الثلاثاء، 24 مارس 2015

النوبة وقطاع الشمال .. استغلال في الحرب والسلم

تأريخ الحركة الشعبية قطاع الشمال مع منطقة وأبناء النوبة ليس هو غير الاستغلال لهذه المنطقة ولأهلها في الحرب والسلام. فقد استخدمتهم في الحرب ورمت بهم في عهد السلم ولم يكن مشروع الحركة الشعبية إلا مشروعاً جنوبياً خالصاً توسل لأجل التوسع بأبناء المناطق المهمشة وبعض من الغافلين من أبناء الشمال ثم لفظتهم الحركة واحداً تلو الآخر ومنطقة إثر منطقة.
وبعد مرور اكثر من ثلاث سنوات أن المشروع والحركة ذهبا إلى الجنوب وترك أبناء النوبة وأبناء النوبة حتى يقومون بصياغة مشروعاتهم وتطلعاتهم التي تحقق أهدافهم سواء منفردين أو عبر علاقات مع القوى السياسية الأخرى. لكن ذلك لم يتحققي إلى الآن بسبب سيطرة قدة لا علاقة لهم بالنوبة وقضاياهم وسيطرتهم على مفاصل قرارهم .تاريخيا تقول شواهد التاريخ أنه وفي مايو من عام 1992 انعقدت مباحثات بين وفد حكومي ووفد من أبناء النوبة الذين كانوا في الحركة الشعبية وكانت في منطقة بلنجة وقبلت الحكومة أن تحقق هدف مفاوضيها بجعل ما تم التوصل إليه سراً حتى يبعد عن أنظار وتشويش وتآمر الحركة الشعبية. ومثل وفد الحركة في هذه المباحثات تلفون كوكو أبو جلحة وسايمون كارلوا كوني والقس برنابا أنجلو والسيد جبرائيل علي. بالطبع عوقت الحركة هذه الاتصالات التي كانت محل رضا من أبناء النوبة. حكومة الإنقاذ الوطني هي التي اتفقت مع أبناء النوبة لتحقيق العديد من تطلعاتهم سواء كانوا من الحركة أو من خارجها وهي التي أشركتهم في الحكم بما لم تفعله كل الحكومات الوطنية في السودان، إذ إنه ومنذ الاستقلال نال منصب الوزير من أبناء النوبة اثنان فقط هما السيد محمود حسيب في عهد النميري وأمين بشير فلين، ثم محمد حماد كوة في عهد الصادق المهدي.
وللوقوف على حجم الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها الحركة الشعبية بحق نضال أبناء النوبة والتي يشعر الجميع بمدى فداحتها عندما نقرأ ما خطه قلم اللواء تلفون كوكو أحد أبرز وأقدم القيادات العسكرية من النوبة في الحركة الشعبية بل من المؤسسين لها بجبال النوبة حيث يقول في مقال له نشر برأي الشعب عام 2007: عندما قرر بعض من أبناء النوبة في تنظيم كمولو الانضمام إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان في أكتوبر 1984م تم إيفاد المرحوم يوسف كوة إلى رئاسة الحركة الشعبية بإثيوبيا لمقابلة قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان المرحوم الدكتور جون قرنق دي مبيور في نوفمبر من نفس العام بعد المقابلة والاتفاق أرسل لنا المرحوم يوسف كوة رسالة طلب مني فيها الالتحاق به في ديسمبر 1984م واختار (10) من أبناء النوبة ولكن لم يلب طلبه غير ثلاثة فقط من جملة المختارين، وكان التنسيق في السودان هنا يتم على يد الدكتور لام أكول أجاوين بجامعة الخرطوم حيث كان محاضراً بالجامعة حينذاك وعلى يد عبد العزيز آدم الحلو الذي كان مهندساً في هيئة المياه، وبعد الانتهاء من إجراءات السفر من جواز وحجز تحركنا من مطار الخرطوم في يوم 2/1/1985م وكان آخر من ودعنا في مطار الخرطوم الدكتور لام أكول أجاوين الساعة (12) مساءً ووصانا لصديقه
في كينيا السفير الإثيوبي يلما منقشاي حيث بعد وصولنا بساعتين في فيرو بي جاونا بعربته الفارهة في الفندق الذي نقيم فيه (Jarangagarden) حيث رحب بنا ودعانا لزيارته في السفارة الإثيوبية بنيروبي في اليوم الثاني من وصولنا لنيروبي وقد لبينا طلبه وقام بتنويرنا كما قام بإكمال إجراءات مغادرتنا من نيروبي إلى أديس أبابا وعند مغادرتنا لنيروبي ووصولنا لأديس أبابا كان في استقبالنا في أديس أبابا قائد وحدة الاشارات قيرشوانق الونق حالياً ووزير الاتصالات بحكومة جنوب السودان، في أديس أبابا و أخذنا من المطار.عند وصولنا إلى قمبيلا (الزنك) يوم 6/1/1985م الساعة الواحدة صباحاً حيث أخذنا نحن الثلاثة إلى رئاسة القائد العام للحركة حيث استضفنا في الموقع الذي كان فيه المرحوم يوسف كوة ودكتور رياك مشار والآخرون.
وفي الإنقاذ شارك من أبناء النوبة إبراهيم نايل إيدام في الوزارة وأيضاً الدكتور كبشور كوكو والشهيد مكي علي بلايل ومن بعده يونس دومي كالوا ودانيال كودي. وهذا تأريخ يمكن أن يؤسس لمزيد من التحاور والتفاوض بين أبناء النوبة ليس مع الإنقاذ فقط بل مع كل القوة السياسية السودانية المعارضة أو المشاركة. ولكن رهن قضية النوبة لقوى أضحت اليوم خارج إطار الدولة السودانية ومشروع أنتهى في السودان نهاية عنصرية واثنية قسمت البلاد، فهذا الخيار ليس مما يمكن القول إنه قد يحقق تطلعات النوبة الذين كانوا في الحركة الشعبية إلا إذا أرادوا أن يستمروا في رهن إرادتهم لمن حقق بهم أطماعه وهجرهم إلى دولة أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق