الأحد، 18 يناير 2015

الولايات المتحدة تحت (قبعة) حفظ السلام في دارفور

بدأت أحداث دارفور تلفت أنظار المجتمع الدولي منذ مطلع العام 2003م، وأصبح اسم الإقليم يتداول في جلسات وأروقة مجلس الأمن الدولي وحاز على عدد مقدر من قراراته.
في مسعى من جانبه لكبح جماح أعمال العنف ابدي الاتحاد الأفريقي استعداده لنشر قوات لحفظ السلام في المنطقة وفي ابريل عام 2005م ناشد الاتحاد الأفريقي حلف الناتو مساعدته توفير التسهيلات اللازمة ليتمكن من زيادة قواته الموجودة في السودان من 2500 إلى 7500 فرد وفي يونيو من العام نفسه، وافق الحلف على الاضطلاع بأول مهمة له في أفريقيا لتشكل مثالاً آخر على التزامات الحلف الجديدة في أداء مهام غير تقليدية وعلى اتساع دائرة حضوره خارج منطقة شمال الأطلسي، وهكذا انطلقت هذه المهمة في الأول من يوليو 2005م وتم في إطارها نقل ما يزيد على 4 آلاف عنصر من القوات التابعة للاتحاد الأفريقي، فضلاً عن إقامة ورش عمل لبناء قدرات الضباط الأفارقة في إثيوبيا، وتوفير ضباط للمشاركة في عمليات حفظ السلام التي تؤديها قوات الأمم المتحدة بالاشتراك مع القوات التابعة للاتحاد الأفريقي، والبيان الذي أدلي به باول في 9 سبتمبر 2004م شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ.
غير أن عملية دارفور كانت قد تحولت إلى مصدر للجدل والنقاش داخل أروقة الناتو لتكشف بذلك عن استمرار الخلافات بين أعضائه بشأن الدور المرتقب للحلف، كما إن أعضاء في الاتحاد الأوربي كفرنسا وبلجيكيا اعترضا على منح حلف الناتو دورا في أفريقيا قائلين إن الاتحاد الأوربي الذي قدم مساعدات لوجستية بالفعل للاتحاد الأفريقي هو الأكثر تأهيلاً للعب مثل هذا الدور، وبعد انتهاء أشهر من الجدل والنقاش والبحث تسببت في تأجير مهمة الناتو وافق هؤلاء على مضي الحلف قدما في أداء دوره وان يواصل الاتحاد الأوربي المهمة التي بدأها ويعمل على توسيعها ونتيجة لذلك فقد عمدت دول عدة ومنها فرنسا وايطاليا وألمانيا، التي تسيير جسور جوية إلى دارفور في إطار مهمة الاتحاد الأوربي فيما وظفت القوات الأمريكية حلف الناتو لهذا الغرض وتتم كل هذه العمليات الجوية عبر خلية تنسيقية أنشئت في هولندا، ويتم تنفيذ كل منها بصورة مستقلة بالتنسيق مع خلية مماثلة أقامها الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا وفي هذا السياق يقول مسؤولو كل من حلف الناتو والاتحاد الأوربي إن عملية التنسيق الناتو – أوربية لم تعرض هذه المهمة لمشكلات جدية ولكن قيام هاتين المنظمتين اللتين تتخذان من بروكسل مقرا لهما لتنفيذ عمليات لوجستية باتجاه المنطقة ذاتها يؤكد استمرار الخلاف حول طبيعة الدور الذي ينبغي لكل منهما تأديته.
لا ريب في إن استعداد حلف الناتو لمد يد العون في تدريب قوات حفظ السلام الأفريقية وتامين نقلها إلى دارفور ينطوى على "إيعاز مبطن" من الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها القوة المهيمنة على حلف الناتو مستفيدة من انعدام القدرات اللوجستية لدي الاتحاد الأفريقي نفسه، غير ان العديد من المراقبين يعتقدون إن على الناتو يمكن إن يفعل أكثر من مجرد توفير وسائط النقل لقوات دول أخرى ففي مايو 2005م وعلى سبيل المثال لا الحصر دعت مجموعة تشكل معظمها من عدد من وزراء الخارجية السابقة مادلين اولبرايت حلف الناتو إلى الاستفادة من قوات الرد السريع التابعة له في وضع قوة بحجم لواء تحت تصرف الأمم المتحدة بهدف تعزيز قوات الاتحاد الأفريقي حتى يتمكن هذا الأخير من بناء قوة كافية خاصة به.
وفي يناير 2006م خلص جان برونك مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان إلى القول بأن ثلاث سنوات من الجهود التي بذلتها قوات حفظ السلام الأفريقية في السودان كان مالها الفشل وان ثمة حاجة إلى قوات أكبر من الجنود الغربيين لوضع حد للقتال الدائر هناك وفي هذا الإطار ناشد برونك مجلس الأمن تشكيل قوة لحفظ السلام تضم 20 ألفاً وتتمتع بسلطة استخدام القوة عند الحاجة وفي هذا الشأن أعلن الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان إن المنظمة الدولية قد تلجأ إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وغيرها من القوى الصناعية الأخرى للإسهام في تأسيس قوة كهذه، وفي حال قرر هؤلاء القادة أن الوضع في دارفور يتطلب تدخلاً عسكرياً وان الاتحاد الأفريقي ليس أهلا لأداء مهمة كهذه فلعلهم سيشعرون بقدر أكبر من الارتياح حين يطلبون من الناتو الاضطلاع بدور قيادي في هذا المجال وربما تحت رعاية الأمم المتحدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق