الأحد، 18 يناير 2015

لم يعد الصمت ممكنا

كنت عصر الخميس ضيفا على إذاعة صوت القوات المسلحة عندما سألني مقدم البرنامج مقدم محمد جاد الله.. عن فتح المعارضة قضية طرد الزعتري وتدوين بلاغ ضد (حكومة الخرطوم) لدى مؤسسات المجتمع الدولي.. على أن الحكومة لا تحترم المواثيق الدولية و.. و..
قلت لصديقي جاد الله إن من لا يجد ما يفتتحه في مواسم الاستقلال فليفتتح قضية ضد وطنه.. ولو كانت هذه القضية تتعلق بالسيادة واحترام حرمة عرض الوطن.. فالحكومة في هذا الشتاء مشغولة بافتتاح مشروعاتها.. ففي ضاحية شرق النيل وحدها حيث أصلح أن اكون شاهدا بحكم السكن.. هنالك استاد العيلفون بسعة ثمانين ألف متفرج كأكبر ملعب لكرة القدم بالبلاد.. ثم مستشفيات أبودليق وعشرة مراكز صحية وإنارة ستين قرية.. فضلا عن جسر مدينة سوبا شرق.. ولتشييد الجسور في السودان قصة تصلح للاستدلال فكل حكم وطني صنع جسرا وانصرف.. ففي عهد الأزهرى صنع جسر شمبات.. وشيد نميرى جسر القوات المسلحة فضلا عن جسرين تاريخيين صنعهما المستعمر.. جسرا النيل الأبيض والأسود.. في سجل الإنقاذ حتى الآن والمونديال لم ينته بعد جسور المك نمر والحلفاية والإنقاذ والمنشية وسوبا والدباسين.. فضلا عن جسور الولايات الدامر أم الطيور والحصاحيصا وكريمة والدبة.. والسيد الصادق المهدي والتعدديات لم ينجح أحد!!
قد يقول قائل وأنَّى للمعارضة من مؤسسات ومكتسبات يمكن أن تصنعها وهي خارج السلطة.. وأقول إن الإسلاميين لما كانوا في المعارضة قد صنعوا البنوك الإسلامية فيصل نموذجا وأسسوا الشركات والمنظمات المربوطة بخدمة الجماهير.. ودعوني أقدم نموذجا لإمكانية محافظة الأحزاب على جماهيرها.. وذلك كأن يصنع حزب الأمة القومي مشروعا وقفيا ضخما للأيتام والأرامل بالجزيرة أبا و.. و.. فلا يعقل أن لا يرتبط حزب الأنصار خلال تاريخه الطويل حاكما أو محكوما بمشروع ذي بال.. وإلا هل تحفظ ذاكرتكم للإمام السيد الصادق المهدي أي مشروع وطني يمكن أن يذكر إذ افتخر الآخرون بقيس أو تميم.. فكيف لا تنفض الجماهير من حول هذه الأحزاب التى لا خيل لها تهديه ولا مال ولا منطق وحسن مقال.. فثقافة الانتخابات رهينة بتقديم الخدمات وللإنقاذ التي تعبر حتى الآن على عشرة جسور ما تقوله إذا خرجت تطلب ود الجماهير لتعبر بهم إلى المستقبل.. وفى المقابل إن الآخرين الذين ينادوننا من وراء حجرات الفنادق لا يملكون مايخرجون به للجماهير.. اللهم إلا أن يقول قائلهم: "..إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ..." الآية الكريمة.. فعلى الآخرين أن يدركوا أن غلبة جماهير الحكومة تكمن في سرين عظيمين الأول هو توفير سلعة الأمن.. فعلى الأقل في ظل الهرج والمرج الذي تعيشه منطقتنا العربية أن الخرطوم أكثر أمنا من القاهرة وبغداد ودمشق وصنعاء والمنامة وبيروت الشرقية والغربية وبنغازي و.. و.. كما ليس للشعب ثقة في أمن يمكن أن توفره معارضة تتشكل من حركات مسلحة وأخرى ثأرية تحررية ويسارية انتقامية.. فأول شيء يمكن أن يفعله هؤلاء عند وصولهم الخرطوم هو التصفيات.. تصفية الآخرين ثم تصفية الحسابات التي بينهم.. ثم سر بناء المنشآت والبنيات والخدمات و.. و..
للذين يقرأون بتطرف وأجندة مسبقة أنا لم أقل إننا بلغنا عهد الرفاهية، فلا يزال الشعب يعاني وينتظر الحكومة الكثير لتفعله.. إلا أن البدلاء لا يسند تاريخهم ولا يسعف خطاب مستقبلهم شيئا يجعلنا تتشبث بهم ولو شيئا قليلا.. تصبحون على خير..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق