الأحد، 28 ديسمبر 2014

جدول خروج اليوناميد

هو خيار العقلاء.. فالسودان لن يتراجع من قراره.. وهنالك رفض شعبي ووطني طبيعي ضد أي وجود أجنبي وتلاحم الموقف الشعبي والرسمي سيكون له آثار أكبر مما يتوقع المراقبون. يستحسن تفادي التصعيد والدخول مباشرة في النقاش والحوار حول الجدولة دون أي مماطلة أو نبرة تهديدية ومن يتبنى أي تهديدات سيكون شريكاً في أي خسائر قد تحدث بسبب اهتزاز العلاقة بين السودان والمنظمة الأممية.
لا يوجد "وجود أجنبي"  يخرج برضاه، نحن نعلم جيداً أنه لو منحت اليوناميد عشرون سنة لن تخرج. وجود شخصيات بل قيادات منصفة في الحراك الدولي والأفريقي أو من يمثلونه داخل السودان، لا يعني أن اليوناميد تختلف عن اليوناميس واليونيفيل واليونسفا وغيرها من اليوني فلان أو علان أو فرتكان.. تختلف المسميات وتتشابه العلل.
هذه العلل ليست من اجتهادي أو آرائي المتواضعة.. توجد دراسات دولية.. بل دراسات تحت مظلة الأمم المتحدة نفسها عن دور البعثات الأجنبية في إطالة أمد الصراع.
توجد دراسات عن تحول الأزمات إلى سوق كبير للموظفين والمغتربين الدوليين.. المسألة ليست فقط مرتبات ونثريات ومظاريف محشوة بالدولارات وهي دخول ضخمة ومعفية من الضرائب والملاحقات، المسألة تشمل تحسين السيرة الذاتية والتأهيل إلى مواقع متقدمة.. ومن أجل هذه الإمتيازات والطموحات بعضهم يدوس على أخلاقه وهويته وإنسانيته.. وينفذ ما يطلب منه دون تردد. على سبيل المثال.. يان برونك كان مسئولاً في بعثة حفظ السلام في البوسنة والهرسك وصربيا وفي عهده تم إخلاء البوابات وفتح المسار لمليشيات الصرب وهي تدخل سيربينيتشا ومعها كراكات ضخمة.. كل الناس يعرفون أنها كانت لحفر القبور الجماعية. كوفي عنان كان مسؤولاً من بعثة رواندا وبورندي.. وحدثت المذبحة.. تلقى برونك وعنان المكافآت والترقيات لاحقاً. الشخص المطيع للنفوذ الدولي يمضي للأمام.. والعاصي مثل بطرس غالي يتم تجاوزه سريعاً.. والمسألة لا علاقة لها بأن هذا الشخص مسلم أم مسيحي.. مصري أم أردني.. المسألة هي الطاعة وتمرير المخططات.. وهنا يظهر الضعف البشري في الأشخاص فالأمر يشمل مرتبات وفرصاً أفضل ودفعيات غير معلنة بملايين الدولارات.
أنا شخصياً لو انتقدت الحكومة السودانية فإنني لن انتقدها في قرار إنهاء وجود اليوناميد إطلاقاً ولكنني ربما انتقدها في أنها لم تستبق هذا الأمر بنشر الأرقام الفلكية من الدولارات والامتيازات.. لم تستبق هذا بنشر أو بالأحرى إعادة نشر كل ما يتعلق بتخصص المنظمات والبعثات الأممية وقياداتها في إطالة أمد الصراع.
نصيحتي لليوناميد وقياداتها.. دعونا نفكر في خروج حميد وآمن وجدولة واقعية.. إذا لم يحدث هذا.. فإنني لا أضمن أن تتكرر تجارب دولية مريرة.. نعم مريرة.. نسأل الله ألا تحدث في السودان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق