الخميس، 19 فبراير 2015

قوى المعارضة، ترك الدراسة ورفض الجلوس للإمتحان!

أكثر ما يثير الدهشة بشأن موقف قوى المعارضة السودانية من العملية الانتخابية المرتقبة، ان هذه العملية –فقط لم تصادف هوي القوى السياسية المعارضة (أحلامها الخاصة) بأن تأتي بعد ان يتم تفكيك الدولة وتقام فترة انتقالية كاملة الدسم ويستعيد كل حزب (تعويضاته المالية) وتنتشر المنظمات الاجنبية بطول وعرض البلاد ثم تجري الانتخابات! لم تجد على الاطلاق تبريرات موضوعية جادة لرفض العملية الانتخابية من قبل القوى التى رفضت قيامها وتنوي مناهضتها!
كل الذين عارضوها -لمفارقات القدر و سخرياته- رفضوها لأنها جاءت قبل ان يستكمل الحوار الوطني. واذا سألتهم ولماذا لم يتم استكمال الحوار وأنتم كنتم المعنيين أصلاً بهذا الحوار؟ تجيئ الاجابة -دون حياء- ان الوطني لم يفِ بمتطلبات الحوار الوطني من الاساس! واذا مضيت اكثر وسألت عن طبيعة هذه المتطلبات التى لم يتم الوفاء بها، ستدرك -بغاية الدهشة- ان تلك المطلوبات المزعومة إن هي إلا موضوعات الحوار نفسه!
وإذا أردنا التفصيل اكثر فإن أحداً من هذه القوى ما كان يضيره ابداً ان يقبل بدخول الحوار بدون شك، فمن ناحية أولى كان هذا الموقف سيحظى باحترام وتقدير المواطنين السودانيين لأنهم سيشعرون أن القوى المعارضة لديها حرص كامل على المصلحة الوطنية العليا للبلاد فهي مهتمة بالاستقرار السياسي ومعالجة قضايا البلاد بأكثر مما هي مهتمة بقضاياها الخاصة واطلاق سراح معتقليها وتعويضها عن دورها ومقارها وأموالها المصادرة قبل اكثر من عشرين عاماً.
ومن الناحية الثانية إن هذا الموقف من الجانب الآخر سيدفع الوطني -شاء أم أبى- لإيلاء اهمية استراتجية اكبر لعملية الحوار لأنه هو الذي دعا لها، وعليه هو -عقب استجابة الآخرين لها- اذا كانت القوى المعارضة بذلك القدر من التفاعل الايجابي والحرص على المصلحة الوطنية ان تخرج عملية الحوار بنتائج تاريخية مؤثرة، وكان من المحتم -إن كان تأجيل الاستحقاق الانتخابي له كل تلك الاهمية والضرورة القصوى ان تتأجل بإرادة المتحاورين ويتحول المشهد كله الى مشهد وطني توافقي رائع.
ومن ناحية ثالثة فقد كان من المفروغ منه ايضاً ان تضطر القوى المسلحة التى تقاتل ضد الدولة سواء في دارفور او جنوب كردفان والنيل الازرق الى احترام الارادة الوطنية السودانية فى ظل وجود جبهة داخلية قوية ومتماسكة. كان محتماً ان ينخفض سقف هذه القوى المسلحة لأن الحقيقة التى لا مراء حولها أن القوى المسلحة تستمد غالب قوتها من خلال اعتماها-حقيقة أو حكماً- على قادة أحزاب سياسية تعمل بالداخل .
صحيح ان القوى المسلحة لديها غطاء خارجي يقدم لها مختلف اشكال الدعم، ولكن تأثير القوى السياسية الداخلية لشدة حاجة هذه القوى المسلحة لإسناد سياسي داخلي تبدو أكبر. وعلى ذلك فإن كان هناك من لوم على اضاعة هذه السانحة التاريخية النادرة فهو دون شك يقع على هذه القوى التى سارعت لوضع يدها مع القوى المسلحة لمجرد شعورها بأن الحكومة لم تفِ لها بمتطلبات الحوار المزعومة! تعجلت علمية تمايز الصفوف وراهنت على القوى المسلحة و الدعم الخارجي، مع أن أمامها مائدة مستديرة وطنية سهلة وميسورة وبإمكانها حلحلة الازمة بكاملها.
لهذا فإن هؤلاء لم يعتبروا بعظات وعبر التاريخ المعاصر المتمثل في نماذج العراق و سوريا وليبيا، ذلك على الرغم من ان انسداد الافق السياسي في تلك البلدان مردّه الى أسباب أبعد ما تكون عنها السودان بظروفه الحالية، ففي السودان الآن -أياً كانت المآخذ- إمكانية لممارسة ديمقراطية قابلة للتطور والاتساع، وإمكانية لتداول سلمي للسلطة قابل للاستمرار واستيعاب الآخرين، كما أن شعب السودان –الاكثر ندرة بين شعوب المنطقة– لا يميل الى العنف والعنف المضاد وتمزيق أوصال الدولة، هو شعب وحدوي شديد الوعي، شديد الميل الى التعايش!
ترى كيف فات وما يزال يفوت كل ذلك على القوى المعارضة التى تبحث فقط عن تاريخها الشخصي ومجدها الخاص ومصالحها الحزبية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق