الخميس، 12 فبراير 2015

من حيث تريد إفشالها، قوى المعارضة السودانية تعمل على إنجاح الانتخابات!

ليس الضعف وحده وإنعدام الجماهير وغياب الرؤية السديدة هو فقط ما يعتري قوى وأحزاب المعارضة السودانية، هناك أيضاً سوء التقدير السياسي وإمتزاج الغبن السياسي الشخصي مع التكتيكي والاستراتجي بحيث يبدو مزيجاً شائهاً يستدعي الشفقة والرثاء بأكثر من أي شيء آخر؛ الآن تطرح قوى المعارضة في مواجهة قرار قيام الانتخابات العامة أطروحة المقاطعة.
في الغالب قرار المقاطعة، قرار هادئ ذو كطبيعة اقرب الى السرية بحيث يأتي في سياق مفاجئ يربك الجميع. وفي الغالب ايضاً ان من ينتوون أمراً كهذا تكون لديهم (خارطة شاملة) لناخبين على مستوى القطر كله، بحيث يمكنهم معرفة النتيجة مسبقاً بطريقة حسابية استقصائية. الجديد الآن في خطة قوى المعارضة -بصرف النظر عن خلافاتها في طريقة المقاطعة- أنها اعلنت خططها مسبقاً، بحيث وضعت نفسها في تحدي خطير للغاية لا تملك عناصره وأدواته.
محض قوى نخوبية صغيرة لم يعرف لها تاريخ انتخابي مشرف. بالكاد كان بعضها يحظى بدائريتين أو ثلاث، وضعت نفسها في مواجهة مع ملايين الناخبين؛ ومع حزب حاكم لديه بالتأكيد حساباته وتقديراته وإلمام كامل وقاطع بجماهيره.
هذه الخطوة في حد ذاتها تعطيك نبذة كافية عن مدى التخبط وسوء التقدير لدى هذه القوى ففي العمل السياسي فإن المعطيات والظروف والملابسات وطبيعة الاوزان السياسية يصعب على عاقل الاستهانة بها حتى ولو كان يائساً ويود القفز في الظلام! ولهذا فإن خطة قوى المعارضة لمقاطعة الانتخابات هي في الواقع يمكن اعتبارها -وعلى العكس تماماً- خطة لإنجاح العملية الانتخابية انجاح أكبر مما كان متصوراً. كيف ذلك؟
أولاً: ثقافة المقاطعة -لسوء الحظ- ليست معروفة ومتجذرة، بل ليست مجربة على الاطلاق لدى عامة الناخبين السودانيين. السودانيون ساسة بفطرتهم وهم بهذا اذكى بكثير من ان تحملهم قوى حزبية صغيرة حملاً لشيء ليسوا على قناعة به. ولهذا لا نغالي ان قلنا ان الكتلة الانتخابية المتوقع تصويتها في مجمل العملية الانتخابية سوف تتسع، لا لشيء سوى لأن الملايين من الناخبين سوف يساورهم شعور ان المقاطعة سوف تمضي دون شك الى فراغ عريض ومن ثم الى مأزق سياسي وأمني، ومن ثم فوضى، والسودانيون هم آخر شعوب الدنيا الذين يجترحون الفوضى ويخوضون غمارها، وهذا ما يجعل من عملية المقاطعة عملية عكسية يتحاشى بها الناخبون على الاقل الدخول في متاهة.
الامر الثاني أحزاب المعارضة -تاريخياً- لم يعرف عنها أنها كانت تقود جماهير السودانيين على الاطلاق، السودانيين هم الذي يجرون القوى المعارضة جراً خلفهم، وهذه حقيقة سياسية تاريخية وإن لم يقرها البعض إلا أنها حقيقة ساطعة يصعب إنكارها، وهي واحدة من أخطر وأسوأ أخطاء القوى المعارضة وليس أدل عليها من احداث سبتمبر 2013 الى حاولت قوى المعارضة جر السودان فيها الى اتون موقد مشتعل، ولكنه لم يفعل وكانت تلك آخر سوانح المعارضة التى ضاعت الى الأبد.
الامر الثالث اذا كانت مفاضلة السودانيين ما بين القوى الحاكمة وما بين القوى الأخرى المرتبطة بقوى مسلحة والمجرب بعضها من قبل فإن النبض السياسي الشعبي العادي داخل قطاعات السودانيين الميالة بطبيعتها نحو الاستقرار سوف ترجح القوى الحاكمة.
أمر غريب ألا تدرك قوى المعارضة هذه الحقيقة البسيطة الساطعة كالشمس رغم إدعائها أنها تغوص في اعماق المجتمع السوداني وقريبة منه. أخيراً، فإن كل الناخبين السودانيين (خاصتهم وعامتهم) لا يعرفون حتى الآن سبباً منطقياً وجيهاً وموضوعياً يجعل قوى المعارضة تقاطع العملية الانتخابية، فهي عملية معلنة منذ العام 2010م. كما ان مجرد اعلان الوطني عن الحوار -بمبادرة خاصة منه- ليس مبرراً لإرغامه على التخلي عن الاستحقاق الدستوري. أرأيتم كيف تسعى قوى المعارضة لإنجاح العلمية الانتخابية أيما نجاح!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق