الثلاثاء، 17 مارس 2015

الوصاية الدولية.. نهاية المطاف

ارتفعت وتيرة الهمس حتى أصبح جهراً ليجد طريقة إلى الصحافة المحلية كخبر مفاده وجود اتجاه دول لوضع الجنوب السوداني تحت الوصاية الدولية، مما يعتبر تطوراً نوعياً في السياسة الخارجية للدول العظمي التي يتشكل منها مجلس الأمن، في سعيها لإيجاد معادلة يكون طرفاها حقوق الإنسان من ناحية ومبدأ السيادة الوطنية من الناحية الأخرى، فاتفقت على التدخل الدولي في الشؤون الداخلية للدول الأخرى إذا كانت هناك انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حتى وإن أدي ذلك إلى الانتقاص من السيادة الوطنية كحق أصيل للجماعات والشعوب، الأصل فيها تمكين الحكومة الوطنية من حماية حقوق الإنسان الأخرى بالسيطرة السياسية والعسكرية على الجغرافية المعينة والتي تقطنها شعوب وقبائل من البشر.
لكن الحكومات الوطنية في أفريقيا والعالم العربي فعلت العكس، فاستخدمت الحق العام في مبدأ السيادة الوطنية لانتهاك حقوق الأفراد والجماعات والوصول بها إلى حد الانتهاكات الجسيمة وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لتنتهي بها على تخوم الإبادة الجماعية وبصورة مؤذية للضمير الإنساني لشعوب العالم أجمع، والتي لا يمكن لها أن تقف متفرجة على إخوانها في الإنسانية يسامون سوء العذاب لمجرد أنهم خلقوا في جغرافية معينة، وكان لابد لتلك الشعوب أن تتحرك عبر الميديا بكل الأشكال، وعن طريق المنظمات واللوبيات المختلفة، لتشكل ضغطاً على حكوماتها حتى تضع ملف حقوق الإنسان في سلة سياساتها الخارجية مهما تكن المصالح والصلات التي تربطها بالحكومات الوطنية التي تقوم بتلك الانتهاكات.
والضغوط المشار إليها هي المسؤولة عن قرارات مجلس الأمن المختلفة الداعية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول التي تقوم حكوماتها أو تتستر على مثل الجرائم المشار إليها، كما أنها هي المسؤولة عن التطور النوعي الذي حدث في هذه السياسة وانتقالها من تدخل محدود إلى وضع دولة تحت الوصاية الدولية.
مما يعني عملياً بداية التنازل عن ميثاق الأطلنطي الذي منح الدول المستعمرة استقلالها وفتح الطريق إلى عصر الشعوب والمواثيق الدولية.
لكن نخبة العالم الثالث الخرقاء قد أهدرت هذا المكسب الذي حققته الشعوب بمشاركتها في كسب الحرب الكونية الثانية وقدمت التضحيات في كل جبهات القتال، هذه نخبة خائبة ولا يتناسب ضعفها مع عظمة الشعوب التي تتصدي لقيادتها بوضع اليد، فحولت مقدرات البلاد لتلبية نزواتها وشهواتها، وكان آخر ما أضاعته هو الاستقلال نفسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق