الاثنين، 29 ديسمبر 2014

يوغندا ترفض سحب قواتها من الجنوب..

منذ بداية الحرب في دولة الجنوب ودخول القوات اليوغندية مسرح العمليات أصبحت مدافعها ورشاشاتها مصوبة ضد قوات رياك مشار في تحالف قوى مع سلفاكير.. أخيراً رفضت يوغندا صراحة سحب قواتها من أرض المعركة.. الأسباب المعلنة: لا انسحاب إلا بعد عودة السلام.. الأسباب الخفية : البقاء في الأرض حتى إشعار آخر.
ضوء أخضر
أخيراً رفضت يوغندا صراحة سحب قواتها من جنوب السودان بعد أن قال رئيسها يوري موسيفيني "إن بلاده لن تسحب قواتها إلا بعد أن تؤمن القوات الإقليمية عاصمة الجنوب جوبا من هجوم المتمردين وقال في مؤتمر صحفي، المشكلة ليست مع يوغندا، المشكلة هي مشكلة السلام بين أبناء جنوب السودان ووافقنا حتى لا نترك فراغاً على أن تنتشر دول أخرى في الهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد) قواتها وهي تنشرها الآن"، وقال "إن القوات الأثيوبية هناك والقوات الرواندية وحالما تكون جاهزة وأن جوبا على الأقل لم تتضرر.. سنعود..". بدأت قصة التدخل اليوغندي بعد محادثة تليفونية بين الرئيس موسيفيني والأمين العام للأمم المتحدة بأن كي مون حيث طلب منه الأخير المساهمة في استقرار الأوضاع بحكم الجوار ووجد موسيفيني بذلك الفرصة مؤاتية للتدخل في غمار الأحداث في جنوب السودان التي اندلعت منذ أكثر من عام فكانت يوغندا من أوائل الدول المجاورة بإدخال قواتها في الأراضي الجنوبية بدعوى تأمين مطار جوبا للعمل على إنقاذ اليوغنديين والأجانب العالقين هنالك خاصة مع دعوة رئيس دولة الجنوب سلفاكير الذي طلب من الرئيس موسيفيني إرسال قوات قوامها 3 آلاف جندي لحماية وإجلاء الرعايا اليوغنديين من الجنوب بعد استهدافهم من طرف قوات رياك مشار وقد وجد موسيفيني في بيان دول الإيقاد حينها التي رحبت بالخطوة اليوغندية بأنه قد حصل على تفويض من جانب المنظمة للتدخل في الجنوب خاصة بعد أن أعطت جوبا الضوء الأخضر للوجود اليوغندي في أراضيها بل وبدأت في تسديد فواتير القوات اليوغندية من خزينة الدولة وهو الاتهام الذي ساقه وزير التعليم السابق د. بيتر أدوك بأن سلفاكير صرف 90 مليون دولار شهرياً على القوات اليوغندية لحماية ما سماه (إمبراطورية سلفاكير).
اتفاقية دفاع
غير أن تدخل القوات اليوغندية سرعان ما وجد شرعيته من أعلى مستوى للقيادة السياسية في الجنوب عبر الرئيس سلفاكير في كلمته بمناسبة الذكرى الثالثة لانفصال الجنوب قائلاً بأنه لم يأمر القوات اليوغندية بالخروج من بلاده مضيفاً بأنه لولا دخول القوات اليوغندية لكان الجنوب فقد العديد من الأرواح وقال إنه لن يأمر بخروج القوات إلا بعد استقرار الأوضاع الأمنية في الجنوب وهي ذات الغاية التي حملها تصريح موسيفيني الأخير في أن اشتراط الخروج من الجنوب يتوقف على استقرار الأوضاع وفرض السلام، وبهذا التصريح تبدو إمكانية خروج القوات اليوغندية من دولة الجنوب سيطول أمده خاصة وأن فرضية إحلال السلام غير واردة في المنظور القريب في ظل تباعد المواقف بين الطرفين المتحاربين وتجدد القتال الذي لم يهدأ حتى الآن، إضافة إلى أن السلام إذا حل فهنالك ترتيبات يوغندية واجبة على أرض الواقع متمثلة في حراسة الطرق والمنافذ بين البلدين تفرضها رقابة تحركات جيش الرب الذي يتسلل إلى الاستوائية مما يعني أن القوات ستظل مرابطة بحجة حراسة اتفاقية السلام لا سيما بعد أن اكتسبت شرعية عبر اتفاقية أمنية بين جنوب السودان ويوغندا من أجل حماية المنشآت الحيوية في الجنوب وتدريب ضباط الجيش الشعبي، وفي مقابلة حصرية لوكالة الأناضول التركية قال وزير الدفاع لدولة الجنوب، كول مانياق إن الاتفاق مع يوغندا يسمح للقوات اليوغندية بالانتشار في جوبا وحولها لحمايتها. وأضاف لن نسمح بقوات أجنبية بأن توجد في أراضينا دون اتفاقية تحكم وجودها.
خط المواجهة
حجم القوات اليوغندية المنتشرة في دولة الجنوب غير معروف على وجه الدقة وكذلك المساحات التي ينتشر فيها الجيش اليوغندي، كما لا يعرف على وجه الدقة مستوى التسليح، إلا أنه ومن خلال معطيات الواقع الميداني في تأجج الحرب بين القوات الحكومية وقوات مشار دون تمكن الأخيرة من بسط سيطرتها على جوبا يمكن أن نشير إلى الآلة العسكرية اليوغندية ودورها في المعارك الدائرة الذي ظهر واضحاً في تحرير مدينة بور من قبضة قوات مشار مما دفع بالمتحدث باسم الجيش اليوغندي أن يعلن صراحة بانتصار قواته في بور وتحريرها من قوات التمرد، كما أن الواقع الميداني تبرزه أيضاً اعترافات قوات مشار بأنها تعرضت في أكثر من مرة للقصف الجوي من الطيران اليوغندي، وقد كان لدور دخول القوات اليوغندية في خط المواجهة في الحرب الدائرة بين الفرقاء الجنوبيين أن وجودهم أصبح نقطة خلاف جوهرية في المفاوضات والشرط الأساسي في وقف إطلاق النار من طرف رياك مشار الذي طلب انسحاب القوات اليوغندية عاجلاً من الجنوب وطالب المجتمع الإقليمي والدولي بدعم موقفه في طرد اليوغنديين مؤكداً أن وجودهم ساعد على انتهاكات وقف إطلاق النار بين الجانبين.
إستراتيجية موسيفيني
دخول القوات اليوغندية في جنوب السودان وإن ساقته أسباب معلومة متمثلة في الحرب الناشبة وصاحبته أهداف مرسومة، إلا أن التدخل لم يكن يخرج أبداً من السياق العام في تاريخ موسيفيني في الجنوب وتدخلاته العديدة، فلقد ارتبطت يوغندا مع الجنوب عبر دعمها حركات التمرد أنانيا 1 وأنانيا 2 ودعمها المتصل للحركة الشعبية وهذا التاريخ القريب يمهد ببقاء القوات في المنطقة ورفضها الخروج لتحقيق أهداف تقرأ من زوايا مختلفة في الجانب العسكري والاقتصادي والاجتماعي والأيديولوجي والتي شكلت في مجملها إستراتيجية يسعى موسيفيني لنهجها وتطبيقها من خلال وجود قواته على مسرح الأحداث في الجنوب، فعلى حسب أهداف هذه الإستراتيجية كما بينها المحلل الاستراتيجي اللواء محمد العباس أن يوغندا تشترك مع الجنوب في تداخل قبلي مهم على مستوى ثلاث قبائل متمثلة في "الأشولي، المادي واللانغو و" هذا التداخل القبلي يجعل يوغندا حريصة على وجودها الفعلي في ارض الجنوب، ويضيف العباس في حديثه لـ"السوداني" أن يوغندا تسعى للسيطرة على التجارة بين البلدين في ظل الوجود الكثيف للتجار اليوغنديين والتبادل السلعي الذي اشتد منذ انفصال الجنوب إضافة الى العمالة اليوغندية المحتكرة الجنوب، إضافة الى البعد الأيدلوجي حيث أن موسيفيني يدعو للافريقانية في أفريقيا كمشروع علماني يهدف الى محاربة الهوية العربية والإسلامية وعلى هذا الاتجاه تسهم يوغندا مع تنزانيا في محاربة المد الإسلامي القادم من السودان داخل الجنوب. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق