الخميس، 12 مارس 2015

أسوأ ما ينتظر قوى المعارضة المقاطِعة للعملية الانتخابية!

هكذا تبدو لنا المعادلة المنطقية، إذا كانت قوى المعارضة السودانية بإستطاعتها ان تنفذ حلمها القديم الجديد في (ارحل) وأنّ بإمكانها مقارعة خصمها الوطني، والحيولة دون إدلاء الناخبين السودانيين أصواتهم إنفاذاً لدعوتها الرامية لمقاطعة العملية الانتخابية، فما الذي جعلها إذن -وهي بهذا الزخم الجماهيري المؤثر وهذه القدرة على الفعل السياسي- لمقاطعة العملية الانتخابية؟ أما كان الأجدر لها في هذه الحالة ان تحشد جماهيرها وتخوض العملية لتنتزع السلطة -سلمياً وعن طريق الجماهير- من المؤتمر الوطني؟
الواقع إن الناخب السوداني -اللمّاح- أدرك تماماً ان قوى المعارضة السودانية قد أضاعت (آخر فرصة) لها لإسقاط الوطني، برفضها خوض العملية الانتخابية، ففي السابق وقبل حلول الاستحقاق الانتخابي كان الناخب السوداني يمنّي نفسه -سراً وعلناً- بأن يجد أمامه بدائلاً شتى وقوى سياسية متنوعة بإمكانه ان يختار منها ما يشاء، فهذه هي مقتضيات الممارسة الديمقراطية، ان يجد الناخب خيارات سياسية عديدة يختار منها ما يشاء وفقاً لرؤيته وتقديراته.
قوى المعارضة لم تكتفي بحجب هذا الخيار السياسي المشروع من الناخب السوداني فحسب، ولكنها أمعنت فى الاستهانة بإرادة الناخب السوداني بسعيها -دون حق- لمنعه من ممارسة حقه في اختيار ما هو متاح أمامه! وربما نسيت قوى المعارضة السودانية أنها بمسلكها هذا وعلى أسوأ الفروض قسمت الناخبين السوانيين الى قسمين؛ قسم ترسخت قناعته بالسلطة الحاكمة وفقاً لجديتها وخبرتها وقدرتها على إدارة شأنه العام -من واقع تجربة مطولة- وحرصها على ترسيخ التداول السلمي للسلطة، وهذا القسم سوف يحرص غاية الحرص على تجديد ثقته في السلطة الحاكمة لأنه على الاقل خبرها ويعرف قدراتها ويدرك انها تمتلك على الاقل خبرة اختبرها وعرفها.
أما القسم الثاني فهو الذي كان يرغب فى أن يرى خيارات عديدة أمامه يختار منها ما يشاء بحثاً عن التنوع والتجديد على الاقل على المستوى النيابي قومياً وولائياً، ولكن لإحجام قوى المعارضة عن توفير هذه الخيارات -دون مبررات موضوعية- فسوف يضطر هؤلاء لإستخدام ما يُعرف في علم العلوم السياسية (بالتصويت العقابي) بأن يحرصوا على منح أصواتهم للسلطة الحاكمة نكاية في خصومها من القوى المعارضة!
وهكذا، ففي الحالتين فإن قوى المعارضة خاسرة، إذ ان إرادة الناخبين سوف تتجاوزهم، كما أن الوطني يدرك على الاقل ان الدورة المقبلة إذا فاز بها في ظل هذه الظروف فإنها تحتم عليه القيام بالعديد من الاصلاحات الملموسة –وهو على علم بها وقادر على إنفاذها– الأمر الذي سوف يفاقم دون شك من تراجع شعبية القوى المعارضة.
هنالك أمر أخير وهو أن نجاح العملية الانتخابية الوشيكة من المنتظر ان يوجه ضربة سياسية ماحقة لقوى المعارضة التى قاطعتها، فليس هناك أسوأ من أن تاتي نتيجة العملية لصالح الممارسة الديمقراطية بشهادة الكل، ففي مثل هذه الحالات سوف تجد القوى المعارضة صعوبة بالغة فى دخول مضمار الانتخابات المقبلة، وهذا سوف يؤدي عاجلاً أم آجلاً لصعود قوى جديدة وتوجيه أنظار الناخبين السودانيين نحو وجهة جديدة كلية تتجاوز تماماً تلك القوى التى طالتها المتغيرات ولكنها تأبى أن تصدق أو تقر بذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق