الخميس، 6 أغسطس 2015

أمبيكي .. الوسيط الذي يبحث عن

قلت في عدة مناسبات.. وكتبت هنا أيضاً إن المفاوضات مع الحركة الشعبية شمال أعقد مما يتصور الكثيرون... وقلت حجتي في ذلك.. قلت إن مالك عقار.. رئيس الحركة يفاوض وعينه علي الدمازين وهذا سقف سهل وميسور ومقدور عليه وجرب المؤتمر الوطني أن يتنازل عنه وإن عبد العزيز الحلو رئيس أركان  الجيش الشعبي يفاوض وعينه علي كادوقلي .. وهذا هو الآخر سقف سهل وميسور ومقدور عليه.. وسبق للوطني أن فكر  جدياً في التنازل عنه والتوجه غرباً غرب كردفان ثم قلت أما ياسر عرمان فهو يفاوض وعينه علي الخرطوم.. وهذا مربط الفرس وأن يكون ياسر عرمان علي رأس الوفد المفاوض.. فهذا ما يجعل التنبؤ بتعثر المفاوضات إن لم يكن فشلها هو الاحتمال الأرجح وهذا هو ما يجعل خارطة التفاوض سمتها الاستطالة والتمدد في الزمان والتعدد في الجولات ودون اختراق حقيقي في نهاية المطاف..!
وقد ذهب البعض إلي استسهال استنتاج السبب بحصره في شخصية ياسر عرمان المفاوضة.. وكيف أنه متشدد ومتعصب إلي آخر الموال.. ويذهب البعض إلي ما هو أسوأ من ذلك بزعم أن ياسر لا يريد خيراً للسودان وأهله.. ولسبب من هذا فهو يطيل في أمد المفاوضات ولكن في المقابل ثمة مني قدم قراءة موضوعية أخري.. في تحليل موقف ياسر وتأثيره  علي سير المفاوضات.. أصحاب هذه القراءة والذين يرون في ياسر شخصية اجتماعية ودودة من الطراز الأول بسيطاً محبا للبساطة والبسطاء.. جاداً في ما يفعل إلا أنهم يرون أن ياسر عرمان يحمل سياسياً تصوراً في ذهنه أقرب لتصورات الراحل قرنق.. في كيفية التغيير وغني عن القول إن الراحل قرنق كان التغيير بالنسبة له يعني إعادة  هيكلة السودان.. ولا شك أن ياسر وبعد انكشاف ظهره برحيل قرنق ربما قد تنازل عن حكاية هيكلة الدولة.. ولكن المؤكد أن سقفه ما يزال عن تفكيك النظام.
إذن حين نقول إن ياسر يفاوض وعينه علي الخرطوم، فإنما نعني هذه العبارة.. تفكيك النظام ولا ننسي أن ياسر قد بني مجده السياسي منذ انتهاء الحرب وحتي انسحابه أو سحبه من الانتخابات علي هذه العبارة وهو يري ويتفق معه البعض أن النظام لا يمكن أن يقنع الآخرين بأنه يمكن أن يأكل الخبز ويحتفظ به في ذات الوقت..أي أن التغيير يقتضي تفكيك  النظام وحيث أن النظام أو المفاوض الجالس علي الطرف المقابل من طاولة المفاوضات ليس من الغباء بحيث يفاوض لتفكيك نفسه.. ولا يري مسوغاً لهذا التفكيك.. سيما وأنه لا يري ما يجبره علي ذلك وطالما ظل ياسر ممسكا بالملف من هناك فلا أمل في اتفاق..!
تسألني ما المناسبة..؟ أقول لك إنها زيارة أمبيكي الأخيرة للخرطوم.. الوسيط الذي يبدو في ظل تحليلنا أعلاه.. كمن يبحث عن وسيط لإيجاد معادلة قابلة للتعاطي الوطني..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق