الأربعاء، 18 مارس 2015

مع إقتراب عملية الاقتراع.. قوى المعارضة تتجاذبها المخاوف!

يبدو أن قوى المعارضة السودانية بدأت تتخوف فعلياً من أن تمضي العملية الانتخابية فى السودان بسلاسة وبلا ثقوب ولا عراقيل ومن ثم تصبح نتيجتها امراً قانونياً واقعاً محاطاً بإعتراف العالم وتضطر هذه القوى للانتظار خمسة أعوام أخرى تنام خلالها أحلامها وتجف زروعها!
ولعل أقوى مؤشر على هذه المخاوف الموقف الذي سعى اليه حزب الامة القومي بزعامة السيد الصادق المهدي قبل أيام، حين قدم ما أسماه (نصحاً) لوفد الاتحاد الافريقي المكلف بتقييم ما قبل الانتخابات، بأن (يرفع الاتحاد الافريقي يده تماماً) عن العملية الانتخابية في السودان!
الغريب في الأمر إن حزب الامة القومي لم يستطع -رغم كل الوقت الذي أتيح له مع الوفد الإفريقي- إيراد اسباب موضوعية تقدح فى صحة وسلامة العملية. كل الذي دار حوله منطق قادة الحزب في اللقاء (أن الانتخابات التى يسعى النظام لإقامتها لن تزيد الوضع إلا تعقيداً)! لم يتطرق قادة الحزب الى التعقيدات الدستورية اذا تم ارجاء العملية الانتخابية.
ولم يستطيعوا الاجابة عما اذا كان من الممكن تجاوز الدستور دون حدوث أي إشكالات سياسية قد تؤثر على الاستقرار في البلاد. بل لم يقدموا للوفد (رؤية دستورية متماسكة) عن الآلية التى يمكن عبرها إدارة البلاد في ظل انقضاء أجل الحكومة الحالية! وكانت ذروة تناقضات قادة الحزب -اللواء فضل الله برمة والسيدة سارة نقد الله- انهما لم يغالطا بشأن صحة منطوق الدستور، وأنّ العملية الحالية ظلت معروفة ومعلن عنها دستورياً منذ العام 2010 وأن حزب الامة القومي على وجه الخصوص هو من رشح البروفسير مختار الأصم رئيس مفوضية الانتخابات لهذا المنصب باعتباره شخصية قومية مستقلة لا تنتمي لأي حزب، وفي الوقت نفسه يرفضون قيام الانتخابات (لأنها لن تزيد الوضع إلا تعقيداً)!
إن مؤدى هذا الموقف المتناقض المجافي للمنطق السياسي من قبل حزب الامة القومي ان الحزب بدأ يستشعر بالفعل مخاوف جدية بشأن نجاح العملية الانتخابية ومن ثم ضياع السانحة، والانتظار لأعوام طويلة أخرى من المؤكد ان الحزب بحالته المزرية الراهنة لن يستطيع احتمالها قط.
المؤشر الثاني على مخاوف القوى المعارضة، المزاعم التي بدأت تتحدث عن مقاطعة الجهات الاقليمية والدولية للرقابة على العملية، ففي طيات هذه المزاعم ما يثبت ان مخاوف قوى المعارضة بدأت تصبح حقيقية، فعلاوة على مؤشرات فالدعوة للمقاطعة، فإن الحملة الانتخابية التي مضت عليها أكثر من اسبوعين بدأت تؤثر فعلياً على الواقع السياسي، إذ المؤكد ان أعصاب قادة قوى المعارضة لم تحتمل الاستماع الى برامج المرشحين واللقاءات الجماهيرية، وتدشين الحملات الانتخابية.
هذه الصورة السياسية والمشاهد تضغط بلا شك على أعصاب هذه القوى لأنها تؤكد ان العملية الوشيكة دخلت مراحلها الحاسمة! وعلى ذلك فإن مأزق هذه القوى والذي أشرنا اليه مراراً لم يكن فقط فى كونها راهنت -دون شواهد قاطعة- على إفشال العملية الانتخابية على أمل ان تسود الفوضى في السودان حتى يخرج من بين فرث ودم هذه الفوضى ما يعين هذه القوى على الوصول الى السلطة بسهولة ويسر، ولكن المأزق الحقيقي كان وما يزال فى ان هذه القوى المعارضة باعدت بينها وبين صميم الواقع السياسي السوداني، واستهانت بذكاء الناخب السوداني البسيط واعتقدت انه من الممكن أن يصغي إليها، مع أنه لو كان هذا الناخب بالفعل يميل الى قوى المعارضة ويفضّلها على سواها لما استطاعت اية قوة في الارض ان تحول بينه وبين مقصده!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق