الأحد، 15 مارس 2015

خلافات أحزاب المعارضة ... أين الوطن؟

بات ملف الخلافات بين أحزاب المعارضة حافلاً، بل وربما تزداد هذه الخلافات كلما وقعت قوى المعارضة على ميثاق أو اتفاق هدفه إسقاط الحكومة، الأمر الذي جعل بعض أحزاب المعارضة في مهب الريح، ودفع البعض إلى اعتبار الحياة الحزبية وصلت مرحلة الانهيار.
حيث وقعت قوى المعارضة طوال ما يربو على ربع قرن على ما يجاوز ألاثني عشر اتفاقاً وثيقة سياسية فيما بينها، كل واحدة منها تحمل عنواناً ولكنها جميعاً تأخذ ذات المضامين المكررة الخالية من المهم الوطني بحسب الخبير الاستراتيجي بروفيسور محمد ابو صالح، فمنذ ميثاق التجمع الديمقراطي ثم مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 1995 ثم ميثاق الفجر الجديد المجهول الأبوين 2012م ثم وثيقة البديل الديمقراطي 2012م، ثم إعلان باريس أغسطس 2014م ثم إعلان أديس أبابا 2014م وأخيراً وربما ليس آخر نداء أو إعلان برلين..
شككت بعض الأحزاب والقيادات المعارضة في إعلان برلين، وقال المتحدث باسم تحالف المعارضة إنهم لن يسمحوا أو يلتفتوا لمن يريد أن يعيق مسيرتهم المناهضة للانتخابات، وهاجم حزب البعث التحالف بعنف واتهمه بالرضوخ للإملاءات والشروط الدولية التي تهدف للإبقاء على الحكومة وتسعي لإلحاق بعض أطراف المعارضة بالسلطة واصفاً لقاء برلين بأنه ينحو للتسوية مع الحكومة، وتحضيرات أصوات معارضة للقاء برلين ليست الأولي من نوعها فقد حذر رئيس هيئة قوى الإجماع فاروق أبو عيسي من نداء السودان وقال: إن نداء السودان الذي ارتضته الأحزاب المنضوية تحت لواء التحالف نسجت خيوطه عدة جهات دولية بمساعدة الحكومة للتأمر على المعارضة وشق صفوفها بإعتبار أنه نص على التسوية مع الحكومة، وأكد لرؤساء الأحزاب الذين زاروه في المستشفي والمعتقل انه وقع على نداء السودان بصفته رئيس التحالف ويتحمل هذا لكنه نبه الأحزاب التي يمثلها في أديس أبابا أن نداء السودان مؤامرة من المجتمع الدولي والحكومة للسير نحو التسوية، وحسب المصادر المتطابقة أن أبو عيسي قال حديثه أمام عدد محدود من قيادات أحزاب التحالف.
وتحفظت أحزاب كثيرة على تفويض المهدي وعقار للحديث باسم تحالف المعارضة في المؤتمر التحضيري، باعتبار إنهما يريدان التسوية مع الحكومة دون شروط، وان لقاء برلين سيفاقم أزمة المعارضة.
وبسبب هذا الإعلان نشبت خلافات حادة بين قيادات الجبهة الثورية بسبب توقيع أمين العلاقات الخارجية ياسر عرمان عليه دون الرجوع لقيادات الجبهة، وساءت الأوضاع داخل الجبهة الثورية عقب الخلافات التي نشبت بين عبد العزيز الحلو وعرمان عقب مشاركة الأخير في اجتماعات برلين دون موافقة القيادات، فالحلو يعتبر المهدي شخصية دخيلة عليهم باعتبار أن المهدي جاء لتشتيت وتفرقة الجبهة الثورية.
كما إن الحلو قال خلال مخاطبته لقيادات الجبهة الثورية بالحرف الواحد أن حركة العدل والمساواة حضرت لجبال النوبة كنفير وليس لها حقوق في المنطقة، ويشير مراقبون إلى تمدد الخلاف داخل الجبهة بسبب مساعي جبريل إبراهيم للسيطرة على بعض المناطق بجبال النوبة الأمر الذي يتعارض مع أفكار الحلو.
إن أزمة القوى السياسية المعارضة الماثلة الآن تتحلي أكثر ما تتجلي في الكثير من المواقف والتناقضات والخلافات فيما بينها، ووصفها المحلل السياسي دكتور أسامة زين العابدين انها مجرد لافتات تقليدية قديمة تجاوزتها المتغيرات السياسية المحلية والدولية، وهي الآن تبحث عن جماهير لن تجدهم أبداً، أو قوى يسارية لم تعد حركة التاريخ تحتمل مجرد ملامستها للحياة والواقع، فترسيخ هذه القوى لمفهوم انعدام الخيارات لدي المواطن السوداني البسيط أصبح الغالب الأعم لكل مواقفها، فهي في كل يوم وعن عمد وسبق إصرار تؤكد له أنها لم تعد تناسب متغيراته وظروفه، ولهذا فإن عامل الوقت يكفي لزحزحة هذه القوى ودحرجتها تدريجياً لتصبح خارج حركة وجغرافيا التاريخ السياسي السوداني، لأنهم بعيدون عن ملامسة واقع المواطن السوداني البسيط ويعملون لمصالحهم الخاصة وفق أجندة خارجية لا تريد للسودان سلاماً وأمنا.
وأضاف زين العابدين في حديثه "للصحافة" إن الأوضاع على الساحة السياسية دقيقة وتحتاج إلى حكمة ودراية سياسية من الأحزاب، إلا أن مقدرات التحالف المعارض تبدو متواضعة ومضطربة وغير منسجمة، لذلك يجب على الأحزاب البحث عن معضلة الاضطراب والتناقض معاً، مشيراً إلى أن تلك التحالفات نشأت لتحقيق أهداف سياسية مشتركة غالباً ما تكون تلك الأهداف ظرفية وان ظرفية التحالف السياسي تجعله يحمل في طياته متناقضات تتمثل في تفاعل عوامل الصراع وعوامل التعامل مع الخصوم، مشيراً في هذا الصدد إلى أن السياسات غالباً ما تجمع الخصوم برضاهم لكن على مضض، هو يري انه نسبة لظرفية دواعي التحالفات السياسية فإنها قد تتدهور وتعود الأطراف إلى مكوناتها الأصلية بمعني أن ينهار التحالف مؤكداً وجود عدة أشياء أضعفت تحالف قوى الإجماع من بينها اختلاف إيديولوجيا الأحزاب المكونة للتحالف ولم يستبعد دخول المصالح الحزبية الضيقة.
ووصف العديد من المراقبين قوى الإجماع الوطني بالجسم الذي بدأ يتآكل بسبب الخلافات الحادة منذ توقيع وثيقة "الفجر الجديد" حيث أبدت أحزاب داخل التحالف عدم رضاها على الخطوة التي اتخذها الوفد الذي وقع على الوثيقة بحجة إن من وقعوا غير مفوضين من قبل قوى التحالف، ما احدث ربكة في صفوفه أدت إلى إن يتقدم من وقعوا على الوثيقة المبادرة بالاعتذار، ما يشير إلى ضعف آلية اتخاذ القرار داخل جسم التحالف المعارض.
وعصفت الخلافات ثانية بجسم التحالف عند توقيع "نداء السودان" عندما انتقدت أحزاب مشاركة طريقة خروج الوفد وتجاوز التفويض الممنوح له بتوقيعه على وثيقة "نداء السودان"، كما أبدت أحزاب بالتحالف رفضها العديد مما جاء في الوثيقة، وأمنوا على التجاوزات التي تمت فيما يخص سفر الوفد، واعتبروا الوثيقة بانها تحولت عن هدف إسقاط الحكومة إلى تغييره لصالح حزب الأمة القومي، وظهر ذلك التباين خلال اجتماع عاجل لرؤساء الأحزاب المنضوية تحت لواء قوى الإجماع، وحملت العديد من التسريبات خروج مندوب الحزب الشيوعي بتحالف المعارضة المهندس صديق يوسف غاضباً، وعودته إلى الاجتماع بعد تدخل العقلاء فيما طالب الناصري بمناقشة القضية بعد خروج رئيس هيئة قوى الإجماع فاروق أبو عيسي من المعتقل بينما امتنعت أحزاب عن تقديم مذكرة حتى لا يفهم أن هنالك خلافاً بين مكونات المعارضة وطالبت بمعرفة الجبهة التي قدمت الدعم المالي للوفد فيما رفض ممثل التحالف كشفها، وفي السياق ذاته تحفظ الناطق الرسمي باسم البعث الأصل والقيادي بالتحالف بقوله "لا تعليق" في الوقت الذي أكد فيه الناطق الرسمي باسم المؤتمر السوداني أن نداء السودان" أقرته هيئة رؤساء قوى الإجماع الوطني، ووقع عليه كل رؤساء الأحزاب مؤكداً عدم صحة التسريبات..
لكن إلى متى يظل واقع حال أحزاب المعارضة تجاه التعامل مع قضايا الساعة على الساحة السياسية على رأسها بالطبع موقفها من الانتخابات والحوار الوطني؟
.. وهل لديها طرح برامج يمكن إن تطرحها ويستفيد منها المواطن والوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق