الأربعاء، 19 نوفمبر 2014

تجربة قوات الدعم السريع في إضعاف قطاع الشمال في جنوب كردفان!!

نجحت تجربة قوات الدعم السريع – وهي لم تتعد الأشهر – في خلق معادلة اجتماعية وسياسية قوية أفرزت قدراً من الأمن والاستقرار في مناطق مختلفة من المناطق الغربية في السودان التي تشهد منذ سنوات نزاعاً مسلحاً.
ذروة نجاح التجربة بدت بوضوح في منطقة جنوب كردفان وهي المنطقة التي اختارتها قوات قطاع الشمال لسنوات مضت ساحة للمعركة بينها وبين الحكومة السودانية في مسعي كان وأضحاً أنه يهدف لإعادة تجربة حرب الجنوب السابقة.
وبالطبع حين نتحدث عن نجاح تجربة قوات الدعم السريع إنما تجري مقايسة موضوعية ونظرة ميدانية عامة وشاملة علي الأوضاع علي الأرض لندرك حقيقة ما أمكن تحقيقه.
ذلك أن تجربة قوات الدعم السريع قامت علي ما يمكن أن نسميه (بالتكوين الاجتماعي) لهذه القوات، اذ علي سبيل المثال فإن قوات (قدس2) كانت عبارة عن منظومة اجتماعية من كل أبناء المنطقة الأمر الذي مثل – جوهراً ومظهراً- شكلاً من أشكال رفض أبناء المنطقة للحرب التي يشنها قطاع الشمال، وهذه في الواقع أحدي تجليات وايجابيات التنوع في السودان إذ ليس صحيحاً أن القضايا الخلافية – سياسياً – ذات ارتباط وأبعاد إثنية ظاهرة أو مستترة.
قوات الدعم السريع لا سيما في منتصف ابريل الماضي قدمت النموذج والبرهان علي أن بامكان أبناء المنطقة الحاق الهزيمة الماحقه بمن يروعون الأهالي ويعتمدون علي الدعاية السياسية الإعلامية في تصدير واقع المنطقة.
ولهذا فإن قادة قطاع الشمال ألجمتهم المفاجأة الصاعقه حين استطاعت هذه القوات أن تهدم وتهزم الي الابد مقولة الصراع بين الأفارقة والعرب، أو المسلمين وغير المسلمين، أو اثنيات بعينها في مواجهة المركز!
كان الأمر صادماً للغاية لقادة قطاع الشمال  حين حاقت بهم الهزيمة في سياق جهد الدولة السودانية – دون النظر الي مكون معين منهما أو الاشارة الي سلطة بعينها – للقضاء علي الحرب العبثية التي لا طائل من ورائها.
وقد تسبب هذا الوضع كأمر حتمي في بداية تزعزع ثقة قادة القطاع بأنفسهم من جهة، وبطبيعة خطابهم السياسي والاثني من جهة ثانية، وبطبيعة مستقبل القطاع نفسه، اذا كان أبناء المنطقة ليسوا رافضين للحرب فقط وانما هم يقاتلون ضد من يشعلها بضراوة.
ولهذا فإن فرضية وجود مسلمين وعرب بحكومة السودان بالقوة ضد غير مسلمين وغير عرب سقطت تماماً في هذه المواجهة وهو الأمر الذي رآه العديد من المراقبين في الحيرة التي إنتابت قادة قطاع الشمال حيال مفاوضاتهم مع الحكومة، وحيال قضية الحوار الوطني لقد أدركوا أن هنالك (قطار) بزمع الإنطلاق، ومن الممكن أن يتجاوزهم في أي لحظة  دون أن يتمكنوا من أخذ قطار آخر كانوا يفضلونه علي ما سواه.
الأمر الأكثر أهمية أن (قضية القطاع) نفسه كقطاع شمال وكحركة شعبية لن تعد قضية واضحة (قابلة للتفاوض) في منبر أديس أبابا اذ أن الأسئلة المحورية التي ما فتئت تدق الرؤوس والاذهان بقوة. 
من يمثل القطاع؟ والي أي مدي يملك القطاع تفويضاً من أبناء المنطقتين؟ وحتي علي فرض تمثيل القطاع (لكل) أبناء المنطقتين ما الذي يعطي القطاع – وحده – ومع كونه مهزوم عسكرياً في الميدان ميزة الحصول علي مزايا سياسية في ظل انطلاق حوار وطني واسع النطاق يشمل كافة أطراف الأزمة السودانية؟ من المؤكد أن المجال لم يعد يتسع لإعادة استنساخ نيفاشا من جديد، كما أن إمكانية إيجاد تسوية سياسية تعطي قطاع الشمال أفضلية سياسية متفردة بدأت في التلاشي فعلياً والأدهي وأمر أن هناك إستحقاق إنتخابي قادم لا محالة فحتي لو حدث تأجيل، فإنه قادم لا محالة وسوف تنكشف سوءات القطاع أكثر!! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق