الأربعاء، 21 يناير 2015

أيها السيد الرئيس هذا ما يحتاجه الوطن

يكفي السودان ابتلاء أن يكون محط أطماع القوى الدولية والإقليمية كونه يمتاز بموقع جغرافي محوري في التواصل بين أفريقيا والشرق الأوسط من جهة وإطلالته على البحر الأحمر الذي تمر به نصف السفن التجارية إلى الشرق حتى بلاد الهند والسند وهو بالتالي نافذة بحرية لمعظم دول وسط أفريقيا وبعض الدول في غربها، كما أن وجود البحر نفسه يمثل مكمن خطر كون السيطرة عليه محل تنافس بين الدول العظمي استناداً على قاعدة عسكرية قديمة تقول بأن الذي يسيطر على البحار يسيطر على العالم، كما أن موقع السودان الاتصالي كنقطة تلاقي بين العالمين العربي الإسلامي من جهة والأفريقي من الجهة الأخرى ومدى إمكانية هذا التلاقي في أحداث تلاقح أو تقديم مقاربة توحد آسيا وأفريقيا فيتحالفان مع أمريكا الجنوبية في مواجهة العالم الغربي، كل هذه المخاطر إضافة الى الدور الديني في محاربة امتداد الإسلام نحو وسط وجنوب وغرب القارة الإفريقية واعتبار أن السودان منذ أيام سياسة المناطق المقفولة لم يكن إلا خطاً فاصلاً بين الإسلام شمالاً والمسيحية والوثنية جنوباً ثم تلعب إثيوبيا شرقاً دور الحزام الآخر بينما يلعب الاستعمار الفرنسي غرباً في تشاد وأفريقيا الوسطي هذا الفاصل.
ومع كل هذه المخاطر وما يتبعها من مخططات لإدارة السودان بالصراع بحيث تنشغل مكوناته بالصراعات فيما بينها عن إحداث أي تقدم ذي شأن على مستوي البناء الوطني والتكامل المجتمعي والانصهار في مكون قومي يعبر عن الشخصية الوطنية والهوية الثقافية الجامعة، والتي نراها رأي العين وتجسدت في دروسه على ارض الواقع، بالرغم من كل ذلك لا نزال نتعارك فيما بيننا ونتشظى إلى مكونات أولية تجاوزتها الشعوب التي كانت في سبات عميق وبلا سند حضاري، لا يمضي شهر إلا ونشهد أو نسمع عن صراع قبلي يتفجر في دارفور أو كردفان أو غيرها من مناطق السودان، والولايات التي لا تحترب قبلياً يصطف أكثرها على هذه الخلفيات في التنافس السياسي فبدلاً عن الاستقطاب الحزبي ألبرامجي أو حتى الأيدلوجي، يصبح الاستقطاب قبلياً.
حاشية:
لا يحتمل السودان بعد هذا الإنهاك ومضي أكثير من ستين عاماً قضي معظمها في الاحتراب الداخلي أو صراع المركز والأطراف، لا يحتمل المزيد من التشظي في عراه أو التهتك لنسيجه الاجتماعي المثقل بحمية القبلية وعصبيتها وجاهليتها.
ما يحتاجه الوطن سيادة الرئيس هو إعمال سلطاتكم للقضاء على كل العوامل المساعدة على اشتعال القبلية أو تلك التي تفاقم من تهتك نسيج المجتمع وفي مقدمتها انتهاج ليس سياسة تعيين الولاة من خارج ولاياتهم بل منع تعيين أي وال من ابنا الولاية في ولايته ومنع تعيين أي معتمد في محليته وأكثر من ذلك الشروع الفوري في مراجعة توزيع المحليات وحدودها بحيث يقلل عددها وتدمج ليس للتكلفة الإدارية فقط بل لمنع أن تنفرد كل قبيلة بمحلية وتصبح للقبيلة لافتة رسمية تستتر بها في السلطة والمحاصصة، لن يتعايش الشعب السوداني في وطن واحد ما لم يتعايش أبناء ثلاث قبائل على الأقل داخل حدود وسلطة محلية واحدة.
فهلا أجبنا داعي الوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق