الخميس، 25 ديسمبر 2014

مجلس الأمن والسودان، هل هناك إحتمالاً لقرارات جديدة؟

من الناحية النظرية المجردة فإن جعبة مجلس الأمن الدولي لا تخلو في العادة من القرارات الدولية المؤثرة حينما يتعلق الأمر بالأوضاع فى السودان، فعلى مدى عقدين ونيف اصدر مجلس الأمن الدولي ما يجاوز الـ20 قراراً دولياً بشأن السودان فى سياق إستراتيجيته التي تتحكم فيها الولايات المتحدة لاحتواء هذا البلد المثخن بالجراح والأزمات.
وحتى على صعيد هذه القرارات الدولية التي صدرت تباعاً بحق السودان، فإن الناتج الإجمالي والمحصلة النهائية لهذه القرارات أنها -حتى الآن- لم تستطع كسر النواة الصلبة للدولة السودانية حيث ما يزال السودان رغماً عن كل ذلك بلداً فاعلاً فى محيطه الإقليمي والدولي قادراً على التفاعل مع القضايا الدولية المختلفة، يدير أزماته بنسبة كبيرة من عناصر السيادة الوطنية الخاصة به ولهذا فإن إمكانية إصدار مجلس الأمن لقرارات إضافية وصلاً لتلك القرارات تبدو من الناحية العملية عديمة الجدوى ولو في سياق التهويش أو محاولة الإرباك التي درجت الولايات المتحدة على ملاحقة السودان بها، وهذا فى الواقع يكشف عن أمرين أساسيين من الضروري أن ينتبه إليهما مجلس الأمن وأن يوليهما كامل اهتمامه، الأمر الأول: أن مجلس الأمن كان يعتمِد في إصدار قراراته السابقة على أن مجرد  إصدار القرار، أن يصبح القرار فى حد ذاته مكمن مخاوف السودان وانصياعه لإرادة القوى الدولية .
تكرار القرارات من هذه الزاوية أعطى السودان قدرة جدية على مواجهة هذه القرارات وهي خاوية الأثر والتأثير، فعلى سبيل المثال حين أصدر مجلس الأمن الدولي قراره الخاص بإحالة الأوضاع فى إقليم دارفور إلى مجلس الأمن الدولي قبل سنوات وبدا له للكافة أن قراره هذا قاصمة ظهر الحكومة السودانية، فإن صمود السودان واحتماله للقرار فى النهاية إلى أن يعود الملف من جديد -إلى نقطة البداية- بحيث ردت المحكمة الملف إلى المجلس ومن الطبيعي أن يسقط فى يد المجلس لأنه ما من قرار إضافي آخر، ومن ثم ما من نتيجة!
الأمر الثاني، أن قرارات مجلس الأمن -بكاملها- بدت بمثابة (صناعة أمريكية محضة) بمعنى أن واشنطن اتخذت من آلية مجلس الأمن وسيلة لتصفية حساباتها مع السودان، والسودان سرعان ما يدرك هذه الحقيقة ومن ثم ينجح فى التعامل مع القرار بكل مكايدة ولضحة، فقرار الإحالة إلى محكمة الجنايات الدولية لم يكن سوى مكايدة أمريكية محضة أرادت من خلاله واشنطن الضغط على السودان لمصالحها الخاصة هي وليس لأي مصلحة دولية، فقد كانت واشنطن ولا تزال رافضة لمبدأ القاضي الجنائي الدولي وليست عضواً في المحكمة، بل عمدت إلى استثناء جنودها استثناءاً شاذاً إذ كيف لمن يناهض شيئاً ويرفضه، أن يرغم به الآخرون؟
على سبيل المثال أيضاً فإن القرار الدولي الأخير 2046 بالتفاوض مع قطاع الشمال، أرادت به واشنطن الضغط على الحكومة السودانية لتكرار تجربة نيفاشا 2005, لكن واشنطن هي نفسها عادت (من النافذة) وجلست مع قطاع الشمال لتمنعه من المضي قدماً في التفاوض! واشنطن تخشى من أن تنتصر حجج المفاوض السوداني على مفاوضة قطاع الشمال!
الأمثلة عديدة في واقع الأمر ولهذا فإن مجلس الأمن الدولي -من ناحية الموضوعية- لم يعد لديه القدرة على إحكام قراراته ضد السودان، والمعطيات المتاحة حالياً في السودان وفي المنطقة لم تعد تتيح -كما في السابق- إصدار القرارات الأمريكية ذات الطابع الدولي فى مواجهة السودان. الأمر بات أعقد بكثير من السابق ولهذا فإن مجلس الأمن لم تعد لديه ذات الإمكانيات لبدايات جديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق