الأحد، 16 أغسطس 2015

قطاع الشمال وقصة إجتماع عاصف!

عبر بيان مكتوب دفعت به الأسبوع قبل الماضي قالت الحركة الشعبية (قطاع الشمال) إنها شرعت في إجراءات تنظيمية داخلية من شأنها إحداث تغيير في بينتها تمكنها من تجديد هيكلتها وإعادة بنائها للتصدي لمهامها. وبحسب البيان، فإن من أبرز ما اتخذت من قرارات اعتمادها لتوصيات بتوسيع قيادة الحركة وتأييدها للحل الشامل والحوار، مشيرة لتطابق موقفها بهذا الصدد وموقف قوى نداء السودان. أما أكثر ما لفت الانتباه و أثار التساؤل من بين قراراتها هذه هو تعيين رئيس جديد لهيئة أركان جيشها (جقود مكوار) خلفاً لرئيس الأركان السابق، عبد العزيز الحلو الذي جرى ترفيعه إلى منصب القائد العام!
و لهذا فإن التساؤل و لا نقول الاستغراب بشأن ما تم يقتضي قدراً من محاولة استكناه الأوضاع داخل الحركة، و طبيعة الأفكار التي تدور حالياً في ذهن قادتها الثلاثة. وقبل أن نمعن النظر في هذا الصدد، فإن من المهم أن نقف قليلاً على الاجتماع المطول الذي عقده القادة الثلاثة في الفترة التي امتدت من 30 يوليو وحتى 5 أغسطس 2015 إذ يلاحظ بشأن هذا الاجتماع: أولاً، طوله النسبيّ بالمقارنة مع الاجتماعات السابقة التي درجت الحركة على عقدها وهي في الغالب تنعقد في العاصمة اليوغندية كمبالا أو العاصمة الجنوبية جوبا وقليلاً جداً ما تنعقد فى المناطق التي تدعي أنها تسيطر عليها.
وما من شك أن طول زمن الاجتماع  يشي عن صعوبة الأجندة وصعوبة الاتفاق حولها إ بخلاف الإحلال والإبدال في منصب رئيس الأركان وهو منصب بالغ الأهمية والخطورة فإن بقية القرارات والتوصيات عادية ومكررة وتتصل غالبها بقضايا التفاوض والحوار والتنسيق مع المجموعات السياسية الأخرى. وقضايا الأسرى  والإغاثة والقانون الدولي الإنساني. هل من الطبيعي أن يستمر اجتماع بين 3 قادة لأكثر من 7 أيام للحديث عن هذه القضايا المألوفة؟ من المؤكد أن قضية تغيير قيادة الأركان كانت هي محور الاجتماع ومدار الخلاف حوله، وعلينا في هذا المنحى أن نضع في الاعتبار حرص القادة الثلاثة على إخفاء خلافاتهم في هذا الظرف العصيب الذي تمر به حركتهم وهم ينتظرون جولة جديدة من المفاوضات في أديس لا يريدون أن يسبقوها بجملة معطيات سالبة!
ثانياً، قال البيان إن الاجتماع اصدر 22 قراراً في مدة الـ7 أيام هذه، الغريب والمريب هنا ليس عدد القرارات الكثرة بالنظر إلى الطول النسبي للاجتماعات؛ الغريب هنا (ما وراء ) إصدار 22 قراراً ضربة واحدة! من المرجح أن العملية عملية تمويه بارع لإخفاء القرار الأصلي المتعلق بتغيير قيادة الأركان، ولكن بالمقابل فإن هذه البراعة بدت غير ذات قيمة سياسية طالما أنها في غالبها ذات معنى!
ثالثاً، لو كان صحيحاً أن الحلو تم إبداله بمكوار لأسباب تتصل بظروف الحلو الصحية، فإن هذه السبب في حد ذاته يكفي لإضعاف الحركة، كون أن واحداً من أهم قادتها بلغ به ظرفه الصحي هذا المبلغ الذي يحول بينه وبين تولي المنصب المهم، وحتى ولو قيل أن مرض الحلو أمر شائع وذائع ومعلوم للكافة، فإن هنالك فارقاً كبيراً بين ذيوع خبر ما وما بين تأكيد الجهة المعنية لصحة الخبر! أما إذا كان الإبدال عادياً وفي ظروف عادية فإن الريبة تزداد حول ما إذا كان الحلو قد اخفق وتم إبداله أو أن هناك خلافات وصراعات أفضت إلى ذلك. في كل هذه الأحوال هناك إشارة واضحة إلى أن الحركة الشعبية قطاع الشمال على أية حال ليست على ما يرام.
وأخيراً، فإن الفترة الماضية من عمر الحركة لا شك أنها كانت صعبة ومريرة، ففي خلال عام كامل حتى الآن على الأقل لم تجرؤ الحركة على القيام بأي عمل عسكري -كما كانت تفعل في السابق- يمنحها ألقها القدم الذي انطفأ  في الأعوام الثلاث الأخيرة! أما قائد الأركان الجدد (جقود مكوار) فإن سيرته الذاتية وحدها كفيلة بالتنبؤ بأي مصير ينتظر القطاع في المرحلة المقبلة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق