الخميس، 13 نوفمبر 2014

المتعوس وخايب الرجا ..

كما هو متوقع ، لم يتحل قطاع الشمال بالمسؤولية والجدية ، وسعى إلى تعقيد ونسف المفاوضات منذ أولى الدقائق في جولتها التي بدأت أمس ، ومعروف أن رئيس وفد قطاع الشمال ياسر عرمان مغرم ومولع بالتقليعات والفرقعات الإعلامية ومساقط الأضواء ، فقد اصطحب معه قيادات من ما يسمى بالجبهة الثورية ليكونوا ضمن أعضاء الوفد وأبرزهم مني اركو مناوي والتوم هجو ، والغرض واضح من هذا التصرف غير المنضبط ولم يتقيد بالتفويض الممنوح للآلية الأفريقية التي لن تناقش إلا قضيتي جنوب كردفان والنيل الأزرق..
> ولا يخفى على أحد أن عرمان أراد بهذا التصرف شيئاً آخر ، وهو تطمين بقية حلفاء قطاع الشمال في الجبهة الثورية بأنه لا يريد عقد اتفاق ثنائي مع الحكومة ، وهو بذلك خضع للضغوط التي مورست عليه من قيادات الجبهة الثورية ، وشن عليه مني اركو مناوي في فبراير الماضي حملة شعواء واتهمه بخيانة الجبهة الثورية  عند ذهاب وفد قطاع الشمال منفرداً إلى مفاوضات تلك الجولة ، وواجهت الجبهة الثورية في تلك الفترة خطر الانقسام ، الأمر الذي قاد إلى تعنت قطاع الشمال في المفاوضات والتشدد في طرح رؤاه التعجيزية ومطالبته بمناقشة القضايا القومية ، بعد أن كان قد وافق على أجندة التفاوض المتعلقة فقط بالمنطقتين ، فنقض غزله وتنكر بعد يوم من موافقته  في تزيد سياسي مفضوح وخاسر .
> تحاصر قطاع الشمال وحركات دارفور وما يسمى بالجبهة الثورية ، تطورات إقليمية وداخلية عديدة ، ويجد كل هؤلاء المتمردين أنفسهم أمام أسئلة صعبة ، خاصة في ظل الذي يجري في دولة جنوب السودان وتزايد الانتكاسات المتعلقة بوجودهم في دولة الجنوب وتورطهم في حربها مع طرف ضد آخر ، وأصبحوا هدفاً من أهداف الحرب من الطرف المتضرر  من مشاركتهم في القتال لصالح حكومة جوبا .
> لكن في اتجاه آخر تقول تقارير دبلوماسية لسفارات غربية في الخرطوم وجوبا وأديس أبابا ، إن قطاع الشمال والجبهة الثورية خاصة فصيل مني اركو مناوي يخططون لعمليات عسكرية وضربات نوعية غاية في الخطورة متزامنة مع انطلاق المفاوضات ، تنفذ في جنوب كردفان والنيل الأزرق وفي بعض مناطق دارفور ، لتعزيز الموقف التفاوضي ولإثبات أنهم لا يزالوا قادرين على إثبات وجودهم وإحداث الضجة و إلحاق الضرر..
> ولذلك ليس مستغرباً وفق ما تقوله هذه التقارير الدبلوماسية الغربية ظهور مناوي والتوم هجو في المفاوضات مع وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال ، فإذا حدث ما ينوون القيام به ، تصدروا واجهة الأحداث وكانوا قريبين من وسائل الإعلام في المفاوضات ، لإرباك الآلية الأفريقية رفيعة المستوى التي تتولى الوساطة ، ولتقوية الموقف التفاوضي لقطاع الشمال وبقية المجموعات الحليفة له ..
> لكن ماذا إذا تغيرت الصورة ودخلت حركة مناوي والجبهة الثورية وقطاع الشمال في مغامرة فاشلة وخاسرة  ولم تنجح الضربات العسكرية التي يخططون لها ..؟ سينقلب السحر على الساحر ، ولن يربحوا شيئاً وسيتعقد موقفهم أكثر من ذي قبل ، وسيعطون الحكومة الفرصة الكاملة في رد عدوانهم وبداية هجومها الشتوي الذي يمتد طوال فترة الصيف حتى الخريف القادم ، وتتقدم الحكومة في تنفيذ ما وعدت به من قبل في تنظيف مناطق جنوب كردفان ودارفور من التمرد ..
> ويلاحظ في هذا الصدد ، أن اليأس قد بدأ  يدب في نفوس المسؤولين الغربيين من تطاول أمد الصراع في المنطقتين ودارفور ، وزاد الطين بلة أن الرهان الغربي خاصة الأمريكي على الجبهة الثورية وحركات دارفور قد تلاشى وتبدد كخيوط الدخان للفشل المستمر في تحقيق أي من الأهداف التي كانت مرسومة والإخفاق في تحقيق نصر عسكري على الحكومة السودانية وتقدم على الأرض يجعل من إسقاط النظام ممكناً  ، وبدت الدول الغربية أكثر تفهماً إلى ضرورة معالجة هذه القضايا والخلافات بين الحكومة والمتمردين عبر عملية الحوار الوطني والمبادرة التي أطلقها الرئيس عمر البشير لتسوية التنازعات بين السودانيين .
> ويجدر بقطاع الشمال أن يرعوي من المواقف التكتيكية التي لن تجلب شيئاً ولن تحقق شيئاً ...فمناوي والتوم هجو لن يفيدا في هذه المفاوضات فليسا هما من الجياد الأصيلة التي تظهر في اللفة .. على قطاع الشمال أن يحصر نفسه في قضايا المنطقتين ويظهر الجدية والمسؤولية لحقن الدماء ووقف الحرب وصناعة السلام مع شريك قوي وقادر على ذلك ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق