الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

لسوء حظ المعارضة، الاقتصاد السوداني يتحسّن!

من المؤكد أن قوى المعارضة السودانية وهي تطلع على مشروع الموازنة العامة للدولة للام 2015أصيبت بخيبة أمل كبيرة، فعلاوة على أن مشروع الموازنة العامة حوى مؤشرات اقتصادية واقعية وايجابية بعدم فرض ضرائب جديدة وتخصيص نسبة كبيرة لتشغيل الخرجين والإبقاء على دعم المحروقات والسلع الأساسية مثل القمح، فإن صدور البيان الاستعراضي لأداء الاقتصاد السوداني من صندوق النقد الدولي فى تزامن ملفت أغلق أية احتمالات لآمال قوى المعارضة بانهيار الاقتصاد.
وليس سراً أن بعض قوى المعارضة وقبل أشهر قليلة كانت تراهن رهاناً جاداً وجازماً أنها سوف تحظى بفرصة تاريخية لتحريك الشارع حين تضطر الحكومة السودانية لإنفاذ حزمة جديدة من حزم رفع الدعم عن السلع الأساسية.
ويبدو أن درجة رهان بعض هذه القوى كانت عالية جداً لدرجة أنها قررت مقاطعة مضمار الحوار الوطني وإبداله بخيار إسقاط النظام عبر انتفاضة شعبية، مستدعية تجربة تظاهرات سبتمبر من العام 2013.
مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2015 أشار مباشرة وبوضوح ودون أدنى لبس أنه لا اتجاه لرفع الدعم، كما لا اتجاه لفرض ضرائب جديدة ومما زاد من خيبة أمل قوى المعارضة أن سعر العملات الأجنبية ظل ينخفض باضطراد مقابل الجنيه السوداني أو على الأقل حدث قدر من الثبات الملحوظ فى هذا المنحى، بحيث يدخل السودان بعد أيام فى إطار البرنامج الخماسي الذي يسعى للمحافظة على سعر صرف متوازن مع سعي لتخفيض معدلات التضخم.
وفى الوقت الذي طال فيه النقد للبرنامج الثلاثي المنقضي وشمل أيضاً البرنامج الخماسي الوشيك فإن بيان صندوق النقد الدولي الذي صدر مطلع ديسمبر الجاري جاء ليؤكد أن أداء الاقتصاد السوداني يتحسن. وبالطبع لا مجال هنا للتشكيك فى شهادة بعثة صندوق النقد ليس فقط لأن صندوق النقد مؤسسة دولية حريصة على مصداقيتها كل الحرص، لأن فى الوقوع فإن مصداقيتها الدولية هو رأسماها الوحيد، ولكن لأنّ ما أورده البيان هو حديث أرقام ووقائع لا مجال للتشكيك فيها بضرب من الكلام والأحاديث المستحيلة ومن المستحل أن يصدر الصندوق شهادة في صالح الاقتصاد السوداني -لأسباب غير موضوعية- اليوم ثم يضطر فى وقت لاحق لإصدار شهادة مناقضة.
إذن يمكن الجزم وعلى نحو موضوعي قاطع أن الاقتصاد السوداني الذي ظل نشطاء المعارضة يصفونه بالضعف والأيلولة للانهيار هو فى حقيقة الأمر يتحسن وهذا التحسن كما أشار خبراء الصندوق مرده إلى إصرار الحكومة السودانية على إصلاحه بسياسات إصلاحية واضحة وعلمية؛ بعضها قال به خبراء الصندوق والبعض الآخر توصلت إليه الحكومة السودانية من واقع معايشتها له.
وعلى ذلك فإن واحداً من أكبر عناصر حراك القوى المعارضة الذي كانت تراهن عليه طوال العامين الماضيين لم يعد موجوداً الأمر الذي يقتضي أن تعيد قوى المعارضة النظر في قراءتها للواقع.
من جانب آخر فإن إقرار بيان صندوق النقد الدولي بأن السودان نجح في تحسين أدائه الاقتصادي على الرغم من أنه يواجه تحديات جمة فيه إشارة واضحة إلى أن تحقيق السلام في السودان عبر الحوار الوطني وإيقاف النزاعات المسلحة على أطرافه من شأنها أن تدفع بمسيرة هذا البلد إلى آفاق أرحب، فإذا كان السودان قادراً على تحقيق ما حققه الآن فى ظل هذه التحديات فكيف به إذا تغلب على هذه التحديات؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق