الثلاثاء، 20 يناير 2015

مقاطعة خجولة بلا منطق ولا أعذار موضوعية!

حتى هذه اللحظة فإن القوى السياسية المعارضة التى قررت مقاطعة العملية الانتخابية لم تقدم حجة واحدة منطقية على موقفها. مجمل ما يقال فى هذه الصدد، المطالبة بتأجيلها لإستكمال عملية الحوار الوطني!
لم يقل أحد حتى الآن إن إجراء الانتخابات مخالف للدستور. ولم يقل أحد حتى الآن إن إجراء الانتخابات العامة في موعدها مخالف للممارسة الديمقراطية. والشيء الغريب فيما يتصل بمنح الفرصة لاستكمال الحوار الوطني أن الحوار الوطني جرى طرحه قبل نحو من عام من الآن (يناير 2014) وظلت القوى السياسية المعارضة منذ ذلك الوقت تشترط شروطاً أدهشت كل المراقبين لأن الشروط التى اشترطتها مكانها الطبيعي قاعة الحوار نفسه!
لقد عرقلت تلكم القوى مسيرة الحوار بهذه الاشتراطات منذ البداية ظناً منها أن الوطني لا يملك إلا أن يستجيب لها طالما أنه هو الذي طرح الحوار؛ بل إن غالبها فهم أطروحة الحوار من جانب الوطني على أنها بسبب ضعفه وخوفه من الانهيار والسقوط، لهذا رأينا كيف أن بعضهم تملكته الحماسة ليطالب من الوطني تفكيك نفسه!
كما أنه وقبل حتى أن ينعقد الحوار شرع البعض فى تقديم مطالبهم، فمن قائل بضرورة تفكيك الحكومة ومن قائل بضرورة تكوين حكومة انتقالية ومن قائل بضرورة إلغاء كل القوانين وتعطيل الدستور!
أفسدت العديد من القوى السياسية المعارضة الأمر تماماً وهو ما يزال طفلاً فى مهده والأسوأ من ذلك أن كل هذه القوى واستناداً إلى فرضية الحوار جنحت بها الأحلام إلى أن ألغت تماماً موعد الانتخابات العامة واعتبرتها لم تعد مجدية فى ظل وجود طرح للحوار الوطني.
الأكثر مدعاة للدهشة ونحن نتحدث عن قادة سياسيين ذوي خبرة ويفترض فيهم القدرة على تحليل الأمور واستقراءها أن هؤلاء جميعاً ركنوا إلى أن الحوار -ولو طال لعقد من الزمان- فهو على أية حال أصبح  قارب النجاة الوحيد ومع ذلك رغم التقاعس وإطالة أمده لم يستعدوا للإنتخابات العامة، ولم يسأل أياً منهم نفسه ماذا لو لم يطرح الوطني -من الأساس- أطروحة الحوار؟ فإن الثابت أن المؤتمر الوطني طرح طرحه للحوار وشرع فى عمليات الإصلاح من تلقاء نفسه دون أن يطلب منه احد؛ وهو بهذه المثابة ليس ملاماً.
وعلى ذلك فإن فشل القوى السياسية المعارضة فى استثمار مشروع الحوار ولو في حدوده الدنيا ثم فشلها في خوض الانتخابات العامة، مع أنها كانت على علم مسبق بمواعيدها واستحالة تأجيلها، هو فى الواقع بمثابة تأكيد قاطع على أن هذه القوى المعارضة لم تعد مؤهلة لممارسة ديمقراطية راشدة ومن العيب بمكان أن تقف هذه القوى أمام العالم بأكمله -الذي يرى ويلمس مجريات الأحداث- لتزعم أنها لم يتوفر لها المناخ الملائم لخوض العملية!
فما هو مطلوب أكثر من ما هو متاح ومطروح الآن؟ وكيف اتفق أن قوى سياسية محترفة تخوض الآن العملية وكيف تسنى لأشخاص مستقلين تماماً -رأيناهم ولمسناهم عن قرب- تقدموا بطلبات ترشح للرئاسة؟ هل تعتقد قوى المعارضة أنها أكثر حرصاً على الديمقراطية من جموع الشعب السوداني كله؟.. وبم تتميز هذه القوى عن بقية شعب السودان؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق