الأحد، 15 فبراير 2015

(طائرة اليونسفا)... كارثة تحت مرمى نيران قوات قطاع الشمال

لم تكن الحادثة الأولى ضد قوات حفظ السلام الأممية في أبيي (اليونسفا) بجنوب كردفان، فقد تعرضت القوات لعدة أحداث مشابهة منذ تاريخ التصديق عليها في يونيو 2011 إثر تفاقم أعمال العنف في منطقة 0أبيي) الغنية بالنفط، ولكن ما حدث نهار أمس الأول الجمعة 13 فبراير 2015، تعتبر بذاتها كارثة بشرية محققة نجت منها طائرة اليونسفا في طريق رحلتها الروتينية ما بين مطاري (أديس أبابا وكادقلي) وعلى متنها (103) شخص من القوات الأثيوبية، فقد تعرضت الطائرة التابعة لقوات (اليونيسفا) لإطلاق نار كثيف نهار الجمعة من قبل قوات الجيش الشعبي المتمردة التابعة للحركة الشعبية (قطاع الشمال) في منطقة (أم سردبة) والتي تبعد (30) كيلومتر تقريباً شرق كادقلي في محلية (أم دورين)، هبطت الطائرة بصعوبة في مطار كادقلي.
إلا أن المتابع للأوضاع في جنوب كردفان يدرك تطوراتها وخطورتها وانتقالها من مرحلة لأخرى، فلا شك أن قوات الجيش الشعبي الذراع العسكري للحركة الشعبية (قطاع الشمال) قد اتجهت خطتها بصورة واضحة وجادة لاستهداف أي طيران بالمنطقة، عقب سيطرة كاملة لقوات الحكومة على الأجواء (جواً وبراً) طيلة فترة الحرب التي لا زالت مستمرة منذ (45) شهراً تقريباً ماعدا القليل من عمليات (الغوريلا) هنا وهناك، إلا أن القوات المسلحة قد نجحت بلا شك من فرض سيطرتها على الميدان براً وجواً خلال تلك الفترة الماضية.
بيدما الحادثة بذاتها ليست الأولى فقد سبقتها حادثة الطائرة المروحية الأممية التابعة لبرنامج الغذاء العالمي (تعاقدت عليها المنظمة الدولية) من قبل شركة هيلي البلغارية، اضطرتها نيران قوات قطاع الشمال في يناير الماضي للهبوط في منطقة (الهشيم) بذات محلية أم دورين في ولاية جنوب كردفان عقب إصابتها بعطل، وهي في طريقها من رومبيك في جنوب السودان إلى مطار الأبيض ومن ثم صوفيا (حاضرة بلغاريا) بغرض إجراء صيانة دورية وعلى متنها (6) أشخاص من البلغار، (ثلاثة) منهم يمثلون طاقم الطائرة و(ثلاثة) موظفين بالمنظمة الدولية، إحتجزتهم قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) في منطقة (كرجي) قبل أن تطلق سراحهم في 26 يناير الماضي وتسليمهم في جوبا لحكومة بلغاريا والأمم المتحدة.
وليس بعيداً عن ذلك فقد نجت قوات اليونسفا من عدة محاولات أثناء استهداف قوات التمرد لمدينة كادقلي لإفشال انطلاقة دورة سيكافا والتي انطلقت في 18 يونيو 2013 في ظل تلكم في التحديات، إلا أن القصف المتواصل لمدينة كادقلي طال مقر قوات اليونسفا بمنطقة (الشعير) قرب مطار كادقلي مما أدى لمقتل إمرأة بالبعثة الأثيوبية في 14 يونيو 2013 وجرح (2) من ذات البعثة الأثيوبية الأممية (اليونسفا)، وجدت الحادثة في حينها استنكاراً شديد اللهجة وشجباً وإدانة من قبل المجتمع الدولي.
ولكن قبل استعراض حقيقة الحادثة الأخيرة، دعونا نتعرف على قوات اليونسفا أولاً ومهمتها، فقد جاءت مهمة بعثة السلام في أبيي (اليونسا) تحت البند السابع بموجب القرار الدولي (1990) في 27 يونيو 2011 إثر تفاقم أعمال العنف في هذه المنطقة الغنية بالنفط، وذلك غداة إعلان جنوب السودان انفصاله عن السودان في التاسع من يناير 2011، فجاء القرار لتنفيذ المسائل العالقة من اتفاقية السلام الشمال 2005 الموقعة بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، لإحلال السلام وتحقيق الاستقرار، وقد جاءت تأكيدات القرار على التزام هذه القوات بمبدأ السيادة وسلامة الأراضي السودانية، وتحقيقاً للقرارات الدولية (1674) الصادر 2006 و(1894) و (1882) الصادران في 2009 وبقية القرارات ذات الصلة والاختصاص، وعلى رأسها إتفاقية الترتيبات الإدارية الموقعة بين الطرفين (السودان وجنوب السودان) في أديس أبابا في 20 يونيو 2011 وقد صادق المجلس على نشر قوة عاجلة أثيوبية لحفظ السلام قوامها (4200) جندي، واختارت كادقلي مقراً للبعثة بجانب أبيي.
إلا أن مصادر موثوقة باليونسفا (فضلت حجب أسمائها) كشفت لـ(الصحافة) أن الطائرة المذكورة هي طائرة تشوين أممية عسكرية ماركة (أنتنوف) تعمل في رحلات دورية ما بين مطاري (أديس أبابا وكادقلي) ومخصصة لنقل القوات الأثيوبية العاملة في أبيي، كانت في طريقها من أديس أبابا إلى كادقلي في مهمة روتينية تعمل خلالها على تغيير أفراد البعثة السنوية والتي يتم تغييرهم على دفعتين في العام (سبتمبر وديسمبر)، وأكدت المصادر بأن التغيير محدد ليشمل (1550) من القوات يفترض تنفيذ العملية خلال ديسمبر الماضي إلا إنها لم تكتمل بسبب أعياد الميلاد.
وأبانت ذات المصادر أن العملية انطلقت منذ 25 يناير الماضي نقلت في عدة رحلات جوية كافة العدد المطلوب ذهاباً وإياباً ما بين مطاري (كادقلي وأديس أبابا) وتبقت آخر رحلة لتغيير (95) شخصاً قبل إصابتها بنيران قوات الحركة الشعبية (قطاع الشمال) في منطقة أم سردبة أمس الأول الجمعة 13 فبراير 2015.
وكشفت المصادر بأن الطائرة أصيبت بصاروخ (رباعي) فوق أجواء (أم سردبة) في الجناح الأيمن قرب المؤخرة بفتحة تقدر بحوالي (10) سم وعلى متنها (103) من القوات الأثيوبية بينهم (95) عسكرياً جديداً و(8) يمثلون الطاقم، هبطت بصعوبة في أرض مطار كادقلي، وان الجميع بخير ولم يصاب احدهم بأذى، إلا أن الحادثة أحدثت زعراً وربكة وسط القوات الأثيوبية الأممية (اليونسفا) لفترة محدودة، بينما عادت ذات المصادر مؤكدة بأن العملية لم تؤثر على الرحلات ما بين الخرطوم وكادقلي وأبيي.
بيدما كشفت مصادر ذات صلة بأمر اليونسفا بأن الطائرة كانت تحلق على بعد (10) آلاف قدم انخفضت فجأة لـ(5) كيلو متر من مطار كادقلي، مما جعلها معرضة لمدى نيران قوات التمرد في أم سردبة.
وفي الإطار ذاته أكدت المصادر بأن الطائرة لا زالت جاسمة على ارض مطار كادقلي بأمر سلطة هيئة السلامة الجوية وفق القواعد المتبعة ريسما يتم إصلاح العطب ومن ثم تبدأ مواصلة رحلتها الأخيرة لنقل (96) شخص من مطار كادقلي لمطار أديس أبابا، مع تعليمات جديدة بتغيير خط سيرها تفادياً لأحداث مماثلة، بينما كشفت مصادر أمنية لـ(الصحافة)، التقاط اتصالات متداولة وسط قوات قطاع الشمال تشير الى أن استهدافها للطائرة الأممية في أبيي (يونسفا) جاءت تحت علم وتخطيط لا شك أن الحادثة ستعقبها بيانات غير فاعلة كما حدث سابقاً.
ولكن ماذا عملت الأمم المتحدة لحماية بعثاتها وسبق لها بأن كشفت عن خطة لها على لسان أمينها العام لـ(إدخال تكنلوجيا جديدة في عمليات حفظ السلام) قالت إنها تشمل نشر (طائرات بدون طيار) لأكثر من (70) بعثة لحفظ السلام في أربع قارات ظلت تعمل في حفظ السلام منذ تأسيس المنظمة في العام 1948، لأجل حماية أفضل للمدنيين، وحماية أعضاء تلك البعثات الأممية التي فقدت أكثر من (3200) شخصاً من أعضائها في سبيل القيام بواجبهم، فضلاً عن ترقية أداء تلك البعثات الأممية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق