الاثنين، 26 يناير 2015

الإتحادي الأصل ما بين حكمة زعيمه وسذاجة بعض قادته!

تبدو الأوضاع بالغة الغرابة داخل الحزب الاتحادي الأصل بزعامة الميرغني فقد ظل الحزب مشاركاً في السلطة منذ أكثر من عامين أو ثلاث لم يشعر خلالها -لا من قريب ولا من بعيد- أنه يجلس على هامش السلطة، كان وما يزال الاتحادي الأصل فاعلاً فى كافة مستويات الحكم ولم يحدث مطلقاً أن دخل في نزاع أو صدام -ولو عن طريق الخطأ- مع شريكه الوطني في أي شأن يختص بهذه المشاركة.
كما ثبت للحزب طوال هذه المدة أن أطروحاته السياسية ليست على خلاف فى أي جزئية من الجزئيات مع أطروحات الوطني وسياساته، بل يمكن القول استناداً إلى معطيات كثيرة أن الاتحادي الأصل استفاد استفادة كبرى من هذه المشاركة لأنه على الأقل اكتسب خبرة إدارة الدولة فى واقع السودان الماثل وربما تسنى له -الاتحاد- الوقوف على حقائق عديدة لم يكن بالإمكان الإحاطة بها لو لم يكن جزءاً من السلطة، وهذه حقيقة ربما غابت عن العديدين، إذ أن إدارة الدولة وتحمل عبء الأوضاع فيها ليس أمراً سهلاً، ذلك أن الكثير من القوى المعارضة لو تسنى لها معرفة حقائق الأمور لما مارست المعارضة القوية السهلة.
حزب بهذه الخبرة السياسية والتنفيذية السابقة والحالية ترتفع بعض أصوات قياداته رافضة المشاركة فى الانتخابات العامة! لا أحد من هؤلاء -حتى ولو بمنطق مختل- يورد أسباباً موضوعية ومعقولة لهذا الرفض. فعلاوة على أن الحزب يدعي أنه هو الحزب الجماهيري الأول وحزب الحركة الوطنية بما يتيح له –وفقاً لذلك– الحصول على مقاعد وحصد أصوات تناسب وزنه، فإن من غير المعقول من حزب كهذا أن يبدي تخوفاً من الفشل سواء لمخاوفه من التزوير كما يقول بعض قادته الذين يعيشون حالة شكوك لا تنتهي أو المراهنة الخاطئة على سقوط المؤتمر الوطني.
غالب قادة الحزب الاتحادي الذين يرفعون أصواتهم برفض المشاركة في الانتخابات يتخوفون على أشخاصهم فقط! يخشون أن يتجاوزهم الزمن، خاصة وأن من بينهم من يمكن وصفهم (بغواصات) لأحزاب يسارية معروفة، دخلوا إلى الحزب مستغلين اتساع ماعونه لمآرب خاصة!
إن حزب نجح فى إدارة شراكة سياسية وتنفيذية على كافة مستويات الحكم لا يوجد أدنى مبرر يجعله خارج العملية السياسية فحتى لو صح أن الوطني يمارس ممارسات غير سليمة فى العملية الانتخابية فإن أمام الحزب الموجود داخل منظومة السلطة أن يراقب ذلك وأن يقف بنفسه على هذه الممارسات إن صحت، كما أن التنسيق السياسي فيما بينه والحزب الوطني -كأمر مشروع فى العملية الانتخابية- يتيح للحزب الحصول على شرعية سياسية من خلال العملية الانتخابية بدلاً من البحث عن مشروعية لم تأتي منذ ربع قرن من الزمان!
إن زعيم الحزب، السيد محمد عثمان الميرغني بلا أدنى شك يتمتع بقدر كبير من الحكمة والحصافة وفيما يبدو أن الرجل استفاد إلى حد كبير من الأخطاء القاتلة لزعيم حزب الأمة القومي، ففي الوقت الذي تفرقت فيه السبل بحزب الأمة القومي وأصبح زعيمه (لا في العير ولا في النفير) كما يقولون؛ فإن زعيم الاتحادي الأصل على الأقل فى قلب المشهد السياسي رغم الأصوات النشاز الفاقدة للحكمة السياسية التى ترتفع فى جنبات داره تدفعها مخاوفها الشخصية ومصالحها الخاصة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق