الأحد، 22 مارس 2015

ياسر عرمان في تعاسته الخاصة!

ياسر سعيد عرمان يعيش هذه الايام تعاسته السياسية الخاصة، فقد أدلى بتصريحات مؤخراً وعقب إنفضاض لقاء برلين بأن اعلان برلين يعتبر بمثابة فرصة أخيرة للحكومة السودانية لإلغاء الانتخابات العامة والانخراط في الحوار. والواقع ان عرمان لا يملك اكثر من هذا التهديد السياسي الخجول. فعلى صعيد الميدان، فإن قطاع الشمال والجبهة الثورية لزموا الصمت العميق منذ ان أطبقت قوات الدعم السريع وضربات الصيف الحاسم على تحركات القطاع والثورية فى جنوب كردفان.
لقد اضطر قطاع الشمال لإيقاف سيمفونية الكاتيوشا التي كانت معزوفتها المفضلة التى تجيد عزفها فى فضاء كادوقلي في السابق. المقطوعة العسكرية الخاصة بقطاع الشمال لم تعد تطرب قادة القطاع بعد أن أحكم الجيش السوداني سيطرته التامة على فضاء المنطقة، واستطاع أن يفسد على القطاع نوتته الموسيقية.
إذن لم يعد الميدان العسكري يحقق إرسال الرسائل العسكرية النصية التي تضغط على الحكومة السودانية لقبول التفاوض مع القطاع. الولايات المتحدة نفسها لم تعد بذات ذاك الحماس القديم، فقد تكاسلت عن عقد جولة التفاوض مع القطاع في أديس أبابا وانشغلت كلية بإصلاح مسار علاقاتها بالخرطوم.
عرمان أدرك أن الكاتويشا لم تعد ممكنة. التفاوض في أديس فى مثل هذه الظروف الانتخابية يفيد خصومه في الحكومة بأكثر مما يفيده هو. أية ضربات عسكرية من أي نوع -في مثل هذه الظروف الانتخابية الدقيقة- تفيد الحكومة فائدة كبيرة لا نظير لها! إذن ما الذي يفعل؟ ليس هناك أفضل من التلويح بإعلان برلين على أن تكون محاولة أخيرة عسى ولعل.
الواقع إن إعلان برلين -دون الغوص من فحواه ومتنه- ليس هو المشكلة، فقد ثبت أن الحكومة الألمانية -بحصافة بالغة ودبلوماسية- حرصت على أن تبرر موقفها سياسياً لدى الحكومة السودانية، والحكومة السودانية هي نفسها ما تزال راعية للحوار غير المشروط، ولهذا فإن من المستغرب تماماً أن الذين اجتمعوا في برلين وخرجوا بما خرجوا به؛ ما الذي كان يحول بينهم بين أن يتحاوروا -مباشرة- مع الحكومة في الخرطوم؟ فما إتفقوا عليه في برلين ومهما كان عادلاً ومنصفاً إلا انه ظل (إتفاقاً من طرف واحد) لا يقدم ولا يؤخر ولا يمكن بحال من الأحوال أن تقبل به الخرطوم.
عرمان في الواقع لم يكن فى مزاج سياسي مواتي حين لوح بتهديداته الخجولة هذه فأصدقائه الأمريكيون مضوا في إستراتيجيتهم التي لا يقاسمونها أحداً من حلفائهم بإعادة النظر –ولو جزئياً في علاقاتهم المضطربة مع السودان. الأمريكون أعطوا السودان حوافزاً سياسية واقتصادية -مقدماً- بالمخالفة لكل أساليبهم ونهجهم في السابق حين قرروا رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية ومضوا في محادثات مع الخرطوم.
عرمان ربما تذكر أن واشنطن الغاضبة من الفرقاء الجنوبيين الذين أحالوا الدولة الوليدة إلى محرقة افريقية قوامها الأشلاء والرماد غاضبة عليه هو أيضاً، كونه ورغم كل علاقاته القوية مع رفاقه في الحركة الشعبية الجنوبية لم يستطع فعل شيء! وربما تساءل الأمريكيون -سراً طبعاً- ما الذي يضمن لنا أن قطاع الشمال لن يسير في ذات الاتجاه مستقبلاً؟ وما الفائدة من دعم حركة سودانية جديدة لاعادة إنتاج جنوب جديد لن يقل فشلاً عن سابقه؟
أفكار و خواطر عرمان السياسية التي حاصرته بحرقة وألم اضطرته لإرسال تهديده الناعم الخجول إلى الخرطوم، فقد وجد أن عليه على أية حال أن يبادر بقدر من السُعال بدلاً من أن يظل صامتاً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق