الأحد، 22 مارس 2015

معارضة الفنادق... الجزاء من جنس العمل

الشريف حسين الهندي كان رجلاً صلباً وابن بلد أصيل، يحل جل مشاكل المعارضة المادية والإدارية إلا أنه لا يكترث كثيراً براحة جسده، قال عنه القيادي الإسلامي مهدي إبراهيم لقد كان عندما يجلس تحت ظل شجرة وينغمس في العمل لا يتابع الظل بل قد لا يحول طريقة جلوسه الساعات الطوال حتى اضطررنا أن نعين له مساعداً ينبهه أن يتحول من ظل شجرة إلى آخر وأن يأكل ويشرب، والأستاذ مهدي الذي كان يتحدث إلى المحرر حديثاً خاصاً عن ثورة شعبان باغته بسؤال هل حقاً قامت أحزاب الأمة والإسلاميون بحشد الرجال بينما تكفل الاتحادي برفد القوة بالمال فقط الأستاذ مهدي بحسم : أبداً ثم أن (الشريف حسين كان جيشاً بحاله) إلا أنه حشد من الرجال مثلما حشدنا نحن، إنها شهادة من رجل في قامة الأستاذ مهدي إبراهيم توضح كيف كانت المعارضة وأين كان المعارضون يمضون أيامهم بين ظلال الأشجار ومنها إلى ظلال السيوف في العراء وليس في الفنادق خمسة نجوم كما توضح بجلاء أن أولئك الرجال كانوا يحترمون بعضاً ويخدمون بعضاً وأن قضيتهم واحدة وهدفهم واحداً.
وقد أقر القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، محمد الحسن الميرغني، بتحولات إيجابية في الساحة السياسية، داعياً لاستثمارها لحل مشاكل السودان بالداخل، وقال موجهاً حديثه للمعارضين بالخارج، إن السكن في الفنادق ذات الخمس نجوم لا يحل قضايا البلاد.
وفي تصريح له قال رئيس القطاع التنظيمي بالحزب، الجمعة، عملنا بالخارج منذ العام 1990م وانتهى بنا المطاف بالسودان، بعد أن شهد تحولاً شهده كل الشعب السوداني.
وشدد على ضرورة إقامة الحوار الوطني داخل البلاد، مبدياً تفاؤله بمقدرة السودانيين على حل قضاياهم، ومقللاً من جدوى نقل مشكلات البلاد إلى الخارج.
ودعا الميرغني، لإقامة الحوار بالخرطوم بدلاً من عقده في الدول الأخرى، قائلاً إن السكن في الفنادق ذات الخمس نجوم لا يحل قضايا البلاد، لأنه مجهود دون نتائج، مدللاً على ذلك بأن الدول الأخرى لا تأتي لحلحلة قضاياها بالسودان.
هي شهادة لا تحتاج إلى توضيح وقول لا يحتاج إلى أسانيد، فالرجل عرك كلا النوعين أو الثلاثة أنواع من المعارضة وعرف تماماً أن الجو بات مهيأ الآن لأحداث تحول بالداخل وذلك بالدخول في الحوار الوطني والحوار الوطني الذي جاء في وقت أحوج ما تكون البلاد إليه إنما يحتاج إلى من لا يبيعون مبادئهم بالغرف المهيأة أو الفنادق ذات النجوم الخمس و الدولارات التي لا تشتري وطناً أو تزيد الشخص عزاً ومتعة.
إن معارضة الفنادق غير إنها تبعد الإنسان عن القضية والهدف هي معارضة (مائعة) قد تلعب على الحبلين كما أن الصرف على الفنادق العالمية يحتاج إلى أموال طائلة ما يجعل مثل هذا المعارض ضعيف أمام المال وربما كان ثمنه غالياً بحساب الأرقام إلا أنه رخيص إذا قيس بالمبادئ، وقد حدثني احد الزملاء ممن حضروا إحدى جولات التفاوض التي أقيمت بدولة خارجية أن بعض أولئك الأشاوس جيء بهم إلى طاولة المفاوضات من حمامات السباحة وقد كانوا في حالة يرثى لها من السكر.
أما المناضل الكبير عبد الواحد محمد نور فقصته أعجب إذا كان الرجل يسكن في فيلا ضخمة بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا وبما أنه معارض من العيار الثقيل كما يعامله الجميع فقد قامت السلطات بطرده حفاظاً على سلامته، لقد جاءت زوجة الرجل يوماً لتجده بمعية ثلاثة نسوة ما جعلها تفتعل معه مشاجرة وتضربه ضرباً مبرحاً، فخافت السلطات أن يتم اغتيال الرجل وتحال القضية إلى قضية سياسية.
إن الهدف من أي معارضة هو تعديل الوضع لصالح المواطن وإبداله سياسة القمع بسياسة الرفاه، إذن فما بال المعارضة السودانية تسعى لوضع البلاد في فوهة مدفع لا تبقى ولا تذر وترهن مستقبل البلاد الاقتصادي والسياسي إلى دول لا تعرف سوى سياسة المصالح؟ أما إذا أرادوا لهذا الشعب المصلحة فإن مصلحته في جمع الصف وتوحيد الكلمة والسعي إلى رفد الإقتصاد المحلي برفع الإنتاج والإنتاجية، لقد عرفت الشعوب مصالحها وعرف المواطنون من يضرهم ومن ينفعهم وصناديق الاقتراع الآن مشرعة للفصل بين الأطراف الساعية إلى حكم هذا البلد، ليس بالترهيب أو الترغيب بل الاحتكام إلى هذه الصناديق.
نابليون بونابرت القائد الفرنسي الشهير استعان بأحد منسوبي دولة من الدول التي كان يحاربها ليمده بالمعلومات التي تفتح له الطريق إلى عاصمتها لقاء قدر من المال، الرجل قام بمهمته خير قيام وعندما قابل نابليون لاستلام جائزته رمى له بنابليون المال على الأرض فلما احتج الرجل قال له : أنا لا أضع يدي في يد من باع وطنه وشعبه والقصة إن أثبتت حكمة القائد العسكري الفرنسي المحنك فإنها أظهرت معدنه الأصيل ورؤيته الثاقبة للتاريخ، إذ أن التاريخ لن يرحم من باع وطنه ولن يرحم من يتعامل معه في ندية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق