الاثنين، 10 نوفمبر 2014

مهزلة التخصص في الشأن السوداني.. إيريك ريفز نموذجاً!

لا يبدو أن التجربة الفطيرة التي خاضها (ايريك ريفز) في محاولته لشن حرب وثائق قذرة ضد الحكومة السودانية تغري الرجل ومن يقفون خلفه وبمحاذاته من غلاة المجموعات السوداء وجماعات الضغط التي ظلت ولسنوات تنشط فى حواري وأزقة نيويورك ومنهاتن، وقريباً من مبنى الكابيتول العتيق فى العاصمة الأمريكية واشنطن بمعاودة الأمر مرة أخرى؛ إذ أن سوء حظ الرجل قاده لمحاولة مكشوفة أراد من خلالها عرقلة تحسن علاقات السودان مع الخليج عموماً ومع المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص فى توقيت كان واضحاً أن إدارة الرئيس أوباما ستضطر -مكرهة- للاقتراب من السودان وتطبيع علاقاتها به طالما أن السودان وثيق الصلة مع الخليج.
شيء ما كان يدفع ايريك باتجاه إفساد علاقات السودان مع محيطه العربي من الواضح أن هذا الشيء لن يتجاوز أمثال عقار وعرمان ومشايعيهم من جماعات الضغط السوداء والبيضاء معاً، الهادفين إلى عزل السودان وتحطيمه إقيلمياً ودولياً حتى تسقط حكومته ويصبح  سهل الابتلاع.
وحين يتضح أن إعلان باريس الذي وقعه السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي مع قادة الثورية (عرمان وعقار والحلو) وأن ذلك الإعلان كان يخفي في طياته (مذكرة سيرة) فحواها إسقاط النظام في الخرطوم والاستيلاء على مدينة الفاشر ومن ثم جعلها عاصمة للسلطة الجديدة وتنصيب المهدي رئيساً مؤقتاً للسودان؛ فإن معنى ذلك -ببساطة شديدة- أن ايريك كان يقوم بما يمكن تسميته (دور تمهيدي) شبيه -مع الفارق- بدور القوات الخاصة التي تسبق فى العادة بداية العمليات العسكرية.
كان دور ايريك ينحصر فى إشاعة (بلبلة) داخل كابينة الحكم في الخرطوم بحيث تتصادم قيادات الدولة وتشك فى بعضها، وكان من المؤمل أن ينجح الرجل -وفق مهارة خاصة متوهمة- فى إعطاء انطباع عام للحكومة ولمواطنيها في السودان أن الحكومة السودانية مخترقة استخبارياً ولكن لم تنجح الخطة بالطريقة التي كانت مرجوة، فقد سقط ايريك في تجويد تقليد عبارات المسئولين السودانيين، كما لم تتوفر لديه بالدرجة الكافية للإحاطة بالطريقة التي يتم بها كتابة محاضر الاجتماعات وطريقة صياغتها، بل إن الرجل أظهر غباء نادر للغاية حين فات عليه أن قادة الدولة في السودان لديهم خبرة طويلة للغاية -بحكم خلفياتهم التنظيمية- فى كتابة محاضر الاجتماعات وصياغتها وترتيب الحضور ووضع صفات الحضور الرسمية ومتى يكتبون ومتى لا يكتبون!
لقد كان (ايريك) فى أمس الحاجة لدورة تدريبية مكثفة فى هذا الصدد، ولكنه -مستسهلاً الأمر- غامر بإصدار وثائق أصبحت مثار تندر لدى المسئولين السودانيين وخبراء البروتوكول، والإعلاميين، فتصدى لمزاعمه العديد من الصحفيين حتى أولئك الذين يعارضون الحكومة، لأن الأمر هنا بالتحديد يتعلق بسيادة الدولة السودانية.
ايريك ريفز سبق له أن فى مرات سابقة عديدة دخول المضمار السياسي السوداني بذات صفته الأكاديمية المنقوصة ويزعم انه (متخصص) في الشأن السوداني. وكانت مصيبة الرجل منذ الوهلة الأولى انه منبت الصلة بالشأن السوداني الحقيقي، إذ لا يمكن لخبير التخصص فى شأن دولة ما لمجرد أنه وثيق الصلة بحملة سلاح وناشطين فى الخارج!
الأكاديمي الحقيقي هو من يمد جسور الصلة بكافة أوساط الشأن السوداني ويتحرى الموضوعية ويكتب ويتحدث بقدر واضح من التوازن والحياد لأنه ليس سودانياً، أما الذي يستقي معلوماته من الخصوم عن طريق (الاستماع) فقط فهو يمكن أن يكون أي شيء آخر عدا كونه متخصصاً في الشأن السوداني!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق