الثلاثاء، 24 مارس 2015

تجنيد الأطفال.. آخر محاولات قطاع الشمال للبقاء على قيد الحياة!

ما من مقياس دقيق بإمكانك أن تقيس به -بدقة- أوضاع الحركات المسلحة التي تقاتل الحكومة السودانية في مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق وبعض أنحاء إقليم دارفور أفضل من لجوء هذه الحركات بقدر غير قليل من مشاعر اليأس و الإحباط إلى تجنيد  الأطفال واليافعين للدفع بهم -على وجه السرعة- إلى ميادين القتال.
هذا الأمر ظل يتكرر منذ تسعينات القرن الماضي وعلى أيام القتال الضاري الذي كانت تشهده ساحات الجنوب بين الجيش الشعبي والقوات المسلحة السودانية، ويُقال تاريخياً إن د. جون قرنق في ذلك الحين ابتكر هذا الأسلوب المخالف للمواثيق الدولية سعياً منه لإنشاء ما كان يعتقده بالسودان الجديد.
حركات دارفور المسلحة وخاصة العدل والمساواة علي أيام د. خليل إبراهيم برعت في هذا المضمار ووصلت فيه شأواً بعيداً، بلغ ذروته حين اجتاحت قواته في أصيل العام 2008 أنحاء العاصمة الوطنية أم درمان قبل أن ترتد على أعقابها بعد هزيمة ماحقة كانت هي الأفدح في تاريخ الصراع، لم تحظ الحركة بعده بأدنى عافية، مذاك. فقد تبين أن غالب العناصر التي استخدمها خليل إبراهيم في هجومه الفاشل ذاك كانت من الأطفال اليافعين الذين لم تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة، ووقع المئات منهم في يد السلطات السودانية ليكونوا شهوداً على إنعدام الضمير السياسي والخلق العسكري القويم.
الآن ولسخريات القدر عاودت قوات قطاع الشمال عقب الهزائم المتواصلة التي منيت بها جراء عملية الصيف الحاسم التي يقودها الجيش السوداني لتجربة تجنيد الأطفال قسرياً. المتمرد عبد العزيز الحلو الذي استعصت عليه عمليات الرتق والترقيع في ميادين القتال إثر تساقط النقاط الحصينة تباعاً، وبعد أن قام بعمليات استنفار واسعة النطاق شملت العاصمة الجنوبية جوبا والعاصمة المصرية القاهرة وواصل نداءاته وصرخاته إلى هولندا وألمانيا باحثاً عن متطوعين من أبناء النوبة لتشكيل حائط دفاع أمام تحركات الجيش السوداني، كانت المحصلة متواضعة للغاية، فاضطر تحت ضغط تطورات الميدان التي لا تنتظر إلى إصدار تعليماته بضرورة اللجوء إلى عمليات تجنيد الأطفال قسرياً.
الأمر المستغرب في تعليمات الحلو في هذا الصدد انه ركز بصفة خاصة على مناطق بعينها، ويُقال في هذا الصدد إن تركيزه على تلك المناطق نابع من معرفته بأن سكان تلك المناطق يتمتعون بصحة إنجابية جيدة والأطفال -كما قال لجلسائه- ينتشرون بكثرة فيها!
وتشير مصادر متطابقة من سكان منطقة هيبان في جنوب كردفان وهي واحدة من المناطق المهمة في جبال النوبة شهدت تجميعاً لمئات الأطفال تم الدفع بهم فعلياً إلى معسكرات تدريب تقع على الحدود السودانية الجنوبية وأبرزها معسكر (إيدا).
المنظمات الطوعية الأجنبية -بطبيعة الحال على علم وإدراك تام بكل هذه التحركات والمؤسف في الأمر إن بعض هذه المنظمات لديها (سجل كامل) بأعداد هؤلاء الأطفال والمناطق التي جرى إحضارهم منها، ولكنهم –لأسباب غير واضحة– لم يحركوا ساكناً بل لم يسجلوا في تقاريرهم لا من قريب ولا من بعيد أي اشارة إلى هذه العملية المصادمة تماماً للقوانين الدولية!
غير أن السؤال المركزي في هذا الصدد هو هل يكفي تجنيد هؤلاء الأطفال -بعد فشل عمليات الاستنفار- لحماية مناطق ونقاط قوات القطاع والحيلولة دون سقوطها في أيدي الجيش السوداني؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق