الأحد، 15 مارس 2015

رؤية المخاطر من بعد!!

عدت فجر الأربعاء الماضي من الولايات المتحدة الأمريكية بعد زيارة اجتماعية غلب عليها النشاط السياسي واللقاءات مع الرفاق في سنوات التجمع الوطني الديمقراطي القديمة، ولقد تأملت من على البعد كل الإشكالات التي تحاصر بلادنا بنظرة مختلفة عن تلك التي كنت أحسها في الداخل، فالذي يراقب أوضاعنا السياسية وشكل المستقبل عن قرب، وهو في دوامة الحياة اليومية، لا يستطيع أن يقرأ المخاطر الحقيقية المحتملة التي قد تواجهنا في مستقبل أيامنا القادمات. فالرؤية من الداخل يغلب عليها الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة والتي لها أهميتها ولكنها تتجاهل المخاطر والمهددات الكبرى ولا تحسب حسابها وفق ما يراه المجتمع الدولي الذي من بين خياراته تقسيم السودان إلى دويلات، حينما يستعصى الحل للإشكالات القائمة والمتعلقة بالحروب الأهلية الطرفية وذلك حماية للمدنيين وشماعة احترام حقوق الإنسان التي صارت سيفاً مسلطاً في وجه كل الدول الموعودة بقوة اقتصادها في المستقبل، فالتقسيم وحده الذي يضعفها ويجعلها طيعة في يد الدول الكبرى صاحبة النفوذ الدولي فالخلافات والصراعات السياسية في بلادنا هي المشجع الأول للتدخلات الخارجية التي أعدت نفسها تماماً لإطلاق مشروع التقسيم، والذي على رأسه إقامة دولة دارفور الكبرى وأيضاً كردفان، ونحن في داخل هذا الوطن مشغولون بصراعات تدعم ذلك المخطط المعد سلفاً بقيادة الدولة الإسرائيلية وآخرون، دون اهتمام واكتراث ما، بذلك الخطر الأكبر الذي داهم سوريا بحروب أهلية طاحنة قد نقسمها إلى دولتين، وهناك العراق تتمزق، وليبيا انقسمت إلى حكومتين، واليمن في طريقه إلى شمال وجنوبي وتفشي الإرهاب هنا وهناك عبر داعش وتنظيم الدولة الإسلامية الذي أصبح خطراً حتى على صانعيه، مما يجعلنا أكثر حرصاً وعقلانية في التعامل مع إشكالاتنا الداخلية والعمل على معالجتها قبل أن تتطور وتصبح شأناً دولياً، أسوة بالمخططات التي تأسست على تمزيق ودمار دول عربية شقيقة، ونحن ما زلنا نتصارع حول قضايا تجاوزها الزمن وأصبحت أمراً واقعاً، كالإنتخابات التي صارت على الأبواب تحوطاً لأي فراغ دستوري يستوجب التراضي والتوافق حولها، وصولاً إلى مربط الفرس وهو الحوار الوطني الشامل الذي يفضي إلى وفاق وطني تعالج عبره كل إشكالاتنا العالقة، شريطة أن نركز كل اهتماماتنا في المرحلة المقبلة على مقترحات مخرجات الحوار الوطني، والوفاق لن يتكرر كثيراً ونحن نواجه مهددات من نوع جديد قد تطيح بكل آمالنا وأحلامنا في بناء وطن موحد لشعب واحد ينعم بالحرية والديمقراطية والسلام في بلادنا التي أوشكت أن تتبعثر من بين أيدينا، فما زلنا نحن نتصارع على كيفية الحكم من حيث الديمقراطية والحريات العامة واحترام حقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة بعد إيقاف العرب وإحلال السلام والتوزيع العادل للثروة، فالخطر القادم أكبر من تلك التفاصيل التي ينبغي أن نتجاوزها بالوفاق الذي لا يستثنى أحداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق