الاثنين، 9 فبراير 2015

العدل والمساواة.. فشل حتى في حرفة الارتزاق!

ما الذي يجعل حركة مسلحة تدعي أنها إنما حملت السلاح وهي مضطرة، تقاتل في ارض اجنبية حركة مسلحة أخرى؟ ما منطقية مواجهة معارضة مسلحة في بلد، لمعارضة مسلحة في بلد آخر؟ الامر يبدو غير متسق مع طبائع الأمور، ويكشف عن واقع محزن ومخزي تعيشه بعض الحركات المسلحة التى لم يعد لديها هم وطني وحملها السلاح لم يعد أمراً عابراً ومؤقتاً.
ولهذا فإن ظاهرة تنامي وتمدد انشطة الحركات المسلحة في القارة الافريقية ونقلها لأنشطتها من بلد الى آخر بقدر من السلاسة ودون مصاعب يمكن اعتباره أمر بالغ الخطورة على الامن القومي لبلدان القارة الافريقية والمنطقة عموماً.
قبل ايام عرضت المعارضة الجنوبية التى يقودها نائب الرئيس السابق الدكتور رياك مشار صوراً محزنة غاية الحزن لقادة وعناصر من حركة العدل والمساواة قضوا بل يمكن القول انهم (نفقوا) في احدى المعارك الخاسرة بالقرب من منطقة ربكونا بولاية الوحدة بدولة جنوب السودان.
مشهد جثث القادة الميدانيين المتناثرة على ارض المعركة الحامية والدماء تلف وجوههم وأيديهم وهم بملابس اقرب الى الملابس المنزلية المختلطة ببعض الملابس العسكرية بما يعزز من نمطية الصورة المعروفة لمحترفي القتال والقتلة المأجورين والمرتزقة! صور يلفها بؤس القضية، خواء الفكرة، وألم المصير الخاسر، فلا هو موت في سبيل عقيدة قد تجدي نفعاً في الآخرة ولا هو موت في سبيل وطن بطبيعة الحال.
حركة العدل والمساواة حين اجتذبها الصراع الجنوبي الجنوبي ذي الطبيعة الجنونية، ولجت الى ساحتها وهي تراهن على المال والمجوهرات والذخائر والمركبات العسكرية. اجتذبتها (تجارة الحرب) الرابحة إذ انك بالسلاح فقط تسلب الآخرين أموالهم وذخائرهم وأرواحهم، ولم يكن امراً مدهشاً على الاطلاق ان تعلم عزيزي القارئ -وقلبك يقطر دماً- ان المقابل لكل هذه التضحية من قبل حركة جبريل ابراهيم هو النهب. فقد صرحت لها حكومة الجنوبية ان (تقتات) من خشاش ارض المعركة. أعطتها الحق في السلب وقطع الطريق ونهب الاموال من الايدي والبنوك.
وتشير الانباء الى ان العدد الذي قضى حتى الآن في تلك المعارك العدمية البائسة من حركة جبريل يفوق نصفها بكثير! كأنما القدر ابى إلا ان يجعل من هذه الحركة (عبرة تاريخية) تجسد كيف يتحول الثوري المقاتل المزعوم الى (كلب صيد) يرضى من الطعام ما يجده من بقايا الصيد. إنه دون شك واقع مؤسف، إذ ان المنطق يقول ان حركة مثل حركة جبريل ابراهيم هذه ولجت هذا المضمار الاجرامي من الصعب القبول بها كحركة يمكن التصالح معها والتوقيع على إتفاق سلام يجعل منها حركة سياسية فاعلة في الساحة السياسية السودانية، وبالمقابل الحكومة الجنوبية التى ربما راق لها الاداء المتفاني لحركة جبريل دون أن تكلفها اموالاً طائلة من خزينة الدولة الجنوبية الخاوية، يساورها اعتقاد خاطئ ان ما تفعله من عبث بأمن السودان القومي وعدم اكتراثها بمترتبات هذا الوضع الشائه ان الامر سوف يمر بلا عقاب!
هذا الاعتقاد خاطئ دون شك، فعلاوة على ان الحكومة الجنوبية بمسلكها هذا تعمل على تأسيس علاقة متأرجحة مع جارها السودان ربما يخلخل علاقة ومقتضيات حسن الجوار، فإن ما لدى السودان من اوراق استراتيجية تجهلها جوبا جهلاً تاماً، كفيل بأن يجعل حكومة الرئيس كير تذرف دموع الندم على ما تفعله، إذ ليس من الضروري دائماً ان يكون الرد على مثل هذه الاعمال غير المسئولة، بالمثل، ففي السياسة وحدها هناك الكثير مما يمكن ان يجعل طرفاً من الاطراف عالي الصراخ دون حرب عسكرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق