الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

لطمة في القاعة.. واعتذار في الردهات

في السياسة يجب ألا يتم تعامل الدول بذات التعامل الذي يتم بين الأفراد.. ففي جانب التعامل الأخير تصبح ردة الفعل فردية، ولا تعبر غلا عن فرد بعينه.. فـ(رد الاعتبار) فردي و(الاتهام) فردي و(الاعتذار) فردي.. و(الكرامة) فردية.. أما في حالة الدولة فإن الإساءة شاملة لكل أبناء الدولة إن جاءت الإساءة من دولة أخرى، ورد الاعتبار لا يكون لشخص أو مواطن، أو رئيس، بل يكون لكل الشعب، لذلك عجبنا من الحالتين (الأردنية) و(السودانية) معا في قضية بيان المحكمة الجنائية الدولية الموجه على لسان مدعيتها العامة "فاتوبنسودا" إلى مجلس الأمن، ومنه إلى كل الدنيا.
ما الذي فعله الأردن (الشقيق)..؟..
الإجابة تقول إن المملكة الأردنية الهاشمية قدمت عرضاً (مسرحياً) عالميا على خشبة مسرح مجلس الأمن أمام كل أعضائه، من نوعية عروض الممثل الواحد، وقد كان نائب مندوبها الدائم في الأمم المتحدة، الذي قام بمداخله عقب فيها على بيان المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية حول تقاعس مجلس الأمن من قضية ضبط وإحضار الرئيس السوداني عمر حسن احمد البشير وبقية المطلوبين في قائمة المحكمة المتهمين في قضايا إبادة جماعية وجرائم حرب ضد المطلوبين أمام المحكمة، لم تختلف عبارات ومفردات نائب المندوب الدائم للأردن عن عبارات "فاتو بنسودا"، وكادت أن تتطابق مع بيان المحكمة الجنائية الدولية.
ما حدث كان صدمة لكل السودانيين ولكل الذين ظنوا إن المظلة العربية بما فيها من تواثق ومواقف قد تحمي عضوية الجامعة العربية من مثل تلك الهجمات والاعتداءات خاصة من دول الغرب المستكبر على غيره في ارض الله الواسعة.
تلك كانت هي الحالة الأردنية (البئيسة).. لكن الحالة السودانية كانت أكثر بؤساً، لأن ردة الفعل الرسمية جاءت متأخرة كالعادة، بعد أن ذاع الخبر وعم القرى والحضر، خاصة وان الموقف الأردني كان خروجاً عن المألوف مثلما كان خروجاً عن القيم والأخلاق الإسلامية والعربية، وكان مناقضاً بحق لمواقف المجموعتين العربية والإسلامية الرافضة للجنائية وإدعاءاتها.
حالة السودان والأردن الآن، هي حالة من لطم آخر في قاعة ضخمة تحت مرأى العالم كله، ثم ذهب إليه معتذراً في ردهات وزارة الخارجية دون أن يسمع بذلك احد أو يراه، إلا نحن في السودان الذي أصبح (ملطشة) لمن يسوي ولا يسوى.
الاعتذار البائس وحده لا يكفي.. لابد من موقف حاسم وحازم يمنع مثل هذه الفوضى الأخلاقية، ونحن لا نريد إعادة قراءة ما أهمله التاريخ العربي الحديث.. وهو معلوم ومفهوم.. وموثق.. ونختم للذين اختاروا معسكرات أعداء الدين والملة بـ(بئس للظالمين بدلاً).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق