه مهمة الدولة ولا غنى للشعب عنها، ويمكن أن تساهم الجمعيات الخيرية في ذلك بشكل إيجابي، لافتاً إلى أن السودان غني بثرواته الطبيعية، فالذهب والمعادن الأخرى والبترول وغيرها موجود بكثرة، وهناك الأرض الخصبة والموارد الزراعية والثروة الحيوانية، كل ذلك يحتاج إلى استثمار وإقامة مشروعات كبرى لتحقيق النهضة لشعبنا وأمتنا العربية والإسلامية.

شهداء «تلودي» وحتى لا تخدعنا واشنطن

>  عجيبة جداً السفارة الأمريكية في الخرطوم وهي تحث كما قالت الحكومة السودانية وزعماء المعارضة السودانية على اتخاذ خطوات جريئة ولازمة لتأمين السلام لجميع السودانيين.
>  وحديث سفارة واشنطن هذا يأتي في سياق تعبيرها عن قلقها المزعوم من تقارير أفادت بقتل عشرات المدنيين في هجوم نفذته الحركة الشعبية المتمردة «قطاع الشمال» بقيادة عقار والحلو ويعاونهما عرمان.
>  فمن هم زعماء المعارضة الذين أشارت إليهم السفارة الأمريكية في الخرطوم؟! هل هم عقار والحلو وعرمان وعبد الواحد ومناوي وجبريل؟!
>  هؤلاء طبعاً قادة تمرد يقودون الهجمات ضد المصلين في تلودي.. وهذا لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال سلوك معارضة سواء مسلحة أو مدنية.
>  أما إذا كان المقصود الصادق المهدي فهو «نصف معارض سياسي» بوجود نجله داخل القصر الجمهوري.. ونجله إذا سألته من تمثل وماذا تمثل، لن تجد منه إجابة.
فهو يمثل العلاقة المجمدة بين والده وبين الحكومة.
>  وتبقى السفارة الأمريكية بذلك تتحدث خبط عشواء.. تتحدث من أجل الحديث.. لكنه حديث النفاق.. ولو كان هؤلاء الشهداء وعددهم ثمانية وثلاثين سقطوا بسلاح حكومي.. لما تحدثت السفارة وحدها.. بل كانت تحدثنا كل العواصم الغربية.. وحتى إسرائيل كان يمكن أن تقدم كلمات بلغة إنسانية لتصطاد في الماء العكر.
>  لكن من ارتكبوا الجريمة هم اصدقاء واشنطن واسرائيل ويوغندا. وهم ارتكبوها بالسلاح الذي يأتهيم ثمنه من هذه الجهات الثلاث. فبأي سلاح قتل المتمردون المصلين في تلودي؟! ومن دفع ثمنه أصلاً في سوق السلاح؟! أليست هي واشنطن التي تعبر الآن سفارتها في الخرطوم عن قلقها المزعوم لاستشهاد العشرات في هجوم للحركة الشعبية على المصلين في تلودي؟!
>  حتى لا تخدعنا واشنطن او سفارتها في الخرطوم التي تتخذها وكراً للجواسيس لخدمة المتمردين الذين يقتلون اولاد النوبة ودارفور في تلودي، فإن دولة قوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وقادرة على حسم الحركات المتمردة بشيء واحد هو وقف دعمها وتمويلها لها، لا يمكن أن يكون اكثر ما تستطيع فعله هو التعبير عن القلق لاستشهاد الأبرياء في تلودي وغير تلودي.
>  قبل سنوات وقبل مقتل خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة، حينها كانت تقارير وزارة الخارجية الأمريكية تتحدث عن أن حركة العدل والمساواة احترفت قطع الطرق والنهب المسلح.
>  الآن هؤلاء الشهداء المنقبون عن الذهب تقتلهم قوات  الحركة الشعبية قطاع الشمال، وهم من أبناء النوبة ودارفور. ترى هل تريد نهب ممتلكاتهم من الذهب الذي ينقبون عنه؟ ام ان قتلهم كمصلين كان ذا بعد سياسي؟
>  استشهاد العشرات من أبناء النوبة ودارفور وهم يؤدون الصلاة لا يكفي أن تعبر عنه واشنطن بهذه الكلمات التي تصورها وكأنها لا تستطيع حسم الأمر بإيقاف الدعم لتمرير المشروع التآمري. لكن واشنطن تبقى طرفاً أصيلاً في هذا القتل الفظيع من خلال دعمها بمختلف أشكاله للتمرد منذ عقود.
>  وتقول واشنطن إنها تحث الحكومة وزعماء المعارضة السودانية على اتخاذ خطوات جريئة ولازمة لتأمين السلام لجميع السودانيين.
>  تأمين السلام لجميع السودانيين أول ما يحتاجه هو أن ترفع واشنطن يد الدعم والتمويل للتمردين ومشروع التآمر ضد أمن واستقرار البلاد وكل إفريقيا.
>  ولا ينطلي على المراقبين كذب ونفاق واشنطن في التعبير عن قلقها.. ولا يجدي قلقها نفعاً لو كان حقيقة.
والمراقبون يعلمون تماماً أن سحب مؤامرات واشنطن وحلفائها مثل إسرائيل من كل إفريقيا وترك شؤونها الأمنية لسياسات الاتحاد الإفريقي وحده كفيل جداً بوضع القارة الحزينة في اتجاه العيش الآمن والكريم والرفاهية.. وهي تملك الموارد المتنوعة والمتعددة.
>  لكن مع رعاية واشنطن لمشروعات نسف استقرار القارة باعتبار أن إنسانها لا يستحق أن يعيش حراً آمنا، فإن المصلين في تلودي من أبناء النوبة ودارفور والمواطنين في كل مكان ستسيل دماؤهم وتزهق أرواحهم بسلاح أمريكي وإسرائيلي تدفع ثمنه واشنطن وإسرائيل، رغم نفاق سفارة واشنطن.
>  لنعلم هذا وننتبه حتى لا تخدعنا سفارة واشنطن.

قطاع الشمال والأمريكان.. النيران الصديقة

كان لأفتاً للإنتباه أن تعبر السفارة الأميركية بالخرطوم عن بالغ قلقها من تقارير أفادت بمقتل عشرات المدنيين في هجوم نفذته الحركة الشعبية قطاع شمال، في الخامس والعشرين من شهر يونيو الماضي، على بلدة قرب تلودي بولاية جنوب كردفان، حيث أدانت السفارة، في بيان لها مطلع الأسبوع الحالي الهجوم وقالت أنه أسفر عن مقتل العشرات وإصابة ما يقارب الـ(100) أثناء تجمعهم لأداء صلاة الفجر قبل بدء الصيام، معتبرة أن ذلك يشكل استهدافاً للمدنيين وانتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، وكانت تقارير صحفية أفادت نقلاً عن مصادر محلية بولاية بجنوب كردفان بأن القتلى منقبون عن الذهب وعددهم 38 قتيلاً أغلبهم من أبناء دارفور، وحثَّت واشنطن قطاع الشمال، وجميع الحركات المسلحة، على وقف الأعمال العدائية واحترام التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، ولا سيما في ما يتعلق بحماية المدنيين وضمان الوصول الآمن ودون عوائق لمنظمات الإغاثة، كما دعا مجلس الأمن الدولي، وقالت السفارة في بيانها: (أوضحت سنوات القتال أنه لا يوجد حل عسكري للصراعات في السودان، وأن الحل السياسي ضروري لتحقيق سلام مستدام، وتابعت نُحثُّ الحكومة وزعماء المعارضة السودانية على اتخاذ خطوات جريئة ولازمة لتأمين السلام لجميع السودانيين).
إدانة القطاع:
أن تتناقل وسائل الإعلام الأخبار عن هجمات عسكرية يشنها قطاع الشمال على ولاية جنوب كردفان، ليس بالأمر الغريب كون الحركة الشعبية إتخذت البندقية وسيلة لتصفية حساباتها السياسية، لكن أن تأتي الإدانة لقطاع الشمال من الولايات المتحدة الأمريكية الصديق المقرب لقادة القطاع هذا هو الأمر المثير للدهشة، لكن بعض المراقبين برروا هذه الخطوة بأن العلاقة بين الخرطوم وواشنطن وصلت مرحلة متقدمة جداً، ولعلها المرة الأولى التي تقف فيها الإدارة الأمريكية مع حكومة الخرطوم ، فالراصد لمجريات الأمور يلحظ منذ الأذل وقوف الأمريكان إلى جانب المتمردين ضد الحكومة، لكن يبدو أن التحركات الخرطومية الأخيرة نحو التطبيع مع البيت الأبيض بدأت تأتي أكلها، خصوصاً بعد زيارة البروفسير إبراهيم غندور، الأمر الذي جعل السفارة الأمريكية بالخرطوم تدين الهجوم الذي شنته الحركة الشعبية قطاع الشمال على أهالي منطقة بالقرب من مدينة تلودي، ولم تكتف الإدارة الأمريكية بالإدانة فحسب وإنما رصدت الإعتداء بالأرقام كما حثت قطاع الشمال والحكومة على وقف الأعمال العدائية واحترام التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي.
فشل المفاوضات:
كثيراً ما أعلنت الحركة الشعبية قطاع الشمال عن رغبتها في الحوار الجاد والهادف مع حكومة المؤتمر الوطني، إلا أن ذلك الحديث لا يلبث أن يذهب مع الرياح في أول محك أو اختبار لقطاع الشمال، حيث جلست الحكومة السودانية مع الحركة الشعبية قطاع الشمال في أديس أبابا وبدأت معها المفاوضات، وما أن عاد وفد الحكومة السودانية من الجولة التفاوضية قامت الحركة الشعبية بالاشتراك مع الجبهة الثورية بالهجوم علي (أم روابة) و(أبو كرشولا)، مما جعل سير المفاوضات يتوقف بل وأعلنت الحكومة السودانية بعدها صراحة أن لا تفاوض مع قطاع الشمال، قبل تعود للتفاوض معها مرة أخرى، لكن في كل مرة تصل جلسة المباحثات بين الطرفين إلى طرق مسدودة، مما يضطر الوسطاء إلى تعليق المفاوضات، الأمر الذي جعل بعض الجهات ترفض مبدأ التفاوض بين الطرفين جملة وتفصيلاً، وترى أن قطاع الشمال لا يستند إلى قانون ويناقض قانون تنظيم الأحزاب السياسية والقوانين السارية بالبلاد، وحذرت الحكومة من التفاوض معها قبل قبوله لأنه يعتبر تحريراً لوفاتها بيدها، بيد أنّ هناك جهات أخرى كانت ترهن قبولها له بعدة اشتراطات وغير بعيد من هؤلاء نبرة التململ الواضحة داخل أروقة التحالف المعارض الذي طالب بضرورة إشراك الأطراف السياسية كافة في الحلّ، الفعل الذي جعل بعض التحليلات تذهب إلى أن الإرادة السياسية في الحوار الثنائي عندما تكون مدفوعة بالضغط الدولي دائماً ما تنتج جنيناً مشوهاً للحلّ، وتشير إلى أن: هذا الحوار الثنائي الذي جاء على أسنّة القرار 2046 بخضوع الطرفين للحلّ يعتبر تكراراً لما يسمى بالفشل التاريخي في اتفاقيات نيفاشا، أبوجا، القاهرة، الدوحة، وأسمرا، التي لم تفلح في الوصول لحلول، وهو ذات الأمر الذي يتوقع حدوثه في أديس أبابا إذا ما توصلت الحكومة إلى إتفاق مع قطاع الشمال.
التوقيت الخاطئ:
الكثير من المراقبين وصفوا الإعتداءات الأخيرة لقطاع الشمال بالتوقيت الخاطئ، بعد أن مضت فترة الإنتخابات دون إعتداءات تذكر لإفساد الحدث الديمقراطي، ويضيف المراقبين ليس هنالك أي مبرر للهجمات العسكرية التي يشنها القطاع الآن على ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، لكن البعض ذهب في تبريراته نحو أن الحركة الشعبية قطاع الشمال تريد بهذه الهجمات إثبات وجودها في الساحة سياسياً وعسكرياً بعد أن رسبت في إفشال الإنتخابات، وليس لديها أي وسيلة أخرى للظهور في وسائل الإعلام والميديا، سوى شن الهجمات العسكرية على المواطنين العزل في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وحكومة الوطني بعد أن إكتسبت شرعيتها الجديدة من الأنتخابات الماضية أصبحت أكثر عزيمة وقوة لكسر شوكة المتمردين، وثمة تصريحات عديدة لكبار قادتها بأنهم سيفرضون السلام بقوة السلاح بعد أن رفضت الحركات المتمردة وضع السلاح والإنخراط في المفاوضات.

السفارة الأمريكية خطوة خطوة

تطور في تعامل الولايات المتحدة مع قضايا الحرب والسلام في السودان.. إذ أنه وفقاً لصحف أمس فإن السفارة الأمريكية بالخرطوم أدانت هجوماً للحركة الشعبية على مواطنين مدنيين كانوا يؤدون الصلاة قرب تلودي.
نعم لم تدن السفارة الحركة الشعبية ولكنها أدانت فعلها القبيح ولعلها رأت في القتل أثناء الصلاة جرماً سيحرك غضباً.
وسفارة الولايات المتحدة أصبحت تتحرك تحركاً متديناً في السودان تشارك في إفطارات رمضان مع الجيران والطرق الصوفية وتحتج على قتل مصلين وهم صائمون في رمضان.
المهم في الموقف الأخير أن السفارة الأمريكية تدين عملا للمتمردين ورغم أنها أقحمت الحكومة عندما طالبتها بالعمل لوقف الحرب فإنها خطوة إذ أن المنهج السابق أن الحكومة تدان إذا اتهمت بعمل وإذا اتهمت الحركة الشعبية أن الحركة أضحت تدان مرة بعد أن كانت لا تدان أصلاً.
إنها خطوة جيدة على كل  حال أن تشعر الولايات المتحدة أن السلام في السودان يريد تحركاً مشتركاً من الحكومة ومن المتمردين حملة السلاح.
خطوة ربما تصل معها الولايات المتحدة إلى نقطة وموقف معقول يمكن أن يجعل منها قوة وسطية ومسهلة مقبولة الموقف والكلمة إذا كان الموقف عادلاً والكلمة منصفة.
عندما ترفض الولايات المتحدة أن تخضع مواطنيها للمحكمة الدولية وتشرع لذلك قانوناً وتطالب السودان أن يخضع للمحكمة فهذا تناقض لا يشبه دولة كبرى ولا يجعلها وسيطاً عادلاً.
وعندما تطلب الولايات المتحدة الحكومة والمتمردين بالعمل لوقف الحرب وهي تقرر المقاطعة والعقوبات للحكومة ومسؤوليها ولا تفعل ذلك مع الطرف الآخر في النزاع فإن هذا لا يشبه الولايات المتحدة.. بيد أنها خطوة وليس كل ما يطلب ينال ويبقى الأمل في خطوات نحو توازن وشفافية في العلاقة مع السودان، خاصة وأن بين يدينا محادثات وإتصالات بين الولايات المتحدة والسيد وزير الخارجية.
لا نأمل في موقف معتدل من الولايات المتحدة ولكن نأمل أن تنظر للسودان كلاً متكاملاً إذ الذين يتعاملون معها في رمضان هم سودانيون يريدون السلام والحكومة تريد السلام والسلام يريد العدالة في المواقف.
وتقول مع الأغنية (خطوة خطوة الريد نتمو).

هل حقاً سيزورنا "باقان أموم"؟!

هل حقاً سيزور "باقان أموم" الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة في دولة جنوب السودان الخرطوم خلال الأيام القادمة؟.. هكذا وجهت لنفسي هذا السؤال وأنا أطالع خبراً عن زيارة "أموم" الذي قرر الرئيس الجنوبي "سلفاكير ميارديت" في خطوة مفاجئة إعادته للمنصب وحضن الحكومة، بعد حالة  جفوة وخصومة كبيرة وصلت للإبعاد والسجن للسيد "باقان" ورفاقه.
سفير دولة جنوب السودان في الخرطوم "ميان دوت" حدثنا عن زيارة الرجل المرتقبة للخرطوم دون الإدلاء بالدواعي والتفاصيل، اللهم إلا أن "باقان" سيزور الخرطوم وكفى!
أحسست أن في زيارة "باقان" مآرب كثيرة خاصة وأن حزمة من المشاكل تحيط بدولة الجنوب من كل الاتجاهات بدءاً من حالة استعار الحرب وتدفق النازحين على السودان والدول المجاورة وإنتهاء بظهور وباء الكوليرا الذي يهدد ولايتنا الحدودية!.
"باقان" ظل شخصية مؤثرة في حزب الحركة الشعبية في نسختها الأولى في عهد رئيسها السابق د. "جون قرنق" وفي عهد "سلفاكير" لما يحمله الرجل من آراء جريئة وواضحة كان على رأسها ضرورة تحقيق انفصال الجنوب، حيث كان أكثر المتشددين، لا يحترم في ذلك كبيراً أو صغيراً، وأذكر جيداً في احتفال الدولة الوليدة والرجل على منصة البرنامج مقدماً لفقراته، حيث تعامل بطريقة غير لائقة في لحظة التسليم والتسلم وتقديمه للرئيس البشير بطريقة استهجنها كل الحضور من الجنوبيين، لكن د. "رياك مشار" نائب رئيس الحركة وقتها تدارك هذا الإخفاق المتعمد من "باقان" بحكمة وقدم اعتذاراً لطيفاً وخفيفاً للرئيس البشير وقدمه للناس بطريقة وجدت الترحيب الشديد من شعب جنوب السودان المنتشي بلحظات الانفصال.
تحقق الانفصال الذي أراده "باقان" وسل له سيف الخصومة والعداء لإخوته في الشمال، وصارت جنوب السودان دولة مستقلة عن الشمال لكن لم تقو على المضي في تأسيس دولة، بل كان واقع القبلية والنفوذ حاضراً، فلم تمض أيام على حالة نشوة الانفصال تلك إلا ووقعت حالة انفصال نفسي بين أخوة الأمس في الحركة الشعبية فاختلفوا وتناحروا وتحاربوا وصار واقع الحال يغني عن السؤال، حرب وموت وجوع ومرض!!
أرجو أن لا يكون "باقان" موفداً من الرئيس "سلفاكير" لإصلاح ما أعوج والتوسط في معالجة المشكلات القائمة بين البلدين، لأن الرجل غير مؤهل لذلك ولن يجد قبولاً حتى من الشارع العام ناهيك عن الحكومة التي سخط الرجل فيها ورماها بأفظع الأوصاف ولم يحترم رئيسها وهو يودعهم يوم الانفصال بـ(باي باي عهد العبودية)!
دولة الجنوب لا تخلو من الحكماء والعقلاء أمثال "نيال دينق بول" و"أتيم قرنق" و"كوال ميناق" و"جيمس وأني إيفا" حتى يكون "باقان" موفداً لبلاده.
أتمنى أن تعيد الحكومة ذلك الشريط لتقرأ فيه المواقف، وقتها يمكن أن تهتدي إلى الموقف الصائب والله المستعان.