الثلاثاء، 27 يناير 2015

د. غازي .. و(مأسسة) الاستبداد

(مخاشنات) شديدة طرفاها الأحزاب التي تم تعليق نشاطها في لجنة الحوار وبين اللجنة؛ وقد تولي كمال عمر الأمين السياسي للشعبي هذه الـ(مخاشنات)؛ عندما أعلن أمس عن ميلاد جسم جديد أطلق عليه (مجموعة الأحزاب المحاورة).
وذكر الأمين السياسي للشعبي ذكر أن (خيار الحوار) كان طوعاً ودون شروط وهناك بعض الأحزاب تسعي لـ(نسف عملية الحوار) ... وأشار إلي أن د. غازي صلاح الدين سبق أن أخطرهم بضرورة مغادرة (منصة الحوار) بسبب عدم رضا الكثيرين عن حيثياته ومخرجاته.
بداية يجب التفريق بين (الخلافات) الحزبية؛ وبين مجريات الحوار الذي ينبغي أن يضم جميع الأطياف؛ وما لا خلاف عليه أن الأحزاب بمختلف مسمياتها ليست علي (وفاق) مع المؤتمر الوطني.
وعدم الـ(وفاق) هذا يعني بداية أن (الخلاف) مهما علا يجب أن لا (يعيق) تقدم الحوار؛ وربما أصبح محفزاً له.. من هذا المنطق يصبح حديث د. غازي بضرورة مغادرة (منضدة الحوار) حديثاً غير (موفق).
وعدم التوقيع فيه أن يكون مصدره رئيس (الإصلاح الآن) شخصياً؛ وهو الداعي في كثير من مواقفه إلي (الندية) السياسية)؛ وتحرير (الرأي) .. ولو تذكرون أن أول ما قاله د. غازي لحظة خروجه من الوطني "أنه صدع برأيه".
فلماذا يحجر علي (الأحزاب) الذين أرادوا دخول الحوار وفق قناعتهم الكاملة وبلا أية شروط؟.. لماذا يحجر عليهم آراءهم؛ ويأمرهم صراحة بمغادرة منضدة الحوار؟
كمال عمر ساق في حديثه لـ(اليوم التالي) أمس اتهامات طالت قيادات الإصلاح؛ وقال إنهم كانوا ضمن منظومة الاستبداد ويتحملوا مثل غيرهم (وزر) انفصال الجنوب.ذ
وهذا ما ظللنا نكتب عنه لفترة ليست بالقصيرة؛ تأكيداً أن القيادات التي كونت الإصلاح الآن شاركت في الحكومة لـ(22) عاماً؛ وكانوا أعضاء أصيلين في الجهازين التنفيذي والتشريعي؛ مثلما أن لهم كامل العضوية في حزب المؤتمر الوطني.
طيلة فترة بقائهم وحتي موعد خروجهم الكبير من الحزب (الأم) لم تشهد لهم الساحة أقوال ناقدة ومناهضة للحزب أو الدولة؛ لأنهم جزء منها..فلماذا صار الحوار مع الحزب (الأم) من (الممنوعات) بعد خروجهم عنه؟ أو لمجرد أن كثيرين غير راضين.
وهل رضيت الأحزاب عن (الإنقاذ) في ما مضي من سنوات؟.. أم أن قادة الإصلاح أطلت علي رؤوسهم فجأة (الحلول الشافية) لكافة مشكلات السودان؟.. بينما كانت ذات هذه الحلول غائبة عليهم لـ(23) عاماً.
ما عجز عنه د. غازي صلاح الدين ومعانوه لما يزيد من عقدين من الزمان؛ وهم أعضاء بكل مؤسسات الحكومة؛ لن يفلحوا في تحقيقه وهم الآن خارج هذه المؤسسات.
ليس من الحكمة حمل (الآخر) حملاً ليكون رأيه مطابقاً لرأيك؛ وقديماً قيل نصف رأيك عند أخيك؛ عليه إذا قررت مجموعة الإصلاح عدم متابعة الحوار؛ أو أعلنت مقاطعتها للانتخابات؛ فذلك يمثل موقفها هي ولا تستطيع أن تصادر مواقف الأحزاب الأخرى.
فالداعي لممارسة العمل السياسي دون حجر أو وصايا والمنادي ببسط الحريات في العمل العام؛ ينبغي أن يكون أول المبادرين لحفظ حقوق الآخرين.. حتي لا يوصف هو نفسه بـ(الاستبداد).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق