الأحد، 16 نوفمبر 2014

قوى المعارضة السودانية ومحاولة يائسة في الساعة الخامسة والعشرين!

كما توقعنا وتوقع العديد من المراقبين، فقد ظلت قوى المعارضة السودانية تقدم رجلاً وتؤخر أخرى بشأن قضية الحوار الوطني، وتحاول الحصول بشتى السبل على فرصة تأجيل للإنتخابات العامة، وفى ذات الوقت- وللمفارقة- تراقب بخوف مقدر من الغيرة خصمها اللدود المؤتمر الوطني وهو يعقد مؤتمره العام ويختار مرشحيه للرئاسة والولايات على سمع ومرأى الجميع! 
كما كنا نتوقع قد اختارت قوى المعارضة الساعة الخامسة والعشرين لكي تحاول -عبثاً- توحيد نفسها! فما بين السعي بين القاهرة حيث يقيم المهدي ولحق به أبو عيسى مؤخراً؛ وما بين لقاء أزرق طيبة حاولت قوى المعارضة جاهدة أن تفعل شيئاً، أي شيء يضعها فى صدارة الأحداث. 
وكان الأمر المثير للدهشة أن لقاء المهدي وأبو عيسى فى القاهرة اختارا له ذات توقيت زيارة الرئيس البشير إلى القاهرة إذ ربما اعتقد المهدي بحساباته الخاطئة المألوفة أن لقاؤه بأبو عيسى من الممكن أن يسحب البساط من تحت أقدام البشير والسيسي. 
كما أن فرقاء التحالف بأزرق طيبة اختاروا له توقيت انعقاد المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني بذات حسابات لفت الأنظار السالفة! غير أنه كان من الواضح أن قوى المعارضة بهذا الحراك كانت تحاول الانشغال بأي شيء بعيداً عن تحركات الوطني وأنشطته السياسية التي لا قبل لها بها، ولكن لم يكن كل ما فعلته قوى المعارضة ذا أثر، إذ أن لقاء المهدي وأبو عيسى في القاهرة سرعان ما ذاب كما فص ملح فى الماء فى خضم لقاء القمة بين البشير والسيسي كأمر طبيعي يتصل بإستراتجية بين جارتين شقيقتين. 
كما أن المؤتمر العام للوطني هو الآخر ملأ الدنيا وشغل الناس، فإن لم يكن لشيء فعلى الأقل لأهمية قرار الحزب بشأن مرشحه الرئاسي؛ وهكذا بدأت المسافة تتباعد أكثر بين لهاث قوى المعارضة ومحاولتها اللحاق بالوطني أو عرقلة مسيره، وما بين مضي الوطني قدماً في طريقه باتجاه استحقاق الانتخابي وقد رتب جيداً بيته من الداخل. 
المؤسف ومؤلم فى آن واحد في هذا الصدد أن قوى المعارضة -رغم كل ما تراه ماثلاً أمامها بوضوح لا لبس فيه- ما تزال تؤمل فى أن تسقط الحكومة هكذا فجأة وعلى حين غرة! وإذا لم يتحقق هذا الهدف الكبير فإن قوى المعارضة تتبع تكتيك التأجيل، مع أن تأجيل الانتخابات العامة في كل لحظة تمر يتبدد وتتلاشى فرضياته، بل وحتى ولو تم التوصل فى غضون الأشهر الستة الماثلة حالياً إلى قرار بتأجيل الانتخابات العامة، فإن القرار فى حد ذاته لن يكون مجدياً، لأن أي قرار بالتأجيل لن يتجاوز مدة قصيرة -على فرض حدوثه- لن تكون كافية لقوى المعارضة بواقعها الأليم أن تستفيد منه.
كما أن الإجراءات الأولية التي شرعت فيها مفوضية الانتخابات العامة فى الوقت الراهن وأهمها التسجيل الذي بدأ الأسبوع قبل الماضي رسمياً تعتبر من الإجراءات المهمة التي كان يلزم أن تهتم بها وتتفاعل معها كافة القوى السياسية باعتبار أن عملية التسجيل عملية أساسية غير قابلة للتأجيل أو المراجعة لاحقاً. 
وهكذا فإن قوى المعارضة فى الواقع لم تعد تملك الخيارات الكفاية للتعاطي مع الواقع السياسي الحالي، فقد أهدرت بدون تدبر وذكاء فرصة الحوار الوطني وأضاعت أشهراً غالية فى شد وجذب لم يكن من ورائه أيّ طائل, وهاهي الآن ترى بأم عينها الفرص وهي تتسرب من بين يديها ولا حيلة لها ولا مخرج ولا مهرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق