الاثنين، 10 نوفمبر 2014

أمريكا فكي جدادك

قبل سبعة عشر عاماً أعلنت أمريكا حظراً اقتصادياً من جانب واحد على السودان بتهمة أنه مصدر لإرهاب عالمي يهدد المصالح الأمريكية ويضر بالأمن القومي الأمريكي (الكترااابة) ولكن الحق يقال إن أمريكا كانت قبل إصدار القرار وبعدة سنوات قد وجهت إنذارا لكل من السودان والباكستان يشمل مطولبات محددة وإلا أنهما سيوضعان في القائمة الأمريكية السوداء التي يصعب الخروج منها لتعقيد العلاقة بين متخذي القرار في أمريكا، بعبارة أخرى قالت لهما إن الدخول في هذه القائمة سهل ولكن الخروج منها صعب فاستجابت الباكستان ورفض السودان أو بالأحرى لم يعر الأمر اهتماماً ولم يقدر خطورته (عدم العرفة مصيبة).
صدر قرار المقاطعة والحصار الأمريكي في نوفمبر 1997م فكان رد السودان يتمثل في (ما خوف الغريق من البلل؟) فأمريكا أصلاً ليست على ود معنا وضدنا على طول فليس هناك جديد في القرار وهنا يكمن عدم المعرفة لأن القرار سوف يحرم السودان من الاستفادة من كافة المؤسسات الأمريكية وليس الدولة الأمريكية وحدها سوف يحرمه من التعامل مع القطاع الخاص والجمعيات الطوعية والمؤسسات الأكاديمية وكل ما هو بعيد عن السياسة فالدولة في أمريكا ليست الفاعل الأساسي. لم يكتف السودان بعدم الاهتمام بقرار المقاطعة بل رفع نبرة التحدي شعبياً وإعلامياً ليضع القرار ضمن استراتيجيات القهر والاستبداد والطغيان الدولي وليس للعلاقة الخاصة بين البلدين تحديداً ضمن استهداف أمريكا للعالم الإسلامي والعربي.
يوم ورا يوم (كما غنى صلاح مصطفى) بدأت أثار الحصار الأمريكي على السودان تظهر ليس على الحكومة السودانية إنما على مجمل الحياة في السودان.. الزراعة، السكة حديد، الخطوط الجوية، الخطوط البحرية، الاستثمار، التحويلات المالية وكل شئ كل شئ، فتغيرت نبرة الحكومة من التحدي إلى الظهور بمظهر الضحية وهي فعلا كذلك وهناك جهة بحثية قالت إن خسائر السودان من المقاطعة الأمريكية تقدر بأربعين مليار دولار الكترااابة تاني!! (يا ربي حا يجي يوم نطالب بتعويضات؟) على الصعيد السياسي أخذت الحكومة تتهم الإدارة الأمريكية بالكذب والمراوغة والابتزاز فكم مرة طلبت أمريكا طلباً مشفوعاً بوعد فيفي السودان وتخلف أمريكا وعدها وفي اليوم العلينا دا – السودان يرفض استقبال المبعوث الأمريكي دونالد بوث بحجة أن لا جديد ولا خير يرتجى منه وأمريكا تطالب باستقباله، السودان يسأل ماذا فعل المبعوثون الثلاثة الذين سبقوه؟ وما زال الجدل مستمراً.
في الأخيار الآن أن وزير الخارجية الأمريكية جون كيري خاطب علي كرتي وأن هناك محادثات تجري بين البلدين، أخشى ما أخشاه أن تكون منحصرة في المبعوث بوث (يجي ولا ما يجي) ولكن الأهم التفاهمات التي تجري في صعد أخرى ففي الأخبار أن هناك تفاهمات بنكية وأن أمريكا على استعداد لرفع الحظر الزراعي (طبعاً الصمغ خارج اللعبة لأنه أصلاً مستثنى من المقاطعة) وأن الإسبيرات للطائرات والقطارات قد تأتي مباشرة من أمريكا لسان حال أمريكا هو ابعدوا الدولة ونحن على استعداد للتفاهم والتعاون ولكن يبقى السؤال هل يستطيع السودانيون أفراداً ومؤسسات العمل بعيداً عن الدولة؟ في تقديري أن الإجابة نعم ولكن بشرط أن تبعد الدولة عن الموضوع وتثق في المؤسسات التي دونها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق