الثلاثاء، 27 يناير 2015

الحوار الجماعي هو الحل

أتي السيد (ثامبو أمبيكي) إلي الخرطوم في الأسبوع الماضي من أجل متابعة ترتيبات انطلاق الحوار الوطني بالإضافة إلى التنسيق مع الحكومة حول جولة المباحثات القادمة مع قطاع الشمال بأديس أبابا، ولكنه فوجئ بخلافات جديدة وإضافية لمهامه في داخل (7+7)، حيث ذكر القيادي بالمؤتمر الوطني، د. مصطفي عثمان بأن هناك بعض القوى السياسية التي تحاول تعطيل الحوار، وبالمثل اتهمت الأحزاب المقاطعة للحوار الحكومة بتقليص الحريات واستمرار الحرب بالإضافة إلى قيام الانتخابات في ميعادها بالرغم من أن ظروف البلاد لا تسمح بقيامها، حسب إفادات كمال رزق، نائب رئيس حركة الإصلاح الآن.
فالسيد أمبيكي الذي أتي للسودان متفائلاً يحمل في طياته تباشير موافقة حركة عبد الواحد محمد نور للمشاركة في الحوار الوطني قد فوجئ تماماً بخلافات المؤسسين لفكرة الحوار الوطني مما يصعب مهامه ويلقي عليه بالمزيد من الأعباء التي لم تكن تخطر على باله، مما جعله في ربكة إدارية لا يعرف من أين يبدأ، خاصة وأنه التقي بالسيد وزير الدفاع لمناقشة الملفات الأمنية العالقة ما بين السودان ودولة جنوب السودان، وعموماً فإن كل المؤشرات تؤكد بأن السيد أمبيكي قد أصبح في حيرة من أمره ولا يعرف من أين يبدأ، بعد أن اختلطت الأوراق وظهرت إشكالات وصراعات جديدة في الداخل لم تكن في الحسبان، وكما ذكرت في فترات سابقة بأن كل الحوارات والمباحثات الثنائية بين طرفي النزاع في الحكومة والمعارضة المسلحة مكتوب لها الفشل وفق تلك التجارب المتكررة في كل الجولات التي مضت، وعلى وجه الخصوص مع قطاع الشمال الذي خالف القرار ألأممي (2046) واتجه صوب القضايا القومية بالإضافة الى إشكاليات الصراع في المنطقتين بالنيل الأزرق وجنوب كردفان، كما أن الحركات الدارفورية الرافضة لاتفاق الدوحة قد سارت على نهج قطاع الشمال وصارت لا تتحدث إلا في القضايا المركزية المتعلقة بإطلاق الحريات العامة والاتفاق على الكيفية التي يمكن أن يحكم بها السودان والتوزيع العادل للسلطة والثروة، والمعروف لأن لجنة (7+7) ليس بأجندتها سوى تلك القضايا المطروحة بقوة من الحركات المسلحة، وهذا يجعل السيد امبيكي يغير الكثير من خططه وقد يل يلجأ إلى دعوة كل الفرقاء في الداخل والخارج إلى لقاء تنويري يمكن أن يؤسس لحوار وطني شامل تشارك فيه كل القوى السياسية.
وكذلك الحركات المسلحة إلا إذا كان السيد أمبيكي قد أدمن الإطالة في المباحثات الجنائية.. جولة فاشلة بعد جولة، دون الوصول إلى أي تقدم أو حلول، خاصة أن جبهات الخلاف قد صارت متعددة لا تحتمل الثنائية، فبجانب قطاع الشمال فهناك الحركات الدارفورية بالإضافة إلى الخلافات الجديدة في داخل لجنة (7+7) وبالتالي ينبغي علينا ألا ننتظر السيد أمبيكي حتى يقرر، بل ينبغي علينا مساعدته تحقيقاً لمصالحنا بأن تقترح عليه تجاوز المباحثات الثنائية كافة، بأن يعجل بدعوة كل الفرقاء للمائدة المستديرة وفق خطوط عريضة للأجندة تتعلق بالتحول الديمقراطي وإطلاق الحريات العامة وإيقاف الحرب وإحلال السلام، في دستور قائم على المواطنة أساساً للواجبات والحقوق في دولة العدالة والمساواة والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وان ينشط السيد أمبيكي في إقناع الرافضين للانضمام إلى الحوار الشامل الذي يمكن أن يضع حداً نهائياً لإشكالاتنا العالقة كافة، حيث لم يعد الزمان يسعفنا لمزيد من الانتظار، فعبر تلك الأجندة التي ترعاها الوساطة الأفريقية علينا البدء بمن حضر دون انتظار أحد، باعتبار أن الحوار الوطني هو الفرصة الأخيرة لبناء الدولة السودانية المستقرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق