الأحد، 28 ديسمبر 2014

"دريج" والغضب وأنثي البعوض

أقوي سبب لمغادرة البلاد بغضب شديد كان وراء  سفر  أحمد إبراهيم دريج حاكم إقليم دارفور "المتنحي" أو "المغادر لمنصبه" وقد غادر "دريج" البلاد بعد أن حال بعض مساعدي نميري دون الجلوس إليه لرفع التقرير الرسمي عن الأوضاع في إقليم دارفور.
إنه المرحوم الدكتور بهاء الدين محمد إدريس "عليه رحمة الله" الذي كان مساعداً لنميري ويحمل درجة الدكتوراه في الأحياء الدقيقة "المايكروبيولوجي" بعنوان "تكوين الجنين في بويضة أنثي البعوض".
إن حكومة نميري لم تستفد منه في مكافحة البعوض النقال للملاريا.. وقم يفهم رئيسها شيئاً عن إقليم دارفور حتي جاءت الانتفاضة الشعبية في السادس من أبريل عام 1985م، بعد أن غادر "دريج" البلاد مغاضباً.
وكان لا بد أن يغضب، لكن الغضب الأشد والأقوى كان من نصيب نميري حينما سقط حكمه تماماً بسبب نفس المساعدين والمسؤولين الذين منعوا حاكم الإقليم "دريج" من لقائه لمعالجة مشكلات الإقليم.
ومشكلة إقليم دارفور كانت اقتصادية وتنموية، أما الآن فإن حصاد ما زرعه مساعدي "نمير" هو انفجار الأوضاع الأمنية.
إضافة إلي عصابات النهب المسلح وعصابات اليوناميد يواجه الحال الأسواء من الذي تركه عليه.
وحينما زاره وفد نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن بعد عودته، قال الحاكم الأسبق لإقليم دارفور: "ليس هناك ما هو أفضل لدارفور من السلام"، وكان دريج أيام  حكومة للإقليم يجتهد لإعلان  المجاعة في إقليمه.. الآن زيدت الطينة بله، فالمجاعة أهون من نسف الأمن والاستقرار.
الآن لا توجد مجاعة في إقليم دارفور، لكن حركات التمرد تهدد مشروعات التنمية في بعض المناطق، ويلاحظ أن المناطق التي تضم مشروعات التنمية ولم يستطع التمرد أن يصل إليها مثل (تابت) تطلق الشائعات الساذجة بشأنها ورغم سذاجة الشائعات فإن بعض القوي الأجنبية تحاول الاصطياد في الماء العكر.
والمثل الشعبي يقول :"المودر يفتح خشم البقرة".. والقوي الأجنبية تبحث عن ذريعة للمناطق التي يصعب علي المتمردين دخولها لتعطيل فيها التنمية.
وها هو دريج يعود ويري بنفسه من يقف أمام التنمية لإيقافها في إقليم دارفور؟! إن "دريج" كان يريد محاربة الجوع في إقليمه.. ومحاربته تكون بالتنمية، والآن التنمية تحاربها الحركات المسلحة كما هو مرئي.. فما هو تعليق "دريج" إذن حول هذا الأمر.
هل سيدين التمرد الذي صعد من أزمة دارفور أو استبدل فيها المجاعة بانهيار الأمن؟ ولو كان المركز أيام جماعة بهاء الدين أحمد إدريس يتسبب في تهميش الإقليم الغربي فإن بعض أبناء الإقليم يتسببون المجازر ضد بعضهم.
الآن حان وقت جلوس إبراهيم مادبو ودريج وسيسي وعلي حسن تاج الدين ودوسة ومردس جمعة وأمين بناني وغيرهم من مثقفي إقليم دارفور ليقولون كلمة موحدة بشأن مصلحة الإقليم.. وأبونا "دريج" بالطبع قد فهم كل شئ وعرف "من أطفأ النور" كما يقول البعض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق