الثلاثاء، 24 فبراير 2015

المعارضة.. بين "ارحل" و" من غير ميعاد"!

(تسليك) علاقات السودان مع دولة الإمارات العربية تحديداً كانت هي آخر مهمة تنتظر الحكومة لتغلق ملف فتور العلاقات مع المحيط العربي المستفيق.. وحين نتحدث عن محيط عربي مستفيق فإن هذا يعني وجود دولة أخرى غير مستفيقة أو هي فيحالة إغماء أو غيبوبة بسبب تدهور صحتها الأمنية مثل سوريا، العراق، ليبيا واليمن.
لكننا نقصد الآن الدول (الصاحية) المستفيقة وهي دول الخليج العربي ومصر والأردن ودول الشمال الأفريقي..
والمهمة الأساسية في الخليج العربي الذي كانت علاقات السودان مع إيران قد شوشت على موقفهم منه أفصحوا عن ذلك أو لم يفصحوا لكنها كانت حقيقة يجب أن نقر بها جميعاً.
زيارة البشير التي يقوم بها الآن إلى دولة الإمارات بدعوة من قيادة تلك الدولة العربية الشقيقة هي زيارة بالغة الأهمية ولن نصفها بأنها تمثل اختراقاً في العلاقات لأن الاختراق يكون في مواجهة جسم صلب وممانع ويستخدم المصطلح في حالة العلاقات البالغة الضعف والضعيفة الفرص أو تلك العلاقات الجديدة كلياً وهذا لا ينطبق في وصف علاقات السودان بدولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك تاريخ ناصع وحميم من العلاقات الثنائية بين البلدين وهناك تعاون كبير في الكثير من المجالات، لكن وللحقيقة كانت العلاقات بين البلدين قد أخذت شكلاً من التجنب والفتور الأحادي من جانب الإمارات دون أية مصارحة أو مواجهة أو مخاشنة أو عداء.. وهي التي تتماثل الآن للشفاء في توقيت مهم وحساس لتسهم عودتها تلقائياً في تطوير علاقات أخرى في مواقع حليفة للإمارات مثل الأردن ومصر وحتى ليبيا نفسها التي تحتفظ بمواقف مترددة ومتناقضة بين الابتسامة للسودان اليوم ورميه بالاتهامات غداً..
هذا المسار الإيجابي الذي تخطو فيه الحكومة السودانية يجب أن يلفت انتباه القوى المعارضة لتكون مستيقظة ومستوعبة لما تعنيه تلك الخطوات، وأن تحسن بالتالي إدارة موقفها الذي كان يقتات سابقاً على عزلة السودان النسبية في محيطه الإقليمي وعزلته الكبيرة في المحيط الدولي والتي هي أيضاً تتزحزح للاستشفاء.
يجب أن تدرك قوى المعارضة أهمية اغتنام كل الفرص التي تتاح أمامها في المرحلة القادمة. حيث أن قوة علاقات السودان في الجوار العربي والأفريقي والدولي تتناسب تناسباً عكسياً مع فرص المعارضة في تحقيق مشروعاتها الثورية.
والآن تفقد المعارضة أرضاً أخرى ومنابر فضائية وإعلامية في المنطقة كانت في الماضي متعاطفة مع مواقفها..
على المعارضة أن تعيد النظر في مشروع الثورة حتى ولو بمقدار تغيير الخطة من (ارحل) إلى (من غير ميعاد) لأن الأغنيتين لشاعر واحد هو الرائع الأستاذ الجميل التجاني سعيد مع انتباهي للفرق في المعنى بين فعل الأمر (أرحل) وفعل المضارع (أرحل) بمعناه في الأغنية، لكن مع ذلك فإن تكتيكات التجاني الإبداعية في قصيدة (أرحل) كانت تقر بنسبة المخاطرة والضياع (يتوه من مرفأ لي مرفأ).. أما في أغنية (من غير ميعاد) فإن (اللقيا أقرب في الحقيقة بلا انتظار)..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق