الأحد، 18 يناير 2015

الحركات المسلحة في جنوب كردفان ودارفور.. إصابة بالغة في العمود الفقري!

أصيب قطاع الشمال الذي يقاتل الحكومة السودانية في منطقتيّ جنوب كردفان والنيل الأزرق فى عموده الفقري العسكري إصابة بالغة ومؤثرة من المنتظر أن تفضي به إلى قدر من الشلل والكساح المفضي بدوره إلى نهاية على ميادين القتال كان القطاع يعتقد وإلى عهد قريب أنها مستحيلة. فقد نجح الجيش السوداني منتصف الأسبوع الماضي (أمسية الاثنين الثاني عشر من يناير2015) فى اجتياح منطقة أنقارتو، وهي نقطة حيوية وإستراتيجية تقع إلى الجانب الشرقي لمنطقة (كاودا)، المقر الرئيسي الذي ظلت قوات قطاع الشمال تتحصن خلفه!
ملامسة الجيش السوداني لمعقل قوات القطاع بهذه الدرجة التكتيكية الخطيرة يمثل بحسب العديد من الخبراء العسكريين ملامسة بالغة الخطورة للعصب الرئيس البالغ الحساسية لمجمل إستراتيجية قطاع الشمال فى قتاله الشاق المطول ضد الحكومة السودانية، إذ أن المنطقة المستولى عليها من قبل الجيش السوداني لا توفر منصة انطلاق جديدة لوثوب الجيش السوداني -ربما فى وثبة واحدة- لاجتياح الحصن الحصين وآخر قلاع قطاع الشمال فحسب؛ ولكن وجود الجيش فى هذه المنطقة حطم تماماً معنويات الجند والقوات فى قطاع الشمال، حتى إن المتحدث بإسم قوات القطاع (مبارك أردول) اضطر للزوم الصمت والاختفاء.
كما أن وجود الجيش السوداني على مقربة من منطقة كاودا بهذا القرب الجغرافي يفسد وإلى الأبد إمكانية قيام القطاع -على المدى المنظور- بأية تحركات مضادة، ففي مثل هذه الحالات وفق العلوم العسكرية، فإن التحركات المضادة لها ثمنها باهظ، وفى الغالب فإن الخيار الوحيد المتاح أمام قوات القطاع لضمان بقاءها لأطول فترة ممكنة فى منطقة كادوا هو أن تهيئ نفسها لمعركة دفاعية استبسالية طويلة! وهو خيار يعتقد ذات الخبراء العسكريين انه أمر تكتنفه صعوبات جمة لأنه يتطلب خطوط أمداد آمنة وطويلة للغاية، وهو ما يصعب عليها الحصول عليه لأسباب تعود إلى الصراع الجنوبي الجنوبي الدائر حالياً والذي انشلغت فيه القوات الحكومية الجنوبية بالدفاع عن المدن والبلدات الجنوبية فى ظل نجاح قوات المتمردين الجنوبيين فى إسقاط مدن ومناطق جنوبية إستراتيجية.
ولعل الأكثر سوءاً أن الجيش السوداني فى ذات التوقيت استطاع أن يحكم سيطرته التامة على مناطق إستراتيجية مماثلة فى إقليم دارفور مثل منطقة (فنقا) شرق جبل مرة، أحدى أهم مناطق ارتكاز حركة مناوي إضافة إلى مناطق أولحا بولاية شمال دارفور، والأخيرة منطقة إستراتيجية مؤثرة وبمثابة نقطة تلاقي ومركز مهم في إقليم دارفور!
هذا يعني أن الحركات المسلحة سواء فى جنوب كردفان أو دارفور خسرت تباعاً معاقلها الرئيسية داخل الأراضي السودانية، وفى ظل استمرار المشروع العسكري الحكومي المؤثر المعروف (بالصيف الحاسم) والذي أشار إليه المتحدث باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي فإن من المتوقع -فعلياً- أن يمثل العام الحالي عام 2015 نقطة فاصلة ومفترق طرق غير مسبوق للحركات المسلحة وما يسمى بالجبهة الثورية التى أنهكتها تحركاتها العسكرية عديمة الجدوى فى أراضي دولة جنوب السودان ومقاتلتها فى صفوف القوات الحكومية الجنوبية مقابل الحصول على الدعم المالي والعتاد العسكري، الأمر الذي أوصلها إلى هذه الحالة العسكرية المزرية، فهي بالكاد الآن تعلق جراحها وتتخذ طرقاً خفية بعيداً عن أعين الجيش السوداني أملاً في المحافظة على ما تبقى من قواتها والاحتفاظ بها بعيداً حتى يكون في مقدورها -إذا ما سنحت سانحة- أن تعيد تنظيم صفوفها!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق