الأحد، 16 أغسطس 2015

البيان الغامض!!

تجاهلت وسائل الإعلام  لسبب أو آخر البيان الذي أصدره مجلس السلم والأمن  الأفريقي في أديس  أبابا (الخميس) الماضي أي قبل يوم من انعقاد قمة الاتحاد الأفريقي.. وجاء  في البيان الذي خصص  للأوضاع في السودان الفقرة الرابعة ما يلي: "ويعرب  المجلس عن قلقه إزاء استمرار النزاع المسلح  في دارفور ولذي يشكل تهديداً للسلام  ليس للسودان فحسب وإنما للدول المجاورة، ويشدد علي ضرورة  تجديد التزام الأطراف لتسهيل العملية السياسية".
هذه الفقرة من البيان فيها الكثير من الإيحاءات السالبة نحو السودان في القوت الذي يشهد فيه إقليم دارفور هدوءاً علي جبهات القتال بعد انحسار التمرد وتمركزه في مناطق نائية أقصي  شمال دارفور وبأعداد قليلة  جداً في جبل مرة، ولم تشهد الفترة السابقة منذ واقعة (النخارة) بين قوات  الدعم السريع وحركة العدل والمساواة عمليات بالمعني ولكن الاتحاد الأفريقي أصدر هذا البيان لأسباب تبدو غامضة  جداً..
وفي الوقت الذي طالبت فيه الحكومة السودانية بانسحاب تدريجي لقوات اليوناميد من دارفور باعتبار أن الحاجة إليها قد انتفت.. ولكن مجلس السلم والأمن الأفريقي يقول في الفقرة  الخامسة من البيان بما يشبه إصدار شهادة لصالح  قوات اليوناميد "ويعرب المجلس مجدداً عن تقديره  لقيادة اليوناميد لا سيما الممثل الخاص المشترك بالإنابة وقائد القوات ومفوضية الشرطة وأفراد البعثة لتفانيهم ومساهمتهم في تعزيز السلام والأمن والاستقرار والمصالحة في دارفور، ويلاحظ  المجلس بارتياح التقدم المحرز في تنفيذ ولاية اليوناميد لا سيما ما يتعلق بحماية المدنيين ويرحب بتمديد ولاية اليوناميد حتي 2016م حسبما ورد في بيان مجلس الأمن ".
هذا الموقف يشكل صدمة شديدة لحكومة السودان التي قدمت دفوعات قوية بشأن فشل  قوات اليوناميد وحاجتها إلي حماية من القوات المسلحة السودانية.
لأن اليوناميد أًبحت نفسها مصدر (تقتات) منه الحركات المسلحة والجماعات المتفلتة والتي تهاجم  من وقت لآخر مقرات اليوناميد وتستولي علي أسلحتها وعتادها.. حتي باتت قوات اليوناميد واحدة من مصادر تمويل الحركات المتمردة في الإقليم.
وتتضح  نوايا مجلس السلم والأمن الأفريقي بصورة سافرة عند قراءة الفقرة السادسة من البيان والتي جاء  فيها "يدين المجلس استمرار القتال المتقطع بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور لا سيما في وسط دارفور مما أسفر عن استمرار  نزوح السكان المدنيين ويعرب عن قلقه إزاء الوضع الإنساني السائد في دارفور بما في ذلك الزيادة الكبيرة في أعداد النازحين، ويطلب المجلس من جميع الأطراف تسهيل عمل الوكالات الإنسانية لضمان  أمنها ووصولها دون عوائق إلي السكان المحتاجين، ويناشد المجلس تنشيط الجهود الدولية الرامية إلي تعبئة الموارد والقدرات اللازمة لتلبية الاحتياجات الإنسانية علي الأرض"..
هذه الفقرة تمثل أهم فقرات البيان وهي تكشف بوضوح أن وراء الأكمة  ما وراءها.. وأن ثمة تحريك لملفات الإغاثة يجري الإعداد له.
وربما كان البيان تمهيداً لحدث ما.. ومجلس السلم والآمن الأفريقي تم تنصيبه كوكيل شرعي أو غير شرعي عن مجلس الأمن الدولي في أفريقيا.. وشهدت علاقات السودان بالدول الأفريقية تحسنا مضطرداً في السنوات التي أعقبت التوقيع علي اتفاق السلام  2005م مع متمردي الحركة الشعبية.    
وساند الاتحاد الأفريقي الخرطوم.. حد مناهضته بشدة لأوامر القبض الصادرة من المحكمة الجنائية بحق الرئيس "البشير" ويعتزم وفد من الاتحاد الأفريقي تقديم طلب لمجلس الأمن بسحب ملف الجنائية..
ولكن شيئاً ما دفع المجلس لإصدار هذا البيان الغامض في وقت طاف فيه وزير الخارجية البروفيسور "غندور" علي معظم دول القارة الأفريقية.
وإذا وضعنا البيان في منظار الواقع يتضح أن الفقرة السادسة تفارق الواقع بعيداً جداً ولم تشهد ولاية وسط دارفور منذ عامين عمليات عسكرية باستثناء حالة تمرد سجناء زالنجي ومحاولتهم الهروب وإحداث فوضي في المدينة، وحتي الأوضاع القبلية لم تشهد ولاية وسط دارفور صراعات في العامين الماضيين ففيم استند الاتحاد الأفريقي في بيانه الغامض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق