الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

"التدين" الذي صار يعني "التطرف"

أسوأ ما أنتجته سلوكيات المتطرفين الدينيين في واقعنا هو تطابق المعني بين لفظ متطرف ولفظ متدين في أذهان الكثيرين في مجتمعنا السوداني.
حين يصبح الشخص المتدين والملتزم بأداء صلواته الخمس في المسجد مشتبها به في الذهن الاجتماعي بل والأمني أيضاً علي أنه عبارة عن مشروع شاب مفخخ.
هذا شئ جداً أن تكون هناك مفاضلة موضوعية أو غير موضوعية بين الشاب المتدين والملتزم في سلوكه وبين الشاب الآخر المنحرف الذي يتبع  أهواءه بلا وازع ولا رادع ذاتي لسلوكه في الحياة.
الكثير من مجالس مجتمعنا العائلية في هذه المرحلة تجدها تنعقد لمناقشة حالة شاب من أبناء العائلة يكون قد مضي في طريق الالتزام الديني وأمسك لسانه وحفظ نفسه وأدي واجباته الدينية بشكل مثالي.. بينما لا تنعقد ذات المجالس العائلية بذات النشاط والاهتمام لإدراك حالة شاب آخر من أبناء العائلة (صائع) وضائع، فاحت من فمه من قبل رائحة خمر أو له صديق في (الحلة) من الذين يدخنون الحشيش ويتعاطون (الخرشة)..
الشاب الأول المتدين حالته تكون حالة طارئة بالنسبة لهم بينما يكون الثاني ربما جزءاً من مجلس العائلة نفسه باعتبار إن حالته مسكوت عنها وقد تكون مؤجلة النقاش في اعتقاد الكثيرين.
هذا واقع يجب أن ننتبه إليه ولا نكذب علي أنفسنا بمحاولة نفيه.
دور الأسرة ودور مجالس العائلة وكبارها في الحالتين هو دور مطلوب لكن علينا أن ننتبه لخطورة هذا المنهج في التفكير والذي يحقق بكفاءة عالية كل أجندات نسف أخلاق المجتمع السوداني المسلم.
المتطرفون والإرهابيون المفخخون لا يجب أن يؤخذ التدين والالتزام الأخلاقي والسلوكي والديني عند الشباب السوداني بهم، بل العكس تماماً هو الصحيح بشرط العمل علي وقاية هؤلاء الشباب داخل المساجد من هذا الفكر الدموي الذي لا علاقة له بالإسلام.
لا تزال بعض المنابر الإعلامية تبرز أخبار الإرهابيين والمتطرفين بلغة عبثية غير مسؤولة، إما بسبب جهلها وجهل من يقومون عليها وإما لأغراض الإثارة المدمرة والعبث والاستهلاك.
ولا تزال بعض المنابر الدينية إن لم نقل أنها تحرض الشباب علي الانخراط في التنظيمات الإرهابية المتطرفة فإنها علي الأقل تمنحهم الضوء الأخضر بسبب عدم مساهمتها في مشروع إرشاد الناس إلي الدين الحق والتدين الصحيح.
حين يلتزم شيوخ كبار وبارزون الصمت ولا يشاركون في عملية النصح والإرشاد الديني وحين تكون مواقفهم تجاه خطر التطرف الديني مواقف سلبية فإن هذا الصمت يعني الإقرار بسلوك هؤلاء الشباب ويعني مباركة طريقهم الذي يسيرون عليه باعتبار أن قضية التطرف الديني لا تعنيهم في شئ.. وهذا نوع من الإقرار التحريضي نفسه لأنه إقرار علماء ودعاة هذه هي مهمتهم الأساسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق