الاثنين، 29 ديسمبر 2014

قرارات الطرد.. أليس فيها تسرُّع

لا شك أن الحكومة السودانية لديها أسباب محددة وشواهد ودلائل مقنعة على مخالفات المسؤولين الأمميين اللذين قررت طردهما علي الزعتري المنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وإيفون هيلي المديرة القطرية للبرنامج .
ولكن ألم يكن أمام السودان خيار آخر يجنبه المواجهة مع الأمم المتحدة بأن يتقدم بشكوى رسمية للمنظمة الدولية التي هو عضو فيها مثله ومثل بقية دول العالم؟..
إن تصريحات علي الزعتري وما فعلته إيفون هيلي هي مخالفات وتجاوزات تجعل من حق السودان أن يغضب ولا يرغب في بقائهما داخل البلاد، لكن هناك فرقا بين عدم الرغبة في وجود قوات مثل قوات اليوناميد وتنبيهها لإعداد خطة للخروج وبين عدم الرغبة في وجود مسؤولين أمميين بسبب سلوكهما الشخصي.. والفرق بين الحالتين هو أن عدم الرغبة في وجود هذا الموظف بالاسم يختلف عن عدم الرغبة في وجوده هو ووجود وظيفته نفسها، وبالتالي فإن الخطوة الأولى المتوقعة من السودان لم تكن هي المواجهة المباشرة مع الأمم المتحدة باتخاذ هذه القرارات بل مواجهة الخطأ الذي يمارسه موظفها في السودان ومحاولة معالجة المشكلة في حدودها الطبيعية..
الخطوة الأولى في تقديري لا يفترض أن تكون قرار الطرد بل مطالبة الأمم المتحدة بتغيير هذا الموظف أو الموظفين المخالفين ..
لكن من الواضح أن السودان لا يزال مستاءً جداً من تصريحات الإخوة الأردنيين والموقف الذي حدث من المندوب الأردني الدائم بالأمم المتحدة قبل أيام الذي أظهر تأييده لتقرير مدعية المحكمة الجنائية الدولية بنسودا الذي قدمته لمجلس الأمن لكن علي الزعتري الموظف الأممي الأردني الجنسية الذي طرده السودان ليس ممثلاً لبلاده بل هو مسؤول أممي وموظف بالمنظمة، وبالتالي فإن موقفه رسمياً لا يحسب على الموقف الأردني والعكس أيضاً صحيح.. لكن عملياً قد يكون هناك تعاطف في الموقف أو حتى تشابه يجعل من الأفضل المطالبة بتغييره ..
وسائل الإعلام العالمية اعتبرت أن السودان ينوي المواجهة مع الأمم المتحدة ربما لأن السودان يشعر بعدم إنصاف من المجتمع الدولي ويشعر بتواطؤ ضده وكلها احتمالات وافتراضات واردة لكن المعالجة التي تجعل السودان في (السيف سايد) هي اتباع خطوات تظهر براعته الدبلوماسية وقدرته على الصبر والتحمل وإدارة موقفه مع المجتمع الدولي بحكمة بحيث لا يظهر أمام العالم بالوجه الانفعالي.
كنا نتوقع من الدبلوماسية السودانية أن تحسن إدارة هذه الملفات بمهارات أعلى وبرود وصبر أكبر بالاستفادة من حقها القانوني وعدم التسرع في الوصول إلى مرحلة المواجهة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق