الاثنين، 22 ديسمبر 2014

الحرب القادمة..!

ليس لدينا شك في أن المواجهة ما بين "الخرطوم" و"جوبا" حتمية ومؤكدة، في ظل التصعيد المستمر من جانب دولة جنوب السودان، ودعمها الذي لم ينقطع – أصلاً – للحركات والمليشيات المسلحة، التي وجدت في الدولة المستقلة حديثاً ملاذاً آمناً لها، ومنصة تنطلق منها أعمال مقاومة نظام الحكم القائم في السودان، بهدف إسقاطه عن طريق الضغوط العسكرية التي يتبعها ضغوط اقتصادية واجتماعية تعجل بإسقاط النظام، إذا ما أحسن معارضوه توحيد صفوفهم في الداخل أو الخارج، وقد أضحى هذا الأمر قناعة سياسية راسخة في أذهان المعارضين.. لكن الذي يقعد بالفكرة، ثم يمنع الخطوة هو نظرة كل فصيل مسلح لغيره من مكونات المعارضة المدنية أو المسلحة، اذ يستصغر كل واحد منهم الآخر، ولا يعترف بقوته أو قدرته، ويروج بين منسوبيه أنه لا قوة ولا سلاح ولا قدرة إلا عنده فقط.
الحرب قادمة قادمة، وعلى السودان أن يستعد للمواجهة.. فنظام الحكم القائم في "جوبا" يواجه تحدياً صعباً يتمثل في معارضة عسكرية وسياسية قوية، تكاد (تقسم البلد نصين) بين القوات الحكومية التي تحمل بين جوانح قادتها وجنودها الولاء المطلق أو شبه المطلق، لرئيس الدولة، قائد الجيش الشعبي، الفريق أول "سلفاكير ميارديت" بينما تتلبس المعارضة المسلحة حالة من الإحساس بالظلم تعمقت يوما بعد يوم بتهميش وإقصاء نائب رئيس الدولة الوليدة الدكتور "رياك مشار" بما فسره مناصروه بأنه حرب قبلية تهدف الى رفع قبيلة الدينكا أكثر من درجة فوق قبيلة "النوير".. وما جيش مقاومة النظام والمعروف باسم "الجيش الأبيض" إلا دليل يستدل به أنصار الدكتور "رياك مشار" على ما ذهبوا إليه.. والجميع يعلم أن "الجيش الأبيض" ليس إلا جيش قبيلة النوير..
الصراع الداخلي في دولة جنوب السودان، والأوضاع الاقتصادية المتردية نتيجة الحرب الأهلية، وثقل أعباء وتكلفة احتضان بين الحركة الشعبية قطاع الشمال، ثم ثقل أعباء وتكلفة احتضان مكونات الجبهة الثورية مع اهتزاز المنصات القديمة التي كانت تنطلق منها عمليات الحركات المكونة للجبهة الثورية في ليبيا القذافي، أو في بعض الدولة المجاورة التي أنهت عداءها مع "الخرطوم" بالمصالح وتبادل المنافع المشتركة.. كل ذلك صار الآن أكبر دافع لإشعال فتيلة الحرب، التي إن لم تحقق أهدافها الكبرى في إسقاط نظام الحكم في الخرطوم فإنها ستضعف النظام نوعاً ما وتشتت جهوده وستوحد الجبهة الداخلية في دولة الجنوب، وقد بدأت قيادات بارزة في "جوبا" في التصعيد واتهام "الخرطوم" بأنها تسعى للحرب.. وهكذا.
ونختم بأبيات شعر قالها والي خراسان إبان العهد الأموي، "نصر بن سيار" في كتاب بعث به الى الخليفة مروان بن محمد، يحذره من ضعف الدولة الأموية، ومن العباسيين وجيوشهم الضارية.. قال : -
أرى تحت الرماد وميض نار
ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعودين تذكى
وإن الحرب أولها كلام
وقد ظهر أول الحرب.. الكلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق