الخميس، 6 أغسطس 2015

على البركة

تمضي الدولة أو الحكومة في مشروع أسمته الإصلاح الشامل، وهذا توجه حسن ومتفق عليه، وطرح الفريق أول بكرى حسن صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية من فوق منصة مؤتمره الصحفي بمجلس الوزراء قبل يومين، جملة من القضايا والهموم التي قال إنها ستكون طلب البحث والمعالجة،  وقد ظننت حينما علقت على الحديث حينها أن الأمر منوط بتأهيل وتطوير الجهاز التنفيذي وعلى رأس ذلك الخدمة المدنية، ثم سرعان ما استدركت أن الأمر يتصل بشمول معني الإصلاح وهو ما يعني أن للأمر أبعاداً أوسع تمتد من السياسة إلى الاجتماع والاقتصاد، وفي ثنايا ذلك قضايا الخدمات ومعاش الناس وكلها بالإجمال محاور تشكل تحديات.
وفي تقديري إن الأمر بصورته تلك يتطلب أن يكون هماً قومياً وعملاً جماعياً، ولا أظن أن الحزب الحاكم أراده إلا كذلك، لأن لو كان غير هذا لجعله (مانفستو) جديد لتصوراته ومشروعاته في الحكم والممارسة، ولكان محض توجيه أو مشروعاً تنظيمياً مثله مثل إعادة البناء التي طرحت في أعقاب مفاصلة الإسلاميين.
إن تصوير هذا الأمر – الإصلاح الشامل – وكأنه برنامج سهل التنفيذ أحلام يجب الاستيقاظ منها، فبعد سنوات وعقود قبل الإنقاذ ومعها ليس من الميسور نسخ كثير من الحقائق أو تصويب بعض الاتجاهات بالقدر اليسير، ستكون هناك مقاومة ومقاومة مميته، وإن لم تتحل الحكومة بالعزم والمثابرة فأغلب الظن أنها ستقف في نصف الطريق، أو قد تكمل الأمر بأنفاس لاهثة، فتعقيدات الوضع السوداني جد مخيفة، وأقرب الأمثلة حجم كمية الإصلاحات المطلوبة في المجال السياسي، لا من حيث الأفكار فتلك لا مشكلة فيها، ولكن لجهة أن غالب البناء السياسي والحزبي بالبلاد بناء هش وصوري، لا توجد أحزاب حقيقية بقيادات حازت تفويضها على نحو ديمقراطي.
ولهذا مع أي احتكاك تبرز ظاهرة تناسل القوى الحزبية، جماعة تلد أخرى، حتى صارت لنا أعداد متعددة للأحزاب نفسها بنفس الاسم، ولكن يأتي التمييز في تعريفات بالإضافات لتفصل بين الوطني والفدرالي والسندكالي.
المهم على كل حال أن الإقرار بضرورة الإصلاح نفسها مرحلة متقدمة، والأهم أن يختبر الجميع مسؤولياتهم، أحزاب وأفراد وكيانات وصحافة، الجميع شركاء في هذا المشروع، والذي إن مضي بيسر وتوفيق فإن إشكالات عديدة ستتراجع إلى أن تختفي في الحكم والإدارة، ويمكن العبور بالبلاد إلى دولة المؤسسات، تلك الكلمة التي استخدمت حتى اهترأت وملتها الأسماع وصارت من بعض لوازم الكلام والحكي حين الخطابة واستدعاء الفصاحة.
وإن كان يحمد للحكومة وحزبها الحاكم ابتدرا الأمر في شأن الإصلاح، فإنها مطالبة ابتداء والزاماً أن تبدأ من حزبها.
وقد طرح الأمر نظرياً من خلال نظرية، ولكن أذكر دوماً بكلمة الشهيد محمد طه محمد أحمد (رفع الشعارات سهل والثبات عليها صعب) عموماً خير .. وعلى البركة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق