الأحد، 9 نوفمبر 2014

"البشير" – زعيماً للحزب ورئيساً للدولة – لماذا؟

إنه سؤال طالما تردد في الأسابيع القليلة الماضية وحزب المؤتمر الوطني ينهي مؤتمره العام وإعادة هيكلة الحزب مستوياتها وصعدها المختلفة، فمن يختار زعيماً للحزب ورئيساً كما هي التقاليد فإن تقديمه رئيساً للدولة ولا سيما في حقبة ديمقراطية يصير ضرورة، ذلك أنه سيكون الأكثر قبولاً حزبياً وشعبياً من غيره في الحزب.
حزبياً حسم المؤتمر الوطني أمره وذلك شأن يخصه إلا أنه كانت له مبرراته، فالبشير وهو يجمع بين القبول (مدنياً) و (عسكرياً) منذ أن عرفته المجتمعات، وهو عسكري له إنجازاته العسكرية في (ميوم) وبعد الثلاثين من يونيو – حزيران، حيث قاد التغيير وتحمل مسؤولياته ومهامه، وقد كانت صعبة ولا تزال منذ أكثر من ربع قرن من الزمان.
فهو والحال كذلك، أمسك الخشب..!
خبرة سودانية لم تتح تلك الخبرة لغيرها في الحزب أو خلافه.
من هنا، كان إمساك الحزب بالبشير زعيماً وبه مرشحاً للرئاسة في الانتخابات الرئاسية في العام القادم 2015م، قرار له ما يدعو له وقد كسب الرجل السند والتأييد من الحزب بأكثر مما هو مطلوب من الأصوات، تبعاً لمواثيق الحزب وإجراءاته وقوانينه وما أعلن من نتيجة عندئذ.
الأمران وليس بينهما كبير يحققان للحزب أمرين في الحد الأدني هما:
-    تماسك الحزب في الداخل وقد ظهرت فيه في الآونة الأخيرة بعض الاختلافات والاختلالات، فالبشير كما قلنا محل إجماع في الحزب.
-    ثانياً وفي الخارج المجتمعي السياسي يشكل عام تكونت فرصة كمرشح للرئاسة متى ما جرت الانتخابات المزمعة أفضل من فرص غريه والدلالات أكبر وأوضح.
لكن، ومع ذلك هناك من يقول إن ملاحقة (المحكمة الجنائية الدولية) للرئيس وهي ما تزال على الطاولة، لا يستطيع الحزب وقوى التغيير في البلاد الإلقاء بالرئيس السوداني لقمة سائغة في يد من ظلوا يتربصون به في الداخل والخارج.
وهذه نقطة لها ما يوردها ويبرر ذكرها والتذكير بها في هذا السياق لا سيما والأحوال والظروف السائدة في العلاقات السودانية الخارجية، ربما أنهت ذلك الملف في المستقبل وهو ملف سياسي أكثر منه قانوني.
فالمحكمة الجنائية الدولية لدي الكثير من الدول والمنظمات المدنية ليست إلا أداة ضغط من الدول الكبرى على الدول الصغرى والأفريقية بشكل خاص .. كانت جزءاً من الضغوطات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية المختلفة التي جوبهت بها الدولة السودانية، ومنها العمل على انفصال دولة جنوب السودان التي تبدو الآن من الأخطاء التي وقع فيها أولئك ووقع فيها النخبة من أبناء جنوب السودان.
إن مبررات المؤتمر الوطني ومسوغاته في إسناد رئاسة الحزب للرئيس عمر البشير ربما كانت أكثر مما ذكرنا، ونحن نتناول هذا الموضوع في سياق استفهامي جعلناه هذا الأسبوع عنواناً للمشهد السياسي أي: عمر البشير زعيماً للحزب ورئيساً للدولة – لماذا..؟!
الآن وقد انتهينا من الجزء الأول (زعيماً للحزب .. لماذا؟) نأتي إلى الجزء الثاني (رئيساً للدولة – لماذا.!؟)
الشعب السوداني لفرط حبه وولائه للسكة حديد ودورها في النقل والمواصلات والاقتصاد السوداني نشكل عام كان يقول : (لا بديل للسكة حديد .. إلا السكة حديد..!) وذلك ما جعل العبارة على كل الألسن وفي كل الأوقات.
فالرئيس البشير بتجربته الطويلة كرئيس دولة منجز ومنتج وقادر على العطاء – ما شاء الله – يصبح هو الأوفر في التأييد والسند الشعبي .. وما يقال ويذكر هنا أيضاً كثير:
- البشير من الناحية العمرية ورغم طول تجربته في إدارة الدولة ما يزال في مفتتح سن السبعين من العمر .. وغيره من زعماء الأحزاب الكبرى جاوزوا سن الثمانين أو قاربوها .. وتجاربهم ليست بذلك القدر.
- ومن الناحية الحزبية أيضاً وقد أكمل حزبه ترتيباته التنظيمية والهيكلية والقاعدية – يبدو حزبه (المؤتمر الوطني) صاحب (جاهزية) أكثر من غيره لخوض الانتخابات ومواجهة المستجدات.
ولا ريب أن هذا وغيره من الشواهد كثير أيضاً يقول بأن طرح الرئيس البشير رئيساً للدولة مرة أخرى ليس (مزايدة) حزبية وإنما قرار يجد فيه المراقب للشأن السياسي والعام ما يدعمه، فالذي لعب على ورقة العلاقات الخارجية وهزم بها مقاطعة وملاحقة القطب الأمريكي وحلفه الغربي له، سيكون أكثر مقدرة على التعامل مع المتغيرات في ظروف متغيرة ومستجدة.
صحيح أن (الجبهة الثورية) والقوى المتمردة حاملة السلاح قد كسبت حزب الأمة القومي ولعبت عليه عبر رئيسه السيد الصادق المهدي داخلياً وخارجياً، إلا أن ذلك لن ينال من تجديد السلطة (انتخابياً) للرئيس البشير .. وإن لم يصل الحال في التفاوض مع المنطقتين إلى سلام .. أو مع المهدي إلى توافق حسب الوساطات.
إن رئاسة البشير للحزب وربما تجديد رئاسة الدولة له لاحقاً لم ولن تحدث من فراغ حسب المعطيات .. والله المستعان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق