الأحد، 28 ديسمبر 2014

قيادات الاعتذار وعودة الزعيم وطلاب الحرائق

من غريب السياسة السودانية الذي قد لا يتكرر في غيرها، هو أن يصبح خط سير زعيم الحزب وسفره وإقامته أهم من الخط السياسي الذي يتبناه الحزب لو كان له خط سياسي أصلاً، والعجيب أيضاً في غرائب ممارستنا السياسية أن يتم تضخيم عودة الولاة من رحلاتهم الخارجية أو حتى من العاصمة الخرطوم إلى حواضر ولاياتهم أكثر من عودة رئيس الجمهورية نفسه من رحلاته الخارجية. فتحشد الحشود لاستقبالهم تارة في الخرطوم أن كانوا قادمين من الخارج وتارة أخرى من المحليات حيث تتسابق المحليات في إظهار ولاء قيادتها للوالي وتتبارى في الذبح والنحر تحت أقدامه عند مقدمة، أما عن القيادات السياسية التي تماهي بين الرئيس والحزب أو الحزب والرئيس لدرجة يصعب فيها الفصل بينهما، فحدث عنها ولا حرج، كم من زعيم حزب يغيب فيغيب معه الحزب ويعود فيعود معه؟ هل منا من يستطيع التمييز بين آراء الكثير من رؤساء الأحزاب السياسية الشخصية ومواقف أحزابهم في ذات القضايا؟ أو بالأحرى كم من الأحزاب يستطيع أن يخضع رأي رئيسه لرأي مؤسساته؟ أما عن انشغال بعض الأحزاب ببرنامج الرئيس الشخصي أكثر من برنامج الحزب أن لم يكن البرنامجان مدمجان في برنامج واحد، فحدث وسيكثر الحديث، فكم من رئيس لزم داره تحت الأرض أو عليها وربط نشاط الحزب بعودته من المهجر أو خروجه من الخفاء؟ وكم من زعيم حزب زاود بعودة رئيسه من الخارج وحاول اشتراط الشروط لها ومساومة الحكومة لأجلها، ناسين أو متناسين أن بقاء الزعيم في الخارج خصماً من رصيده ورصيد حزبه أكثر منه مكسباً سياسياً، وكلما ابتعد عن نبض الشارع والجماهير والتواصل مع قواعد حزبه، كلما بعدت الشقة بينه وبينهم وربما أحسوا انه ليس كامل الانتماء لواقعهم والمعايشة لقضاياهم والإحساس بمعاناتهم بدليل انه لا يريد العيش في ذات البيئة التي يعيشونها. وها نحن نعاني من بقاء هذا الزعيم أو ذاك خارج أرض الوطن واشتراط المن والسلوى للعودة الى ارض الوطن، فهل تقتضي الوطنية المزاودة على البقاء في الوطن أو العودة إليه أو التعالي عليه؟ وهل من لوازم النضال المزعوم الاستماتة في النضال المزعوم تتطلب تحمل الأذى والصبر مهما كان لتقديم مستحقه أن وجد.
حاشية :
لا تزال القيادات السياسية عاجزة عن تقديم القدوة والنموذج في التعاطي مع الشأن الوطني والتمييز بين معارضة الحكومة والدولة، لذا ليس مستغرباً أن يصبح منهج الجيل الجديد من سياسي المستقبل وقادته في الجامعات السودانية أن يكون أسلوب التخريب بإضرام الحرائق في منشآت الجامعات ولن تكون أحداث جامعة بحري وإحراق السيارات فيها آخر الأحداث المؤسفة طالما أن القدوة هم من يقدمون على إحراق البلد، وإذا كان الهروب من الانتخابات بهذه الطريقة التي تنشر بها المعارضة العنف في الجامعات، فكيف تستطيع أن تواجه الشعب صاحب الحق الأول والأخير سواء في التفويض بالتصويت أو المحاسبة على الأداء، وإذا كان المهدي يطلب من الحكومة الاعتذار فماذا يطلب منه الشعب، أليس أكثر من الاعتذار؟ فإذا كان ثمة تقصير من الإنقاذ فهي جاءت بتقصيره هو؟ وإذا فشلت في شئ في ربع قرن فقد فشل هو في الحكم والمعارضة لأكثر من نصف قرن؟ أليس الشعب أولى بالاعتذار؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق