الأحد، 16 أغسطس 2015

الحركات السودانية المسلحة وحاجتها الماسة جداً للحوار!

الحركات السودانية المسلحة ومهما كانت تقديراتها وأمانيها وأحلامها هي المعينة أكثر من غيرها بالحوار الوطني. وحين قررت آلية 7 + 7  الاتصال بالحركات المسلحة لدعوتها للحوار والتفاهم على ضماناته وموضوعاته، فهي فعلت ذلك من واقع إدراكها التام لشمولية الحوار من جهة، ولحاجة العديد من القوى المسلحة -حاجة ماسة جدا- إلى مخرج مما هي عليه في وقتها الراهن. وإذ جاز لنا هنا بموضوعية أن نعدد مزايا دخول هذه الحركات إلى منبر الحوار الوطني فإن بإمكاننا أن نرى:
أولاً، الحرب دون أدنى شك غير مجدية، فقد جربتها هذه الحركات بعضها دخل عامه العاشر وبعضها دخل عامه الخامس، ورغم كل ذلك لم يحقق أي طرف مسلح حتى هذه اللحظة ولو جزء من الصفر من أهدافه! لم تتمكن أي حركة مسلحة من احتلال مدينة إستراتيجية أو غير إستراتيجية ، ولم تنجح أي حركة مسلحة في اكتساب ثقة أهل أي منطقة من مناطق السودان، باختصار الحركات السودانية المسلحة مجتمعة لا تشكل بحال من الأحوال خرطاً ماحقاً على النواة الأمنية للسودانية، هي فقط تثير من حين لآخر البلبلة ولكنها لا تملك عملياً أن تفعل شيء ذي بال يضطر الدولة السودانية للجلوس معها لمراضاتها! إذن ما الحل؟
الحل بلا شك في التحاور ومحاولة الوصول إلى أهدافها ضمن سياق الحوار الوطني الشامل، فهي -أي هذه الحركات المسلحة- مهما بلغت مظالمهما ليس بأفضل أو لها أفضلية أو ميزة عن بقية المكونات السودانية الأخرى. رفع السلاح في حد ذاته جريمة مهما كانت مبرراته، وإذا تسامحت الدولة السودانية مع حملة السلاح في رفعهم السلاح ضدها كل هذه المدة فهذا لا يمكن اعتباره (ميزة سياسية تفضيلية) لهذه القوى المسلحة حتى ترفض الحوار وترفض الجلوس -كغيرها من الأطراف- لإيجاد حل شامل للأزمة.
ثانياً، الحركات المسلحة ثبت أنها لا تصلح مطلقاً لكي تكون مسئولة بالنظر إلى نموذج الحركة الشعبية في دولة جنوب السودان، أنظر كيف تصارعت ولا تزال تتصارع وتكاد تطيح بالدولة الجنوبية بكاملها، بل أنظر لأولئك الذين وقعوا لاتفاقية الدوحة من الحركات الدارفورية المسلحة! كيف اختلفوا مؤخراً ووقع بينهم انقسام كبير وصراع ما يزال دائراً! طبيعة تركيبة القوى المسلحة تجعل من إمكانية منحها ثقة كاملة في تحمل المسئولية ضرباً من الجنون، فهي لم تقم من الأساس على (رابط سياسي موضوعي) ولم يكن لها من منهج، ولا تصور ولا حتى أسباب منطقية لحمل السلاح نفسه، ولهذا فهي في حاجة ماسة جداً لكي تدخل في عملية حوار داخلي في حضور مكونات سودانية سياسية شاملة وجامعة للسودان كله حتى تكون على قدم المساواة مع الآخرين ومن ثم تدرك أن القضية الوطنية ومسألة إدارة الدولة وحل أزماتها ليست بهذه البساطة!
ثالثاً، الحركات المسلحة مرتبطة على نحو مؤسف ومخجل بقوى دولية عديدة بعضها مشبوه ولديه أجندة خاصة ضد السودان، ومن شأن دخولها إلى مائدة الحوار الوطني داخلياً وبين أطراف سودانية وطنية أن يجعلها تدرك فداحة إرتباطها المشبوه بهذه القوى الخارجية. ولهذا فإن الحركات السودانية هي المعينة أكثر من غيرها مهما كانت الظروف بدخول مائدة الحوار الوطني داخل السودان، لأنها مطالبة بفك ارتباطها الفوري والناجز بالقوى الأجنبية المشبوهة هذه وتلك التي قدمت لها المال وتنتظر المقابل! وإذا ما انعقدت أي عملية حوار خارج السودان وتم السماح لهذه القوى المسلحة بأن تطرح أطروحاتها المضطربة هذه والإستقواء بمن يمولونها، فإن هذه يمكن اعتباره أي شيء آخر عدا أن يكون حواراً وطيناً حقيقياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق