الأربعاء، 19 نوفمبر 2014

الأمة القومي ومواجهة خاسرة مع الديمقراطية!

لم تقف التطورات السياسية على العديد من الأصعدة في السودان بترك حزب الأمة القومي الذي يتزعمه السيد الصادق المهدي على قارعة الطريق مبذولاً للهوام والسابلة، ينهش بعضه فى لحم بعض، كما لم تقتصر أزمة الحزب الذي ربما لا يزال يفاخر بأغلبيته البرلمانية فى العام 1986 على غياب زعيمه فى منفاه الاختياري بالعاصمة المصرية القاهرة دون أي أمل فى عودة ميمونة قريبة، مع ما في ذلك من أثر فادح على الحزب الذي يعتمد فى كل حراكه على عصا المارشالية التي يحملها زعيمه.
ولكن الأزمة  تفاقمت واتسع خرقها على قيادة الحزب بعد أن إلتقى (التيار العام) بزعامة القيادي آدم موسى مادبو مع مجموعة الأمين العام المقال، إبراهيم الأمين مع مجموعات قديمة ذات جراح لم تندمل بعد ولم تلتئم! 
غير أن الأزمة الأكثر خطورة والتي يواجهها الحزب فى الوقت الراهن تفجرت بعنف عقب صدور قرار مجلس شئون الأحزاب بناء على الطعن الذي كان تقدم به الدكتور إبراهيم الأمين ناعياً فيه قرار إقالته من الأمانة العامة وتعيين السيدة سارة نقد الله مكانه.
د.الأمين بطبيعة الحال حين تقدم بطعنه كان يدرك تمام الإدراك أن قرار إقالته وتعيين السيدة كان قراراً خاطئاً وغير ديمقراطي ولهذا فإن الرجل مع أنه كان بإمكانه الخروج من الحزب كما يفعل عادة بعض الذين يلحق بهم الظلم فى مثل هذه المواقف إلا انه فضل مواجهة الموقف بإتباع طريق ديمقراطي وقانوني، وهنا في الواقع تكمن بعمق أزمة حزب الأمة التي زادت من تعاسته. 
فمن جانب أول فإن حزب الأمة -رغم كل إدعاءات العراقة والقدم- لا يمكنه الاحتجاج -قانونياً وسياسياً- بعدم اختصاص مجلس شئون الأحزاب بنظر الطعون والفصل فيها، إذ من المؤكد أن الحزب فى مرحلة من مراحل حياته السياسية تعامل مع المجلس وفقاً لمقتضيات القانون ومقتضيات تسجيل الحزب ومن ثم فلا مجال لارتضاء التعامل مع مجلس الأحزاب فى أمر ورفض التعامل مع ذات المجلس فى أمر آخر!
ومن جانب ثاني فإن مقتضيات الممارسة الديمقراطية تتطلب احترام وقبول قرارات المؤسسات مهما كانت مآخذ الحزب عليها إذ لا يمكن تجزئة موقف حزب الأمة بقبوله التعامل مع المؤسسات السودانية المختلفة -رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء- ورفض التعامل مع مؤسسات أخرى.
من جانب ثالث، وهذه هي جوهر المفارقة، أنّ حزب الأمة مدرك في صميم ضميره أن قرار إقالة الأمين العام، د. إبراهيم الأمين وتعيين بديل له لم يكن يتسق حتى مع مبادئ الديمقراطية العامة للحزب دعك من النظام الأساسي والتخريجات المعروفة فى هذا الصدد؛ ولهذا فإن منطقه في رفض تنفيذ قرار مجلس الأحزاب بدا باهتاً وضعيفاً للغاية. 
إذن نحن أمام حالة غريبة للغاية يحاول فيها حزب سياسي الالتفاف على الممارسة الديمقراطية بينما زعيم الحزب يقوم كل جهده السياسي على المطالبة بالديمقراطية، بل إن المهدي قبل سنوات أخرج كتاباً شهيراً أسماه (الديمقراطية عائدة وراجحة) ترى، هل تعاقُب السنوات وتسارع التطورات أنست الحزب وزعيمه أبسط المبادئ الديمقراطية وجعلت الحزب علاوة على ما يعانيه من يُتم سياسي بغياب زعيمه يعاني من فقر دم ديمقراطي؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق